الفصل الواحد والثلاثون

193 10 12
                                    

مع ساعات الصباح الأولى، ومع بداية زقزقة العصافير التي ملأت قلعة الفرسان شذا وألحانًا، معلنةً عن وصول أوّل شعاع من خيوط الشمس الذهبية، عاكسة نورها ودفئها على بساط الكثبان الرملية المحيطة بالقلعة، استيقظتُ باكرًا كعادتي للاستمتاع بهذه اللحظات الدافئة من النهار، وفي الحديقة تحت ظلّ إحدى أشجار الرمان، تُحيطُني الورود وبتلاتها بشتى الألوان، حيث جلستُ أقرأ كتابًا يحمل في طيّاته أجمل النصوص والاقتباسات من الأدب العالمي، وأخرى من كنوز أدبنا العربي.
كان الكتاب ممتعًا، وقراءته جعلتني أتذوّقُ حلاوة ما خُطّ فيه من كلمات٬ فأحببتُ مشاركة أربعة اقتباسات معكم أحبائي، مع وجود بعض الأخطاء التي سنتغلب عليها معًا، ونعيد صياغتها وكتابة نقد لغوي لها، لذا استلوا سيوفكم وتجهّزوا لنقف إلى جانب الفرسان في معاركهم للدفاع عن لغتنا الحبيبة.

وأول نص اخترته لكم أعزائي من كتاب الأيام٬ للأديب الراحل طه حسين׃
«حتى إذا أنشأت الجامعة وعلم الفتى علمها ذهب عنه الخوف وملأ الأمل نفسه رضا وبهجة وسرور ، واستمع الفتي لأول درس من دروس الجامعة في الحضارة الاسلامية ، فراعه ما راعه شئ لم يكن له بمثله عهد في الأزهر ... ، كان تحرقه لدرس اليوم الثالث أشد من تحرقه إلى الدرسان اللذين سبقاه ، فسيكون الأستاذ إيطالياً ، ويتحدث باللغة العربية ...».

أما نصنا الثاني فهو من رواية العطر للكاتب الألماني باتريك زوسكيند׃
«كان غرنوي يعاني من الام مريعه و للمرة الاولي لم يكن الالم ناتجا عن تعرض شخصه الجشع للمهانة بل كان فعلا قلبه هو الذي يتعذب خامره احساس بان هذه الرائحة الطيبة هي مفتاح لجميع الروائح الطيبه الاخري  وادرك غرنوي ان حياته ستضيع هباءا ان لم ينجح في امتلاك هذه الرائحة بعينها كان لابد له من ان يمتلكها لا من اجل الامتلاك فحسب بل من اجل راحة قلبه».

وكان لمسرحية أيوب لمخائيل نعيمة نصيب، إذْ اقتبسنا منها نصنا الثالث:
«من قال لك ان الذوبان يعني فقدان الكيان ؟ انه يعني امتداد الكيان ، يذوب الملح في الماء و يبقى الملح والماء ، يضيع الخيط في النسيج  ، و يبقى الخيط ما بقي النسيج ، انت وانا يا سيدي خيطان في النسيج الهائل الذي هو الكون ، فنحن باقيان ما بقي الكون ، والكون باقي يا سيدي ايوب ، و هو كله فيك و في مثلما نحن فيه».

ونختم فصلنا لهذا اليوم بالنص الرابع من رواية الفقراء لدوستوفسكي:
«إن الذكريات ، سواء أكانت ممتعة ام مؤلمة ، لتتسبب للمرء دائما في المعاناة ؛ هذا على الأقل هو الانطباع ، الذي اشعر به . لكن ، ثمة كذلك بعض العذوبة التي يشعر بها المرء في تلك المعاناة ؛ وحين ينوؤ القلب تحت ثقل التعاسة ، أو المرض ، او الحزن ، فإن تلك الذكريات سرعان ما تنعشه ، وتحييه من جديد ، مثلها كمثل الزهره الصغيره المسكينه، التي تنتعش ،وتحيا مرة أخرى ، بفضل قطرات الندي التي تسقط فوقها ذات مساء رطب ، بعد نهار حارق يبّستها فيه اشعة الشمس».

هل تفضلون قراءة كتب السير الذاتية أم الروايات أم المسرحيات؟
هل ترون أنّ الأدب العربي في وقتنا الحالي أصبح يميل لنوع دون آخر؟ وما السبب الذي دفع إلى هذا؟

إلى هنا نصل لختام فصلنا، لكن معركتنا ما تزال مستمرة٬ فكونوا بالقرب دائمًا، ولا تنسوا سؤال الفرسان إن احتجتم المساعدة.❤

كانت معكم من حديقة القلعة الفارسة هيدرانجيا، وكان هذا لقائي الأوّل بكم. 😍❤

أرجو أنكم استمتعتم بقدر ما استفدتم، وإلى لقاء قريب بإذن الله.
دمتم بخير.❤

بصيرة لغويّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن