الثانى

537 18 0
                                    

الفصل الثاني...

وصلت غزل للمنزل و هي تكاد تلامس السماء من شدة سعادتها بالعثور على وظيفة مناسبة لها و تتمنى من الله ان يكون لها نصيب في القبول. وصلت المنزل و دلفت للداخل تصرخ بسعادة و تنادي السيدة كوثر قائلة : ماما يا ماما تعالي بسرعة يا ست الكل ربنا استجاب دعاكي و الحمدلله لقيت اعلان عن وظيفة كويسة اوي.. اتت كوثر من المطبخ مسرعة تسالها: خير يا بنتي حصل ايه و ايه الوظيفة دي الي فرحتك كده؟
غزل مبتسمة : فيلا عزام الدمنهوري ، طالبين ممرضة تراعي راجل كبير و تتابع صحته و الاقامة عندهم ف القصر و الاجازة هتباة خميس و جمعة و ارجعلهم تاني السبت الصبح و مرتب كبير اوي يا ماما ..لو ربنا يكرمني بالشغلانة دي ساعتها هترتاحي من التعب و البهدلة دي و ربنا يكرمنا و نسدد الاقساط الي علينا و اجيبلك كل الي نفسك فيه و اقدر اساعد خالد اخويا بقرشين كمان.
نظرت اليها كوثر و هي تتأسف على حال ابنتها الطيبة بشكل غير طبيعي: وانتي يا بنتي حتى ف احلامك كده مش فاكرة نفسك خالص ولا حتى قولتي تجيبي لنفسك كام هدمة جديدة كده؟؟
لترد عليها غزل قائلة : يا ست الكل لما انتوا ترتاحوا و يباة البيت مش ناقصه حاجة انا هباة مبسوطة اوي و بعدين انتي عارفة ان خالد ظروفه مش مساعداه ربنا يهديه و مفيهاش حاجة اما اساعده برده.
( غريبة هذه الدنيا التي نحياها، نتمنى الراحة و السعادة لمن يحيطون بنا ولا نبحث عن ابسط شيء لاسعادنا، غزل و طيبة قلبها هذه و تضحيتها لم تعد موجودة في هذا الزمن العجيب، و لكن لماذا ؟؟ لما نعيب زماننا و العيب فينا نحن و في نفوسنا الضعيفة ، تلك المسكينة غزل لا تعلم انها في هذه اللحظة التي تحلم فيها بتسديد اقساط والدتها و مساعدتها و مساعدة اخيها خالد ذلك الشيطان المتجسد في شكل بشري، انه يقوم بالاتفاق لبيعها لذلك العجوز الحقير المتصابي صاحب محل الملابس الذي كانت تعمل فيه سابقا و تركته لتحرش ذلك العجوز الخرف بها .. هل لكم ان تتخيلوا ان يقوم اخ ببيع شقيقته لرجل عجوز يكبرها بما يزيد على العشرون عاما ليزوجها منه مقابل ان يعمل معه؟؟ هل يستحق هذا الكائن ان يكون من بني البشر؟؟ )
اتفقت غزل مع والدتها ان تذهب للعمل ف اليوم التالي ولكنها طلبت منها ان تاخذ احد الملابس الجديدة التي اشترتها لها والدتها بالقسط لتكون من ضمن حاجيات العروس ليكون مظهرها مناسبا امام عائلة الدمنهوري حينما تذهب للقصر.
واتفقت مع والدتها الا تخبرا خالد الان باي شيء عن الوظيفة حتى يتم قبولها .
و بالفعل في صباح اليوم التالي ارتدت غزل ملابسها الجديدة و تناولت افطارها مع والدتها و قبلتها مع دعوات السيدة كوثر لها بالتوفيق و ان يتم قبولها في هذه الوظيفة. نزلت غزل و استقلت سيارة اجرة و اعطت العنوان للسائق ليتوجه الي العنوان المنشود.. قصر عزام الدمنهوري.
في ذلك الوقت كان يدور حوار اخر بين فراد عائلة الدمنهوري داخل القصر. تحديدا غرفة الطعام حيث محسن المنصوري و زوجته دولت الدمنهوري شقيقة عزام و ابنتيها نانسي و ريم .لتبدا دولت الحديث قائلة وهي تكاد تنفجر غضبا من ابنتها الصغرى ريم: انتي يا بنت هتجنينيني؟؟ ايه الغباء الي انتي فيه ده ؟ يعني ايه مش عاوزة تقربي من صقر ابن خالك ليه عيبه ايه شاب زي الفل و مال و جمال و مستوى تحلم بيه كل البنات، و انتي تقوليلي زي اخويا و متربيين مع بعض و مش حاسة بحاجة ناحيته؟؟ انتي اكيد مجنونة ، اعملي زي اختك نانسي شوفي بتقرب ازاي من جسور واعملي زيها.
لترد عليها ريم و هي تعبث بالكومبيوتر الخاص بها: مامي حبييتي انتي عارفة كويس ان صقر مش بتاع جواز ده عاوز يتسلى و بس بيجري ورا البنات عشان حاجة واحدة بس انتي عارفاها كويس وانا معنديش استعداد اباة من ضمن حريم الكابتن صقر الدمنهوري لمجرد بس ان حضرتك وبابا عاوزين تستولوا على ثروة خالو عزام الي هو اخوكي شقيقك و عاملة بناتك طعم لولاده عشان نتجوزهم و تاخدي الثروة دي.. ازاي فكرتي كده مش عارفة!
لتصرخ فيها دولت قائلة و تكاد عينيها تطلق حمما بركانيا تحرق الاخضر و اليابس : انتي لسه بتقولي شقيقي؟؟ لا يمكن انسى الي عمله فيا زمان و حرمني من ورثي ف ثروة بابا الله يرحمه و استولى على كل حاجة عشان هو الولد الي لازم يستلم كل حاجة وانا مش حقي اطلب حتى اغير عربيتي؟؟ كل حاجة كانت متاحة ليه هو وانا مينفعش اطلب لان من وجهة نظر جدكم ان االدلع هيبوظ اخلاقي و يضيعني؟؟ انتي مشوفتيش كان خالك الي بتحبيه ده لما اطلب منه مصروفي كان بيديهولي كانه بيتكرم عليا او باخد منه احسان ولا كان ليا حق ف الثروة دي كلها، و متقوليش نستولى على حاجة انا ليا ف كل العز الي احنا عايشين فيه ده و لازم ارجع حقي باي طريقة حتى لو اتحالفت مع الشيطان نفسه. ليبدا هنا محسن بالحديث مهدئا اياها قائلا : دوللي حبيبتي متتعصبيش كده يا روحي بنتك ريم بتسمع الكلام و اكيد مش هيرضيها ان باباها يفضل طول عمره موظف في الامبراطورية دي كلها!! لازم بابي حبيبها يبقاله مكانة كبيرة و مستوى اعلى و ده مش هيحصل الا اما انتي و اختك نانسي تتجوزوا جسور و صقر و لاد خالك.فكري كويس حبيبتي ساعتها هتقدري تسافري بره و تدرسي الاخراج و السينما زي مانتي عاوزة.غير كده انسي خالص لان خالك مش هيوافق ابدا انك تسافري ولا هيرضى يديكي فلوس تكملي دراستك دي هنا..متنسيش انه لغاية دلوقتي متحكم في كل حاجة حتى و هو قاعد على كرسي متحرك.فكري كويس و مش هتخسري حاجة.
هنا تتحدث نانسي اخيرا قائلة بكل غرور و وقاحة : متقلقوش انا ماشية كويس اوي ف خطتي وقريب اوي جسور هيباة تحت ايدي و يسلم و هو الي هيطلب يتجوزني، صحيح هو عامل فيها تقيل و مش واخد باله بس انا اقدر اخليه ينسى نفسه و ينسى اونكل عزام كمان، و تطلق ضحكة ساقطة لا تصدر الا من احدى فتيات الهوى وليست فتاة من عائلة راقية و يشاركها ضحكتها محسن والدها ووالدتها دولت.هؤلاء الثلاثة الذين يمثلون مثلث الشر باضلاعه كيف لهم ان يكونوا عائلة تلك الفتاة الطيبة ريم؟! حقا انها سخرية القدر .
في هذه اللحظات وصلت سيارة الاجرة امام القصر الكبير و ترجلت منها غزل و هي تشعر بقبضة تعتصر قلبها من شدة الخوف و الذهول من ذلك القصر الكبير.
لكنها حاولت التخلص من هذا الخوف و استجمعت شجاعتها و اتجهت للبوابة الكبيرة لتدق الجرس فياتي مسرعا الحارس عم سيد يسالها ماذا تريد فتخبره انها جاءت من اجل الاعلان عن ممرضة مطلوب ة للعناية برجل كبير .ف يخبر قائد حراسة القصر في الهاتف الموضوع على البوابة و ياتيه رده بعد دقيقتين يخبره ان السيدة دولت في انتظارها لتراها. فيتوجه بها الحارس الى داخل فناء القصر و يطرق الباب و بعد ان تفتح لهم الخادمة تدلف غزل الي الداخل و هي تكاد تسقط مغشيا عليها من خوفها و هلعها لما تراه امامها. حراسة خاصة و كلاب مدربة تحيط بالقصر كانهم على استعداد للانقضاض على اي شخص يقترب منهم.
حضرت السيدة دولت اليها و و جلست و طلبت منها الجلوس، و بدات الحديث معها باسلوب متكبر بعض الشيء .سالتها عن اسمها و مؤهلاتها و اين تعيش عرفت منها كل شيء عن حياتها ، فوجدت فيها الفتاة المطيعة او ساذجة بعض الشيء من وجهة نظر دولت. لكنها في هذه اللحظة تسلل شيطانها الي عقلها مرة اخرى يخبرها انها يمكن ان تستغل هذه الفتاة الطيبة في تنفيذ ما تنويه اذا استدعى الامر اللجوء للخطة البديلة.
املت شروطها على غزل التي وافقتها على كل شيء حتى لا تضيع من يديها هذه الوظيفة. اتفقتا على كل شيء و طلبت منها دولت ان ترافقها لتتعرف على القصر جيدا.لم تكن غزل تعلم ان كل خطوة تخطوها داخل ذلك القصر هي خطوة تقربها من السقوط في جحيم تلك العائلة المصابة بمرض لعين ، مرض فتاك يقضي على اي شيء الا وهو مرض " جنون المال :.

القاتل الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن