مشهد ٧

7.1K 208 3
                                    

#مشهد٧
#عدنان_فيروز
ألقى كل شئ خلفه وأولهم فيروز الجالسة أمامه مدعية البراءة وهو يستأذن مدرائه لسبب هام يأخذ سيارة أجرة لتوصله لسيارته التى ما إن أخذها حتى طار إلى بلدته !
وحدها زوجة عمه القادرة على تفسير هذه اللعبة السخيفة !
علمت فيروز فحوى الرسالة التى وصلته ...إبتسمت بشماتة وهى تتذكر ملامح عدنان التى إنقبضت وتقطبت وعينيه التى إلتهمت السطور إلهاما ليحمر وجهه وهو يرقبها بنظرة غريبة شحذت لأجلها نظرة الأرنب البرئ ...ليستأذنها بصوت غائم أن يرحل مؤقتا ...فأومأت برقة تاركة إياه لهذا المصير الذى خططته ....خرجت من المطعم لتجلس على أحد الأرائك المطلة على البحر ...تتأمله فى سكون والموج المتلاطم أمامها يذكرها بحالها ...وهى تدرك أن لها زوج لا يبالى بها ....تاركا إياها معلقة على إسمه وليست له ....كم مرة فكرت حينها ...
هل أنها ليست جميلة حقا ؟
أم أنها إبنة فقير القرية التى لا تليق بسيد قريتها ؟!
هل حقا مستواها متدنى لهذا الحد ! أم أنه يشمئذ لذكراها ....
وإن لم تكن أى من هذا ! فلماذا كانت زوجة مع وقف التنفيذ ...لخمس سنوات !!
زفرت فيروز وقد أدركت أن عينيها تدمع ...وداخلها يهيج بالغل مجددا من هذا الأحمق ! الغبى ....الذى عاشت مخدوعة بحبه ومخلصة له وهو لا يعلم من الأصل أن له زوجة ....
أجفلها صوت رقيق إنتفضت له فزعا يهمس بود :
-" ما به الجميل يبكى !"
لفت وجهها تتأمل هذا الشخص....فهتفت تحاول تذكر إسمه :
-" أنت ...أنت ..."
وفر عليها عناء التذكر هامسا :
-" أنا قصى ....هذا الذى إنتويتى دق عنقه بكعب حذائك .....من الواضح أن كاحلك من تم دقه ...رأيتك تعرجين !"
ملامحه المتأثرة بكلماته كأنه ممثل كوميدى بجدارة ...وروحه المرحة ...حاجته أن تضحك ...
كل هذا جعلها تبتسم فسقطت تلك الدموع المعلقة على وجنتيها ....لتمحيها برقة ...تنحنح قصى وهو يلتف ليجلس بمحازاتها على نفس المقعد ...
-" ما به الجميل يبكى مجددا !! هل غارت زرقة عينيك من خاصة البحر !"
لم تبدو فاهمة ...عقدة حاجبيها جعلت إبتسماته تتسع بتلذذ فتضايقت أكثر هامسة :
-" لم أكن أعرف أن النظر بوجهى شئ يضحك !
ثم أننى لم أفهم ما قلت !"
همس بإغاظة باردة :
-" لأنها كلمات يفهمها القلب لا العقل ...كنت أغازلك ...أيتها الحمقاء !"
داخلها إبتسم بل هلل سعادة لسماعه ...لأول مرة يغازلها أحدهما بهذا الصدق الذى إستشعرته !!
ولكنها إحتفظت بجمود وجهها فلم تعتاد أن تفتح حديث مع الغرباء ..
ولم يكن تلبسها رداء المدينة والتحرر مفتاح للتخلى عن بدوية مشاعرها وتعفهها ....
زمجرت :
-" ولم تغازلنى من الأصل !؟"
يعلم أنها سعدت بها ولكنه قرر مجاراتها :
-" عذرا سيدتى فلا ينبغى للرجل أن يغازل زميله بالعمل !"
رفعت حاجبها من وقاحته ولم تستطع منع يدها التى نكزت كتفه فصرخ متوجعا مبالغا فى الصراخ ....
-" أنت وقح !"
إبتسم بشقاوة مجددا :
-" وأنت برية !"
نكزته مجددا فتأوه هذه المرة هاتفا :
-" ليس سبابا ..."
-" ماذا تقصد ؟"
-"أقصد أنك على طبيعتك ...شجية كالغروب فى شعاب الصحراء ...و زاهية كالشروق على حافة البحر ...."
إبتسمت هذه المرة غصبا ...وأنوثتها تنتشى من وقع هذه الكلمات ....لتعود وتكشر عن أنيابها زاجرة إياه :
-" يبدو أنك منحرف لعوب ....سأنهض من هنا أيها المنحرف !"
وقبل أن تنهض نكزته مجددا فتأوه ولكن هذه المرة ضاحكا من برائتها لتتحامل على نفسها وتسير بعيدا ..
وهى تدرك شيئا واحدا تغافلت عنه منذ زمن ...
أنها أهدرت قلبها لمن لا يستحق .....
.................
وصل عدنان للبلدة بعد حوالى نصف ساعة فى الطريق على سرعة خيالية ....
لم يتذكر طريقه لدارهم فلم يزر بلدته منذ خمس سنوات منذ سافر إلى الولايات المتحدة ليكمل دراسته العليا !!
ظل يسأل المارة حتى وصل لدارهم ....سرعان ما تذكره بحق ...إنه مرتع الطفولة وملعب المراهقة ...
هناك ...زوجة عمه كانت تحادث أحد الفلاحين ...
أخر ما تبقت له من أهل ....
تحرك نحوها سريعا وما إن رأته حتى تهلل وجهها ....لم تستغرق وقتا كى تتعرف عليه ...لازال عدنان بملامحه السمراء الجذابة حتى وإن أصقلها الزمن والنضج...
إحتضنته وهى تهتف :
-" حمد لله على سلامتك ...."
هتف بسعادة مقتضبة :
-" أهلا زوجة عمى!"
إستشعرت إنقباضه فإبتعدت هامسة بتساؤل :
-" ما بك عدنان ؟"
هتف متضايقا :
-" على أساس أنك لا تعرفين !! ترسلين لى رسالة بأن لى زوجة مفقودة .... واليوم أدرك أن زوجتى التى أرسلتى إسمها تنتحل شخصية مساعدتى!! ما هذه اللعبة السخيفة !!
ماذا تخططين بالظبط زوجة عمى !"
تحركت السيدة العجوز لتجلس على أحد الأرائك الخشبية وهى تهتف بضيق :
-" أنت من يجب أن يخبرنا ! كيف تنسى أنك لك زوجة !"
إشتد غضبه وهو يتحرك ليقف أمامها :
-" وهل تزوجت من الأصل !"
أومأت إيجابا ولم يخلو وجهها من التعجب :
-" نعم ...تزوجت ...منذ خمس سنوات ...حين وقعت لجد فيروز الحاج محمد توكيلا بذلك!"
إحمر وجهه وزاد تقطيبه لحاجبيه وقد سادت ملامحه العجب ....لتهمس بهدوء كى تفهمه وتفهم منه :
-" أنت من يجب أن يتذكر عدنان !! لما رحلت يوم عرسك تاركا هذا التوكيل ....أنت من يجب أن يسرد الآن لماذا فعلت!"

يتبع ضرورى ❤️

زوجة مع وقف التنفيذ 💕حيث تعيش القصص. اكتشف الآن