الفصل الاول...
يسطع ذلك القرص الذهبي في كبد السماء و ينشر خيوط اشعته الذهبية على ارجاء مصر المحروسة ، تتسلل تلك الخيوط كجنيات صغيرة قادمة من عالم الاحلام لتداعب تلك العيون الناعسة في فراشها لتنبهها حتى تستيقظ من نومها.
بطلتنا غزل تلك الفتاة الجميلة تستيقظ من نومها و تخرج من غرفتها لتدلف الى الحمام لتاخذ حماما دافئا حتى تستعد للخروج للبحث عن عمل جديد. و تنتهي من حمامها و تخرج تعد الافطار لها و لوالدتها السيدة كوثر و خالد الشقيق الاكبر لغزل.
يجلس ثلاثتهم حول مائدة الافطار البسيطة في تلك الشقة المتهالكة جدرانها المليئة بالشقوق حيث رسم الزمن اثاره عليها كما نقش خيوط تجاعيده على وجه تلك الام الطيبة الي تعاني من اجل اولادها غزل و خالد.
ليقطع صمتهم ذلك حديث غزل قائلة: ان شاءالله يا ماما هنزل بعد الفطار ادور على شغل تاني يمكن ربنا يكرمني والاقي حاجة كويسة .
لتهم كوثر بالرد عليها لكن خالد شقيقها يقاطعها قائلا: و ماله يعني شغلك الي كنتي فيه؟؟ ما الراجل سايبلك المحل تحت ادارتك و عمره ما راجعك في الايراد ولا قالك ده بكام ولا ده فين، انتي الي بت خايبة وش فقر مش واعية.
لترد عليه كوثر قائلة : يا ابني حرام عليك انت ترضى كده على اختك؟؟ انت تعرف ان اختك برده تمشي المشي الوحش ده و تلعب على خلق الله عشان تكسب فلوس حرام؟؟ ازاي تقولها كده يا ابني؟؟ ده راجل مفتري و معندوش ضمير بيتحرش باختك و فاكرها بنت سهلة زي الي متعود عليهم، ده بدل ما تقولها اقعدي في البيت و انا هشتغل بدالك و اجهزك لغاية ما اسلمك بنفسي لابن الحلال الي يستاهلك!
ليرد عليها خالد متذمرا كعادته: يوووه مش هنخلص باة من موال كل يوم. اعملكم ايه يعني كل ما اشتغل في مكان يومين و التالت صحبه يطردني.
لترد عليه كوثر قائلة: يا خالد الحرام اخرته وحشة و الطمع عمره ما كان بيشبع حد.ده زي النار بتاكل اي حاجة تيجي في طريقها.وانت لما تمد ايدك على فلوس المحل او تحاول تسرق بضاعة منه تبيعها لحسابك ده مش يباة حرام؟
خالد: يا ماما انتي عارفة انهم ناس مفترية معاهم فلوس كتير مش حاسين بحاجة ، اشمعنا احنا الي نطلع فقرا كده و حالتنا تعبانة وانتي يادوب بالكام ملطوش الي بتقبضيهم من المصنع ده بتعملي جمعيات عشان تجهزي غزل و تكفي بالعافية مصاريف البيت.ده حتى لما بطلب منك قرشين بتديني اقل من الي طلبته.
السيدة كوثر و قد ادمعت عينيها من كلام ابنها ذلك الابن الطماع الحاقد على غيره : يا ابني حرام عليك انت عارف ان الحمل تقيل عليا و اختك ربنا يباركلها بتشتغل و تساعدني و تساعد نفسها ، المفروض انت يا راجل البيت تقوم بدورك مش مستني المصروف من امك الست الكبيرة او اختك.
ليرد عليها خالد بكل وقاحة و تبجح: ماهي لو بنتك الهانم دي بتعرف تستغل الحاجة الوحيدة الي مش هتلاقيها عند بنات كتير كان زمانا دلوقتي بناكل احسن اكل و نلبس احسن لبس، مش عارفة تستغل جمالها ده و توقع اي زبون من الزباين التقيلة الي كانت بتيجي البوتيك تشتري هدوم بالالاف عشان يتجوزها و الا يشوفلها شغل احسن؟؟ لا قافلاها في وش اي حد و قافلاها عليا انا كمان بلا هم باة زهقتوني. من النهارده مش هدور الا على مصلحتي انا وبس و كل واحد فيكم يشيل شيلته و يتكفل بنفسه.
غزل مازالت صامتة مصدومة من كلمات شقيقها خالد ، تحبس دموعها حتى لا تقهر والدتها عليها اكثر من ذلك وهي ترى خالد امامها كانه شيطان تجسد في صورة رجل.
لتنهض بهدوء و تحتضن والدتها و في محاولة منها تلطيف الاجواء قائلة: معلش يا ست الكل انتي عارفة انه على طول كلامه زي الدبش كده مبيعرفش يقول كلمة حلوة، سيبك منه النكدي ده و ركزي معايا في دعواتك عشان ربنا يكرمني كده و الاقي شغل كويس.
كوثر وهل تبتسم ابتسامة باهتة وقد تحجرت الدموع في عينيها: ربنا يرزقك بالحلال يا غزل يا بنتي و يبعد عنك ولاد الحرام يارب.
غزل و هي مبتسمة : امين يارب.. ايوة كده يا ست الحبايب دعواتك دي الي بتخليني اقف في وش اي حاجة بقلب جامد ، انا هنزل باة عشان الحق اليوم من اوله.ف رعاية الله يا ماما.
و وتغادر غزل المنزل تبحث عمل يكفيها شر السؤال.و للاسف كلما بحثت في مكان يشترط الخبرة و اللغات الاجنبية و حسن المظهر
وهي لم تكن تملك الملابس الغالية او اللغات التي تؤهلها للالتحاق باي وظيفة حتى لو بسيطة تعبت قدميها كثيرا من السير و البحث دون جدوى الا ان جلست على جانب الطريق تستريح قليلا. ف وقعت عينيها على بائع الصحف وهو يقوم يتجميع المجلات و الصحف التي صدرت منذ يومين ليعيدها.طلبت منه احدى الصحف لعلها تجد ضالتها ف الاعلانات المبوبة.
فجاة جحظت عينيها من السعادة و المفاجاة في نفس الوقت ، لقد وجدت اعلان عن عائلة كبيرة في احد الاحياء الراقية يطلب فتاة كممرضة لرجل كبير و الاقامة سوف تكون في الفيلا الخاصة بهذه العائلة. اخدت ترقص من فرحها و سعادتها و طلبت من بائع الصحف ام يعطيها صفحة الاعلان فوافق رفقا بحالها ، فهو رجل بسيط و فقير و يشعر بغيره ممن هو في حاجة للعمل.شكرته و عادت للمنزل مسرعة وهي ترسم احلاما و اماني ان يتم قبولها في هذه الوظيفة.
ترى هل حقا هذه الوظيفة سوف تكون بداية حياة جديدة لغزل و عائلتها و بابا للسعادة كما تحلم ؟ ام انها ستكون بابا من ابواب الجحيم سيفتح في وجه هذه الفتاة البسيطة ؟؟ هل حقا تنتظرها السعادة كما كانت تدعو لها والدتها ام انه ليس لها نصيب من هذا الدعاء و ينتظرها ما لم تكن تتوقعه؟؟