امل جديد

12.8K 66 8
                                    

M.S.A الجزء الثانى #
عندما وصلتني الرسالة غمرتني مشاعر السعادة وشعور لا يمكن للكلمات وصفه لأن الحلم أصبح في طريقه ليصبح واقعًا ملموسًا. فالسعادة هي أن تتحقق أقصى أمانيك. انهمرت دموعي من الفرح كأنها أمطار غزيرة تنعش أرض قلبي القاحلة، تذكرت مقولة عن السعادة تقول: "ما أروع لحظات الفرح، إنها كالغيث تنزل على صحراء أعماقنا العطشى فتزهر كل المساحات القاحلة بداخلنا."

أردت أن أخبر العالم كله بشعوري. بحثت عن صديق مقرب لي يعرف ما انتظره لأخبره بسعادتي. هل أتصل بمى؟ الوقت متأخر. وجدت أحمد أون لاين، وهو صديق مقرب لي على الإنترنت، فكتبت له:
- "أحمد أحمد أحمد أحمد!"
• "مالك يا بنتي، إنتي بتنادي عليه من الشارع؟"
- "مش هتصدق إيه اللي حصل!"
• "إيه، خدنا كأس العالم؟"
- "كأس عالم إيه! بعتولي رسالة، طلبي اتقبل!"
• "طلب إيه يا هند؟"
- "إني أسافر يا أحمد لـ (M.S.A)!"
• "إنتي متأكدة يا هند من اللي عاوزه تعمليه؟ إحنا منعرفش إيه اللي بيحصل هناك. وبعدين هو لازم تسافري يعني؟ ممكن تمارسي ميولك هنا."
- "ده حلم حياتي يا أحمد! وبعدين ميول إيه اللي همارسها هنا؟ ما إنت عارف إن أكتر اللي عندهم ميول سافروا. واللي مسافرش، إما عنده ظروف زي حالتك كده، متجوز وعنده شغله وبيمارس ميوله بشكل طبيعي، أو عيل صغير لسه مجابش سن السفر."

• "بصراحة، أنا قلقان. إحنا مش عارفين إيه اللي ممكن يكون بيحصل هناك، مع إن الكام صديق اللي بتواصل معاهم من هناك بيقولوا إن الدنيا هناك كويسة جدًا."

• "أديك قلتها أهو، الدنيا هناك كويسة جدًا!"
• "طيب، إنتي قلتي لوالدك عن الموضوع ده؟"
• "بصراحة، لا. لسه مقولتلوش حاجة، وبصراحة موضوع بابا ده مضايقني. خايفة يقف قصادي ويحاول يمنعني من السفر."
• "حاولي تقعدي معاه وتتكلمي بالراحة يا هند. يمكن يوافق."
• "مش عارفة، بس اللي أعرفه إني هسافر. هحاول أتكلم معاه وهحاول أخلي مراته تضغط عليه. أنا عارفة إنها تتمنى إني أسافر واسيبلها البيت النهاردة قبل بكرة."

أحمد كان يشعر بقلق حقيقي. كنت أستطيع رؤية هذا القلق يتسلل بين كلماته كالدخان الخفيف، يملأ الفراغات بين السطور. ولكن شوقي كان أقوى من أي قلق. قلت له:

• "أحمد، أعتقد إن دي فرصتي الوحيدة لتحقيق حلمي. إحنا مش بنعيش مرتين، ولازم نستغل كل لحظة."

أغمضت عيني وتخيلت نفسي أترك هذا المكان. كأنني طائر يحلق بحرية، أترك خلفي كل القيود والأحلام المحبوسة. حاولت أن أجد الكلمات المناسبة لأقنع والدي. كانت مخاوفي تتلاشى أمام شوقي للسفر، كأنها أوراق شجر تتطاير في مهب الريح.

قلت لأحمد:

• "هتكلم معاه بالراحة. وهخلي مراته تساعدني. هتعرف إزاي تقنعه، زي ما بتعرف تقنعني كل مرة."

كانت مشاعري مختلطة بين الخوف والأمل، كأنني أسير على حبل رفيع بين جبلين. لكنني كنت مصممة على المضي قدمًا

نمت في ذلك اليوم وأنا أفكر كيف سأخبر أبي وكيف سيكون وقع الخبر عليه. بالتأكيد سيكون بالنسبة له جنون أن ابنته تريد أن تذهب لدولة لتفقد حريتها وأن تكون جارية لشخص لا يعرفه، بل إنها لا تعرفه هي أيضاً حتى الآن. بالتأكيد الأمر ليس بهذه السهولة، ولكني قبل أن أفتح الموضوع معه قررت أن أنهي جميع أوراقي. وبالفعل أنهيت كل الأوراق وحجزت الطائرة في اليوم الذي قاموا بتحديده لي، ولم يبق لي سوى أن أخبر أبي.

كنت أعلم أن الأمر سيكون صعبًا، حتى أنني عندما أخبرت صديقتي مي أن الطلب قد وافقوا عليه، اتهمتني بالجنون والتخلف، وقالت إنني أريد الانتحار بطريقة غير مباشرة. لكن لم يكن هناك بد من المواجهة. ستحدث ستحدث. علي أن أفكر جيدًا في ماذا سأقول. لا أريد مباركة الأمر، يكفي تقبله.

• "أيوه يعني مالهم؟"

    •    "أنا هسافر هناك كمان عشرة أيام."
• "عاوزه تروحي سياحة هناك يعني؟ وملقتيش غير هناك؟"
    •    "يا بابا، أنا مش مسافرة سياحة. أنا قدمت طلب انضمام من فترة واتوافق عليه."
• "يعني إيه طلب انضمام؟ وإيه علاقتك بالأشكال دي؟"
    •    "يا بابا، أنا ميولي كده. وحضرتك طول ما أنت متعصب مش هنعرف نتكلم."
• "نتكلم في إيه؟ غورى من وشي!"
    •    "يووو يا بابا، أنا واخده قرار وكده كده هسافر."
• "غوري!"

خرجت من عنده وأنا أشعر بالضيق، ولكني لم أفقد الأمل بعد. كنت أتوقع رفضه في البداية، بالتأكيد كان أعنف مما توقعت، لكني توقعت الرفض. وكما خططت، سأتكلم مع زوجة أبي لتحاول إقناعه بطريقتها، وسأنتظر حتى يهدأ لأتكلم معه مرة أخرى.

بالفعل اتجهت إلى زوجة أبي وطلبت منها التحدث في غرفتي.

    •    "فيه إيه يا هند؟ وصوتك عالي ليه إنتي وبابا؟"

    •    "بصي يا طنط، أنا قدمت على سفرية واتوافق عليها وبابا رافض."

    •    "وهو ده اللي معصبه قوي كده؟ وهتسافري فين؟"

    •    "هسافر M.S.A."

    •    "ينهار أبيض! ليه حق يتعصب. هو إنتي جارية يا هند؟"

    •    "بصي يا طنط، أنا ميولي كده. ومش هبقى سعيدة غير هناك. إيه الفايدة إني أتجوز هنا إنسان مش بحبه أو إنسان مش هبقى سعيدة معاه؟ أكيد كل واحد بيدور على سعادته. ليه مش عاوزيني أبقى سعيدة؟"

    •    "أكيد هو عاوزك تبقي سعيدة، بس الموضوع مقلق بصراحة. وبعدين أي شخص هيفكر إن بنته هتروح مكان تبقى فيه عبدة لشخص، مش سهل يتقبله."

    •    "أكيد يعني الشخص ده مش هيشتريني بفلوسه. ده جواز يا طنط. وبعدين أنا هطمنه عليه وهطمنكم كلكم."

    •    "أيوه، بس على ما أسمع الموضوع فيه ضرب وإهانة وكده."

    •    "مش هيموتني يعني يا طنط. وبعدين مش زي ما أنتي فاهمة. ما أنتي لما إخواتي بيغلطوا بتعاقبيهم، مش بتموتيهم يعني. وانتي أكتر واحدة تتمنيلهم السعادة."

    •    "طيب يا هند يا حبيبتي، أنا هحاول أتكلم معاه وأقنعه، بس رأيي نستنى لبكرة أحسن يكون بقى أهدى."

    •    "أنا كمان شايفة كده."

خرجت من عندها وأنا أشعر بالأمل يتسلل إلى قلبي كأشعة الشمس التي تشرق بعد ليلة مظلمة. كنت أعلم أن الطريق ليس سهلاً، لكنني كنت مستعدة لمواجهة كل شيء من أجل حلمي. مشاعري كانت خليطاً من القلق والأمل، كأنني أسير على حبل مشدود بين جبلين، ولكنني كنت مصممة على الوصول إلى الجهة الأخرى، مهما كان الثمن.

يتبع

M.S.Aحيث تعيش القصص. اكتشف الآن