تكرار الامتحان
.٤١ إن الصلوات اليومية متكررة في غالبها كالظهرين و العشاءين، خلافا لصلاة الفجر، فكأن العبد لو سقط في الامتحان الأول كصلاة الظهر مثلا، أمكنه التدارك في الصلاة اللاحقة لها وهكذا في صلاة المغرب، فشأنه في ذلك شأن من يعيد امتحانه فيما لو لم ينجح فيه تداركا لما فاته، وهذه صورة من صور الرحمة الإلهية المتوجهة للعباد، حيث فتح له باب التدارك والتعويض إلى درجة أذن له بالقضاء حتى لو فاتته الفريضة عمدا، إذ لعله بذلك قد يعيد ما سلب منه في علاقته بربه.
نفخ الروح
.٤٢ لو أن آدم (عليه السلام) بقي على هيئته الطينية لما كان أبا للخليقة، ولكن رب العالمين نفخ فيه من روحه، فجعله صفوة خلقه، وهكذا نقول قياسا على ذلك ـ عن صلواتنا: إنها لو بقيت على هيئتها البشرية من الحركات البدنية لما صارت سبيلا من سبل التقرب إلى الله تعالى، فإنها تنتظر تلك النفحة الإلهية لتتحول إلى ما يحقق المعراجية الإلهية، وهذه النفخة الإلهية للرب مرتبطة بجهد العبد، كمثل الروح الإلهية التي نفخت في مريم (عليها السلام) بعدما هي أحصنت فرجها، أو الرطب الذي تساقط عليها بعدما هي هزت نخلتها.
تسويل الشيطان
.٤٢ إن الشيطان يسول لبعضهم قائلا: إنه ما دمت مرهقا بالمعاصي والذنوب، فلم الإتيان بصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر؟!.. والجواب عن هذا التسويل الإبليسي: إن هذا الوجود الناقص خير من العدم أولا، ومن الممكن أن يكون هذا الوجود الظاهري مقدمة للوجود الواقعي للصلاة والمتمثلة في النهي عن المنكر ثانيا، فمن كان متدليا في بئر بخيط رفيع لا يقطعه، بدعوى أن هذا الخيط لا يعتد به!.
والشاهد على ذلك ما رو ي أن فتى من الأنصار كان يصلي الصلاة مع رسول الله ص ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: ] أن صلاته تنهاه يوما ما [ فما لبث ان تاب.
رد الاعمال
.٤٣ هنالك سؤال احتار بعضهم في جوابه، وذلك حول الحديث المشهور] إن الصلاة عمود الدين، إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها [ فلنتصور إنسانا صلى وقام بباقي الصالحات، ثم لم تقبل صلاته فكيف ترد سائر أعماله، والحال إن الله تعالى وعد الجزاء على مثقال ذرة، فكيف بما هو أعظم منها؟!.
والجواب: إن الكلام هنا في القبول لا في الإجزاء، فمن لم تقبل صلاته لخلل في فعله، كشف عدم القبول عن خلل في ذاته، وهو السبب بعينه في رد باقي الأعمال، بمعنى عدم استحقاقه للدرجات وإن رفعت عنه الدركات.