3

312 40 48
                                    

كان يجلس أمام آلة البيانو خاصّته، ينظر إلى مفاتيحه بنظراتٍ شاردة، يشعر بالسُّخرية مِن نفسه التِّي تأتي بِحُلّة جديدة كُل يَوم، حتّى بات جاهلًا عن نفسه، أهو شخصٌ بارد أم ودود، أهو أناني أم عطوف، أهو حقير أم أنّه يتصرّف حسب الموقف فحسب؟ .

حطَّت أصابعه فوق المفاتيح ليبدأ بعزف إحدى المَقطوعات الموسيقيَّة القريبة إلى قلبه، مفرغاً ما بجعبته مِن تناقضات، يريح ذاته، و يصفّي ذهنه مِن تلك الأفكار الغريبة التِّي تداهمه بإستمرار، جاعلة إيّاه في فوضى، مبعثر الفكر و الذّات، كثير الإختيارات.

خرج عن الإيقاع عندما قُطع إنسجامه ما إن سمع رنين الجرس ليستقيم و يذهب ليفتح الباب و يقابله وجه جيمين البشوش و الذِّي دخل بينما يتحدّث سريعا:

- و أخيراً، لقد كنتُ أرنُّ الجرس منذ ربع ساعة و لم أجدك، ظننتكَ خارج البيت، الجو كم هو حار يا إلهي، الشَّمس كادت مِن أن تجعل لحمي النيء مُحَمَّراً

قهقه يونقي بخفوت لحديث الآخر المبالغ في وصف حرارة الطّقس ثُم تحدّث:

- هل أنتَ سريعٌ في كل شيءٍ هكذا؟

- ماذا تعني؟

- أعني، أن تعتاد على النّاس سريعاً مِن المرَّة الثانية

- أجل أنا هكذا، هل يزعجكَ الأمر؟

- لا البتَّة!، بل و أتمنى أن تتوقَّف عن مناداتي بمعلِّم طالما أنّنا لسنا بالمدرسة

- حسنا يونقي

تنهَّد يونقي و قال:

- لم أقصد هذا، قلتُ لا تناديني بمعلِّم فقط.

- أوه! حسناً هيونغ

- جيِّد، لنذهب و نبدأ دروسنا.

..........................

- هيونغ، هاتفكَ يرنّ منذ ساعة ما بالك لا تجيب؟ ثُم إنَّ صوته مزعِج للغاية، هيا أجِب

- أصمت

تكتَّف جيمين مُقطب الجبين، عابِس المَلامح، عيناه تراقب الأكبر الذِّي ظلَّ يحل إحدى المعادلات المعقَّدة مِن أجله بالتَّفصيل حتّى يشرحها لاحقاً، بينما الهاتف الذِّي بجانبه قد تلقَّى إهمالًا مِنه

متجاهلًا النَّغمة التّي تتردد للمرة التَّاسعة تقريباً مسببة توتراً لأعصاب جيمين الذِّي تحرك بالنهاية و سحب الهاتف ملفتا إنتباه يونقي الذِّي إتَّسعت حدقتيه ما إن رأه يضع الهاتف على أذنه مدركاً أنَّه فتح الخط

𝐖𝐇𝐎 𝐀𝐑𝐄 𝐘𝐎𝐔? | مَن تكُون؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن