الثالث

528 18 0
                                    

الفصل الثالث..
اتفقت غزل مع السيدة دولت ان تذهب للمنزل هذا اليوم على ان تعود في اليوم التالي لتخبر والدتها و تحضر مستلزماتها التي ستحتاجها اثناء اقامتها في القصر معهم ، وخرجت من القصر عائدة للمنزل وهي تكاد تطير من السعادة لحصولها على عمل بمرتب كبير و اقامتها في القصر طوال الاسبوع و مسموح لها بقضاء يومي الخميس و الجمعة مع والدتها و العودة صباح يوم السبت.
كان هذا اكثر مما تحلم به غزل، العمل و الاقامة في نفس المكان و توفير جزء كبير من راتبها و ايضا توفير مبلغ المواصلات الي كانت ستقلها يوميا لو اضطرت للعمل في مكان اخر، وصلت غزل للمنزل ووجدت والدتها و شقيقها خالد في انتظارها لكن هذه المرة كانت مختلفة تماما، حيث كانت والدتها كوثر يبدو عليها القلق الشديد و الخوف ايضا اما خالد فكانت ترتسم على وجهه ابتسامة شيطانية و هدوء يشبه هدوء التماسيح قبل الانقضاض على فريستها .
فبادرتها السيدة كوثر بالسؤال قائلة: خير يا بنتي طمنيني عملتي ايه؟
لترد عليها غزل بفرح قائلة: الحمدلله يا ماما استلمت الشغل و من بكرة ان شاءالله هروح الصبح بدري عشان اتابع حالة عزام بيه.و قصت غزل ما دار من حوار بينها و بين دولت ليتدخل شقيقها و سبب شقائها خالد قائلا: انتي اتجننتي يا غزل ! ممرضة تشتغلي ممرضة و فين! في قصر ناس اغنياء زي دول و تباتي هناك؟؟ انتي عاوزة تفضحينا احنا نعرفهم منين دول عشان تباتي هناك الاسبوع كله و تجيلنا يومين بس و احنا منعرفش بتعملي ايه ولا بتكلمي مين و الا ايه حكايتك؟؟ لترد عليه غزل اخيرا قائلة بعصبية وقد انفجر بركانها الخامد من افعال شقيقها المتهور خالد و قد فهمت ما يلمح له قائلة: انت ايه يا اخي ارحمني باة شايفني واحدة رخيصة ممكن تبيع نفسها بالفلوس مرة تقولي استغلي جمالك و دلوقتي تقولي كلامك السم ده ارحمني باة انت ايه شيطان نفسك مسلطك علينا ليه؟؟ ليرد عليها بكل برود قائلا: انا كل همي مصلحتنا و انسي موضوع الشغل ده لانك هتتجوزي. لتتحجر عينيها هي ووالدتها و تجحظ تكاد تخرج من مكانها: اتجوز ايه؟ انت اتجننت عاوز تبيعني لواحد من الزبالة الي تعرفهم هيدفعلك تمني! انت مش بني ادم انا بكرهك انا بكرهك ليرد عليها بصفعة قوية تطرحها ارضا و ينزف فمها من قوة الصفعة و هي تبكي..
لتحتضنها والدتها وهي تصرخ فيه : اطلع بره ملكش دعوة بأختك انت فاهم قلبي غضبان عليك يا خالد روح من هنا سيبنا ف حالنا دلوقتي انت ايه شر مبتحسش عاوز تبيع اختك للي يدفعلك اكتر..ابعد عننا باة .ليخرج بعدها صافعا الباب خلفه بكل غل و حقد و هو ينوي ان ينفذ اتفاقه اللعين مع ذلك العجوز المتصابي ليقبض منه ثمن بيع اخته.
اما في قصر عزام الدمنهوري..
تفتح البوابة الخارجية للقصر ليدخل منها سيارتين دفع رباعي باللون الاسود تتوسطهما سيارة بيضاء كبيرة و بعد دخولهم من البوابة الالكترونية تغلق و ينزل رجال الحراسة من السيارتين و ينتشرون حول السيارة البيضاء ليفتح سائقها مسرعا الباب لينزل منها ذلك الشاب الذي اقل ما يقال عنه انه نجم سينمائي ، شاب وسيم لدرجة لا توصف وجسد رياضي ممشوق يدل على ان صاحبه يمارس العابا رياضية صعبة .هيبته تخطف القلوب يرتدي بذلة رسمية سوداء و شعره مصفف بعناية ذو لون اسود ثقيل و تسبقه رائحة عطره الجذابة من اغلى الماركات العالمية، لينزع نظارته الشمسية عن عينيه لتكشف عن نظرات ثاقبة كالصقر بلونها الازرق كالمحيط ، لكن هذه الهيبة الرائعة و الصورة الالهية الجميلة التي تراها لا تحمل بداخلها سوى قطعة حجر لا قلب بشري. ذلك الحجر الذي تعلم كيف يدهس من هو اضعف منه دون شفقة او رحمة، يكره بنات حواء بسبب عقدة قديمة كان سببها هجر والدته له وهو صغير.فنشا و تربى على كرهها و احتقارها وانها امرأة خائنة لا تصلح ان تكون أما .
دخل القصر بينما تلك العيون العسلية الخبيثة تراقبه من نافذة غرفتها وهي تحدث نفسها قائلة: مش هسيبك تفلت من ايدي يا جسور انت ملكي انا هفضل وراك لغاية ما تسلم الراية و تركع تحت رجليا، و الثروة دي كلها هتباة ملكي انا و بس وانا اباة صاحبة الامبراطورية دي معاك، اي حد هيحاول هيقف في طريق رغباتي هأذيه ايا كان هو مين. افاقت من شرودها على صوت طرقات الباب لتقول للطارق ان يدخل، فتجدها الافعى الام دولت لتقول لها ان جسور قد عاد من عمله وان الغداء جاهز و طلبت منها و اوصتها ان لا تترك فرصة الا و تتقرب منه كي تلفت انتباهه اليها.
لتنظر لنفسها في المراة حيث كانت ترتدي " هوت شورت قصير و قميصا ضيقا على جسدها يبرز تفاصيله يكاد يتمزق عليها و تضع حمرة شفاف باللون الاحمر القاني و تترك العنان لشعرها ينسدل على كتفيها و تخرج مسرعة من غرفتها متوجهة الى غرفة جسور وتفتحها كانها تقتحم ملكية خاصة لها دون استئذان من صاحب الغرفة و تدخل فجاة لتجده امامها عاري الصدر يقف ببنطاله فقط بعد ان نزع قميصه عنه.فتقف مكانها تتطلع اليه بنظرة اقل مايقال عنها انها اسد جائع يتغزل في فريسته قبل التهامها، فصرخ فيها بصوت جهوري : انتي غبية ازاي تدخلي عليا الاوضة كده من غير استئذان، اتفضلي بره.
لترد عليه و هي تقترب منه وهي تمرر يديها على صدره الصلب بلمساتها التي اثارت اشمئزازه و نفوره منها قائلة: ليه يا جسورتي بتتعصب عليا كده ! ده جزائي يعني عشان جاية اطمن عليك يا بيبي واشوفك محتاج حاجة و الا لاء ونقعد مع بعض شوية.فنزع يديها من على صدره كانه شعره بلدغة عقرب وقام بسحبها من يديها و اخرجها من الغرفة و صفع الباب في وجهها قائلا وهو يلهث من شدة غضبه كثور هائج: كلكم خونه كلكم رخاص مفيش واحدة فيكم محترمة كله بيجري ورا الفلوس و الشهوة.انا بكرهكم و بكرهك انتي كمان انتي السبب اني بقيت كده! بقيت جسد من غير قلب ولا روح عبارة عن الة بتتحرك للشغل و بس مفيش مشاعر ولا احساس.محدش يستاهل الشفقة كلكم حشرات تستاهل الدهس بالجزم.بينما هو في هذه الحالة التي يرثى لها كانت عينيه تكاد تنفجر حممها البركانية من الدموع التي يمنعها من الهبوط لتريح قلبه.كأنه يرفض حتى الشعور بالضعف امام نفسه، فقام بتحطيم كل ما تطاله يده في الغرفة حتى يفرغ شحنة غضبه كاملة.وبعد ان هدا نسبيا دلف لحمام غرفته ليقف تحت المياه علها تطفىء نار جسده و عقله.انتهى من اخذ حمامه و خرج يرتدي ملابسه و نزل اليهم لتناول الغداء، وما ان اجتمعوا معا حتى اتت الخادمة تدفع امامها الكرسي المتحرك يجلس عليه عزام الدمنهوري رجل كالذئب المتربص باعدائه ينظر اليهم نظرات تخترق عقولهم لتعرف ما يدور فيها، جميعهم وقفوا احتراما له و ااستقر بكرسيه على راس طاولة الطعلم و اشار اليهم بالجلوس .جلسوا جميعا و بداوا بتناول الطعام وسط صمت الجميع فتحدث عزام موجها حديثه لجسور قائلا: خير يا جسور كنت بتزعق من شوية ليه حاجة مدايقاك ف الشغل؟ ليرد عليه جسور وهو ينظر بطرف عينيه الى نانسي الجالسة بجانب والدتها وهي مرتبكة تكاد تذوب من شدة خوفها ان يفضح جسور فعلتها المقززة معه قائلا: ابدا يا بابا كان في مشكلة بسيطة ف الشغل موظفة غلطت ف الشغل و انا كنت بمسح بيها الارض وانا بكلمها، اكتفيت بس اني بهدلتها المرادي انما لو كررتها تاني هدهسها بجزمتي زي الحشرة .عند هذه الكلمة نظر عزام لنانسي وجدها تكاد تنفجر من الغيظ من حديث جسور فقال له وهو يرمي نانسي بكلماته كسهام مسمومة: النوعية الي زي دي اما تغلط و ماتاخدش جزاءها وقتي هتسوق فيها و ممكن تكررها تاني انما لو اتعاقبت عقاب شديد يربيها هتفكر الف مرة قبل ما تكرر الغلط ده، واظن انت عارف كويس يا جسور ايه العقاب المناسب للي زيها!.
ليرد جسور قائلا: طبعا عارف يا بابا متخفش هي اكيد اتعلمت و فهمت حدودها كويس و المرة الجاية هتباة نهايتها ف اللعبة قال هذه الكلمات وهو يشدد على حروفها و يقطع شريحة اللحم امامه في الطبق بطريقة تقلق نانسي كانه يتلذذ بتعذيب شريحة اللحم امامه.لم تفهم دولت ان الحديث موجه لابنتها نانسي ولم تفهم معناه و الرسالة الموجهة اليها من خلاله ف بدات بالحديث لتقول بنبرة حانية غيرمعهودة منها اتجاه عزام: المهم اخويا حبيبي انا نزلت اعلان طلبت فيه ممرضة عشان ترعاك كويس و جتلي النهارده بنت كويسة هي واضح انها مستوى بسيط بس هتنفع هتخاف على شغلها و على صحتك كويس و تهتم بيك اكتر.نظر اليها عزام نظرة تفهمها هي جيدا ليقول لها بجمود: اكيد طبعا اختي الغالية خايفة على صحتي ، بس هقابلها و اشوفها لو تنفع و هتسمع كلامي انا والا لاء.و لو فعلا خايفة على صحتي و شغلها تسمع تعليماتي انا و بس ولو غلطت هيكون مصيرها معروف زي اي حد بيغلط مع عزام الدمنهوري او يحاول ياذيه. نظرت له باستغراب كانها تتعجب منه لما يتحدث هكذا عن الفتاة ولم يرها بعد؟ لتقول في نفسها انه ربما يرسل اليها رسالة تهديد غير مباشر.لكن شيطان نفسها مازال يتحكم فيها لترد عليه بابتسامة مزيفة : اكيد طبعا يا حبيبي كلامك الي هيمشي و ان شاءالله تعجبك و تكمل معانا انا شايفاها هادية و مطيعة و بتسمع الكلام.
ليدق جرس الباب في هذه اللحظة فتفتح الخادمة لتجد كابتن طيار امامها يرتدي البذلة الرسمية عائدا من رحلته للتو فتقول لهم : ده صقر بيه رجع م السفر فيدخل عليهم مبتسما و يسلم عليهم جميعا و يحتضن جسور شقيقه و يقبل عمته دولت وزوجها محسن و يسلم على ابنتي عمته نانسي و ريم.
فيجلس معهم على طاولة الطعام و يبدا في الحديث و القاء النكات التي جعلت عزام يضحك من قلبه حتى ادمعت عينيه و يتغير الجو السائد بينهم الى مرح و سعادة بوجود صقر الاخ الاصغر لجسور لكنه عكسه تماما مرح يحب المزاح دائما ما يقضي اوقات اجازته ف السهر مع الفتيات و اللهو معهن لكنه لم يحب احداهن حتر الان و يرى الحب مضيعة للوقت.
بعد انتهاء الجميع من طعام الغدا و انصراف كل منهم لغرفته او متابعة ما ينتظره من اعمال، دلف صقر الى غرفة شقيقه جسور ليتحدث معه و يعرف منه ماحدث اثناء غيابه في رحلته الاخيرة .جلسا سويا يتسامران و يتحدثان و علم صقر ان هناك فتاة ممرضة سوف تاتي للعمل لديهم لمتابعة حالة والدهم. ف ابتسم صقر ابتسامة كبيرة ملأت وجهه قائلا: ايوة صنف جديد الواحد ممكن يجربه و يتسلى شوية و زي ماقولت بنت غلبانة و هتشتغل هنا يباة قدامي فرصة اجرب اللعب ده مع نوع تاني غير بنات العائلات الغنية المستوى العالي و يضحك بصوت عالي وهو يرسم احلامه مع تلك القادمة اليهم غدا.اما جسور فغضب من تفكير شقيقه وقال له محذرا: اياك يا صقر تقرب م البنت دي .دي جاية لمهمة محددة و هي الاهتمام بصحة والدك و تاخد بالها من علاجه و مش جاية عشان تتسلى .انت فاهم؟ فيرد عليه صقر مبتسما: وماله تاخد بالها من صحة بابا و من صحتي انا كمان اصلي محتاج شوية فيتامينات و يغمز لجسور بعينيه ضاحكا، فيقذفه جسور بالوسادة و يامره بالخروج من الغرفة محذرا اياه ثانية وهو يضحك.
لم يكونا يعلمان ان هناك من تابع الحديث من بدايته و سمع كل كلمة قيلت ف الغرفة بينهما وهو يبتسم كشيطان سعيد بقربان يقدم اليه لتزيد قوته و جبروته.

القاتل الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن