ربيع وخريف

20.3K 77 15
                                    

M.S.A الجزء السابع

كانت الفرحة تملأ قلبي في هذا اليوم، وكأنها نهر جارٍ لا ينضب. اليوم أصبحت زوجة وسليف، وتحقيق حلمي لم يكن مجرد أمنية بل واقعًا يعيش بين يدي. مع ذلك، كان هناك قلق يراودني، طبيعي تماماً في بداية حياة جديدة، لكنني شعرت بفخر عميق لأنني سعيت وراء حلمي بدلاً من الانتظار والجلوس على هامش الحياة.

عندما لبسني سيدي الطوق، كان شعوراً يملأني كأنني ارتديت تاجًا من النجوم. تمسكت بذراعه بكل قوة، وكأنني أمسك خيط الأمل الذي سيقودني إلى مستقبل أفضل. لأول مرة، خرجت معه إلى الخارج، حيث كانت الجزيرة تنتظرنا كعروس ترتدي زينة الطبيعة.

كانت الجزيرة كلوحة فنية، حيث لا توجد سيارات تُعكر صفو البيئة. كانت وسيلة المواصلات الوحيدة هناك إما دراجة أو عربة تجرها خيول، مثلما تجر الخيول الأساطير عبر الزمن. عندما خرجنا من المطار، كانت عربة يجرها حصان تنتظرنا، وكأنها سفينة بحرية تنتظر ركابها.

ركب سيدي أولاً، ثم جلسني بجواره. كانت العربة تنطلق على الطريق كأنها تقطع خيوط الزمن، وأنا متعلقة بيده، أشعر كما لو كنت طفلة وجدت أباها بعد سنوات من التائه. كنت أتمتع بكل لحظة، أستشعر السند، الأب، الأخ، السيد، والصديق في شخص واحد. كانت يده بالنسبة لي طوق النجاة الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

دعوت الله أن يكون سيدي عند حسن ظني، وأن يكون الحلم الذي طالما تمنيت تحقيقه، حقيقة ملموسة. كنت أستمتع بمشاهدة المناظر الخلابة للجزيرة، حيث الأشجار التي تعانق السماء، والثمار التي تتدلى كالجواهر من بين أغصانها، ورائحة البحر التي تعطر الأجواء، مما يجعل النفس تشعر بالسعادة كأنها تتنفس الأمل.

كلما كانت العربة تتقدم، كنت أشعر وكأننا نغوص في بحر من الهدوء والسكينة. كل منظر طبيعي، كل نسمه بحرية، وكل تفصيلة من تفاصيل الجزيرة، كانت تدعو نفسي للاستقرار والراحة.

حتى وصلنا إلى منزل سيدي، منزلي الجديد. كان المنزل ينبض بالأمان والراحة، وكأنه ملاذ من كل صخب العالم الخارجي. كان كقلعة من الأحلام، حيث كان كل حجر فيه يروي قصة جديدة، وكل زاوية تحمل وعدًا بمستقبل مشرق.

كان دخولي إلى المنزل كدخول إلى عالم جديد، حيث الأحلام تتحقق والآمال تُنسج بخيوط من الفرح. كل لحظة كانت تشعرني بأنني في المكان الصحيح، وكأنني كنت أبحث طويلاً عن هذا الملاذ الذي يمنحني الإحساس بالانتماء والسلام.

****************

سبقنا هند وسيدها في الخروج من المطار، وكأنهما روحان يسبقاننا إلى عالم جديد. ألقى سيدي نظرة متفحصة إليّ وقال، بصوت يحمل صلابة الموج:

**سيدي:** اتبعينى.

تقدم أمامي بخطوات واثقة، بينما كنت أسير خلفه، كظل يلاحق ضوء الشمس. كان كل جزء من كياننا يتراقص بين السعادة والخوف، وكانت مشاعري متقلبة كأمواج البحر في ليلة عاصفة. كنت أشعر بالسعادة لكنني في ذات الوقت، كنت أرتدي درعاً من القلق والتشاؤم. لقد علمتني الحياة أن السعادة غالباً ما تكون هدفاً بعيد المنال، كسراب يختفي كلما اقتربت منه.

M.S.Aحيث تعيش القصص. اكتشف الآن