الهانم_بنت_البواب_2 ..
#لازالت_فاتنتي ..
_غَفوةّ مشاعّر أُنثي__كان يعلم أن حرباً هوجاء على وشك الإشتعال ،بلّ بالأحرى كان على يقين من آمره .. فلقد لمحّ تلك النظرة بحدقتيها لِذا تيقن أن لحظة الإشتعال قريبة ؛تلك اللحظة التي تتعانق فيها النيران مع الحطام ،لتدويّ بوهج متمهل .. حانت منه نظرة إليها عبر المرآة بينما كانت جالسة هي في الكرسي الخلفي بسيارته ،حينها كان يرى في إحدى زوايا حدقتيها ذلك الفتيل الذي يشعل كل رماد راكد منذ زمن ؛لِذا لم يكن يستطع الإستهانة بهذه الشرارات و لم يتمكن من إهمال مراقبة النيران ،خاصةً النيران المنبعثة من عيناهاّ؛..لذلك كان ينتظر ذلك الحرب بترقب متمهل بلّ إنه كان يتعجب من تأخر نشوبها على غير المتوقع ،حتي جاء صديقه مقتحماً مكتبه يبشره بأن الفتيل قد أشتعل و كان ما كان ..
_كان قد عقد العزم على الذهاب إليها حتي يطمئن إنها لم تنتهز فرصة غيابه و تفر هاربة ، ما كاد أن يهب واقفاً حتي يخرج مستكشفاً ما يحدث ،إلا إنه وجد "عُدي" يدخل مكتبه فاتحاً الباب على مصرعيه بتعبير وجه مذعور يشيّ بوضوح عما يجريّ ،يلهث بصعوبة قائلاً ،
: إلحق يا Poss !!.
: حصل إيه ؟!،
_وقف من مقعده ببطء شديد متسائلاً بها بفزع جاحظاً بحدقتيه ،فأجابه عُدي ببساطة يشوبها مرحه المعتاد ،
: حريمك هيخلصوا على بعض ..
_صاح آنس بذهول وهو يعقد مابين حاجبيه بعدم فهم ،
: إيييييه ؟!..
_مّط عُدي شفتيه للأمام و أجابه مشيراً بكفه للخارج ،
: تعالى شوف بنفسك ،
: هو محدش قادر عليكي ،طب ٱنا بقا مش هاجي جمبك و هجيبلك اللي يلمك ،آآآآآآنننس .. و اللّٰه لأحبسلك دمك يا صفرا يا غلوية !!،
_صيحتها دوت بأرجاء المكان ،فجحظ بعينيه مشدوهاً و فغر فاهه ذهولاً تزامُناً مع إرتفاع حاجبيه بغير تصديق ثم أشار بإبهامه إتجاه الخارج و هّز رأسه نافياً بغير تصديق ،
: ده مش صوت فتون ،صح !!،
_هّز عُدي رأسه عدة مرات و ضرب كفاً بالآخر و أجاب بيأس مستسلم ،
: ٱنا كنت فاكر زيك الأول ،بس للأسف إتأكدت إنه صوتها !!..
_ركض إلى الآسفل حيث ورشة التصميم مهرولاً يلحق به عُدي ،
: حد يحوش البيئة دي عني !!،
_صاحت بها جنة بذعر وهي تتراجع للخلف حذراً ،بينما ضغطت فتون على أسنانها المطبقة بشراسة قائلة بينما كانت تتلوىّ بين أيدي غّرام و العمال الذين يحاولون بشتى الوسائل السيطرة على نوبة هجومها الشرسة دون جدوى ،
: الراجل يخلصك مني !!، سيبوني ،سيبوني أربيها عشان تقول حقي برقبتي ..
_كانت بين كلماتها تتلوىّ محاولة الإفلات منهم لكن محاولاتها بائت بالفشل ،لِذا أخذت تضرب بقدميها في الهواء بإتجاه جنة محاولة الإطاحة بها ،فتراجعت جنة للخلف بهرولة ذعراً حتي تعثرت و كادت أن تسقط لكنه كان الأسرع حيث أنضم إليهن و منع سقوطها أرضاً وهو يلف يديه حولها و ساعدها على الإعتدال ثم تركها و تقدم من الأخرى بحاجبيان مرتفعان ذهولاً من منظرها الأشعث بشراسة لم يراها عليها قبلاً قط ،لكنها كانت الأسرع حين أستطردت بالحديث وهي ترفع سبابة كفها المُكبل بين يديّ غّرام في وجهه قائلة بتحذير شرس ،
: لو قربت مني ولا حاولت تحوشني عنها ،هسيبها هي و أحول عليك ٱنت ،و عليّا و على أعدائي و متلومش إلا نفسك يا حبيب الهانم !!..
_هتفت بندائها الآخير الموجه له بأسلوب ساخر بإبتسامة شيطانية تشع غضباً ،تراجع للخلف خطوتين بذعر لحظي جاحظاً بحدقتيه ثم تقدم منها و رفع كفيه إستسلاماً لتهدأ و كأنه يهدهد طفلة ،قائلاً بحنو ،
: الطيب أحسن ،ليه بتعملي كده يا حبيبتي !!، بعدين هانم مين !، سيبك من أي كلام يتقال منها أو من غيرها ،ٱنا و قلبي و عمري و حياتي بين إيديكي ٱنتِ و علشانك ٱنتِ .. لإنك ٱنا و لإنك قدري و نصيبي و مراتي و لإن روحي فيكي ..
_تباينت ردود الأفعال بين الوجوه ،من الصدمة ،و الإنشداه ،و الذهول ،و الهمسات الجانبية ثم الشهقات الخافتة حين أعلن بين الجميع كونها إمرأته ؛بينما لم يبدو عليها كونها أستمعت إلى قصيدته الأخيرة حين أجابت بصمود يشوبه السخرية وهي تتلوىّ بين أيديهم ،
: ليه بعمل كده !!، بخلص تارك منها و بطفيّ ناريّ فيها يا آنس بيه ،عرفت بعمل إيه ؟!..
_هنا صاحت جنة بإستنكار وهي تلوح بكفها في وجه فتون من على بعد خطوات منها ،
: ما تتلميّ يا ست ٱنتِ ،هو محدش قادر يسكتها ولا إيه !!..
_زادت من قوة تلويها بين أيديهم بشراسة تقاومهم محاولة الإفلات حتي تفتك بها ،تقول من بين مقاومتها بسخرية و هجوم ،
: ٱنا مبخافش من التهويش يا ٱم بق و فعل مفيش و اللي عندك إعمليه ..
_تدخل عُدي الذي كان يتابع بصمت ،قائلاً وسط قهقهاته الضاحكة بمرح موجهاً حديثه إلى فتون يحثها على الهجوم ،
: خشي عليها يا فتون و عالبركة ..
: أستغفر اللّٰه العظيم !!..
_همس بها آنس وهو يضرب كفاً بالآخر بنفاذ صبر ،بينما وبخته غّرام بنظرة جانبية من عينيها بغير رضا ،لكنها كانت كفيلة بتشيت إنتباه غّرام حتي تمكنت فتون أخيراً من الإفلات ثم دون تردد ركضت بإتجاه جنة و شعرها يتطاير من حولها بشراسة ،لكنه كان الأسرع حين مّال بجذعه مكبلاً قدميها بذراع من حديد ثم أعتدل سريعاً حاملاً إياها فوق كتفه و رأسها يتدلى للأسفل بإتجاه ظهره حيثُ قلب عالمها في لحظة رأساً على عقب ،عندها صفق عُدي بمرح وسط ضحكاته محيياً بفخر ،
: عاااااااش !!..
_بينما شهقت غّرام واضعة كفها فوق فمها و جحظت أعين العمال ذهولاً مما يحدث بين مدرائهم ،بينما كانت هي تضرب بقدميها في الهواء بقوة و تضرب بقبضتيها على ظهره وهي تصيح به بهياج،
: نزلني يا همجي ،يا حيوان ،نزلني بقولك .. نزلني ..
_لكنه لم يبالي لها أو لألفاظها النابية التي أخذت تتولى عليه كالبوابل ،مقابل قصيدته الحانية التي ألقاها عليها قبل دقائق ، حيث أستدار متخطياً جنة بلامُبالاة و إتجه إلى الأعلى صاعداً الأدراج بسهولة ،و يُسر ،و بطء ؛ كما لو كان يحمل ريشة و ليس جسداً آخر فوق جسده ..
_جحظت جنة بحدقتيها غير مصدقة وهي تتابع بعيناها إختفائهما ثم همست بصوت مسموع محدثة نفسها بذهول شارد ،
: آنس سابني و مشي !!..
: اللي حصل ده بجد ولا هزار !!،
_همست بها إحدى العاملات همساً ،فأجابتها الآخرى بذهول يشوبه الحقد و الغيرة ،
: بقا العيلة بنت إمبارح دي متجوزة آنس بيه ،الطول بعرض و حسب و نسب ،ده الواد بينور لوحده ؟!، إتجوزته إمتى بنت المحظوظة دي !!..
_أجابت عاملة النظافة التي كانت واقفة بينهما همساً و كأنها تفشي سر الدولة ،
: كلام في سركم !، هما متجوزين و مش متجوزين ..
: أزاي يعني ؟!..
_تسائلت بها الأولى بحاجبيان منعقدان بإستغراب ،بينما هّزت الثانية رأسها تزامُناً مع تضيق حدقتيها بتساؤل مستفهمة ،فأجابتهما الأخيرة بهمس خافت ،
: لااا ده موضوع شرحه يطول ،إستنوا في ميعاد الراحة و نطلب غدوة ترمى العضم و أحكيلكم كل حاجة من طقطق لسلامو عليكو ..
_قطع شرودهن الهامس صوت عُدي الجهوري الذي صفق مسترعياً إنتباه العمال ثم هتف قائلاً بجدية صارمة يشوبها المرح الساخر ،
: يلا يا شباب ، الأكشن خلص .. كل واحد على شغله ..
_آستدارت جنة خارجة ركضاً للخارج بهرولة وهي واضعة كفها على فمها تكتم شهقة خافتة كادت أن تفلت منها بينما طبقة غشائية رقيقة تجمعت في مقلتيها مشوشة رؤيتها ،حينها كان هاشم في طريقه للداخل وهو يطالع هاتفه بتركيز شديد ،فأرتطمت به بقوة حتي كادت أن تسقط لكنه لحق بها و أحاط بخصرها يمنع سقوطها ثم همس متسائلاً بقلق ،
: ٱنتِ كويسة ؟!..
_دفعته جنة بخفة بكفيها في كتفيه ،فتركها و تراجع للخلف تاركاً لها بعض المساحة و هّز رأسه بإستفهام و أعاد سؤاله مرة آخرى قائلاً ،
: حصلك حاجة ؟!،
_لكنها وضعت نظارتها الشمسية بشراسة حتي تخفي إنتفاخ جفنيها و إحمرار عينيها بسبب الدموع و تخطته سريعاً ،رفع حاجبيه بإنشداه و تابعها بعينيه حتي أختفت داخل سيارتها الحمراء الفارهة ثم مّط شفتيه و ضرب كفاً بالآخر و أستدار إلى وجهته حيث ورشة التصميم ،
: عُدي إيه الدربكة دي !!، العمال متجمعين كده ليه ؟!..
_تسائل بها هاشم الذي وصل لتوه بحاجبيان منعقدان بإستغراب وهو ينقل بصره في أرجاء المكان مستفهماً عما حدث ،فربت عُدي على كتفه و زّفر بهدوء ثم أجابه بجدية زائفة مرحاً ،
: أبداً يا هاشم ،الحرب العالمية التالتة قامت هنا من شوية بس سّلموا الأسلحة للحريم بالغلط و سحبناها منهم بعد ما أتفرهدنا ،و ربنا ستر الحمدللّٰه ..
_عقد مابين حاجبيه بإنشداه متسائلاً بذهول ،
: ٱنت بتقول إيه ؟!..
_بينما من جهة أخرى ..
: نزلني يا همجي ،نزلني يا غبي ،يا مفتري ..
_صاحت بها بنفاذ صبر بنبرات عالية وهي تضرب ظهره بقبضتيها بقوة ،دّلف داخل مكتبه و أغلق الباب بقدمه و تقدم بها إلى أريكة جلدية في أحد زوايا المكتب ثم ألقى بها عليها بلامُبالاة و عاد بخطوات واسعة إلى الباب أغلقه بالمفتاح ،بينما كانت هي تحاول تعديل ثيابها التي أنكمشت فأظهرت ساقيها نتيجة سقوطها و بظاهر يدها تبعد شعرها الأشعث المبعثر على وجهها بشراسة ؛لكنها ما أن سمعت تكتة المفتاح بالباب .. حتي جحظت بحدقتيها و هّبت سريعاً تركض بإتجاهه بوضع هجومي شرس وهي تصيح بفظاظة ،
: إفتح الزفت ده !!..
_مّال بجذعه إستعداداً لمنعها و ما أن أقتربت منه و حاولت تخطيه ،حاوط خصرها ،مُكبلاً ذراعيها خلف ظهرها بذراعيه قاضياً على مقاومتها الواهنة ؛ثم قال بهدوء صارم ،
: الأول هنتكلم ..
_تراجعت للخلف تتحاشى إقترابه منها ،كانت في حالة يرثى لها، تلهث بشراسة و صدرها يعلو و يهبط بسرعة أخافته و أقلقته عليها حقاً ،و شعرها أشعث بهمجية جعلتها تبدو شهية أكثر بعينيه وهو يتفحصها بفداحة و مكر متلذذاً بوجودها بين يديه في التو و الحال ..
_كانت هي أول من قطع الصمت عندما هتفت بسخرية مريرة قائلة ،
: إيه يا آنس بيه !!، قولت إني مراتك قدام الخلق كلها و ما أتكسفتش يعني من بنت البواب ولا إكمن البواب مات ؟!..
_أبتلعت غصة مسننة بحلقها و تجمعت طبقة غشائية رقيقة مهتزة في مقلتيها لكنها أستكملت حديثها بقسوة تحسد عليها قائلة،
: إرتحت دلوقتي !!، أكتشفت إني أنفع أكون حرم جنابك ،مش مجرد خدامة متشغلهاش عندك، بعد ما أبويا مات و حقيقة كونيّ بنت البواب ماتت معاه !!..
_أغمض عينيه و أهتزت عضلة بفكه في سبيل السيطرة على غضبه و إستدعاء هدوئه المبعثر آسفل قدميها ثم فتحهما و أجابها بصمود نافياً ،
: ٱنتِ عارفة و متأكدة إني رجعت قبل وفاة والدك و إن الكلام ده مالوش أي أساس من الصحة و إنك بتقوليه بس بدافع إستفزازي ،لإن اللي حصل بينا زمان مش أساسه ٱنتِ بنت مين بالمرة ..
_صدرت منها قهقهة خافتة بسخرية و هّزت رأسها بتفهم زائف ثم أجابته بتأييد ساخر قائلة ،
: أيوة طبعاً أكيد ،أساسه كذبي عليك ،مش كده !!..
_رفع حاجبه يرمقها بصمت ،بينما تابعت حديثها بثبات متحدية إياه قائلة بهسيس من بين أسنانها المطبقة ،
: وٱنت كمان لازم تكون عارف و متأكد إن رجوعك من عدمه مش هيفرق معايا بشيئ ،و إنك لو وقفت على دماغك برضه مش هكونلك ..
_شدد من قبضته على ذراعيها حتي عقدت مابين حاجبيها و كتمت آنة متآلمة بداخلها ،بينما ضغط هو على أسنانه في محاولة منه للسيطرة على رغبته في الفتك بها ثم أردف قائلاً بتهديد و وعيد،
: الظاهر إنك نسيتي و لازم أفكرك ،من غير غلط يا فتون !..
_فغرت فاهها و أرتفع حاجبيها بغير تصديق ثم صاحت قائلة بسلاطة لسان لا مثيل لها ،
: أعذرني يا أبن الناس ،أصل ٱنا تربية حواري ،مش بنقدر نحكم لساننا ..
: فتوو !!..
_صاح بها يقاطعها بنفاذ صبر لكنه قطع ندائه الغاضب بإسمها ثم زّفر بقوة و تابع بإستنكار من بين أسنانه المطبقة ،
: يا بنتي ٱنتِ غاوية تستفزيني ،شكلك مش هتتظبطي غير لما تشوفي وشي التاني ..
_أبتسمت بسخرية و هّزت رأسها عدة مرات ثم أجابته بيأس مستسلم قائلة ،
: لا ما ٱنا شوفته ..
: لا لسه بس لو مستعجلة ،تشوفيه ..
_هدر بها آنس وهو يرفع حاجبيه بوعيد مسلطاً بصره على شفتيها و ما أن أنهى جملته ،حتي مّال عليها و أطبق على شفتيها بشفتيه في قُبلة شرسة تبدو أشبه إلى عقاب جسدي أكثر منها قُبلة ؛كانت تتلوىّ بين ذراعيه كعصفور جريح وهي مغمضة العينين بنفور و إمتعاض لكنه أحكم قبضته حولها قاضياً على مقاومتها الواهنة ،ساحقاً جسدها الهش بصدره العريض القاسي ؛
_دقيقة ،ثلاث ،ساعة ،لا تعلم كم أستمر هذا الوضع البغيض ،لكن كل ما تعلمه أن مقاومتها ضعفت و تراخت أعصابها في إستسلام وهميّ لكنه أوفى بالغرض ؛حيث إنه ما أن شعر بإستسلامها حتي تراخت عضلاته و خفف حصاره حولها تاركاً ذراعيها ليحاوط عنقها بكفيه ،فأنتهزت الفرصة و دفعته بغتة بقسوة و شراسة جعلته يرتد للخلف ،تنهد ثم تقدم منها مجدداً لكنها كانت الأسرع حين رفعت يدها لأعلى و نزلت بها بسرعة البرق على وجنته بصفعة شرسة ،من لا يراها لا يصدق إنه كف إمرأة !!.. جحظ بعينيه غير مصدقاً ،مصعوقاً مما حدث للتو ،لكنها لم تترك له المجال حين التفتت و ركضت بإتجاه الباب ثم فتحته بيد ترتجف لدرجة إنها تعثرت أكثر من مرة و ما أن فتحته حتي ركضت للخارج بهرولة وهي جاحظة العينين بذهول ،واضعة كفيها على فمها و الدمع يغرق وجنتيها بآسى !!..
_حينها كان هاشم في طريقه إليها حتي يخلصها من براثنه لكنه رأها تركض نحوه بغير هدى ،تسمر مكانه جاحظاً بعينيه بصدمة ،أما عنها فما أن وقعت عينيها عليه حتي حركت شفتيها هامسة بإسمه بتوسل راجيّ ثم ركضت إليه بتعثر و ما أن وصلت إليه حتي ألقت بنفسها بين أحضانه بإستسلام تام ،واقفة على أطراف قدميها ،محاوطة عنقه بذراعيها و تركت العنان لشهقاتها تعلن عن نفسها كما تشاء .. تعتثر للخلف خطوتين بقوة إرتطامها به و حاوط خصرها بتردد و بطء وهو ينظر أمامه متسمراً مكانه يهّز رأسه بغير تصديق ،أنتشله من شروده نبرتها المنتحبة الشاحبة وهي تقول من بين شهقاتها ،
: خرجني من هنا ،أرجوك !، أرجوك يا هاشم خدني من هنا ،أرجوك !!..
_أغمض عينيه متنهداً بيأس ثم فتحهما و مرر كفه على ظهرها بحنو قائلاً بصوت أجش خافت ،
: تمام ،إهدي ،إهدي يا فتون متخافيش ،خلاص ٱنا معاكي ..
: خدني من هنا !!،
_همست بها بوهن بينما شعر بجسدها يضعف بين ذراعيه ،فأحكم ذراعه حولها يسندها و سحب ذراعيها من حول عنقه بخفة ثم حاوطها بذراعيه و تحرك بها ببطء إلى سيارته و ساعدها على الجلوس بحنو ثم أغلق الباب و آستدار يجلس مكانه ثم أدار المقود و رحل ..
_بينما لم يشعر أي منهما بتلك العينان الحادتان كالصقر الذي وقفت تتابعهما على بعد خطوات حتي كادت أن تخرج من محجريهما ،بأنفاس لاهثة غضباً ،واضعاً كفيه في جيبي بنطاله و قبضتيه تنقبضان بداخلهما بشراسة و ما أن تحركت السيارة ،حتي تحرك بإتجاه سيارته و دّلف بداخلها و صفق الباب خلفه بعنف ثم أدار المقود و تحرك بها مصدراً صرير ..
: آنس !!،
_صاح بها عُدي محاولاً اللحاق به دون فائدة ،فوضع كفه في خصره و مسح وجهه بكفه الآخر ثم دّلف داخل سيارته و لحق به ..
____________________
_ظل خلفهما و قبضتيه تنقبض على المقود حتي أبيضت مفاصله و برزت عروق يديه ،يضغط على أسنانه المطبقة بشراسة ،صدره يخفق بقوة حتي كادت أزرار قميصه أن تقتلع من مكانها ثم تقدمهما و أدار المقود فجأة قاطعاٌ طريقهما ،أوقف هاشم سيارته سريعاً يحاول تفاديه حتي أرتد للأمام ثم عاد للخلف في حركة خاطفة ،شهقت فتون بهلع ما أن رأته يترجل من سيارته و آستدار متقدماً من كرسيها بخطوات واثقة ،جحظت بعينيها عندما فتح بابها ثم هدر بها بهياج قائلاً،
: إنزلي !،
_ترجل هاشم سريعاً و آستدار إليه قائلاً بصرامة و وعيد ،
: إبعد عنها و كلامك يكون معايا ٱنا ..
_دفعه آنس بقبضته في صدره قائلاً بتهديد ،
: إختفي من قدامي و متدخلش بيني ٱنا و مراتي ..
_ثم آستدار ببصره إليها و هدر بها بخشونة ،
: قولت إنزلي ..
: بقولك كلمني ٱنا ..
_صاح بها هاشم بنفاذ صبر ،أوقف عُدي سيارته فجأة ثم ترجل سريعاً تاركاً الباب مفتوحاً و ركض إليهم و وقف بينهما يبعدهما عن بعض قائلاً ،
: هتفرجوا الناس علينا !،
_فصل بينهما ،آستدار كلاهما معطياً ظهره للآخر ،وضع آنس كفه في خصره و الآخر مسح به وجهه بضيق بينما مّد عُدي كفه إلى فتون هامساً بخفوت يحثها على المضي قدماً ،
: إنزلي يا فتون ،مش ناقصين مشاكل !!..
_أغمضت عينيها تتنهد بضيق ثم فتحتهما و ترجلت على مضض و أتجه بها إلى سيارته ،فآستدار إليه آنس و ما كاد أن يتقدم منهما بتعبير وجه معترض ،حتي رفع عُدي كفه مانعاً تقدمه وهو يقول ،
: مش وقته يا آنس ،فتون معايا ..
_أومأ برأسه إيجاباً على مضض ،تابع إختفاء السيارة بعينيه ثم آستدار إلى هاشم و ربت على ذراعه قائلاً ببساطة يشوبها التهديد،
: فتون بتاعتي ..
_آستدار إليه بعدما أنهى متابعته لإختفاء السيارة هو الآخر و هّز رأسه متسائلاً عما يقصده ،
: أفندم !!،
_أقترب منه خطوتين و أستند بكفه على السيارة خلف هاشم ثم مّال بجذعه إليه قليلاً هامساً من بين أسنانه المطبقة بشراسة صارمة ،
: فتون بتاعتي ،ملكي و مراتي ،مش مسموح إنك تنسى نفسك معاها تاني أو تقرب منها ،مش عاوز أعيد كلامي تاني !!..
_أبتسم هاشم بسخرية و هّز رأسه بتفهم زائف ثم ضيق عينيه متسائلاً بسخرية ،
: ٱنت اللي هتقرر ده ؟!،
_بادله الإبتسامة بآخرى صفراء جانبية و هّز رأسه إيجاباً ثم أجابه قائلاً بجدية صارمة ،
: أيوة ،ٱنا ..
_رفع هاشم إحدى حاجبيه متحدياً وهو يقول ،
: أعتقد فتون ليها رأي تاني ..
_آعتدل آنس و ربت على كتفه عدة مرات بإستخفاف ثم همس قائلاً بهدوء جليدي بجبين مقطب ،
: رأي فتون ميخصكش ،إبعد عنها بالذوق عشان ٱنت مش قدي يا بابا ،واضح !!..
__________________
: يلااا يا فيري ،هنتأخر على فتون !!،
_صاحت بها چويرية التي كانت تترجل الأدراج بخفة من الطابق العلوي إلى الطابق السفلي ،لحقت بها فرحة التي كانت تحمل طفلتها في حقيبة الأطفال الصغيرة الأشبه إلى فراش و تضمها إلى صدرها بحنو ثم قالت ،
: ٱنا جاهزة ،يلا بينا ..
: على فين يا هوانم !!،
_تسائلت بها نيرمين التي ترجلت لتوها من الصالون ،تنهدت چويرية بنفاذ صبر وهّزت رأسها يأساً ثم مّالت بجذعها على فرحة و همست ،
: معاكي ساعة كمان تأخير في تحقيق الست الوالدة !!..
_لكزتها فرحة في جانبها ثم أجابت نيرمين قائلة بإبتسامة ،
: رايحين عند فتون يا نيرو ..
: المركب اللي توديّ ،
_هدرت بها نيرمين بإمتعاض ثم تركتهما و صعدت إلى الأعلى ،بينما أرتفع حاجبي چويرية بغير تصديق و قالت بتساؤل ساخر ،
: إيه ده !!، ماما نسيت التحقيق ؟!..
_فرحة بهدوء : فكك ،يلا ..
_بينما من جهة آخرى ؛
: أقسم باللّٰه اللي ٱنتوا بتعملوه في البنت ده حرام !، هتتحاسبوا عليها ..
_أردف بها عُدي بنفاذ صبر وهو يضرب كفاً بالآخر الذي كان جالساً برفقة آنس في منزله الجديد في حي السيدة زينب ،بينما زّفر آنس بإختناق قائلاً وهو يجلس مستنداً بمرفقيه إلى ركبتيه ثم أستند بجبينه إلى كفيه ،يغرز أنامله في خصلاته حتي كاد أن يقتلعها ،
: باللّٰه عليك يا عُدي ،ٱنا مش ناقص !!..
_أغمض عُدي عينيه يتنهد بضيق ثم فتحهما و تسائل ،
: المهم ،فريد إيه نظامه !!،جاي ولا ؟!..
_أعتدل في جلسته يستند بظهره للخلف و مّط شفتيه للأمام تزامُناً مع إهتزاز كتفيه قائلاً بتوتر ،
: مش عارف !!، ٱنا طلبت من چياد يعدي عليه بس مش متأكد هيوافق يجي ولا لا !!،..
_مّال عُدي بإتجاهه و ربت على قدمه ،قائلاً ،
: إن شاء اللّٰه هيوافق ،المهم لما يجي تحلوا المشكلة اللي بينكم بهدوء ..
: ربك يحلها ،
_همهم بها آنس بتنهيدة مطولة ثم آستدار إليه مضيقاً عينيه متسائلاً بإرتياب ،
: المهم ،فتون كويسة ؟!..