الثامن & البديل & صابرين شعبان

3.2K 218 5
                                    

البديل 8
💤✨💤✨
طرق الباب بحزم بعد وقوفه لوقت طويل مترددا في المجئ و لكنه لم يشأ أن يذهب لمنزل عمه . لاول مرة يحتاج لعائلته حقا فتحت الباب و عينيها تتسع بفرح قبل أن تلقي بنفسها على صدره صارخة " اشتقت إليك أخي كيف حالك لم تغيبت هكذا في المجئ الينا أمي تسأل عنك باستمرار و أبي يتهرب من جوابها تظنه تشاجر معك لذلك لا تأتي "
قال ماهي باسما " كفاك ثرثرة ريم و أتركيني لأدخل أولا "
قالت ريم و هى تفسح لأخيها و تهتف بصوت عالي " أمي , أبي لقد جاء ماهي "
خرجت والدته تندفع نحوه و هى تضمه و تبكي قائلة " كل هذا الوقت ماهي ، كل هذا الوقت بعيداً عنا ، لم بني ، ماذا فعلنا لك لتتركنا في كبرنا و نحن في أمس الحاجة إليك "
ضمها ماهي بحزن ، يعلم أنه مقصر في حقها و لكن منذ تشاجر و ترك المنزل منذ سنوات و هو لا يستطيع العودة كما كان ، و أن يشعر بأن هذا منزله ، كانت والدته امرأة سمراء قصيرة بعيون سوداء و وجه بشوش و تملك أطيب قلب في الكون كله و لا تحب في حياتها أكثر من هذا الجامد الواقف هناك يراقبه بصمت بملامح لا تختلف كثيرًا عن ملامحه شعر أسود و عيون بندقية و فم حازم و قامة مديدة كقامته ، قال ماهي بتوتر " أتيت لأراك أمي أنت و ريم ، فقد اشتقت إليكم "
سأله والده بسخرية " ألم تشتاق لي أنا أيضاً أم لا تعدني من العائلة و والدك "
قال ماهي بعصبية " أنا لم أقصد هذا أبي "
قال فهمي بغضب " أو تقصد لا يهم لقد تعودت على كون أبني وحيدي لا أعني له شيء و لا يهتم بما أقوله له أو أنصحه به ، هذا قدري و قد قبلته لقد بوليت بولد فاشل حتي في علاقته بنا ، قدري أن يكون لدي ولد مثلك و أخي ولد مثل مياد "
قالت زوجته برجاء " فهمي أرجوك ، لا تتحدث في هذا الأن أرجوك"
قال ماهي بحزن " أتركيه أمي ، هذا ما أسمعه منذ سنوات طويلة ، أنا و مياد هو و أخيه لم يستطع كل هذا الوقت أن يفرق بيني و بين ابن عمي أو بينه و بين أخيه لا أعرف لم يريدني نسخة من ابن أخيه ، لم لا يقبلني على ما أنا عليه فقط ، لا أعرف لم ألوم الأخرين و والدي لا يفعل ، لا يقبل بي على ما أنا عليه " أضاف بمرارة متذكرا حديث رنين ، لم لا يقبله أحد على ما هو عليه فقط
كانت ريم تبكي بخفوت و هى تراقب هذه المشاداة المتكررة بين والدها و شقيقها الأكبر و تنتهي دوماً برحيله و بكاء والدتها و غضب والدها و بقاءه وحيداً ، قالت برجاء " تعالى معي ماهي سأعد لك بعض الطعام و نحن نثرثر في المطبخ كالأيام الخوالي "
أمسكت بذراعه تقوده للمطبخ قبل أن ينسحب كعادته راحلا و تركه والده و والدته يذهب معها حتى يهدئ الوضع ، ربما وجدا طريقة للتفاهم .. قالت ليلي برجاء عند ذهابهم " أقسمت عليك فهمي أن لا تخبره بترك عمله و المجيء ليعمل معك ، أتركه يفعل ما يريد ، المهم يعود للمنزل أنا أفتقد أبني فهمي و أفقده أيضاً و كل ذلك بسبب عنادك معه و هو لا يقل عنك عنادا "
قال فهمي بمرارة " هل أنت راضيه عن حاله هكذا ، لا وظيفة ، لا زوجة ، لا بيت مستقر ، هل تعلمين ماذا أخبرني مالك البناية التي كان يقيم بها أنه عجز عن تسديد الإيجار فاضطر لانذاره بالاخلاء و لولا أنه يقيم هذه الفترة لدي فؤاد لا أعرف ماذا كان سيفعل و أين كان سيذهب و هو رافض العودة لهنا و لا يقبل أخذ نقود من أحد "
رغم أزمة ابنها إلا أنها ابتسمت بفرح قائلة بفخر " هذا هو ابني لا يستسلم أبدا و لا يدع أحد يكسره "
قال فهمي بحنق " هل هذا ما استطعت قوله "
قالت ليلي باسمة و هى تلف ذراعها حول ذراعه قائلة بحزم " بل سأقول أيضا إياك و الحديث معه أريد ولدي في حضني اليوم أخرج من رأسه اليوم على الأقل فهمي من أجلي "
تمتم بحنق " سأتركه ليس من أجلك بل كوني سئمت منه و من تصرفاته "
**
كان مياد يجلس شاردا على المقعد الصغير في المطبخ و ريم تقوم بإعداد الطعام له ، وضعت الطعام في الفرن ليسخن و جلست بجانبه قائلة بفرح " اشتقت إليك ماهي "
ابتسم ماهي بفتور قائلاً بصدق " و أنت أيضاً ريم ، اشتقت إليكم جميعاً رغم ما يقوله أبي "
أمسكت بيده تضغطها بقوة قائلة باهتمام " أخي لم أشعر أن هناك ما يؤرقك ، هل حدث معك شيء و لا تريد أن تخبرني عنه "
ريم فتاة شابة في العشرون من عمرها و هى تصغر ماهي بعشر سنوات كانت والدته وقت أنجبته مرت بظروف صحية خطيرة لذلك لم يشأ زوجها أن يجازف و تنجب له المزيد من الأطفال حتى جاء يوم أخبرته عن قدوم ريم على الطريق ، يتذكر حالة والده ذلك الوقت و الخوف و القلق الذي عايشه حتى جاءت الآنسة ريم و أطمئن على زوجته ، قال ماهي بصوت مختنق " أنا بخير ريم لا شيء أختي "
مدت يدها و وضعتها على وجنته تلمسها بحنان " أنت كنت دوماً تخبرني أني لست شقيقتك الصغري بل أنا صديقتك المقربة و الأن هل تخفي عن صديقتك المقربة شيء يؤرقك أخبرني صدري يتسع لحمل جميع همومك أخي "
كان ماهي يشعر حقاً بالضياع و بحاجة ليتحدث ليخرج ما في جوفه من ألم و مواجع و احبطات يشعر بها ، و من أفضل من صغيرته تهون عليه قال ماهي بصوت متحشرج " هل أنا شخص جيد من وجهة نظرك كفتاة رنين ، هل ترين أني أستحق أن يحبني أحد على حالي "
قالت ريم بحزن " الأن و قد عرفت إسمها أخي لم لا تحادثني عن رنين تلك بشكل مباشر "
التفت إليها بصمت بائس و قد فضحه لسانه دون أن يدري ، ضغطت ريم على يده بقوة قائلة " قلبي من ينصت لك أخي و ليس أذني تحدث "
قال ماهي بحزن" هل تظنين أني رجل صالح ريم ، هل لو جاءك رجل مثلي و نفس ظروفي تقبلين الزواج به ، و لا تقولي أجل كوني أخيك ، لا تنسي أنا ليس لدي وظيفة و لا منزل و لا حياة مستقرة ، هل تقبلين إذا كان مثلي "
ابتسمت ريم و قالت بصدق " إذا كنت أحبه أخي ، إذا كنت أحبه سأقبل و عليه أن يساعدني لنكون معا أفضل ، إذا كان مثلك لا وظيفة لديه سأشجعه على أن يجد وظيفة ليس لأجلي فقط بل لأجله هو أيضاً حتى تشعره بالأمان و الاستقرار فيكون مستقر نفسياً و هو يحارب من أجل حلمه ، لو كان مثلك و يريد أن يصبح ممثلا ، سأكون بجانبه لن أجعله يترك حلمه هذا من أجلي ، بل سأشجعه عليه ليستمر و لكن لن أجعله يكون كل حياته ليصبح هوسا و ليس طموحا و حلما "
صمتت ريم و هى تراقب وجه شقيقها الذي شرد قليلاً قبل أن يقول
" و لم لا تقبلين به فقط دون شروط إذا كان يستطيع أن ينفق عليك و يكون لكم منزل ليست الوظيفة الدائمة ضمان لتحقيق هذا"
قالت ريم باسمة " كم مرة غفوت دون عشاء الشهريين الماضيين أخي أخبرني "
تعجب ماهي من سؤالها و لكن فكر بشرود  و قال مجيبا بحيرة " لا أعرف ربما ثلاث أو أربع مرات لماذا "
قالت ريم باسمة "  هل تريدني أن أمر بوضع كهذا أخي  ، و إن كان لدينا طفل ، هل تقبل أن يأتي يوم و لا يجد  طعام  لتناوله ، هل قبول هذا الوضع ما سيثبت لك أنها تحبك أخي الأمر ليس مقتصرا على الطعام أخي هناك أشياء أخرى لن أعددها لك و لكني ذكرت مثال بسيط فقط  " أكملت واضعه من يفكر بها  في عقله مكانها  هى ليعرف هو جواب سؤاله ..  نهضت لتخرج الطعام من الموقد و وضعته أمامه قائلة برفق " هيا أخي تناول الطعام لحين أعد لك بعض الشاي بالحليب الذي تحبه "
قال ماهي بصوت مختنق " لا أريد ريم لم أعد جائعا "
ارتسم الحزن على وجهها و قالت أمره " بل ستأكل أخي و إلا لن أحادثك ما حييت "
استسلم ماهي لأمرها و بدأ يتناول الطعام  غصبا و هو يشعر به يسد حلقه يكاد يخنقه ، بعد أن أنتهي دون أن يأكل الكثير ، نهض قائلاً بصوت هادئ " سأذهب للنوم في غرفتي "
قالت ريم باسمة " لن تستطيع ، ستأتي والدتي و تظل تثرثر على رأسك حتى الصباح "
ابتسم ماهي بحزن قائلاً " هل أرحل إذن "
ضربته شقيقته على كتفه بخفة قائلة بتذمر مصطنع " هيا أذهب و كفاك هراء ، هل تظن أنها ستسمح لك بالخروج من المنزل مؤكد أغلقت الباب بالمفتاح احتياطيا "
خرج ماهي و اتجه لغرفته على ضجيج هاتفه فأخرجه ليجيب بخفوت " نعم بابا "
سمع صوت عمه الغاضب يقول " أين أنت الأن مياد "
أجاب ماهي بملل " مع أصدقاء لي و سأظل معهم للصباح و سأذهب للعمل مباشرةً ، هل اطمئنيت تصبح على خير الأن بابا "
أغلق الهاتف قبل أن يعطي عمه فرصة للثرثرة و اتجه لغرفته بتعب أغلق الباب خلفه و بدل ملابسه و استلق على الفراش يتطلع لسقف الغرفة بشرود ، طرقت والدته الباب فابتسم متذكرا حديث ريم فقال بهدوء " أدخلي أمي "
دخلت ليلى  باسمة و هى تسأله " هل غفوت حبيبي "
اعتدل ماهي في فراشه  قائلاً " لا أمي تفضلي "
اقتربت ليلى من فراشه و جلست على طرفه بجانب قدميه سأله بحنان " كيف حالك بني ، أنت تبدوا متعبا ألا تأكل جيداً "
أمسك ماهي بيدها و قبلها قائلاً بمرح مصطنع " تريدين أن تريني وحشا حتى تعلمين أني أتناول طعامي ، أنظري إلي بنيتي قوية تصلح لنجم سينمائي و لكنه الحظ فقط "مدت يدها و شدته ليسقط على ساقيها واضعا رأسه عليها و مرت بأصابعها بين خصلاته قائلة بحنان " أنت نجم حياتي ماهي و أولى فرحتي و سبب سعادتي في هذه الدنيا و لا يهمني ما أنت عليه ، أنا أحبك هكذا أي كان ما تفعله في حياتك ، فلا تهتم بما يقوله الآخرين عنك و لك "
قال ماهي بحزن باسما " هذا كونك والدتي و لست عروس أريد الزواج بها "
قالت بفرح " هل تريد أن تتزوج ، من أخبرني عنها و من هم عائلتها"
قال ماهي بسخرية " أقول أنك لست عروس ستوافق على بكل مساوئي  أمي و لم أقل سأتزوج "
قالت ليلى باستنكار " مساوئ ماذا هذه ، أنت زينة الشباب "
ضحك ماهي بخفة مجيبا بسخرية " أجل بالطبع لذلك لا يحبني أحد لشخصي و الجميع يريدني أكون مالست عليه  "
ردت ليلى بنفي " من هذا الذي يريد منك أن تكون شخصاً أخر  ، تقصد أبيك لا تشغل بالك به أنه يتحدث كثيرا ،  أم تقصد أحد أخر " أضافت بمكر
قال ماهي بملل " لا  أقصد أحد أمي ، لا تشغلي عقلك "
قالت ليلى بجدية " ماهي ، متى ستفكر في الإستقرار بني لقد بلغت الثلاثين و تخطيتها متى ستجلب لي أحفادا "
تنهد ماهي بضيق " لن أفكر في  الزواج لحين أكون قادراً على الإنفاق على زوجتي جيداً دون سؤال أحد احسانا أليس هذا ما يقوله لي الجميع ليس لدي وظيفة لأستطيع الزواج  "
قالت ليلى بحزن " ما بك ماهي لم أنت متشائم هكذا بني ، ما علاقة الوظيفة بهذا أتخذ الخطوة فقط و كل شيء سيأتي من تلقاء نفسه أنت من ستجد نفسك تبحث عن وظيفة لتتزوج من تحبها سريعًا و ليس العكس "
قال ماهي بمرارة " و من سيقبل بي أمي و لا مستقبل لدي "
قالت ليلى بحزم " أنت وريث والدك بعد عمر طويل بني ماله مالك  منذ الآن أنت فقط أطلب ما تريد و شركته تسع عشرات العاملين و لك بينهم مكان إذا أردت   "
رد ماهي بعصبية " لا أريد شيء من أحد "
لمعت عيناها بالدموع و قالت بحزن " ها أنا أخبرك أن تفعل ما ترفضه و  يقوله الجميع   أسفة "
قال ماهي بحزن و هو يستمع لنبرة صوتها المختنقة " بل أنا الأسف أمي ، لا تظني أني إنسان جاحد حتى لا أقدر اهتمامكم بي هكذا و أغضب من نصيحتكم لي و رغبتكم في الأصلح لي و لكني فقط " أختنق صوته و أضاف " فقط أردت أن تقبلوني في داخلكم كما أنا و لا تستمرون في تشكيلي على حسب رغبتكم بالنصائح و الأوامر  "
مالت على رأسه قائلة بحزن " أسفة حبيبي ، لن أعيدها و أطلب منك شيء كهذا مجدداً ، و لكن حديثي دوماً نابع من محبتي لك و رغبتي في أن تكون الأفضل "
قال ماهي باسما و هو يشد يد  والدته يقبلها " أجل أمي أعلم ذلك ، و الأن أتركيني أغفو على ساقيك كما كنت أفعل و أنا صغير لقد اشتقت لذلك "
ملست على شعره بحنان قائلة " و أنا أيضاً يا حبيب والدتك اشتقت لذلك ، هيا نام و أنا معك هنا "
كانت تمر على خصلاته بحنان عندما فتح الباب و وقف فهمي ينظر إليهم بحزن  ، تبادلا النظرات المتفهمة   قبل أن يغلق الباب بهدوء

💤✨💤✨💤✨💤✨💤✨💤✨💤✨💤✨💤

البديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن