٢٣

3.1K 104 29
                                    


"أفتقدك كثيرًا "
..هذا ما أريد قوله.. هذا ما أوّد كتابته في رسالة .. هذا ما يؤلمني
هذا كل شي 💔 "
#رايان
=========================
في غضون دقايق وصلو المستشفى .. ملاك كانت فاقدة الوعي تماماً بسبب كمية الدم الفقدته .. دخلوها غرفة العمليات الي كانت مجهزة مسبقاً .. رايان كان حاسي بتوتر وضغط فظيع .. الأفكار السوداوية بدت تتخبط في عقله .. لؤي اتصل على فاطمة وأمه ومنه بقية العيلة  عرفو بالموضوع .. وفي أقل من تلت ساعة اتجمعو في المستشفى .. كان الجو مشحون وماف زول اتكلم مع رايان .. فاطمة كانت ماسكة .. سبحتها وبتستغفر .. بعد دقايق وصلو سمر وليث .. رايان عاين ليه ببرود وما أبدى أي رد فعل ..  سمر قعدت جنب خالد الي كان بتخبط بين التوتر والتعصيب والخوف .. مرت عليهم ساعتين من أسوأ ساعات حياتهم .. بعدها طلعت ممرضة من غرفة العمليات .. قالت ليهم بصوت هادئ : مبروك .. جاتكم بنوتة ☺  تتربى في عزكم
ثواني والفرح بدا يتسلل ليهم .. بدو يباركو لبعضهم ودموع الخوف اتحولت لدموع فرح .. عدا اتنين .. رايان ولؤي توترهم زاد .. الحالة الشافوها فيها ما كانت مطمنة بأي حال من الأحوال .. بعدها بعشرة دقايق طلع طارق ومعاه دكتورة تانية .. اتجمعو حواليه عشان يعرفو حالة ملاك .. وشو كان باهت ونظراته مكسورة .. قال ليهم بصوت متأسف : البقاء لله .. الله يصبركم
عاينو ليه بنظرات مذهولة .. الخبر نزل عليهم زي الصاعقة
صبري : ك كيف يعني !! بتي كويسة .. لسة قبل كم ساعة كانت بخير وطفت شمعتها بنفسها .. وصحتها كانت مستقرة .. بتي ما ماتت ياريت ما تلعب بأعصابنا
طارق : حصل ليها انفصال مبكر للمشيمة .. ودا سبب ليها نزيف .. فقدت كمية كبيرة من الدم مستحيل نقدر نعوضها .. إنه بنتها اتولدت سليمة دا في حد ذاته معجزة .. ما غالية على ربها .. أدعو ليها هي محتاجة دعواتكم
رايان كان بسمع في كلامه ونظراتها الأخيرة ما فارقت عقله .. لؤي قعد في الأرض وصرخ بصوت عالي .. صرخته انتشلتهم للواقع الأليم .. أمه قومته من الأرض وحضنته هو وليا .. صوت نواحهم بدا يعلى وحالتهم أسوأ من سيئة .. صبري دخل في حالة من اللا وعي .. بنته الوحيدة فارقت الدنيا وخلته  .. قعد في أقرب كرسي وبكا بصوت عالي .. بكا على بنتو ونور عينه .. بنته الما هيشوفها تاني .. سمر كانت ماسكة فاطمة وبتحاول تهدي فيها .. أصوات البكا انتشرت في المستشفى .. بين أهلها وطاقم المستشفى من دكاترة وممرضين .. في وسط الجوطة دي كلها كان في زول واحد هادئ .. وشو خالي من أي تعابير وماف آثار للدموع .. جواه في حرب دامية لكن مظهره ثابت .. مريم قعدت جنبه وختت يدها في كتفه .. قالت ليه بصوت هادئ : رايان !!
بس ما لقت جواب .. احترمت هدوئه وقامت من جنبه .. بعد ساعة طلعو جثمانها في الإسعاف .. ركبو معاها صبري ورايان والبقية رجعو بعرباتهم .. وبيتهم من تجهيزات استقبال المولود الجديد اتحول لبيت عزاء .. الخبر انتشر في مواقع التواصل الإجتماعي والقنوات الفضائية .. وفاة الكاتبة اليافعة ملاك صبري ..  كانت زولة اجتماعية ومعارفها كتيرين شديد إضافة لأنها كاتبة معروفة فحضرو العزا كمية كبيرة من الناس .. رايان كان صابر وهادئ هدوء مرعب وهو بيقابل الناس الجاية تعزيه
لحد ما وصلو لآخر واصعب جزء ..  الدفن .. اتوجهو ناحية المقابر  بعد ما صلو عليها .. الفجر اذن لما بدو يغطوها بالتراب .. صبري ما قدر يقاوم دموعه .. أما رايان فكان لسة هادئ .. فضل يعاين لقبرها فترة طويلة قبل ما يرجعو البيت 💔
================
مرت عليهم تلاتة أيام كأنها تلاتة عقود .. البيت بقى فاضي وما فيه غير رايان وأمه وفاطمة وصبري .. كل واحد غرقان في ذكرياته مع ملاك
رايان منعزل في غرفته .. من غير أكل ولا شراب ولا حتى نوم وما بتكلم مع زول .. وشو شاحب وعيونه باهتة وأغلب وقته سرحان في الفراغ كان قاعد في البلكونة لما سمع صوت الباب .. زفر بضيق قبل ما يقوم ويفتحه لقى فاطمة واقفة وشايلة بيبي بين ايديها .. قالت ليه بصوت هادئ : حالتها بقت مستقرة وطارق قال إنه الأفضل تطلع من الحضانة .. ما حبيت ازعجك لما مشيت أجيبها
مد ليها ايديه وشالها .. حس برعشة سرت في جسمه أول ما شافها .. كانت صغيرة شديد ونايمة .. قعد في طرف السرير وهو بيتأمل في وشها الصغير .. مسك يدها باصبعه وهمس بصوت واطي : ميان .. حس بحرارة دموعه وهي نازلة على خدو .. ضماها لصدرو قبل ما يديها لحبوبتها .. شالتها وطلعت من الغرفة .. قعد في الأرض قبل ما يدخل يدو في نص شعرو ويشد عليه بقوة .. بدأ يبكي بهستيرية .. حاول يحافظ على ثباته بس انهار .. همساتها الأخيرة بتتردد على مسامعه من وقت للتاني .. انكمش على نفسه في الأرض لحد ما نام
لؤي كان قاعد في غرفته وفاتح اللاب توب بتاعه .. كان بتفرج على صورها الأخيرة .. كأنه حس إنها المرة الأخيرة ف أخد ليها كمية كبيرة من الصور .. وقف في واحدة من الصور وفضل يتأملها .. كانت ماسكة بطنها بإيدها والتانية ماسكة بيها شعرها ومبتسمة إبتسامة ناعمة .. نسخها في تلفونه وحملها في الانستجرام .. قفله وغمضت عيونه في محاولة فاشلة للنوم
===============================
لؤي صحى على صوت ليا وهي بتناديه .. قالت ليه بصوت معاتب : في زول بنوم يوم النتيجة !! يلا قوم المؤتمر بعد نص
لؤي : طيب اطلعي وبلحقك
قام بتكاسل ودخل الحمام .. غير ملابسه بعد ما استحمى ونزل تحت .. لقى العيلة كلها مجتمعة ومتابعين المؤتمر باهتمام .. عاين ليهم بنظرات فارغة وقعد في كرسي بعيد منهم .. بدو يذيعو في أسماء الأوائل ومدارسهم لحد ما وصلو للطالب التالت والي كان لؤي .. بنسبة %97 .. رغم فرحتهم الكبيرة بنجاحه بس ماف أصوات زغاريد ولا أجواء إحتفاليه 💔 .. قبل ما يباركو ليه طلع غرفته واترمى في السرير .. أول حاجة جات في باله ذكرياته مع ملاك أيام الإمتحانات .. رغم أنها كانت حامل بس كانت بتساهر معاه ومهتمة بصحته اكتر من صحتها .. اعتبرها أمه التانية ما بس أخته .. عاش 17 سنة من عمره دون ما يعرف أنه عنده أخت أكبر منه .. انحرم منها مرتين في حياته .. بس المرة دي للأبد .. قطع حبل أفكاره خطوات أمه وهي جاية عليه .. ضمته لصدرها وربتت على ظهره .. ومن غير استئذان دموعه نزلت .. بعدها غير ملابسه وطلعو المدرسة .. كانت مليانة بالطلاب وأهاليهم .. والزينة مغطية المكان .. عدا لؤي .. كان باهت وماف غير آثار الدموع مغطية وشو .. عقله كان في متاهة بعيدة كل البعد عن الواقع .. انتبه على صوت المدير وهو بينده إسمه .. لمح رايان وهو واقف بعيد من الناس .. نزل من المسرح بسرعة بعد ما اتكرم ومشى ليه .. ربت على راسه وقال بصوت هادئ : مبروك
لؤي : الله يبارك فيك
مد ليه صندوق كبير باللون الأزرق وواحد تاني أكبر باللون الأسود عليه توقيع ملاك .. اتذكر لما قالت ليه انه هديته جاهزة من قبل ما يمتحن حتى .. مشى ناحية العربية واتصل على أمه عشان يرجعو .. ثواني و لقى رشا قدامه
لؤي : وين ليا !!
رشا : ما حترجع معانا .. عاوزة تقعد مع صحباتها شوية
لؤي : اوكي
أول ما ركب العربية فتح صندوق ملاك .. كان فيه لابكوت عليه اسمه وسماعة .. وجنبهم صندوق آيفون Xs Max .. وصندوق تاني فيه كاميرا كانون ومجموعة من العدسات .. وأخيراً صندوق صغير مقفول .. طلع منه مفتاح عربية عليه شعار مارسيديس ..  انتبه لصورة صغيرة مرمية في نص الحاجات .. كانت صورة ليهم الأتنين .. مكتوب عليها تاريخ  15/1/2018 يعني قبل تلاتة شهور .. قلبها من ورا وقرا الكلمات المكتوبة فيها بخط يدها
" to my little brother .. my son .. and my everything 💙 "
إبتسم إبتسامة صغيرة قبل ما يقفل الصندوق ويسرح في الطريق
ليا كانت قاعدة مع وتين وصحباتها احتفالا بنجاحهم .. اتلفتت على صوت بناديها .. ما اتوقعت أنها تشوفه مرة تانية .. وتين ساقت صحباتها ومشو عشان تديهم مساحة .. قال ليها بصوت مبحوح : كيفكك
ليا : بخير
وسام : البركة فيكم .. الله يرحمها ويجمعكم بيها في الجنة
ليا : مر تمنية ايام ويادوب اتذكرت انه مفروض تعزي !! على أساس أنها كانت واحدة من أقرب الناس ليك .. ااه نسيت انه انت ما عندك إهتمام بالناس اصلا
وسام : كنت موجود في العزا ووقت الدفن .. بس ما كان عندي وش اقابلكم بيه
ليا : وهسا جيت ليه !! عمري ما هسامحك ولا هنسى العملتو فيني .. سنة كاملة من عمري ضاعت بسببك
وسام : جيت عشان أعتذر منك لآخر مرة .. جمدت السنة وما امتحنت .. حواصل قرايتي في كندا ودا آخر يوم لي في السودان .. حبيت اعتذر منك لآخر مرة وآخر يوم قبل ما أسافر
ليا : خلصت !! إعتذارك ما مقبول
عاينت ليه من فوق لتحت ومشت
=================
رايان كان قاعد مع صبري وفاطمة وهو شايل بنته وبلعب فيها
فاطمة : لسة مصر على السفر
رايان : ايوة .. ما بقدر اقعد في البيت .. خصوصاً الفترة دي .. أي زاوية في البيت بتذكرني بيها
صبري : طيب أرحل بيت تاني .. احسن من السفر
رايان : ح أسافر ستة أو سبعة شهور وبعدين هرجع البيت قبل ما تكمل ميان سنة
فاطمة : طيب يا ولدي تصل بالسلامة وتعال من فترة للتانية .. ما تخاف على بتك .. ميان في عيوني
طبع قبلة عميقة على جبين بنته قبل ما يودعهم ويطلع .. رجع البيت عشان يجهز حاجاته للسفر .. طلع الطابق الرابع ومشى ناحية المكتبة .. عاين للصور المنتشرة في الحيط .. وقف قدام صور عرسهم .. عمره ما اتخيل انه ممكن يحبها .. ما اتخيل انه يقدر يحب للدرجة دي .. مسح دموعه البدت تنزل ورجع غرفته .. طلع شنطة وبدا يلم في ملابسه وحاجاته .. في كومودينة ملاك كان في أوراق ودفاتر كتيرة .. لفت نظرو دفتر مخملي أبيض ومقفول بشريط أسود .. قعد في طرف السرير وفتحه .. كان مكتوب عليه بخط كبير " خلقت من تراب ملائكي " وعلى الطرف مكتوب تاريخ 30 April
عاين للتاريخ في تلفونه ولقاه نفس التاريخ مع اختلاف السنة ..
دي كانت آخر كلمات كتبتها قبل سنة بالضبط .. قلب باقي الصفحات وكانت فاضية .. غمض عيونه عشان يتذكر شاف الدفتر دا وين .. اتذكر انه شافه في الطيارة في سفرتهم الأخيرة .. وإنها حكت ليه قصة البنت العاوزة تكتب الرواية عنها .. للحظة خطرت في باله فكرة .. جهز حاجاته بسرعة قبل ما يشيل الدفتر وواحد من كتبها ودخلهم مع اللاب توب في شنطة واحدة .. أتأمل الغرفة لآخر مرة وطفى الأنوار .. ركب العربية واتحرك على المطار بعد ما ألقى نظرة أخيرة على البيت .. في الطيارة طلع الكتاب وقلب صفحاته كلها .. بعدها فتح اللاب توب بتاعه وبدا يكتب بتركيز
=====================
‏ " لن يتوقف الكون لأنك قد كُسرت .. ولن تقام طقوس العزاء لأنك حزنت .. الجميع قادر على تأمل لحظة سقوطك .. لذا قف و انهض و رمم نفسك بنفسك "
#رايان
أستيقظ مبكرا وبدأ بتجهيز نفسه .. ينتظره يوم حافل بالأحداث المهمة .. عليه حضور مؤتمر صحفي بعد إنعقاد جلسة القراءة .. وأخيراً عيد ميلاد ابنته التي أكملت عامها الأول .. تأنق ببدلة سوداء كأنها فصلت على جسده بطريقة أبرزت عضلاته .. نظر إلى صورتها وابتسامة مشرقة ارتسمت على شفتيه .. أخذ هاتفه قبل أن يلقي نظرة أخيرة على التقويم السنوي المعلق على الحائط .. كانت قد رسمت دائرة كبيرة باللون الأحمر حول اليوم الثاني من فبراير .. سيحفر هذا التاريخ في عقله إلى الأبد .. ف هو عيد ميلاد زوجته السابع والعشرون .. والذكرى السنوية الأولى لوفاتها .. كما أنه عيد ميلاد ابنته الأول .. والآن سيصبح تاريخ صدور أول رواية بقلمه كما أنه الأخيرة أيضاً .. أطلق تنهيدة عميقة قبل أن يخرج من غرفته ويتجه نحو حديقة منزله .. الساحة التي ستعقد فيها الجلسة .. إنها المرة الأولى التي يخوض فيها هذه التجربة .. نظر إلى وجوه الحاضرين بتفحص .. ها هو طيفها يجلس في الصف الأمامي .. لم يعد الأمر غريبا بالنسبة إليه .. فقد اعتاد أن يلازمه هذا الخيال .. علاوة على وجود اقاربهما .. اعتدل في جلسته بعد أن تربعت ابنته في حجره ..
بدأ بقراءة كتابه وسط تأثر الحاضرين واعجابهم .. حتى وصل إلى الختام .. نظر إلى طيفها المبتسم .. إبتسامة أحبها حد الإدمان .. عض على شفته وهو يحاول كبح دموعه ثم أكمل :
منذ رحيلها عني و أنا أعاني من الحيرة و التساؤل رحلت عني من دون مُبرر ولا حتى وداع .. تركتني على حافة الحزن بعدَما كانت تنقذني في كل مرة أوشك على الوقوع .. مَن ينقذني إذا وقعت في هاوية  الحزن الأن ؟ كان ينقذني صوتها و تنقذني ضحكتها و أبسط اشيائها .. سأنتظر حتى نلتقي في حياة أخرى .. سأبقى أحبها دائِمًا رغم غيابها الأبدي .. ربما رحلت عني للأبد .. ولكنها تركت قطعة من روحها .. قطعة خلقت من تراب ملائكي 💙✨
#النهاية ♡ ..
Sat.28.April.2018
Tue.30.April.2019
4:35 PM
" أرادت كتابة أول رواية واقعية عن صديقتها .. رواية تلخص فيها معاناتها وتجاربها الأليمة .. لم تكن تعلم أن القدر سينقلب ضدها .. وأن روايتها ستكتب عنها وتخلص قصة حبها "

🎉 لقد انتهيت من قراءة خلقت من تراب ملائكي 🎉
خلقت من تراب ملائكيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن