الهانم_بنت_البواب_2 ..
#لازالت_فاتنتي ..
_غَفوةّ مشاعّر أُنثي__في حي السيدة زينب ،..
: عمو صلاح !!، بجد مبسوطة جداً إنك جيت !! كنت مرعوبة و خايفة متعرفش تيجي !!،..
_هتفت بها فتون ببهجة و إبتسامة واسعة ترتسم على محياها ،أتسعت إبتسامة السيد صلاح الذي كان جالساً بجوارها على أحدى الأرائك المتهالكة في منزلها و ضمها إليه و رّبت على ظهرها ثم أردف قائلاً بحنو،
: ما أعرفش أجي ده إيه !!، فيه أب في الدنيا يقدر يتأخر على بنته !!،..
_طّبعت قُبلة طويلة مرِحة على وجنته ثم أردفت قائلة،
: ربنا يخليك ليَّا يارب !!،..
_آستدار بكليته إليها و غمزها بطرف عينه بمرح و أردف،
: إيه أحكيلي بقا !!، خلاص النفوس صفيت و القلوب حنت و آن الآوان الأمانات تترد لأصحابها !!،..
_هّزت رأسها نفياً و أستطردت،
: أبداً و اللّٰه يا عمو صلاح ،لا النفوس صفيت ولا القلوب حنت ،ولا في أمانات هترجع لأصحابها، .."مّطت شفتيها و تابعت".. ،كل ما هُنالك إني سيبت الآمور لمجراها لكن الوضع القائم كما هو عليه !!،..
_تنهد السيد صلاح تنهيدة مطولة بضيق و أردف بإستنكار،
: ليه كده بس يا بنتي !!، الراجل رجع و شاريكي و عاوز يصلح غلطته ،ليه العِند !!،..
: الظلم يا عمو صلاح !!، .."همهمت بها برأس محنيّ بآسى ثم صمتت لحظة و أردفت بتحشرج مختنق".. ،ربنا يكفيك شر الظلم !، الظلم وحش يا عمو صلاح و أنا آنس ظلمني !،..
: ربنا بيسامح يا فتون !، مين أحنا يا بنتي علشان منسامحش و نشيل في قلوبنا بالشكل ده !!،..
_همهم بها السيد صلاح بإعتراض حانيّ ،هّزت رأسها بسخرية و أستطردت متسائلة بآسى،
: طيب هو مسامحنيش ليه !!، أنا غلطت و هو مسامحنيش ،ليه أنا أسامحه بسهولة !!، آنس غلطته مش بالساهل أسامحه عليها يا عمو صلاح ،آنس أختار يعاقبني أشد عقاب !، آشر على فين يوجعني و بكل عزمه و قوته ،دبحني !!، .."أغمضت عينيها تطبق على جفنيها بآنين و أبتعلت غِصة كالعلقم في حلقها ثم فتحتهما و تابعت بإبتسامة سخرية مريرة".. ،آنس اللي حضرتك عاوزني أسامحه يا عمو صلاح ،بهدلنيّ و مسح بكرامتي الأرض و ذلنيّ ،و بعد ما كانت الناس كلها بتحكي عن أخلاقي و تربيتي ،في يوم و ليلة، آنس لعب لعبته بشطارة و سيرتي بقت على كل لسان ،و سمعت كلام قذر ،عمري ما تخيلت إني أسمعه في يوم من أهلى و الناس اللي عيشت و أتربيت وسطهم !!،..
: فضوها سيرة بقا ،الليلة هنفرح و ننبسط و بس ،كفاية نكد يا عيلة تعِز النكد زيّ عينيها !!،..
_هتفت بها السيدة فتحية التي دّلفت لتوها إليهما و جلست على الأريكة الباليّة المهترئة التي تتوسط الصالون البسيط ، هّز السيد رأسه يأساً و ضرب كفاً بالآخر و أردف موجهاً حديثه إلى فتون الجالسة بجواره تكتم ضحكتها على فظاظة تلك السيدة المحببة،
: أنا مش فاهم !، أنتِ جبتي الست دي ليه في يوم زيّ ده ،دي هتفضحنا قدام ولاد الأكابر !!،..
_شهقت فتون بجزع و وضعت كلتا كفيها في خصرها و أردفت قائلة بفظاظة مماثلة،
: يا سلاام !!، و اللّٰه محدش ضربهم على أيديهم و قالهم يتجوزوا مننا ،ولو مش عاجبهم الباب يفوت جمل !!،..
: يسلم فوُمك يا فتون !، .."صاحت بها السيدة فتحية بفخر ثم أردفت موجهه حديثها إلى السيد صلاح قائلة بنزق ساخر ".. ،أخرج منها أنت يا صلاح و سيبنا نعلمه الأدب اللي ما يتسمى علشان يعرف إن بنات الناس مش أملاك أبوه ،و يتعلم إن اللّٰه حق !!،
_طرقات خفيفة على الباب قاطعتهم فوقفت فتون سريعاً و أردفت قائلة،
: أكيد هو !!،
_رّبت السيد صلاح على ذراعها ثم أتجه إلى الباب و بالفعل كانت عائلة الصاوي أمامه بأكملها و بعد أن أتجهت العائلة إلى الداخل و بعد كلمات الترحيب الإعتيادية ،
: مين الست دي !!،
_همهمت بها السيدة فتحية بخفوت موجهة حديثها إلى چويرية الجالسة بجوارها على اليسار ،حانت من چويرية نظرة إلى حيث أشارت السيدة فتحية بسبابتها إلى نيرمين الجالسة بجوار فهمي تشيح بوجهها بعيداً بتعبير وجه ممتعض بإستعلاء ،فأبتسمت و هّزت رأسها يأساً ثم أجابتها همساً قائلة،
: دي أُمي يا طنط !،
_أصدرت السيدة فتحية صوت تشدق ساخر بفمها و أردفت حديثها قائلة بجزع،
: و مالها شايلة طاجن ستها ليه !!، إيه زرعتها بطاطس ،طرحت خروب !!،..
: هي إيه !!،
_تسائلت بها چويرية بعدم فهم و تقطيبة حائرة ،بينما هّزت فتون الجالسة بجوار السيدة فتحية من الجهة الأخرى رأسها يأساً ثم لكزتها في ذراعها بخفة و أردفت بإستنكار همساً،
: سيبيّ البنت في حالها يا توحة و مالكيش دعوة بنرمين هانم بالذات !، سيبهاليَّ أنا، هي و آنس بيه، .."ثم رّبتت فتون على صدرها بخفة و تابعت بشراسة".. ،أنا كفيلة بيهم !!،
_قاطع حديثهن الهامس نبرة السيد فهمي الجدية الذي أمسك بزمام الحديث بصفته كبير العائلة و أردف قائلاً موجهاً حديثه إلى السيدة كوثر،
: بعد إذنك يا أُمي !!،
_أومأت السيدة كوثر برأسها بتفهم و قالت،
: أتفضل يا أبني !،..
_آستدار فهمي بكليته إلى السيد صلاح و أستطرد حديثه يقول بجدية،
: أستاذ صلاح، .."صمت لحظة ثم تنحنح ليجليّ صوته و أردف قائلاً بمرح ".. ،الحقيقة مش عارف أقول إيه و أنا بطلب لأبن أخويا أيد مراته !!، بس على العموم أحنا جايين نطلب أيد فتون لآنس أبن أخويا !،..
_قهقهات خافتة صدعت بينهم في حين هّز السيد صلاح رأسه متفهماً لكن قاطعه نبرة خشنة صارمة تقول بحسم،
: بعد إذنك يا عمي ،أنا أتفقت مع فتون و بما إن مفيش أي موانع ،فأنا أُفضل إن الفرح يكون في نهاية الشهر !،..
_نقّل السيد صلاح بصره بينه و بينها ،غمزته بعينيها علامة الموافقة ،فأومأ برأسه و أردف قائلاً بعزم،
: على خيرة اللّٰه !!،..
_عندئذ حانت منه نظرة إليها فوجدها تُبادله النظرة بأخرى ممتعضة ، ثبتت عينيها على عينيه دون أن تحيد بهما في لحظة مرت كالدهر، إنها غاضبة منه !!، لا، لفظة الغضب ليست هي الملائمة لما يراه على ملامحها من بعيد ،بلّ هو نقمة !، نقمة عليه و على كل ما يحمله إلى حياتها من حلو قبل المر !، .. لا تستطيع مسامحته وهو يتفهم ذلك ،إلا إنه يستاء من فكرة رفضها إعطائه فرصة المحاولة .. أحياناً نظراتها توحيّ له بإنها ما قبلت العودة إليه إلا لتذيقه من العذاب أصنافاً !،و الغريب إنها لا تفعل الكثير لكنها على الرغم من ذلك تتلذذ بمجهوده المضنيّ الذي يبذله لكي تعود إليه ،هل أدركت مدى أهميتها لديه ،لتوقن بإنها تعذبه بنقمتها عليه !!،..
هذا التفكير الذي خطر له رغم ألمه إلا إنه أشعره نوعاً ما بشيء من الإستحسان كونها تعلم بأهميتها لديه و هذا كل ما يتمناه حالياً أن توقن بمكانتها المختلفة بالنسبة إليه !!، حتي و إن أستغلت ذلك في إنتقامها منه ،لا بأس، فهو يقبل بذلك في سبيل أن توقن بإنها أصبحت في مكان عالٍ ،عالٍ جداً، و وجودها في حياته لا يضاهيه شيئاً آخر !!،..
أشاحت بوجهها عنه عندما آقتربت منها فدوى التي مّالت بجذعها إليها و رّبتت على كتفها بخفة و همست لها قائلة،
: عاوزاكي جوا !!،
_أومأت برأسها و أتجهت معها داخل غرفتها و ما أن دّلفا حتي أغلقت فدوى الباب خلفهما بحرص و آستدارت لها ثم وقفت تستند بظهرها إلى الباب و عقدت ذراعيها أمام صدرها و ضيقت حدقتيها بتركيز شديد و صمتت !!،
_قطبت فتون بإستغراب و التفتت حولها ثم ضربت كفاً بالآخر و قطعت الصمت عندما أستطردت الحديث قائلة بسخرية،
: لا حول ولا قوة إلا باللّٰه !!، شوف يا أخي كائنات عجيبة !!، .."ثم لوحت بكفيها و صاحت بتذمر".. ،ما تنطقي يا فدوى ،فيه إيه !!،..
_أنتفضت فدوى بمكانها ثم تنحنحت لتجليّ نبرتها و تقدمت منها بخطوات وئيدة و أردفت متسائلة،
: ناوية على إيه يا فتون !!، .."ثم رفعت سبابتها و تابعت بتحذير صارم".. ،و إياكي تحاولي تكذبي عليّا أو تتوهيني !!، إيه خلاكي توافقي ترجعي لآنس بعد كل اللي حصل !!،..
_عقدت ذراعيها أمام صدرها و هّزت كتفيها ببساطة ثم أردفت تجيبها بهدوء جليدي شرس،
: أبداً ،هعلم أخوكي إن اللّٰه حق و إن اللي يجيّ على بنت البواب ،يشوف النجوم في عِز الضهر !!،..
_وضعت فدوى كفها على فمها تكتم شهقتها و جحظت بحدقتيها بذعر و هتفت بغير تصديق،
: يخربيتك !!، .."صمتت لحظة ثم أرتسمت إبتسامة شرسة على محياها و تابعت بخبث".. ،بس تعرفي !!، يستاهل ،شوفي شغلك ،..
_بادلتها فتون الإبتسامة بأخرى متوعدة ثم أتجهت لتجلس على طرف فراشها ثم أردفت متسائلة بحيرة،
: سيبك مني دلوقتي و أحكيلي ،فيكي إيه !!،..
_هّزت فدوى رأسها نفياً و أتجهت لتجلس بجوارها ثم أجابتها بشرود حزين،
: فيّا كتير يا فتون !، كتير جداً بس مش وقته، .."قطبت فتون بقلق بينما آستدارت فدوى إليها بكليتها و أرتسمت إبتسامة هادئة على محياها ثم رّبتت على فخذها و تابعت بحنو".. ،لكن صدقيني أول ما أحس إني محتاجة أتكلم ،أكيد ماليش غيرك أتكلم معاه !!،..
_أبتسمت فتون بحنو و رّبتت على ذراعها و أومأت برأسها بالموافقة ثم قطبت مجدداً بإمتعاض و أردفت متسائلة بحنق،
: حصل إيه بينك و بين أخ الغفلة ،أتكلمتوا !!،..
_أطلقت فدوى ضحكة عالية على حديثها و ما أن أنتهت حتي هّزت رأسها نفياً و أجابتها بهدوء،
: لأ، لسه ما أتكلمناش خالص أو بمعنى أصح أنا بتهرب منه، .."ثم هّزت كتفيها ببساطة و تابعت".. ،بس أكيد هنتكلم ،أنا بس بأجلها على قد ما أقدر لإني بصراحة لسه مش عارفة أتأقلم مع كونه أخويا !!،..
_مّطت فتون شفتيها بتفهم و قالت،
: ربنا يقدم اللي فيه الخير !!،..
_أنتهت الليلة بهدوء و إن كان هذا الهدوء لا يُبشر بالخير ،فلا بأس، لقد أعتاد معها العاصفة !!،..
________________
_بعد مرور يومين ،في شركة الصاوي للأزياء ، ..
_صعدت الثلاث أدراج الرخامية الفاصلة بين مكتبها الخاص و بين العمال بورشة التصميم المُشرفة عليها ؛دّلفت داخل مكتبها بعزم حيثُ نهضت هذا الصباح مبكرة تُحث السير إلى مقر عملها و حين دّلفت وجدت ورقة من اللون الأبيض _إحدى ورقات الملاحظات خاصتها_ مثبتة على مكتبها بدقة ؛تناولتها لتقرأ ما دُون بها بعيناها بتبلد ،حيثُ كانت،
.. "أتنوين شنَّ الحرب !!، حسناً، لا بأس ،حاربيني كما تريدين !!، حاربيني بما أوتيتِ من حيلاً !، لكنهم أستبدلوا الأسلحة بالقُبلات ،أتعلمين !!،" ..
_تنهدت في حين لم تصدر عنها أي ردة فعل ،لم تهتز حتي عضلة بها وهي تشيح بوجهها عن الورقة و سرعان ما كررت فعلتها السابقة و تقدمت بخطوات ثابتة إلى سلة المهملات و ألقت بالورقة فيها بلامُبالاة ثم عادت إلى مكتبها بثبات تدقق النظر في بعض الملفات أمامها ،
: ألحقي يا فتون !!،
_رفعت رأسها عن الأوراق آثر صيحة غّرام الشاهقة التي دّلفت لتوها داخل المكتب ،هّبت فتون واقفة من مقعدها و آستدارت إليها تحاوط ذراعيها بكفيها و أردفت متسائلة بتقطيبة،
: فينك يا غّرام !!، هتجنن من القلق عليكي !!،
_رّبتت غّرام على كفيها بحنو و أجابتها قائلة،
: هحكيلك كل حاجة بس المهم دلوقتي ،أجري على مكتب آنس و أنا هعرف عُدي و هاشم إن ميعاد الإجتماع أتقدم !،
_زادت تقطيبتها بعدم فهم و أردفت متسائلة بحيرة،
: بس الإجتماع ميعاده الساعة 12 !!،
_أغمضت غّرام عينيها و أومأت برأسها بتفهم ثم فتحتهما و أردفت،
: عارفة بس أتقدم لظروف خارجة عن إرادتنا ..
: ظروف إيه !!،
_تسائلت بها فتون بإستغراب ،فأجابتها غّرام ببساطة،
: ظروف قهرية !!، الحب القديم موجود عند آنس في المكتب !!،..
_ضيقت حدقتيها بتركيز لحظة ثم فغرت فاهها عندما أستنتجت ماهّية ذلك الحب القديم و هّزت رأسها بتفهم ثم التفتت إلى غّرام و رّبتت على كتفها و أردفت قائلة بعزم من بين أسنانها المطبقة،
: هسبقكم على المكتب !،
_أومأت غّرام برأسها موافقة بينما أتجهت هي إلى مكتبه بعزم و رأس مرفوع بخيلاء ،دّلفت إليهما و ما أن شعر بوجودها ،رفع وجهه إليها و إرتسمت إبتسامة واسعة على محياهّ و أردف يقول بخشونة،
: فتون !! أتفضلي يا حبيبتي !،..
_بادلته إبتسامته بنظرة متبلدة كالجليد وهي تتشبث في الملفات التي بين يديها ،تضمهم إلى صدرها و كأنهم درع واقيّ لها ،بينما زّفرت تلك الدخيلة بضيق لكنها تمكنت من السيطرة على أعصابها و أردفت قائلة بإبتسامة صفراء،
: هكون أحسن منك و أبدأ بالصلح ،أزيك يا فتون ،بالمناسبة مبروك عرفت إن فرحكم الأسبوع الجاي !!،
_بادلتها فتون الإبتسامة بأخرى متكلفة و أتجهت لتجلس أمامها على الكرسي المواجه لها و وضعت قدماً فوق الأخرى بخيلاء و أردفت قائلة بوِد زائف،
: أهلاً يا جنة !، جنة ،مش كده !!، أعذريني بنسى الأسامي بسرعة !، اللّٰه يبارك فيكي و عقبالك !!،..
_لم تعطها فرصة الرد حيث أشاحت بوجهها عنها و أتجهت ببصرها إليه و أردفت قائلة بجدية،
: أعذروني هقطع حديثكم، .."ثم أشرت إلى ساعة معصمها و مّطت شفتيها بضيق زائف و تابعت".. ،بس ميعاد الإجتماع !!،
_عقد آنس مابين حاجبيه بعدم فهم و أستطرد متسائلاً بحيرة،
الإجتماع ميعاده الساعة 12 ،مش كده ولا أنا فهمت غلط !!،
: لأ، مظبوط ،
_أجابته بها فتون ببساطة ،فهّز كتفيه بعدم فهم و أردف متسائلاً بإستغراب،
: الساعة حالياً 9 !!،
_هّزت كتفيها هي الأخرى ببساطة و أجابته،
: الميعاد أتقدم و بلغت مستر عُدي و مستر هاشم و هما حالياً في طريقهم للمكتب ،لإن عندي بروڤة فستان في ميعاد الإجتماع و مش ممكن تتأجل !!، .."ثم التفتت إلى جنة و أردفت قائلة بإبتسامة متكلفة".. ،بعد إذنك طبعاً !!،..
_هّزت جنة رأسها بتفهم زائف ثم وقفت و تناولت حقيبة يدها و أردفت موجهة حديثها إلى آنس الجالس يتابع المشهد ببهجة خبيثة، قائلة،
: تمام يا آنس ولا يهمك ،نأجل كلامنا وقت تاني و أكيد هكون في الفرح متقلقش ،see you !!،..
_أتجهت إلى الخارج لكنها لم تنسى أن ترميّ فتون بنظرة أخيرة ذات مغزىّ موضحة إنها أستوعبت تماماً مقصدها في إقصائها من المكان ،شيعتها فتون بإبتسامة ممتنة لتفهمها و تابعتها ببصرها حتي أختفت عن أنظارها ثم آستدارت إليه برأسها فوجدته يتآملها بصمت و إبتسامة جانبية خبيثة تُزين محياهّ ،
_هّزت رأسها متسائلة بإمتعاض عن سبب بهجته ،فرفع حاجبيه و مّط شفتيه تزامُناً مع هّزة كتفيه بعدم إهتمام ،ضغطت على أسنانها بحنق و أشاحت بوجهها بعيداً و أنقذها من الموقف في تلك اللحظة دّلوف عُدي و هاشم و غّرام و بعض الموظفين ليبدأ الإجتماع ،..
_______________
_شوشت عليهن الرؤية فجأة و كاد بريق الماسات أن يخطف أنظارهن ،غيمة بيضاء تدور حول نفسها بتعبير وجه غير مقروء ترفع بكفيها أكوام و أكوام من الحرير الأبيض و تتعثر بها بجسدها الهش الضئيل ،فغرن فاههن و جحظت أعينهن بذهول أمام تلك الهالة الرقيقة الضعيفة وسط تلك الكومة الحريرية البيضاء الضخمة المحيطة بها و التي تضيق عند خصر نحيف ،مربوط في أخر ظهرها بشريط حريري أبيض يجمع ظهر الفستان بتقاطعات عديدة تنتهي عند تلك الربطة الأنيقة خلف ظهرها و التي ينسدل منها شريطين طويلين فوق تنورتها المنتفخة ببراعة ،له أكمام طويلة حتي كفيها من الدانتيل لكنه لم يخفي ذراعيها و كتفيها تماماً ،مستديراً من الصدر مما أظهر عنقها الطويل و تلك الشامة الكبيرة التي تُزين صدرها الأيسر ببراعة ،..
: Oh my God !!..
_همهمت بها فرحة همساً بذهول بينما هّبت چويرية واقفة و أخذت تدور حولها بعينين جاحظتين بغير تصديق ثم رفعت كفيها و أردفت قائلة بطفولية مرحة،
: ماليش دعوة !، أنا عاوزة آنس يصمملي فستان زيّ ده وإلا هترهبن و مش متجوزة !!، .."ثم ضربت كفاً بالآخر و هّزت رأسها بغير تصديق و أردفت متسائلة بذهول".. ،يخربيته !!، صممه أمتى !!، ده خررافة !!،..
_أجابتها غّرام التي كانت واقفة تستند بظهرها إلى باب غرفة قياس الملابس في الشركة ،عاقدة ذراعيها أمام صدرها و إبتسامة واسعة ترتسم على محياها قائلة،
: تصميم الفستان ده أخد من آنس سنة و شهر ،
_قطبت فتون بإستغراب و أردفت متسائلة بحيرة،
: و أنتِ عرفتي منين !!،
: هاا ؟،
_همهت بها غّرام بقلق وهي تعتدل في وقفتها بينما أنقذها من ذلك السؤال فدوى التي تقدمت من فتون و أردفت قائلة،
: بس محتاج يضيق شوية من عند الأكتاف و يبقي على سِنجة عشرة !،
_أردفت السيدة الواقفة على بعد خطوات منهن قائلة بجدية،
: متقلقيش يا هانم ،أنا خدت مقاسات فتون هانم و هيتظبط بس آنس بيه بلغني إن محدش يلمس الفستان غيره و حضرته هيظبطه !،..
_هّزت فرحة رأسها و أردفت قائلة بمرح،
: طب و اللّٰه فيه الخير !!،..
: أنا زهقت !، ممكن أقلع لو خلصتي !!،..
_هتفت بها فتون بنفاذ صبر متأففة ،فأومأت السيدة إيجاباً برأسها ،فأتجهت فتون من فورها إلى غرفة التبديل و برفقتها فدوى ،..
_________________
_بعد مرور عشرة أيام ،..
_أستيقظت فتون صباحاً على صوت نغمة الرسائل تحمل رسالة منه إليها ،فأستقامت بسرعة تفتحها لتقرأ رسالته بعينيها و كانت،
.."اليوم أنتِ معفية من العمل و لمدة شهر كامل،..فستانك أنتهى و في خلال دقائق سيصلك برفقة فدوى و في الخامسة ستصلك خبيرة التجميل النسائية،..دلليَّ نفسك يا عروسي ،ألم أخبرك !! اليوم يوم زفافنا !،.. إلى لقاء قريب بعد طول إنتظار يا حرمنا المصون"..
_بالفعل ماهي إلا دقائق بعد أن أخذت حمامها السريع ،حتي آتاها صوت طرقات على الباب أشبه إلى دقّ الطُبل ،تأففت فتون بنفاذ صبر و أتجهت إلى الباب لتفتحه و سرعان ما دّلفت فدوى و بيدها صغيرها آنس و أنطلقت الزغاريد في أرجاء المنزل و من خلفها چويرية تحمل على ذراعيها فستان الزفاف ،ضاحكة بقوة و سعادة وهي تتمايل بخصرها راقصة ببهجة و مرح و تبعتها فرحة التي تحمل بين أحضانها طفلتها الصغيرة مُهرة و ما أن آقتربت منها ،حتي توقفت و طّبعت قبلة طويلة على وجنتها أستاءت لها فتون فدفعتها بقوة عنها ،قطبت فرحة بإمتعاض و دّلفت بصمت ثم لحقت بهن غّرام التي رفعت كفيها بإستسلام و أردفت قائلة ببراءة زائفة،
: قولتلهم لو عملتوا هيصة فتون هتدبحنا ،قالولي تتفلق !!،..
_رفعت فتون كفها مفروداً بتحية عسكرية و أردفت بمرح ساخر،
: تشكرات !،.
_مع حلول المساء ،
_وقف آنس في مدخل البيت ينتظرها !، كان في أبهى صورة له في حِلته السوداء القاتمة و قميصه الأبيض اللامع و لحيته الخفيفة ،تنهد بقوة وهو واقف يستند إلى سيارته السوداء المزينة بالورود الحمراء و البيضاء و شرائط التل بمهارة تليق بسيارة "آنس الصاوي" ،أنتبه فجأة و أعتدل في وقفته حين سمع صوت زغاريد عالية و وجد آنس الصغير ينزل جرياً على سلالم البيت وهو يرتدي حِلة سوداء تُماثل حِلته ،حتي إنه بدا أكثر منه وسامة و جاذبية
_أتسعت إبتسامته عندما وصل بتفكيره لهذه النقطة و جلس القرفصاء ثم جذب الصغير إليه و طّبع قُبلة طويله على وجنته و بعد أن أنتهى أردف قائلاً بحنو مرِح،
: أنا بعشق خالتك !!،..
_رفع الصغير سبابته في وجهه محذراً و أردف بصرامة طفولية،
: لو زعلتها ،هزعلك !!،..
_مّال آنس بعنقه للخلف و أطلق ضحكة عالية مرحة و ما أن أنتهى حتي أومأ برأسه و قطب بجدية و أردف قائلاً بجدية مرحة،
: أمرك يا آنس بيه، .."ثم غمزه بعينه بخبث و أردف".. ،خالتك مكانها ..هنا.. ،..
_همهم ب"هنا" مشيراً بإبهامه إلى صدره موضع القلب ،رّبت الصغير على ذراعه و هّز رأسه بتفهم و أردف بجدية شديدة،
: على خيرة اللّٰه !،..
_قطع حديثهما الصارم أصوات الزغاريد مجدداً تبعها نزول نساء لا يعلمهن و لا يُذكر إنه قد رآهن يوماً ،لكن لا بأس، وقف آنس و عدل حِلته و رتب خصلات شعره بأطراف أنامله ثم توقف عندما وجد أطراف بيضاء حريرية تغزو السلالم ،فدقق النظر إنتظاراً،
: أوففف !!،
_صاح بها آنس بخيبة آمل وهو يضرب كفاً بالآخر عندما ظهرت حقيقة تلك الأطراف البيضاء ،إنها چويرية،
: لا إله إلا اللّٰه !!، أختك حلوة جداً يا چياد !،.
_همهم بها فريد بخفوت هامس ما أن طّلت عليهم چويرية في فستانها الأبيض الحريري مزين بشريط من التل الوردي حول خصرها يشتت النظر عنه بفتنة و شعرها ينسدل على ظهرها و كتفيها بحرية و تمسك بكفها الأيمن بباقة العروس المنتقاة بمهارة مابين الورود الجوري البيضاء و الوردية،
_لكزه چياد في ذراعه بقوة و أردف بسخرية ممتعضة،
: أحترم نفسك يا عم بَخ و عديّ الليلة !!،..
_لحقت بها فرحة التي تبدو رائعة في فستان أزرق داكن متسع بإنسياب فوق جسدها و جمعت خصلات شعرها لأعلى على شكل كعكة أنيقة ،تحمل بين ذراعيها طفلتها التي تبدو أشبه لعروس صغيرة في فستانها الأبيض القصير و خصلات شعرها الحريرية المجمعة بشريط أبيض مُزدان بالماسات الوردية حول جبينها الصغير ، تقدم منها چياد سريعاً و حمل عنها الطفلة و طّبع قُبلة حانية على جبهتها ثم مّال بجذعه إلى فرحة و طّبع قُبلة طويلة على وجنتها ،فأبتسمت له بخجل و توردت وجنتيها ،..
_ثم هاهي .. لا .. العمر سينتهي به قبل أن تظهر عروسه الصغيرة !!، إنها غّرام ليس إلا ،بجسدها المتفجر الفارع و طّلتها البهية في فستان ملوكي من الحرير الأحمر الداكن ،يضيق عند صدرها و خصرها لينزل هفهافاً عند وركيها بإثارة و شعرها المجموع من جانبي وجهها لأعلى ثم يهبط في شلال أسود حريري على ظهرها بهمجية بينما الفرق في منتصف رأسها ينسدل منه سلسال ذهبي ينتهي بياقوتة صغيرة ترتاح على جبهتها ،
: آنس ،عندك مانع لو محضرتش الفرح !!،
_همهم بها عُدي بجدية مرِحة أثناء شروده في زوجته التي سرقت أنفاسه ،هّز آنس رأسه نفياً و أجابه قائلاً بخفوت مرِح،
: خد راحتك !!،..
_لم يكن ليجيب بها في موقف غير الموقف ،لكنها قد آتت !!،
_ظهرت و سرقت عقله و أنتهى الآمر و للّٰه الآمر من قبل و من بعد !!،..
_سكن خافقه في صدمة مذهولة ،لينتفض صدره فجأة بعنف و يعود و يخفق بجنون ،شوق مرآها دمره !، عذاب فراقها لسنوات أضناه !، تترجل السلالم برقة تنافس نعومة الورود البيضاء !، تمسك بكفيها أكوام من الحرير الأبيض و عينيها مثبتتان أرضاً ،تعض على شفتها برهبة خوفاً من أن تتعثر فيه مجدداً ،تأوه بداخله بصمت ولم يشعر بنفسه وهو يتركهم و يتجه إليها ،كل ما يعلمه هو أن الخطوات أخذت تتضائل بينهما بسرعة البرق بينما وقفت هي مكانها ما أن رأته و حلت القسوة على عينيها و راح بريقهما في مهب الريح ،إلا إنه لم يأبه ،
_وصل إليها ليقف على بعد خطوة منها و كلاهما ينظر إلى عيني الآخر لكن أختلفت نظرتيهما إختلاف الأرض عن السماء ،..
_لحظات طويلة عم بها الصمت يفصلهما عن صخب من حولهما، كانت برية تماماً لكنها كانت مذهلة بكل معاني الكلمة !، في ثوبها الذي صممه بيديه خصيصاً لأجلها و شعرها المموج المنسدل على إحدى كتفيها يُداري عنه بخبث ذلك الوشم المرسوم عليه بمهارة ،يعلوه خمار العروس و الذي ماهو إلا خمار ملقى على رأسها دون تاج ،شفتاها المكتنزتان مطليتان بالأحمر الياقوتي تبدوان بطعم الرمان أما عينيها الكحيلتين الداكنتين ينظران إليه بلامُبالاة جليدية،..
_تصلب جسده و توترت أعصابه تزامُناً مع إتساع خفيف في عينيه و تحولت أنفاسه إلى ساخنة هادرة تطوف في صدره لتخرج في حلقات ملتهبة من بين شفتيه تلفح بشرتها الكريمية بحرارة جعلتها ترتجف بداخلها رغماً عنها ،و دون تردد أنحنى إليها ليُقبل وجنتها قُبلة طويلة ليتبعها بالأخرى على الوجنة اليُسرى في قُبلة طّالت قليلاً عن الأولى حتي دفعته من صدره بكفها بخفة فأبتعد عنها أخيراً ثم همس بصوت أجش عميق بإنفعال جارف،
: أخيراً !!،
_رفعت ذقنها و أجابته بإباء متوعدة،
: أوعدك إني هخليك تندم على اليوم اللي عرفتني فيه !،..
_صمت ولم يرد عليها طويلاً وهو يتأملها بصمت إلى أن ضحك بصوت خافت دافئ و مّال على أذنها و همس،
: مش هندم مهما عملتي ،يكفيني إنك أخيراً ملكيّ !!،..
_قاطعهما فدوى التي ترجلت السلالم تتهادى في ثوبها الوردي الحريري و شعرها المجمع لأعلى على شكل ذيل حصان مرفوع لأعلى بأناقة و التي أطلقت زغرودة عالية جعلت فتون تنتفض بمكانها ذعراً فتركت أطراف ثوبها و كادت أن تتعثر إلا إنه أطلق ضحكة عالية ثم حاوط خصرها و ضمها إلى صدره يربت على ظهرها بحنو بينما أغمضت هي عينيها و همهمت همساً بكلمة بذيئة ممتعضة من بين أسنانها المطبقة بشراسة ..
: كفاية رغيّ و يلا ،عمي فهمي مبطلش رن !!،..
_صاح بها حازم بصرامة وهو يتناول ذراع زوجته لتتأبط هي الأخرى ذراعه و يتجها سوياً إلى سيارته برفقة صغيرهما الجالس في الخلف و تحركت السيارات في زفة شعبية بَحتْ بناءاً على طلب العروس !،..
_بينما من الجهة الأخرى ،إكتظت الساحة الضخمة المصممة ببراعة و حرفية ،بالمصوريين و الصحفيين من جهة بينما من الآخرى أجتمع المدعويين من رجال الأعمال في جميع المجالات و رجال السياسة و الإعلاميين و المشاهير من مجال الرياضة و الفن و الأهالي و الأقارب ،..
_أجتمع الحضور اللذين جاؤوا اليوم لحضور حفل الزفاف الأضخم على الإطلاق ..
_التف الحشود في جموع متفرقة على الطاولات المزينة بحرفية و مهارة إنتظاراً لحفل الزفاف الأسطوري الذي يتزوج به الوريث الأكبر لعائلة "الصاوي" داخل قصر العائلة الملكيّ ،من إبنة أحد عائلات الطبقة الوسطى ..
_أنتشرت الأحاديث هنا و هناك عن حقيقة تلك الزيجة المموهة المعالم بالنسبة إليهم !!،
_لحظات و بدأت الزفة ،فتحولت الأنظار تلقائياً إلى السلالم المزينة بالورود و الذي يغلب عليها اللون الأبيض و الشموع تحاوطها من الجهتين و سرعان ما ظهرت العروس تتأبط ذراع زوجها ،كانت آقرب إلى ملكة تُزف إلى حفل تتويجها في ثوبها الأبيض الذي صُمم لها خصيصاً بينما في حقيقة الآمر، هي بداخلها تتلوى ألماً على ضرب الطبول أثناء الزفة الذي يعصف بأعماقها ،أغمضت عينيها بتقطيبة غاضبة عندما بدأت أضواء التصوير تغمرهما ثم فتحتهما و حانت منها نظرة سريعة إلى الوجوه الكثيرة الموجودة ،وجوه غريبة لا تذكر منها سوى القِلة القليلة جداً بينما الباقي لا تعرفهم على الإطلاق لكن تبدو عليهم سمات الوقار و هيبة الطبقة المخملية ،ليختلطون بوجوه أخرى بسيطة مألوفة من أيام طفولتها في حيَّها الشعبي المتواضع ،..
_بعد إنتهاء الزفة وسط التصفيق الحار من الحضور و صوت التصفير المتعالي الذي كاد أن يخرق أذنيها ،
_كانت واقفة بجوار العروس لكنها ليست هنا بالواقع ،شردت بذهنها في نهاية علاقتها به !، هل سيظل الحال هكذا دائماً !، تراه و كأنها تراه لأول مرة في حين إنه لا يُعير وجوده أدنى إهتمام على الإطلاق !!، تتدافع دقات خافقها من أجل خافقة الذي تسكنه أخرى و التي هي بالمناسبة تكون زوجة أخيها المصون !!، ..نقطة الصفر.. كلما شعرت بإنها آقتربت منه خطوة ،تكتشف إنها عادت مجدداً إلى البداية ليس إلا !، تريد أن تكويه بنيران حبها ،إلا إنه صامت !، يقف بعيداً واضعاً كفيه في جيبي بنطاله بتعبير وجه كئيب غير مقروء ..
_فغرت شفتيها تتنهد بإختناق مشتاق إليه إلا أن شوقها غلفه القسوة من طول ما نالها منه من جفاء ثم أشاحت بوجهها عنه و عادت إلى العروسين ،مبتعدة بعتابها عنه ،فالعتاب لم يعد يُجدي نفعاً !!،..
_بينما من جهة أخرى، آقترب حازم من فدوى و ضمها إليه فأتسعت إبتسامتها و أخفضت بصرها أرضاً بخجل ،بينما مّال هو على أذنها و همس لها بخفوت حانيّ،
: خلاص يا فدوى ،أنا موافق و بعد ما نفوق من زحمة الفرح إن شاء اللّٰه ،هاخد فلوس من البنك و أعمل العملية !،..
_شهقت فدوى بغير تصديق و أعتدلت سريعاً مبتعدة عنه لتواجهه بعينيها الجاحظتين و أردفت متسائلة بشك،
: بجد يا حازم !!،
_طّبع قُبلة طويلة على جبهتها فأغمضت عينيها تتنهد بخفوت بينما تابع هو قائلاً بتأكييد،
: بجد يا عيون حازم !،..
_بدأت رقصة العروسين الأولى ،آقترب منها و مّد كفه مفروداً لها في دعوة صامتة أن تضع كفها به إلا إنها رفضت و أشاحت بوجهها عنه بلامُبالاة لكنها لحظة فقط مرت قبل أن تشعر بنفسها مخطوفة من خصرها بذراع حديدية أنتزعتها إنتزاعاً من كومة الجليد التي كونتها حولها ،فصرخت محتجة و أخذت تقاومه بعنف بينما هو يراقصها بخفة على لحن غربيَّ هادئ ،زمّت شفتيها غضباً و قاومته بقوة لكن دون جدوى، أخذ يدور بها محرراً خصرها من ذراع لتلقفها الأخرى بينما هي غير قادرة على متابعة خطواته الرجولية الضاربة في الأرض بقوة ،ضمها إلى صدره قاضياً على صعود صدرها اللاهث بعضلات صدره الخافقة بقوة وهو يضحك بسعادة و كأنه قد نال حلم حياته و أخذ يمرر يديه على ظهرها بإمتلاك مخيف آثار إرتجافها و فوران غضبها ،فهمست بإختناق،
: بكرهك !!،..
_أبعد رأسه عنها ليرفع ذقنها بيده ناظراً لعينيها الكحيلتين بفتنة .. تلمعان .. فيزداد لمعانهما ليتحول ببطء إلى طبقة غشائية رقيقة تهتز عند زاويتي حدقتيها ،تزداد و تتكاثف ببطء حتي أصبحت عيناها أشبه إلى ماستين تبرقان بعجز غريب .. عجز ألهب لبُه و جعله يقف قليلاً لاهثاً ،مهتز الإبتسامة لكن دون أن تنمحي تماماً ،مما جعلها تفقد القدرة عن إحتجاز تلك الدمعتين أكثر فسقطتا بصمت رقيق مُهلك و أنسابتا على وجنتيها بنعومة تشق الحجر .. بينما هو ،كان يراقب عروسه بتعبير شبه مبهور إلى أن تمكن أخيراً من الهمس بخفوت خشن قائلاً،
: ركزي في عينيا و قوليها .. قوليّ إنك بتكرهيني !!،..
_أنتفض قلبها بهلع لكنها أشاحت بوجهها ،فأتسعت إبتسامته و تنهد تنهيدة مطولة راضية عندما تركته يراقصها متمايلاً بها و كأنه يُهدهد طفلة ،ظلت مستكينة بين ذراعيه المعتقلين خصرها و مرت لحظات قبل أن تجد القوة لترفع ذراعيها و تحيط بهما عنقه .. فتصلبت عضلاته بإحساس ذكوريّ كّاد أن يفتك به نتيجة تجاوبها الغريب معه ،إلى أن أستطالت على أطراف قدميها لتصل إليه و أدارت وجهه إليها و ثبتت عينيها على عينيه بقوة و مرت لحظات كالدهر قبل أن تردف هامسة بصوت قوي بدا كالرصاص في أذنيه،
: بكرهك !!،..
_تكاد تقسم إنها شعرت بإهتزازه و كأنه تلقى صفعة لتوه ،صفعة ختمها الزمن على وجهه بقسوة ،بينما هو أنفاسه تهدر بقوة و حدقتيه ضائقتان بضيق و ألم ،لحظة !،لحظتان !، لا يعلم كم مر من الوقت ولم يشعر بشيء حوله إلا و قد وجدها تبعد ذراعيه عنها بهدوء و أمسكت بأطراف ثوبها بكلتا كفيها و أتجهت مبتعدة عنه في طريقها لداخل القصر ،
_فغر فاهه في نفس هادر و أغمض عينيه بغير تصديق لما فعلته و تعالت الشقهات و الهمسات الخافتة التي لم يصل منها إلى مسامعه سوى كلمة واحدة ضربته في مقتل عندما صاحت نيرمين قائلة بذهول،
: فضيحة !!
_بينما هي لم تتمكن من الإبتعاد كثيراً حيث صدع فجأة صوت إطلاق رصاصة غادرة لم تكن في الحسبان ،جعلتها تتسمر مكانها بتعبير وجه غير مقروء و عّم السكون المكان حتي أنتفضت فجأة بجزع على صوت صيحة أنثوية هادرة صدعت فجأة قاضية على الصمت بشهقة و آنين جازع،
: فرييييييد !!،..
_______________
_أخذت تركض و أمواج شعرها تتطاير حولها وهي تحمل بكفيها أطراف ثوب زفافها بتعبير وجه مذعور و قد سّال كحلها الأسود على وجنتيها بإرتياع بينما هو سبقها إلى الداخل ركضاً بخطوات سريعة و قميصه قد تلون بلون الدم ،فحال لونه من الأبيض إلى الأحمر و ما أن وصلا إلى غرفة العمليات ،حتي وصل إلى مسامعهما جملة الدكتور التي نزلت عليهما كالصاعقة شقت صدروهما بقسوة عندما أردف قائلاً بأسف،
: البقاء للّٰه !!،..