الفصل الرابع..
شقة غزل..
كان الوضع اشبه ببركان يكاد ينفجر من شدة غيظه و عدم قدرته على احتواء حممه الملتهبة، تماما هو مايحدث الان في شقة غزل ووالدتها كوثر.
لتبدا كوثر حديثها قائلة: وبعدين يا غزل يا بنتي اخوكي خالد انا عارفاه خايفة ينفذ كلامه و نلاقيه داخل علينا و الماذون ف ايده و يكتب كتابك ع الراجل الشايب ده،ساعتها هنعمل ايه؟
لتتفاجأ غزل بحديث والدتها كان دلو ماء بارد سقط فوق راسها قائلة بنبرة باكية: يا ماما انا مش هتحمل ان ده يحصل دي هتباة مصيبة الراجل ده متجوز اتنين و انا مش هضيع عمري مع راجل قد ابويا و كمان هيخليني خدامة ليهم و لاولادهم .الموت اهون عليا اني اسلم نفسي لراجل زي ده..دبريني يا ماما اعمل ايه اعمل ايه؟ و اخذت تبكي و هي تندب حظها العثر الذي اوقعها في براثن ذلك الاخ المبتلى بعشقه للمال و انعدام نخوته و رغبته في بيع شقيقته بالمال لمن يدفع اكثر تحت مسمى الزواج.
فجاة طرأت فكرة على والدتها فأخبرتها قائلة: بصي يا غزل انتي لا هتتجوزي الراجل ولا هتنفذي كلام اخوكي.احسن حاجة بكرة الصبح يا بنتي تاخدي هدومك معاكي و تروحي تعيشي ف القصر زي ما اتفقتي مع الست دولت و خليكي هناك و كويس ان اخوكي ميعرفش عنوان القصر و خليكي هناك يا حبيبتي لغاية ما ربنا يهديه و يشيل الفكرة دي من دماغه نهائي . لتقول لها غزل: يعني عاوزاني اعيش هناك على طول يا ماما من غير ما اشوفك او اطمن عليكي طيب العلاج بتاعك مين يجبهولك و اطمن ازاي على صحتك؟
لترد عليها كوثر قائلة: متخفيش يا حبيبتي انا هاخد بالي من نفسي و هجيب علاجي بس انتي المهم تمشي من هنا عشان اخوكي ميعرفش يوصلك وانا هكبمك ف التليفون اطمن عليكي لما اكون لوحدي ف الشقة المهم ان خالد ميعرفش طريقك يا حبيبتي. فاحتضنتها غزل و هي تبكي حالها و حال والدتها المغلوبة على امرها و قامت بتجهيز حقيبة وضعت بها اغلب ملابسها حتى لا تضطر للعودة لتاخذ شيئا من الشقة و تجد خالد بها.و لحسن حظها ان خالد لم يعد للمنزل تلك الليلةو في الصباح استيقظت غزل مسرعة و ادت فرضها و احتضنت والدتها مودعة اياها على امل ان تلقاها ثانية و ان يكون خالد قد تراجع عن فكرة تزويجها للعجوز المتصابي.
و استقلت سيارة اجرة و توجهت للقصر صباحا وصلت اما البوابة وقت الجرس ففتح لها الحارس عم سيد مبتسما : صباح الخير يا بنتي حمدالله ع السلامة.
فترد عليه غزل بابتسامة صافية: صباح النور يا عم سيد . دولت هانم صحيت؟
فرد عليها: لسه يا بنتي تعالي اقعدي معايا هنا لغلية ما تصحى او عزام بيه عشان تتعرفي عليه.شكرته و جلست بجانبه على الاريكة في حديقة القصر و تحدث معها قليلا وسالته عن القصر و عزام بيه و طباعه فقال لها محذرا " شوفي يا بنتي انا معاهم من زمان اوي من ساعة ماكان عزام بيه لسه متجوز جديد و عشت ف القصر ده على قد ما عشت ماشي بمبدا واحد عشان احافظ على اكل عيشي.لا ارى لا اسمع لا اتكلم و عمري ما اتدخلت ف حاجة متخصنيش و كل تركيزي ف شغلي.و اهم حاجة طالما انتي هتباي ممرضة عزام بيه يباة تسمعي كلامه و ملكيش دعوة بحد تاني.و خلي بالك من نانسي الست الصغيرة بنت دولت هانم، لانها طالعة فيها و مغرورة اوي ربنا يهديها اما ريم اختها الصغيرة بنت حلال و متواضعة جدا عمرها ماقالتلي كلمة وحشة ولا اتعاملت معايا بطريقة تزعلني، طيبة جدا ربنا يباركلها، المهم الكلام خدنا و نسيت اعملك شاي و الا تفطري معايا احسن؟ فردت عليه بابتسامتها المعهودة: ربنا يكرمك يا عم سيد مش عاوزة اتعبك.فقال لها: متقوليش كده انتي زي بنتي حالا هعملك الشاي و نفطر سوا .
و بعد الانتهاء من تناول الافطار و الشاي بسرعة قام بطرق باب القصر ففتحت له الخادمة و ادخلت غزل للداخل ووجدت دولت و محسن و نانسي و ريم على مائدة الافطار و معهم جسور و صقر و عزام و هويدا ابنة عزام الصغرى.ف قالت لها دولت : تعالي يا غزل.. اعرفك عزام بيه الدمنهوري اخويا و كبير العيلة و هيقعد معاكي عشان تعرفي هتعملي ايه.
فترد عليها غزل و هي تكاد تموت خجلا من كل تلك العيون التي تتفحصها من راسها حتى قدميها قائلة: تحت امرك دولت هانم.اي اوامر تانية؟ وقبل ان ترد عليها دولت قاطعها عزام قائلا: من هنا و رايح يا غزل هتاخدي تعليماتك مني انا شخصيا و اتفضلي دلوقتي على اوضة المكتب عشان تعرفي نظامي. لم تغفل عيني عزام عن ذلك الصقر الجالس معهم على مائدة الافطار الذي ابتسم بشكل غريب عندما راي غزل كانه وجد شيئا ضائعا منه و ابتسم بسعادة لعودته ثانية.اما جسور فكانت نظرته لغزل مختلفة تماما فكان ينظر لها باعجاب و لمعة عينيه لم تخف على والده لكن من لم يعجبه تلك النظرة نهائيا تلك الحية الرقطاء نانسي حيث كانت نظرتها لغزل اشبه بسكين حاد تتمنى ان تقطعها بها حتى ترتاح منها ، فهي بحدسها كانثى رات نظرت الاعجاب في عيني جسور و صقر و ترى امامها غزل فتاة جميلة جدا و بسيطة و محتشمة اي انها بهذه المواصفات ستكون منافستها على قلب جسور.
( مسكينة تلك البائسة نانسي لم تتعظ من فعلتها السابقة مع جسور و تحذيره لها هو و والده عزام، ويبدو انها لن تتراجع عن افعالها الا عندما تتورط في كارثة تودي بحياتها).
دخلت غزل المكتب منبهرة باثاثه و الوانه و اللوحات الموضوعة بعناية و ترتيب منسق على الحائط. رات امامها صور لافراد العائلة جميعا عزام و اولاده و دولت و زوجها وبناتها وما لفت انتباهها صورة تجمع لشاب وسيم بشكل جذاب وهو يمسك باسد صغير يلاعبه، لم تكن تلك الصورة الا لجسور وهو يلاعب شبله الصغير رعد.
انبهرت بملامح جسور في تلك الصورة و ظلت تحدق بها و هي مبتسمة و لم تشعر بذلك الذي يراقبها امام باب المكتب و فجاة سمعت صوته من خلفها قائلا: ابني جسور، ده ابني الكبير و دراعي اليمين ف الشركة و هو الي هيباة كبير العيلة بعدي ان شاءالله.و اشار لصورة صقر قائلا: ده ابني التاني صقر طيار و مبيقعدش ف القصر كتير يستحسن تخلي بالك منه لانه بيحب الهزار و التسلية كتير اظن فاهماني؟ لتومئ براسها موافقة على حديثه .فيكمل تعريفها بقية العائلة من الصور و دي دولت اتعرفتي عليها هي اختي شقيقتي و من الافضل اي حوار يدور بينا محدش يعرف بيه ده لمصلحتك لو عايزة تكملي معايا و تعيشي ف امبراطورية الدمنهوري؟ اما دي بنتي هويدا و دول باة بنات دولت و محسن جوزها ده و يباوا نانسي و ريم.مواعيد الدواء هتلاقيها ف الجدول و في حقنة لازم تخلي بالك كويس اوي منها باخدها ف الوريد مينغعش تتبدل مع النوع التاني من الحقن لانها ممكن تعمل جلطة فجاة و تموت.فهمتي؟ و الكلام ده محدش يعرفه غيري و انتي دلوقتي مفهوم؟
اومأت براسها موافقة على حديثه و هي خائفة و تود لو هربت من امامه و هي تشعر كانها وقعت بين شقي الرحى و تدعو الله ان تخرج من هذا البيت سالمة .
فاخبرها ان غرفتها ستكون بجوار غرفته في الطابق الارضي لتكون قريبة منه وقتما احتاجها في اي شيء.و سمح لها بالانصراف و اخذتها الخادمة لغرفتها و وضعت ملابسها ف الخزانة الخاصة بها و سمعت طرق الباب ففتحته وجدت امامها ريم مبتسمو ابتسامة عذبة قائلة: هاي ازيك يا غزل انا ريم بنت مدام دولت ممكن ادخل؟ ابتسمت لها غزل و قالت لها: طبعا انتي بتستاذني ده بيتك اتفضلي انسة ريم
فدخلت ريم الغرفة و هي تشكرها قائلة: ميرسس اوي لزوءك يا غزل بس قوليلي ريم من غير اي القاب اتفقنا؟
ردت عليها غزل قائلة: هحاول بس باذن الله. تحدثتا سوية و علمت ريم عن حياة غزل الجزء اليسير عنها و عن والدتها و لكنها لم تخبرها شيئا عن خالد شقيقها .و انتهى الحديث بينهما و اتفقتا على ان تجلسا ثانية ليتحدثا سوية.و انصرفت ريم من غرفة غزل و صعدت لغرفتها.و ارتدت غزل ملابسها و اسعدت للخروج وخرجت من غرفتها متوجهة لغرفة عزام حيث يجلس الان لتعرف مواعيد ادويته و الحقن الخاصة به.وهي في طريقها الى غرفته استوقفها جسور قائلا: خير رايحة اوضة بابا ليه؟
تفاجأت من وجوده امامها فجاة و ردت عليه قائلة: كنت رايحة لعزام بيه عشان مواعيد علاجه و .... فقاطعها قائلا: خلاص خلاص تقدري تتفضلي.عن اذنك
فانصرف من امامها وهي تقف حائرة في امره، ف جسور يبدو من الوهلة لاولى لمن لا يعرفه جيدا انه شخص لطيف ذو قلب طيب و هادىء الطباع لكن من يتعامل معه عن قرب يصدم بأسلوبه الهجومي في الحديث، لكنها كانت حائرة اكثر في هيئته التي سلبت عقلها منذ رات صورته المعلقة في مكتب والده. لكنها حدثت نفسها قائلة ..فوقي لنفسك يا غزل بلاش تحلمي انتي غلبانة هتروحي فين وسط العيلة دي ركزي ف اكل عيشك عشان والدتك الغلبانة الي ملهاش غيرك.
و اكملت طريقها لغرفة عزام و طرقت الباب و انتظرت الرد. فسمعته يامرها بالدخول، فدخلت الغرفة فوجدته جالسا على كرسيه المتحرك و امامه طاولة صغيرة عليها انواع مختلفة من الادوية ف قال لها ان تقترب و تجلس ، اطاعته و جلست امامه فاخبرها بانواع الادوية و الحقنة المطلوبة و عرفت تماما مواعيد الدواء و الحقنه . فاستأذنت منه بالانصراف لكنه باغتها بالسؤال قائلا: جسور كان بيقولك ايه دلوقتي؟ نظرت له متعجبة من حديثه و كيف سمع حوارها مع جسور و قد كانا بعيدين عن الغرفة الخاصة بعزام! فقال لها قبل ان تتحدث و هو يسلط نظره داخل عينيها كانه يقرا افكارها: غزل من مصلحتك انك تباي صريحة معايا ف اي سؤال اوجهولك، و اياكي تكدبي عليا لان عزام الدمنهوري اكتر حاجة بيكرهها هي الكدب و الخيانة، خليكي صريحة معايا و لو حد حاول يدايقك عرفيني انا او جسور. جسور هيكون كبير العيلة من بعدي. فاهمة يا غزل؟
اسرار علاجي متخرجش بره الاوضة دي و اي كلمة تخرج براكي هعرف، زي ماعرفت بكلامك مع جسور و عارف دلوقتي انك خايفة مني و بتسالي نفسك انا عرفت بالكلام الي دار بينكم ازاي.صحيح انا قاعد على كرسي متحرك بس عارف كل واحد منهم ايه الي بيدور جواه و اي كلمة بتتقال بره اوضتي بباة عارف ف ساعتها.يباة من مصلحتك تكوني صريحة معايا عشان تفضلي ماشية على رجليكي و الا هيكون مصيرك زي مصير الي قبلك. و و لكي ان تتخيلي مصير اعداء عزام الدمنهوري بيباة ايه! فاهمة؟؟ اومأت براسها و هي تكاد تختنق من توترها و الارتباك الشديد الذي احست به من تهديده المباشر لها .ف أمرها باشارة من يديه ان تخرج من الغرفة فنهضت مسرعة و خرجت من الغرفة و هي تلتقط انفاسها و تكاد تسمع دقات قلبها كطبول الحرب من شدة خوفها من عزام. ذلك الرجل الذي اصابها بالرعب من حديثه و نظرته التي احست كانها تخترق عقلها .لكنها خرجت مرتعدة وهي غافلة عن تلك الاعين التي تراقبها منذ وصلت القصر و تترصدها و تراقب حركاتها.
ترى من هذا الذي يراقبها ؟ وماذا يريد منها؟ هل حقا عزام شيطان في هيئة رجل ام انه يمتلك جانبا طيبا يخفيه عن الجميع لا يختص به احد سوى ولديه جسور و صقر؟؟