8

3.9K 355 36
                                    

كانتْ السّاعة الثّانية وأربعون دقيقة عندما رنّ هاتفي ليخرجني من عالمي الخاصّ في مرسم المدرسة.

مسحتُ يدي بسرعةٍ يقطعة القماش وكما توقّعتُ كان هيونغ

"مرحبًا كوكياه!" قال بإشراقٍ لأبتسم قليلًا

"أنا أنتظرُكَ في الخارج"

"حسنًًا!" قلتُ وأنا أقف وأخلع عنّي المئزر لأدسّ الهاتف في جيبي وأحمل حقيبتي المركونة في الزاوية لأنصرف.

كنتُ أسير في السّاحة بخطواتٍ واسعة كي لا أجعله ينتظر كثيرًا، وعندما اقتربتُ من البوابة لمحتُه يقف خارجًا وخصلاته البنية تلمع تحت خيوط الشّمس، اتّسعت ابتسامتي واستمريتُ بالسّير قبل أن أتوقّف بانزعاجٍ للأشخاص الثّلاثة الذين ظهروا أمامي!

كان هاي-بين والفتيان اللذان يسيران معه دائمًا، ألم ينصرف إلى بيته بعد هذا الوغد؟!

عقدتُ حاجبيّ وتمتمتُ بغيظٍ من بين أسناني محاولُا قدر الإمكان ألّا ألفت انتباه هيونغ: "ألم يكفيكَ ما حصلتَ عليه اليوم؟"

حرّك لسانه داخل فمه ليتكوّر خده المزرّق قليلًا قبل أن يبتسم ابتسامةً جانبيّةً أظهرت شفته المجروحة: "بلى، لديكَ قبضةٌ مذهلةٌ حقًّا! لكنّي أعتقد أنّنا نستطيع الحصول على عرض مذهلٍ  الآن"

قال ذلك وأومأ برأسه إلى الخارج حيث هيونغ الذي ما يزال مسندًا ظهره على السّور مواجهًا الشّارع، ولم يبدُ أنّه انتبه إلينا بعد.

شدّدتُ قبضتي، هل يعتقد أنّه يستطيع الاستمتاع برؤية هيونغ مذعورًا عليّ؟! ألهذه الدّرجة هو مستعدٌّ للمضيّ؟ حتّى وإن كان لا يعلم بمرض هيونغ وبالخطر الذي ستتعرض له حياته إن وضع في ذلك الموقف، حتّى وإن كان لا يعلم، كيف يمكن أن يشعره شيءٌ كهذا بالمتعة؟

ألهذه الدّرجة هو فاقد للاهتمام حدّ أن يصاب بالجنون لرؤية هيونغ يعتني بي؟!

لقد نقل إلى هنا هذا العام الدراسيّ، نحن في نفس العمر لكن في صفوف مختلفة، وبطريقة ما قد لاحظ اهتمام هيونغ ومجيئه واعتناءه بي -أعني من لا يمكن أن يلاحظ ذلك؟- وأثار ذلك غيظه وجنونه، كان ينعتني بالطفل والرضيع، لكنّ أصدقائي أخبروني أنّه فتى غني ومدلل ومثير للمشاكل دائمًا، ورغم الأمور المادية التي يحصل عليها فإن والديه لا يباليان بأمره، وجعلني ذلك أدرك ما الذي يثير غيظه تجاهي أنا وهيونغ.

مدلل وغد أحمق غيور وفاقد للاهتمام.

عقدتُ ذراعي وقلتُ: "للأسف أنت مُخطئ، والآن عن إذنكَ" وحاولتُ الاقتحام من بينهم إلّا أن صديقاه أعني خادماه أمسكاني من جانبيّ ووضع هو يده على كتفي: "أين تذهب يا صغير! "

تنهّدتُ بضيقٍ: "دعنا نلتقي غدًا، والآن ابتعد من أمام وجهي!"

نظر إليّ بسوداويّةٍ ثمّ ابتسم ابتسامة جانبية أثارت غيظي: "حسنًا إذًا، نلتقي غدًا!"

لا أعرف ما الفكرة القمامية التي فكّر بها حتّى يتراجع بهذه السّهولة لكنّه عكّر مزاجي حقًّا، ومع ذلكَ لا أريد لهيونغ أن يعرف بشأنه، لا أريد لمرضه أن يزداد سوءًا بسببي، وهكذا رميتُ تفكيري بشأنه جانبًا وخرجتُ من البوابة.

عندما لمحتُ هيونغ انقبض قلبي، كان شاردًا في النظر إلى الشّارع ولم ينتبه إليّ، يبدو لي أكثر شحوبًا وقد ظهرت هالات سوداء تحت عينيه، وألا يبدو أنّه أصبح نحيلًا أكثر؟

شددتُ يديّ على شرائط الحقيبة وابتلعتُ غصتي، اقتربتُ منه وناديتُه مبتسمًا: "هيونغ!"

"وما إن أدرك حضوري حتّى اعتدل في وقوفه وبعثر شعري لتّتسع ابتسامتي، كان هذا شيئًا يقوم به في كلّ مرّةٍ يراني فيها ولا أعلم السّبب، لكنّي أحبّه ويشعرني بالرّاحة.

"حسنًا كوكي، أنت تعلم، المدرسة الثّانوية تبعد مئتي متر فقط من ذلك الاتّجاه.." قال وهو ييشير بيديه إلى نهاية الشّارع قبل أن يقبض يدي ونبدأ السّير في الجهة المعاكسة: "لكنّ محطّة الحافلات من هذا الاتّجاه، وسنتدرب على الذّهاب إليها اليوم"

جعلني ذلك أضحك بخفّة: "لماذا تقول نتدرب هيونغ؟!"

ارتبك وضحك بسخافةٍ: "فقط!" وجعلني ضحكه ابتسم باتّساع

كان السّير إلى المحطة نحو سبع دقائق، بدأ الأمر بصمتٍ دافئ وهادئ لكنّني أخذت أشعر بثقله شيئًا فشيئًا يزداد عليّ بسبب الأفكار التّي تتدفق إلى رأسي بشأن هيونغ وحيرتي في بدء الحديث حتّى استسلمتُ داخليًّا أخيرًا وقلتُ لنفسي أن أؤجل الكلام إلى البيت، وهكذا تركتُ يدي تغوص في دفء يد هيونغ وركّزتُ على موطئ قدمينا حيث نسير بتزامنٍ مثاليّ لأحتفظ بذلك المشهد في عقلي وأنا أبتسم بسعادة متجاهلًا الصّوت الذي يستمرّ بإخباري منذ البارحة أنّ كلّ هذا سينتهي عمّا قريب.

---

هااي مجددًا 🙊❤

بالنّسبة لأهبة كونوا مستعدين لفصول لا متناهية حتّى إشعارٍ آخر 😂

أُهْبَة | JJK x KSJ ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن