الفصل السادس

5.8K 295 0
                                    

"نور"
ً كان اليوم حارا وكنت أشعر بالتوتر، فبعد قليل ستأتي "دعاء" مع
زوجي"جمال" لتقيم معنا بالبيت...
لم يكن قد مضى على وفاة أم زوجي سوى شهر عندما عاد "جمال"،
وأخبرني أنه سيحضر شقيقته "دعاء" لتقيم معنا بالبيت إقامة دائمة،
فقد أصبح من الصعب أن تعيش وحيدة في بنايتهم القديمة....
ّرحبت بالفكرة رغم شعوري بالقلق، فقد كانت تلك هي المرة الأولى
التي سيشاركنا فيها شخص غريب عنا بالبيت... شخص أحبّه وأخشى أن
تسوء علاقتنا بسبب إقامتنا الدائمة معا تحت سقف واحد.
ّ وهي، وإن كانت شقيقته إلا إنني غريبة عنها، وكذا هي غريبة عني،
ستكون ضيفة علينا لفترة ربما ستطول، ولا بد أن أكرمها وأتحملها.
ما كنت لأتركها وحدها، فمهما حدث هي في مقام أختي، وإن
كانت قد جرحت أخي "أحمد" برفضها الزواج منه.
ولكنني... لم أعتد على وجود من يراقبني طوال اليوم!
أعددت غرفة البنات حيث ستنام معهن، ورتّبت الخزانة حيث
ستضع ثيابها فيها، وجلست أمشّ ط شعر بناتي وأنا أتفكّر في حال
أخي "أحمد" والذي رفضت "دعاء" الزواج منه بدون سبب.قطع الصمت الذي غرقت فيه صوت ابنتي "مودة" والتي أتمت
عامها التاسع وهي تسألني ببراءة وأنا أمشّ ط شعرها:
- أمي هل ستتزوج عمتي "دعاء" من خالي "أحمد"؟
أجبتها بصوت حازم:
- لا تكرري هذا الكلام أمام عمتك، فهي لا تريد الزواج منه.
صاحت قائلة:
- لكنني أحبهما وأريدها أن تتزوجه!
ّ قلت أحذرها:
ّ - لو سمعتك تقولين هذا الكلام مر ّ ة أخرى سأقص لك شعرك يا
"مودة"... سأقص ضفائرك الحلوة.. هه
قالت بانزعاج:
ّ - لا لا...لا تقصيه ولن أتكلّ ً م، فأنا أحب أن يكون شعري طويلا
ّ كالأميرة التي رأيتها في القصة التي اشتراها لي أبي... أرجوك يا أمي
لا تفعلي..أنا أميرة.
قلت بهدوء:
- أحسنت يا فتاتي.
قاطعتنا "رحمة" التي تقترب من إتمام عامها الثامن، والتي كانت
تراقب حوارنا باهتمام وهي تحتضن دميتها وقد غضنت حاجبيها
ووقفت تطالعني بعينين نابهتين وقالت ببرود:
ّ - امي... قصي شعري، فأنا سأخبرها أنني أريدها أن تتزوج من خالي "أحمد".
رميتها بنظرة حادة فانزوت وهي تحتضن دميتها، ثم أدارت وجهها
ّ وكأنها لا تراني.. كتمت ضحكاتي وأنا أتعجب من كلماتها، كم هي
عنيدة تلك الصغيرة..
ّ إنها تشبه عم ً تها كثيرا، نفس العينين العسليتين، ونفس الوجه..
لا أدري لماذا لم يتمكن "أحمد" من إخراج "دعاء" من قلبه
ورأسه، فهو ما يزال على حبّه لها أما هي فلا تشعر به.
ّ كم هي قاسية... لقد قهرت أخي وآلمته بشدة.
ما زلت أشعر بالضيق منها، ولم أتمكن بعد من نسيان وجهها
وهي تخبرنا أنها لا ترغب في الزواج منه، كانت تهرب من نظراتي
وأنا التي أحبها كأختي التي لم تلدها أمي.
ّ تمنيتها لأخي لكنها لا تدرك قيمته، رغم أننا كنا صامتتين إلا أنني
كنت أصرخ في داخلي.
وددت لو أتيحت لي الفرصة لأضربها ذلك اليوم ضربً ً ا شديدا على
قلبها فأوجعها كما أوجعت قلب أخي "أحمد".
والله لو تعلم كم من فتاة من أقاربنا وجيراننا وحتى من زميلاته
يركضن خلفه ويتمنين نظرة منه لتحسرت على ما
ّ في الجامعة، كن ّ
خسرته، لقد خسرت شابًا بكر القلب وبكر المشاعر، لم يفتح قلبه
ّ لأنثى من قبل، وكانت هي أول أنثى يدق قلبه لها، أحبّها بجنون وما
ّ يزال على أمل، لعلها تفكّر فيه مرة أخرى، وتقبل بالزواج منه..
ولكن... أخشى أن يكون قلبها لغيره، لابد أن أكشف خبيئتها وأنبّه أخي "أحمد" لعله يخرجها من قلبه.

غزل البنات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن