حبيبتي الجريئة
كانت تتجول في شوارع تلك الحارة القديمة ممسكة بكاميراتها تلتقط صورة لطفل صغير يمسك بعصا صغيرة يستخدمها كالسيف و يحارب بها طفل أخر ممسكا بعصا مشابهة ابتسمت رحاب بمرح فهما يلعبان بحماسة كأنهم في ساحة المعركة حقاً و لابد أن ينتصر أحدهم على الآخر و يعلن نصره
تركتهم رحاب بعد أن التقطت لهم عدة صورة أخرى و أخذت تتجول في شوارعها العتيقة و هى تلتقط صور لتلك المنازل القديمة الطراز بنوافذها الكبيرة و شرفاتها الخشبية العتيقة كانت رحاب قد عادت للتو من الخارج لاشتراكها في المعرض الدولي للصور الفوتوغرافية في باريس
لم تحزن كونها لم تفوز بجائزة من المعرض و لكن يكفي أنها كانت من ضمن مشتركيه و هذا يعد إنجاز الوصول لمعرض كهذا عادت لتتجول بتروي و عيناها تبحث عن منظر مميز لتلتقطه كاميراتها سارت مع الطريق تتوغل في الحارة بشوارعها الضيقة سمعت صوت عربة يجرها خيل بحوافره تطرق الأرض خلفها و صوت السوط يفرق حتى تنتبه و تبتعد عن الطريق و بالفعل تنحت رحاب جانباً لتمر العربة من جانبها و تسبقها على الطريق عدلت من حقيبتها على كتفها قبل أن تمسك بها ثانياً لتخرج منها زجاجة ماء لتروي ظمأها قبل أن تغلقها و تعود للسير .. بعد قليل وجدت العربة التي سبقتها أحدى عجلاتها ساقطة في حفرة و الخيل يصهل بتذمر و هو غير قادر على شد العربة ، تجمع الرجال ليدفعوها مع الحصان و لكن لا جدوى فالعجلة للمنتصف في الحفرة المملؤة بالوحل يبدوا أنها كانت أحدى مواسير المياه قد كسرت و لذلك قام العمال بالحفر ليقومون بإصلاحها و أغلقوها أي كان أخذت رحاب تلتقط بعض الصور لمحاولات الرجال مساعدة الحصان و صاحب العربة
توقف الرجال يلهثون بتعب و أحدهم يقول " فلتأتي بسلطان هو من سيخرجها "
رد صاحب العربة " حاولا مرة أخرى إذا أتي لن أسلم من لسانه فقد حذرني أن أدخل برعد هنا لحين نصلح الطريق "
رد أحد الرجال بلامبالاة " لا بأس فلتستمع للكلمتين بصمت أم تريد أن يتضرر حصانك و هو يشد العربة هكذا "
أجاب الرجل بضيق " حسنا لا بأس فلتسرع إذن لدي حمل أريد أن أوصله "
كانت رحاب تراقب ما يحدث بفضول متسائلة عن هوية هذا السلطان الذي يخشاه الرجل و من سيخرج العربة التي لم يستطع جميعهم إخراجها .. تقدم أحد الرجال في الطريق فتقدمت رحاب خلفه وجدته يقف أمام منزل عتيق و يبدوا عليه القدم و لكنه يحتفظ بصلابته و جدرانه المدهونة بلون أبيض مصفر ربما من مرور الزمن .. وقف الرجل أسفله و أحاط فمه بيديه و هتف بقوة
" سلطاااان "
عاد ليكرر بصوت أشد " سلطااااان "
خرج رجل ضخم أبيض البشرة إلي الشرفة ينظر إليه قائلاً بحدة " ماذا تريد سيد , لم تحدث جلبة ألا تعلم أمي مريضة "
قال المدعو سيد " عربة رعد سقطت في الحفرة "
سب الرجل بغضب قائلاً " فهيم الغبي ألم أخبره أن لا يأتي لحين نصلح الطريق "
أجاب سيد برجاء " اعذره سلطان تعلم يركض على كومة لحم و لا سبيل لأخذه إجازة "
رفعت رحاب كاميراتها لتلتقط صورة خفية دون أن ينتبه الرجل الواقف في الشرفة عاري الصدر بشعر مشعث و قدمين حافيتين تظهر من فتحات الخشب للشرفة التي تبدوا متهالكة و لا تعرف كيف تتحمل ضخامة حجمه .. سمعت الرجل يقول بضيق
" أنتظر سأتي بعد أن أرتدي ملابسي "
تمتمت رحاب بخفوت " لا ترتديها فلتأتي هكذا ستكون صورة رائعة بالتأكيد "
تحرك سيد عائدا لمكان عربة فيهم فتحركت خلفه هى أيضاً عائدة لترى كيف سيخرج هذا السلطان العربة وحدة ..
أتي سلطان و قد أرتدي تيشرت أزرق فضفاض و لكنه لم يخفي عرض منكبيه كانت تراقبه ببلاهة كان بعيون خضراء و بشرته البيضاء المشرئبة بالحمرة و خصلاته السوداء الفاحمة متعارضة مع ملامحه التي تبدوا غربية و ليست شرقية كرجالنا السمر غير جسده الذي سبب لها رجفة مصدومة من ضخامته فهو من هنا و هو واقف أمامها على الأرض يبدوا كالرجل الأخضر بعضلاته المفتوله و خصلاته المشعثة التي لم يكلف نفسه عناء ترتيبها و هو يهبط الشارع و خفه البلاستيك لم يزيده وقار بل زاد من صورته الفوضوية الهمجية بجسده الضخم ، تعجبت رحاب هل يبدوا قوياً كقوة جسده .. فضخامة الجسد ليست مقياس للقوة البدنية ..
تقدم سلطان تجاه عربة رعد و وقف متخصرا ينظر لفيهم الذي أخفض رأسه خجلا و قال " متى ستكون بذكاء حصانك أنظر إليه أين يقف رغم أن الحفرة في المنتصف و أي حيوان كان ليسقط بها و لكن مع ذلك هو تلافي الحفرة لتسقط بها العربة و مؤكد أنت كنت تدفعه دون أن تهتم كيف سيتخطاها "
قال فيهم بضيق " حسنا هل ستساعدني أم لا "
رد سلطان ببرود " ليس مساعدتك أنت بل رعد "
تقدم سلطان من العربة و نظر إليهم قائلاً بحنق " ألن تساعدوني "
رد فهيم و سيد و قد انصرف البقية بمجيئة ربما لثقتهم أنه لا حاجة له بهم " بالطبع سنفعل "
قيم سلطان وضع العربة قبل أن يقول " سأرفع أنا العجلة و أنتم عليكم بالدفع ، أنت فهيم حث رعد على التحرك عندما أرفعها "
نفذ فهيم أمره و تقدم سلطان من العربة ليبدأ في التنفيذ رفعت رحاب التي لم ينتبه لها أحد منهم بعد كاميراتها و بدات في التقاط الصور باستمرار و عيناها خلف العدسة غير مصدقة لم ترى فقد وضع سلطان كتفه أسفل العربة بجانب العجلة المدفونة في الحفرة و رفعها بقوة و صرخة عزيمة تخرج من حلقه و هو يقول بقوة " أدفع العربة سيد , هيا رعد شُد العربة "
لم تصدق رحاب عيناها و هو يرفع العربة و حده عن الحفرة و الحصان يتحرك للأمام لتستقيم العربة على الطريق بعد أن مائلة على جانبها بسبب عجلتها الساقطة في الحفرة بعد ذلك قال سلطان بتحذير " لو تكررت فيهم سأدفنك بجانب عربتك عد برعد اليوم و أترك العربة بجانب متجر العم محمد لأنه مغلق ليومين لحين نصلح الطريق "
التفت ليعود لمنزله ليجد رحاب مازالت مسمرة و الكاميرا على عينيها قال سائلا بخشونة " من أنت و ماذا تفعلين هل تقومين بتصويري "
أخفضت الكاميرا عن وجهها و أخفتها خلف ظهرها قائلة بارتباك
" لا .. لا شيء يا سيد هل سألتك من أنت لتسألني أنا أقف في الطريق العام ملك للدولة "
كتف سلطان ذراعيه ليلتصق قماش تيشرته ليظهر عضلات صدره خلف قماشه " أنت في شارعنا و ليس الطريق العام و الشارع ملك ساكني منازله يا آنسة لمن أتيه "
ردت رحاب بتحدي " ليس من شأنك و الطريق ملك الدولة كما قلت و ليس ملككم "
أقترب منها سلطان بحدة فشهقت رحاب و تراجعت خطوة خوفاً من أن يضربها و لكن لم تنتبه أنها تراجعت تجاه الحفرة قال سلطان بسخرية و هو يفرد أصابعه في وجهها " بوووووم سقطتِ"
كانت رحاب بالفعل سقطت مكومة على مؤخرتها في الحفرة الموحلة مصدومة تتلفت حولها تبحث عن مكان نظيف تضع راحتيها عليه لتنهض و لكنها لم تجد وجدت يد ضخمة تمتد إليها تساعدها على النهوض ، رفعت عيناها اللامعة بالدموع قهرا من وضعها لتجد سلطان يبتسم بمرح .. " هاتي يدك "
عقدت حاجبيها بغضب و هى تنظر لبسمته المرحة لتقول بغضب
" أبعد يدك القذرة عني لا أحتاج مساعدتك "
قال سلطان بسخرية " حقيقة أنت هى القذرة الأن و ليس يدي.. الن تخبريني لمن أتية سأذهب إليهم ليأتوا و يساعدوكِ" أضاف بسخرية
ردت غاضبة " لست أتية لأحد لقد كنت ألتقط بعض الصور من أجل عملي و لمعرضي القادم فقط "
أنحنى سلطان و أمسك بيدها بقوة و شدها لتقف عنوة قائلاً
" مصورة ما هذه التفاهة و هل هذه مهنة "
وقفت أمامه تكاد تلتصق به من شدته القوية قائلة بحنق
" و ما شأنك أنت أيها التافه الرجعي المتخلف العشوائي "
قال سلطان ببرود " التافه هو أنت و المتخلف هو ردك .. إياك أر صورتي على إعلانات الملابس الداخلية سأرفع عليك دعوة قضائية إلي اللقاء "
تركها و عاد للسير لمنزله و هى تنظر إليه بغضب هل سيتركها هكذا موحلة و يعود لمنزله فقط بعد أن تسبب في سقوطها .. حسنا هذا المتخلف لن تمررها له .. سارت خلفه بعد أن حملت حقيبتها التي سقطت على أثر سقوطها و وضعت بها الكاميرا رأته يصعد لمنزله فدلفت خلفه و هو يقفز على الدرج غير منتبه لصعودها خلفه ..
فتح الباب ليدخل و قبل أن يغلقه كانت وصلت إليه و وضعت راحتها على الباب تمنعه من غلقه . نظر إليها بتعجب رافعا حاجبه بتساؤل " أنت مدين لي باعتذار "
قالتها بحدة ، أجابها بسخرية مغيظا " أجعليني أعتذر "
رمقته بتحدى و قالت بأعلى صوتها " يا أم سلطان ،أخرجي لهنا سيدتي لدي شكوى "
نظر إليها سلطان بدهشة و قال بغضب " هل أنت مجنونة أرحلي من هنا "
عادت رحاب لتقول بقوة " أم سلطان ، خالتي أخرجي رجاءا لدي شكوى ضد ولدك الضخم "
خرجت امرأة كبيرة في السن ترتدي الحجاب على رأسها كيفما يكون كانت سمراء قصيرة وجهها شاحب يبدوا عليها المرض .. تسألت بقلق
" ماذا هناك سلطان .. من هذه "
قال سلطان و هو يمسك بيدها ليجلسها على المقعد في الردهة الصغيرة " أمي لم نهضت من الفراش ، أنها فتاة مجنونة لا أعلم من أي مصيبة أتت و قزفت علينا "
قالت رحاب حانقة " سمعت أم سلطان ها هو يسبني أمامك مرة أخرى و سأخبرك ما فعله بي ، لقد دفعني في الحفرة و أتسخت ملابسي كما ترين "
نظرت لسلطان بتساؤل " ماذا حدث "
زفر سلطان بضيق و أشار إليها قائلاً بحدة "هذه الحمقاء كانت تقوم بتصويري و عندما سألتها ماذا تفعل تحدثت معي بوقاحة "
سألته والدته ناظرة لملابسها المتسخة " كيف سقطت "
ردت رحاب تدعي البكاء " لقد دفعني بيده في الحفرة خالتي . يستقوى على كوني فتاة ضعيفة و هو ضخم الجثة ، هل هذا ما تفعلونه من يأتي زائر لحارتكم هل توحلونه في الطين "
ابتسمت المرأة بمرح على ملامح ولدها المصدومة من حديثها كانت تعرف أنها تكذب و أنه لم يدفعها كما تقول و لكنها جارتها في الأمر قائلة " هكذا سلطان ، هكذا تتعامل مع ضيفتنا أين ذهبت أخلاقك و أدبك و كرم ضايفتك "
قال يجيبها بحنق " أمي هل صدقت تلك المخبولة ، هل تظنين أني أفعل مثل تلك الأفعال المشينة و مع فتاة "
قالت رحاب باكية بكاء مصطنع " و هل ملابسي تكذب ألم تقل لي بوووم سقطتي و يدك في وجهى تدفعني "
رفع سلطان يده بتهور يهم بضربها كفا من شدة غيظه من تلك الكاذبة .. أغمضت رحاب عينيها بخوف و صوت والدته تصرخ به بتحذير " سلطااااان توقف هل جننت "
أخفض ذراعه و أشار إليها قائلاً " ألم تسمعي المخبولة الكاذبة ماذا تقول "
قالت والدته بهدوء " أهدئ بني أذهب أنت لقد سأل عنك عمك سامي ، أذهب لترى ماذا يريد و أنا سأهتم بضيفتنا "
زفر سلطان بضيق و قال مستنكرا " هى ليست ضيفتنا "
ابتسمت والدته قائلة " حسنا ضيفتي أنا أذهب أنت لسامي "
تركهم سلطان بضيق فنظرت رحاب للمرأة الشاحبة و قالت بخجل
" أسفة أزعجتك و لكن ولدك رجل مستفز لقد تركني متسخة و رحل ببساطة هو حتى لم ينبهني للحفرة "
أجابت المرأة باسمة " و أنت ألم تريها "
أجابت رحاب ضاحكة " هى سبب وقوفي للمشاهدة و مع هذا نسيت وجودها عندما تحدثت مع ولدك "
قالت المرأة بمرح " حسنا أيتها الكاذبة أعرف أن ولدي لم يفعل أي مما أدعيته عليه "
سألتها رحاب بخجل " و لم ساندتني إذن "
قالت المرأة بلامبالاة " أنت ضيفتنا على ايه حال و إكرام الضيف واجب "
قالت رحاب بخجل " حسنا سأذهب أنا الآن شكراً جزيلاً لك سيدتي"
قالت المرأة بحزم " لن أتركك ترحلين هكذا متسخة ، هذا لا يصح "
أجابتها رحاب بخجل " لا بأس سأخذ سيارة من أول الطريق لن يلاحظ أحد مظهري "
ردت والدة سلطان نافية " لن أسمح لك بالذهاب هكذا ، هيا تعالي سأعطيك شيء ترتدينه من ملابسي لحين ننظف ملابسك "
و بعد جدال طويل وافقت رحاب على مضض و ها هى ترتدي ثوب بيتي طويل من ملابس والدة ذلك المتحجر الذي ينظر إليها بغضب الأن بعد أن أجبرته والدته أن يأخذ ملابسها للتنظيف .. سألها ببرود مستفز " هل خربت كاميرتك عند سقوطك في الحفرة "
أجابت ببرود مماثل " لا ، لا تخف لم تخرب و قريبا ستجد صورك على إعلانات الملابس الداخلية كما قلت فأنت موديل رائع "
رفع سلطان إصبعه في وجهها محذرا و قال " أيتها الظريفة لا تستهيني بي قسما لو تجرأت و نشرت صورتي في مكان ما لألقي بك من فوق سطح منزلكم مفهوم "
مطت شفتيها بسخرية " قصرنا "
"ماذا " سألها بحنق
أجابت ببرود " قصرنا و ليس منزلنا فأنا أسكن في قصر كما تراه في التلفاز "
لوى شفتيه بسخرية " و هل على احترمك لهذا "
نظرت إليه مطولا تتفحص ملامحه الوسيمة عيناه الخضراء شفتيه الساخرة و جبينه العريض و أنفه الرائع ، هل تراه رائع حقاً ، هل أحبت أنفه ما هذا التفكير أفيقي رحاب أفيقي هذا تأثير خطيبك السابق الأحمق و الذي ظل يردد أنك سطحية و تهتمين بالمظهر و لكني لست هكذا هذا الغبي كان فقط يتوارى خلف اتهامه الأحمق هذا ليداري فشله في الرد عليها عندما تنتقض تصرف من تصرفاته الغبية مثله كالحديث مع تلك الخليعة منار ..
فرقع سلطان باصبعيه أمام وجهها قائلاً بسخرية
" أين ذهبت أيتها الأميرة الهاربة من القصر "
مطت شفتيها ببرود و هى تشيح بوجهها بارتباك شاعرة بالحمرة تصعد لوجنتيها لتزداد حرارة وجهها " أنت سيء الخلق حقاً لا أعرف كيف أنت إبن هذه السيدة الكريمة "
كانت تنظر لوالدته الجالسة معهم تحيك قميص من قمصانه الممزقة قالت والدته بفخر " سلطان ليس هناك مثله في أخلاقه و قلبه الطيب و وسامته فهو يشبه والده و هو نصف تركي " غمزتها بمكر و هى تضغط على كلمة وسامته .. تنحنحت رحاب بارتباك و لم تتحدث عندما سألها بسخرية " صحيح الأميرة لم تخبرنا باسمها بعد"
ردت والدته باسمة " رحاب "
ردد بسخرية " رحاب ، رحاب ماذا يعني يا رحاب "
اجابته ببرود مغتاظة من سخريته " ليس من شأنك "
سألته والدته " ألم تشعر بالجوع بعد بني ، لم لا تعد لنا الطعام حتى تأكل معنا ضيفتنا "
رد سلطان بغيظ " أمي أنا لن أعد الطعام لأحد غيرك في حياتي لذلك لا يهمني كرم الضيافة الذي تتحدثين عنه هى لن تأكل من تحت يدي قطعة خبز هذه المتطفلة "
نهضت رحاب و قالت لوالدته " خالتي حبيبة أريني أين المطبخ و أنا سأعد الطعام لكلانا و هو من سيأكل وحده هذا المتكبر "
رفع سلطان يده في وجهها قائلاً بنفاذ صبر " من أنت لتتجولي في منزلنا هكذا ليس لدينا طعام لك "
نظرت إليه والدته بتعجب لم هو عنيف مع الفتاة هكذا ليس من عادته أن يتعامل مع أحد بسوء " سلطان أهدئ " قالتها بأمر و هى تنهض قائلة " أنا من سأعد الطعام فقط أهدئ "
شعر سلطان بالضيق فوالدته مريضة و هو لا يتركها تفعل شيئاً و بسبب تلك الحمقاء ستمرض أكثر الأن و هى تقف في حرارة المطبخ .. قال بضيق " لا أمي أجلسي أنت أنا من سأعده "
نهضت رحاب قائلة بتحدي " سأساعدك "
أجابت حبيبة باسمة " أذهبي معه حبيبتي سيريكي سلطان المطبخ"
كاد سلطان يسبها و لكنه لم يشأ أن يحزن والدته أكثر بسبب تلك المخبولة .. توجه معها للمطبخ الذي ما دخلته قالت بحرارة " اه كم هو مكان دافئ و حميم ليس مثل مطبخ منزلنا "
أجاب سلطان بسخرية " قصركم "
لوت شفتيها بسخرية " قصرنا " أعادت بملل ، فتحت الثلاجة لتخرج الطعام الموضوع فيه لتقوم بتسخينه قالت بفرح " الله مسقعة ، و طاجن كوسة باللحم كم أحبهم "
قال سلطان بسخرية " ستأكلين واحدة منهم فقط فماذا ستختارين "
قالت رحاب بحزم " لا سأتناول الإثنان "
قال سلطان بسخرية " ستأكلين أرز و خبز معا "
أجابته بلامبالاة " طبعاً لقد تناولت أكثر أشياء غرابة معا لا بأس معدتي تتحمل "
أخرجت الطعام لتقوم بتسخينه ، كانت تعمل بإحترافية و هى توقد الغاز و تضع الطعام ليسخن و تشعل الفرن لتضع طاجن الكوسة باللحم . الأرز على نار هادئة .. كان يقف مكتفا ذراعيه يساعد حركاتها المرنة بدون تعثر كأنها في منزلها خصلاتها السوداء تتدلى على كتفيها كلما انحنت لتضع شيء في الفرن أو تخرجه من الثلاجة توجهت لتخرج الأطباق من الخزانة المعلقة فقال سلطان بحزم
" أنا سأفعل هذا عنك "
استدارت تبتعد عن الخزانة فاصطدمت بصدره فأمسك بها سلطان حتى لا تسقط عندما تراجعت بارتباك ما أن لمست صدره قال بخشونة " أنت كارثة متحركة "
أزاحت يده عن ذراعيها و قالت بصوت مختنق " أنت هو الكارثة وجودك بالجوار يثير الفوضى بجسدك هذا "
سألها بسخرية " فوضى ، أنا ، و ماذا أنت ، ثم ماذا به جسدي ألا يعجبك "
أجابته بضيق و هى تبتعد عنه تجاه موقد الغاز " أنت وقح و أنا لن أحادثك ثانياً "
رد ساخرا " أوف أخيرا .. أنا أيضاً لا أريد الحديث معك و هيا أعدي الطعام لتتناوليه و ترحلي سريعًا من هنا "
سمع صوت طرق عنيف على الباب فخرج كلاهما مسرعين ليعلمون من الطارق ، وجدت حبيبة تهم بفتح الباب فقال سلطان أمرا
" أمي أنتظرى "
تقدم مسرعا ليفتح الباب فوجد ولد صغير في الثالثة عشر تقريباً حينما رأي سلطان أمسك بيده مستنجدا و هو يقول باكيا
" عمي سلطان ، أمي ، أبي يريد أن يقتلها أرجوك تعال بسرعة أنه يمسك سكينا يريد قتلها "
خرج سلطان معه دون تفكير حافي القدمين و لم ينتظر أن يقول لأمه التي صرخت به شيئاً " سلطان انتبه بني "
سألتها رحاب بخوف " من هذا الذي سيقتل زوجته "
زفرت حبيبة بغضب " هذا المجنون أبو جلال كل يومين ثلاثة له مشكلة مع زوجته و يأتي جلال يستنجد بنا من شدة خوفه "
قالت رحاب بقلق " يقول ممسكا سكين هل يفعل هذا دوماً "
أجابت حبيبة بقلق و بالها مشغول على ولدها " لا هذه المرة الأولى و لكنه دوماً ما يضربها "
ردت رحاب بغضب " هذا الحقير الوغد و هى تصمت على أفعاله هذه لم لا تبلغ الشرطة "
أجابت حبيبة بحزن " ربما من أجل أولادها لا تفعل "
ردت رحاب بحنق " هذا هو ما يضيع كرامتها و يدمر نفسية أبناءها عندما يشبون و يجدون والدهم يهين والدتهم باستمرار على ماذا سيربون غير أن المرأة لا قيمة لها و يداس عليها بالحذاء ، لن يشب أي منهم على إحترام النساء و خاصةً والدتهم "
ردت حبيبة بشرود " معك حق و لهذا أشعر بالغضب منها فلو كنت في موضعها لطلبت الطلاق من هذا الجلف عديم الرحمة "
سألتها رحاب بخجل " هل أستطيع الذهاب لرؤيتهم و ربما ساعدت سلطان هناك أين منزلهم "
رفعت حبيبة حاجبها بمكر " حقاً تريدين مساعدة سلطان "
أجابت رحاب بنزق " حسنا أريد المشاهدة "
ضحكت حبيبة و قالت " لن ينفع على أي حال فملابسك ليست مناسبة لترك المنزل "
سألت رحاب بخيبة " هل هم في منزل بعيد ظننت أنهم بالجوار "
قالت حبيبة بحزم " حسنا أنهضي معي "