الخامس

457 19 0
                                    

الفصل الخامس..
خرجت غزل مسرعة من غرفة عزام وهي تلتقط انفاسها من الخوف من حديث هذا الرجل الغامض المخيف ، و توجهت مباشرة خارج القصر لتجلس ف الحديقة تستنشق بعض الهواء لترتاح نفسيا من ضغط تلك اللحظات التي مرت بها امام عزام ، و بينما هي جالسة ف الحديقة كان جسور ينظر اليها من خلف شرفة غرفته و يتأملها شاردا في ملامحها ، لم يشعر الا بذلك الصوت قادما من خلفه و ايقن من صاحبته التي يكرهها جدا. لتقف خلفه قائلة : ممم واقف لوحدك ليه يا جسورتي؟؟ و الفت نظرة حيث تستقر عيناه فقالت مغتاظة و سؤالها يملؤه الحقد و الخبث : وااااو جسور بيه الدمنهوري معجب بحته بنت ممرضة عند اونكل عزام!! مش معقول انت مستواك باة لوووكل اوي يا جسورتي.. باة تسيب بنات العائلات المستوى و تبص ل دي؟! قالتها و هي تشير لغزل بملامح مشمئزة و تكبر واضح في كلماتها.
حسنا لم يحتمل هذه المخلوقة المستفزة او الحشرة كما يصفها هي و بنات حواء وامسك بيدها بقبضة قوية تكاد تحطم اصابعها قائلا بصوت يشبه فحيح الافعى : جسور الدمنهوري محدش يقوله يختار ايه او يعمل ايه.. وانتي فاهمة كويس اني لما بحط حاجة ف دماغي بنفذها و مش انتي والا اي واحدة زيك او اقل الي هتخليني اغير رايي فيكم انتوا حشرات فاهمة يعني ايه ح ش راااااات!! يعني تستاهلوا الدهس بالجزم، كلكم تستحقوا الموت .فاهمة الموووت يا نانسي هانم و احسنلك تبعدي عن طريقي لاني مش هسمح لحشرة منكم تدخل حياتي و تخرب نظامي الي بنيته...انتي فاااهمة؟ اطلعي بره بره.. لتخرج مسرعة و هي تردد كلمة مجنون اكيد ده مجنون مش طبيعي .بس انا هوريك يا جسور يا انا يا البت التافهة دي ف البيت و الله لاطيرها من هنا واباة ساعتها وريني هتساعدها ازاي. لتدخل غرفتها و هي ترى شياطين الارض تتراقص امام عينيها ليزيدوا من حنقها و سخطها ، فجاة صمتت و هي تبتسم ابتسامة شيطانية و عينيها تلمع بخبث محدثة نفسها : ايوة هي دي ..الطريقة الوحيدة الي تخلصني من غزل و اونكل عزام عشان الثروة تباة في ايدنا كلها و ساعتها جسور مش هيلاقي غيري جمبه و اكون الصدر الحنين الي يهون عليه.. يا خسارة يا اونكل عزام هتوحشنا اووووي بس اسفة باة مصلحتي اهم و تطلق ضحكة شيطانية خبيثة و هي ترسم خطتها المجنونة التي تنوي تنفيذها حتى تصل للثروة التي استحوذت تفكيرها.
و تمر الشهور و غزل تعمل بجد و نشاط في متابعة حالة عزام الصحية و تعطيه دواءه ولم تتاخر يوما عن موعده ، و في نفس الوقت تحدث والدتها في الهاتف لتطمئن ليها و علمت منها ان خالد منذ ذلك اليوم لم يعد للمنزل ولا تعلم عنه شيئا فقالت غزل لوالدتها انها تعمل منذ شهور و لم تطلب اجازة لو يوما واحدا سوف تاخذ الاذن من السيد عزام لتذهب لزيارة والدتها .. بعد ان اغلقت معها الخط قابلتها هويدا و ريم و طلبتا منها الانضمام للحديث معهما فوافقت و ذهبن الثلاثة للحديقة يتحدثن سوية في مختلف الامور تارة في احدث صيحات الموضة و تارة اخرى عن الافلام الحديثة و طرق الاخراج و غيرها من هذه الامور التي تعشقها ريم.. فسالتها غزل : بس انتي يا ريم ما شاءالله دماغك حلوة اوي واضح ان هيبقالك مستقبل كبير في الاخراج و السينما بس ليه مكملتيش و حققتي حلمك؟ لترد عليها ريم و هي حزينة قائلة : اونكل عزام رافض و مش عاوز يديني فرصة اسافر بره مع اني قدمت كتير هنا ف كذا معهد تمثيل و عملت اختبارات و اتقبلت و هو عارف ان عندي موهبة تمثيل و تاليف بس رافض عاوزني امشي على رايه و انفذ الي شايفه هو صح و مش مهم رغبتي.
فتتحدث هويدا قائلة: وليه تتعبي نفسك حبيبتي فكري ف حاجة احسن ، حاجة استايل كده او اقولك نروح النادي يمكن نتعرف على ناس جديدة و تباة مفاجاة باة لو لقيت الفارس الي بدور عليه و يباة هاي كلاس مستوى واااو و اسافر معاه اوروبا و كل يوم ف بلد جديدة..حاجة خيال يا ريمو و الا ايه رايك يا غزل!
كانت سترد عليها غزل لكنها تذكرت موعد دواء عزام فصرخت قائلة: يا نهار ابيض الكلام خدني معاكم و نسيت علاج عزام بيه. و نهضت مسرعة تركض باتجاه الغرفة الخاصة بعزام و من تسرعها فتحت باب الغرفة و فجاة جحظت عينيها مما راته امامها ، كادت المفاجاة ان تعقد لسانها .. فما راته لم يكن متوقعا بالمرة، فقد رات عزام واقفا امامها على قدميه و يدخن سيجارا امام شرفة الغرفة وراء الستار حتى لايراه احد. فامرها ان تغلق الباب و تتقدم منه فنفذت طلبه و هي ترتجف خوفا منه فجلس على كرسيه المتحرك و طلب منها الجلوس قربه قائلا: طبعا انتي مش مصدقة الي شايفاه و فاكرة ان العلاج خلاني اخف ! بس احب اقولك اني مكنتش مشلول اصلا.
لتنظر له متفاجئة غير قادرة على الكلام فيكمل حديثه معها: غزل انا مكنتش مشلول اصلا دي كانت لعبة عملتها بالاتفاق مع الدكتور عشان اعرف كل واحد على حقيقته ف القصر ده مخبيلي ايه جواه .وفعلا اكتشفت حاجات كتير اوي.مثلا اختى شقيقتي دولت بتخطط انها تجوز بناتها نانسي و ريم من ولادي جسور و صقر عشان تسترد الثروة الي هي شايفة اني سرقتها منها . هي فعلا معاها حق انا كنت اناني جدا و فضلت اقنع والدي الله يرحمه انه يكتبلي كل حاجة باسمي بحجة ان اختي طايشة و هتضيع نصيبها لو استلمته بنفسها واني هحافظلها عليه لغاية ما تباة قادرة انها تدير نصيبها من الثروة ولاني عارف انها ف الوقت ده كانت هي و محسن ابن خالتي بيحبوا بعض و ممكن تاخد نصيبها و تسلمه ليه ف اخدت كل حاجة باسمي و خليته يشتغل تحت ايدي ف الشركة عشان يباة تحت عيني و اضمن انه ميحاولش يلعب بديله معايا .المهم بعد ما اتجوزها و انا اتجوزت ام الاولاد حصلت مشاكل بينا كبيرة اوي و لاني مكنتش بفكر غير ف نفسي و بس و اناني جدا مبقتش اهتم غير بالشغل و بس و ازاي اكبر الثروة دي ولما عرفت ان مراتي حامل فجسور كنت فرحان جدا قولت هو ده الي هيكبر الامبراطورية من بعدي و فعلا لما هي ولدت جسور بقيت اهتم بيه اكتر من اي حد حتى اختي نفسها و جوزها مبقتش اسال فيهم ، و بعدها بفترة حملت ف صقر زادت فرحتي بالحمل ده جدا و بقيت منتظر اليوم هيشرف فيه صقر و الحمدلله اول ما وصل الدنيا عملت حفلة كبيرة احتفالا بيه هو وجسور و والدتهم مكنتش بهتم بيها الا واجب بس قدام الناس. و بعد 3 او 4 سنين حصل حملها الاخير ف هويدا ولما ولدت حبيت اهتم بالبنت غير الولدين دلعتها و طلباتها مجابة بس للاسف طلعت زي ما انتي شايفة معندهاش اي اهتمام باي حاجة مفيدة و باة كل اهتمامها الخروج و الفسح و البحث عن فارس الاحلام زي ماقالتلك من شوية. اما والدتهم ف زهقت من حياتها معايا و تعبت من اهمالي ليها وطلبت الطلاق و تمشي بالاولاد.. انا هدتها لو مبعدتش عنهم هقتلهم احسن ما تاخدهم بعيد عني و هي عشان خافت مني عليهم وافقت و طلقتها و بعدت عننا بس عشان اطمن انها مش هتحاول ترجع ف يوم تطالب بيهم او تقابل حد منهم كان لازم اخرجها من حياتي للابد و فعلا حصل و اتسجنت و ماتت ف السجن. كلامي ده يا ويلك لو حد عرف بيه ساعتها مش هكتفي بنفس عقاب امهم ليكي، لاااا عقابك هيكون ابشع مما تتخيلي.
( لااا هذه المرة لم تعد تحتمل ما هذا الرجل كيف يعرف بما يدور بينهم من حوار سوف تجن لذلك سالته : حضرتك عرفت ازاي الكلام الي دار بيني و بين جسور؟ و دلوقتي كلامي مع ريم ؟ ولم تكمل جملتها حتى قال لها : و عارف كمان بالحوار الي دار بينك و بين والدتك ف المكالمة من شوية وكلامك عن خالد اخوكي... على فكرة خالد ف السجن .
نظرت له مصدومة من حديثه قائلة : في السجن؟؟ ازاي و ليه و من امتى؟؟ حضرتك عرفت ازاي؟؟
نظر لها عزام بغموض قائلا : مبقاش عزام الدمنهوري صاحب الامبراطورية دي لو معرفتش كل حاجة عن الناس الي حواليا. انا عرفت كل حاجة عنك من ساعة ما جيتي اول مرة تقابلي فيها دولت عشان الاعلان لغاية دلوقتي ، يعني انتي كتاب مفتوح بالنسبالي و لاني شوفت منك الصدق و الامانة و بتنفذي تعليماتي استمريتي معايا هنا و اتمنى تفضلي كده .. ودلوقتي اتفضلي تقدري تروحي تشوفي والدتك و تطمني عليها و ده مبلغ مكافاة ليكي على تعبك معايا و حفظك اسراري.. هنتظرك اما ترجعي عشان في موضوع مهم لازم تعرفيه.يلا اتفضلي.
خرجت من غرفته و الارض تميد بها و تكاد تسقط ارضا من هول المفاجأت التي سقطت فوق راسها و لكنها قبل ان تسقط وجدت يديه تلتف حولها و تساندها جيدا .فرفعت نظرها الى صاحب تلك اليدين لتجده جسور ينظر اليها بقلق عليها و سالها بلهفة : مالك يا غزل انتي تعبانة؟! ف اجابته بايماءة من راسها بمعنى لا . فسالها ان كانت بحاجة لطبيب فاخبرته انها مجهدة فقط و سوف ترتاح قليلا.. فتركها ووقف مكانه يستاءل عن سر تلك النظرة الحزينة في عيني غزل. فسمع والده يطلبه ليحضر اليه .فطرق باب الغرفة و استاذن بالدخول و فتح الباب ليجد والده جالسا على كرسيه المتحرك فاقترب منه قائلا : خير يا بابا محتاج حاجة؟
فاجابه قائلا : عاوزك تبلغ الكل ان في اجتماع مهم الليلة ولازم يحضروه عشان في حدث مهم اوي هيحصل و اخوك صقر بلغه ميخرجش يسهر الليلة. مفهوم يا جسور؟ ليرد عليه قائلا بحيرة : حاضر يا بابا بس ايه الحاجة المهمة اوي الي هتخلينا نتجمع كلنا الليلة؟
صمت عزام قليلا و أجابه: لما تنجمعوا هتعرفوا عاوز منكم ايه و ياريت محدش يتاخر، تقدر تتفضل دلوقتي.. ليخرج جسور من غرفة والده وهو لايفهم مايحدث لكن ينتابه شعور سيء ان هناك امر ما على وشك الحدوث الليلة لكنه سينتظر حتى يعلم خلال اجتماع العائلة و انصرف ليخبرهم جميعا بامر الاجتماع الطارىء الواجب عليهم حضوره جميعا دون تاخير.
على الجانب الاخر بعد ساعة تقريبا ، يحدث امر اخر...
طرف اول: الو ايوة يا رفعت حضرت الي قولتلك عليه؟
رفعت : اكيد طبعا حضرته من وقت ما اتفقنا و جاهز ع التنفيذ منتظر اشارتك بس.
طرف اول : تمام بمجرد ما اخلص الليلة هبلغك تنفذ على طول من غير ماحد يعرف.سلام
وهنا وصلت غزل شقة والدتها بعد ان اشترت مستلزمات المنزل و دواء والدتها و صعدت اليها بسرعة متلهفة لرؤيتها و ما ان دخلت من باب الشقة حتى صرخت ؛ وجدت والدتها السيدة كوثر مغشيا عليها ارضا فركضت اليها و حاولت افاقتها فاحضرت كوبا من الماء و اخذت تنثر بضع قطرات منه على وجه والدتها حتى استعادت وعيها وساعدتها على النهوض و الذهاب للفراش فسالتها غزل قلقة على والدتها: مالك ماما حبيبتي ايه الي حصل انتي مخدتيش علاجك؟ طمنيني في ايه؟
لترد عليها كوثر بعينين دامعتين: اخوكي خالد يا بنتي في السجن.بقاله كام شهر اهه و لسه سنين الحبس ع الي عمله و اخذت تبكي بحرقة على ما آل اليه مصير ولدها ذلك الابن العاق. فتنهدت غزل بصعوبة محاولة تهدئة والدتها قائلة : قدر الله و ماشاء فعل يا ماما ، بس انتي عرفتي ازاي ده لسه عزام بيه مبلغني بالخبر ده لما طلبت منه اجي ازورك.عرفتي منين؟
فاخبرتها كوثر ان شابا غريبا جاء لزيارتها و اخبرها انه خرج حديثا من السجن و كان معه خالد ولدها و قد طلب منه ان يذهب لوالدته ليخبرها بما حدث معه.فسالتها غزل : عرفتي دخل السجن ف ايه؟
فردت عليها كوثر بقهر واضح: ااه يا ابني اخرة الغلط وحشة، الشاب ده قالي على لسان اخوكي :
فلاش بالك :..
ماشي يا غزل انا هعرف ازاي انفذ كلامي و تتجوزي الراجل ده ، و ذهب خالد للجلوس ف المقهى مع اصدقاء السوء و بدا الحديث معهم وهو في قمة عصبيته : ايه مالكم بتبصولي كده ليه في حاجة؟ فقال احدهم : مالك يا عم انت عفاريت الدنيا بترقص قدامك و الا ايه؟و الا البت اختك لسه عاصية عليك و مش عاوزة تسمع الكلام؟ معلش باة الظاهر مش مالي عينها و مش شايفاك قد القول يا كبير هههههههههههه وبدوا بالضحك عليه جميعا ف اشتغل غضبه اكثر و امسك صاحبه من قمصه صارخا فيه: مين ده الي مالي عينها يا واد انت ؟ و تعصى على مين انت اتهبلت؟ محدش يقدر يكسر كلامي انت فاهم؟
فرد عليه صاحبه محاولا الافلات من قبضته: ياعم اسكت باة انت فاكرني عبيط مش هي الي بتصرف عليك و انت قاعد زي خيبتها كده؟
لو يعد يحتمل عند هذه الكلمات و اخذ يضرب صاحبه حتى اغشي عليه مما احدثه به من اصابات و تجمهر الناس و تم القبض عليه و حكم عليه ب خمسة اشهر.

عودة للوقت الحالي..
بس يا بنتي ده الي عرفته م الشاب ده و اخوكي من خوفه علينا مرضيش يبهدلنا وراه ف الاقسام ، ربنا يفك كربك يا ابني و يهديك و يكفيك شر نفسك.
فربتت غزل على كتف والدتها محتضنة اياها : ادعيله يا ماما ربنا يفرجها عليه و يهديه.. انا هكلم عزام بيه يمكن يقدر يساعدني و يشوفلي محامي يلاقي حل ف قضية خالد.ربنا يسهلها فسالتها والدتها كيف تسير امورها ف العمل في ذلك القصر؟ فاخبرتها ان كل شيء على مايرام و لا داعي للقلق.. و استاذنت من والدتها للانصراف حتى لا تتاخر على موعد دواء عزام بيه و انصرفت.
بعد وصول غزل للقصر و الدخول للصالة و جدتهم جميعا ف انتظارها و عزام ايضا و معهم شيخا و الكل عيونه مسلطة عليها.
القت السلام و همت بالانصراف الى غرفتها لكن عزام استوقفها قائلا: غزل تعالي انتي هتحضري الاجتماع ده معانا.
لو سمحت يا فضيلة الشيخ ابدا كتب الكتاب، محسن و جسور بطايقكم و ادوها للماذون و اتفضل بطاقتي اهه ، غزل هاتي بطاقتك.
مازال الجميع في حالة ذهول فهم لا يعرفون لما هذا الشيخ هنا وعقد قران من سيتم الان، لكن الشيخ قطع حالة الصمت السائدة قائلا : العروس غزل محمد المهدي ، و العريس مين ؟ فرد عليه عزام قائلا و عينيه تلمع بانتصار : انا عزام حسين الدمنهوري يا مولانا..
لتجحظ عيونهم جميعا كان صاعقة رعدية اصابتهم

القاتل الصامت حيث تعيش القصص. اكتشف الآن