الجزء الثالث

624 37 10
                                    

ضحك كالضباع ثم اجابها....

_"يبدو انكِ جاهلة بعالم الجن وقدراتهم ، دعيني اخبركِ يا صغيرتي ان عالم الجن واسع جدا ، نحن شعوب وقبائل متنوعة.. منا الشياطين ،والجن ، العفاريت والمردة مثلي ، كما ويوجد ما يسمى "القرين"، وهو يُخلَق ملازما للانسان ،ملاصقا له حتى مماته ، يعرف كل شيء عنك ، مرآتك ونسخة طبق الأصل عنك ،
يعرف ماتفكرين به وما اقدمت على فعله .
انه نِعْمَ وسيلة نستخدمها ونسخرها تحت امرتنا حتى نحصل على ما نريد منه .
انت الآن خائفة جدا ومترددة كثيرا فيما انت مقبلة على فعله ، ولكن السواد الذي في قلبك والذي نميته بحقدك وغيرتك يوجهك ، تسيرك انانيتك وحبك لنفسك ، دافع الانتقام داخلك يعميك عن تبعات الأمور ".

احست عيناء بصدمة قوية مما سمعت ، ابت نفسها قبول حقيقتها التي كشف الستار عنها، لذلك اصرت على المضي قدما في طريق لن تعرف مصير نهايته ...ولكن كل شيء يهون مقابل الحصول على "انتقامها".

_ما سمك؟

قالتها بكل تكبر ،
لم تكن لتقبل ان تكون في موضع ضعفٍ بعد الآن ...

_"رعد"، اسمي رعد ، من قبيلة "عفص"، انا من استدعيته بتعويذتك ، "عريسك المنتظر".

ثم قهقه ضاحكا بانتشاء ...،
لا اراديا احست "عيناء" بقشعريرة تسري في جسدها ،
التفتت الى المكان حولها ،
انها في عالم مجنون ،
كل شيء بالمقلوب ،
السماء ارض والارض سماء ...
البيوت بلا ابواب ، معلقة في الهواء ، وهي تقف فوق غيمة سوداء يقابلها "رعد" فوق اخرى ،
بدأ الحديث من جديد ...

_يبدو انك مصرة على قرارك ، ساعطيك فرصة لم اعطيها لغيرك من قبل ، ان قفزتِ من غيمتك الى غيمتي اكملنا طقوس الزواج ، وان قفزتِ الى الأرض اعدتك الى عالمك وكأن شيئا لم يكن ، وازلت من قلبك حقدك ومسحت ذاكرتك.

توقف عقلها عند آخر كلماته ،
ارادت من كل قلبها ان تنسى ،
ارادت ان تعود للوراء ،
ان تقول نعم اعدني ،
ولكن هذا السواد الذي ابتلعها ،
الحقد الذي اكل جوفها ،
ابى الا ان يطفو للسطح ،
ذلك الوحش المُخَبَّؤ في جوفها اظهر نفسه الآن ...
لذلك اتخذت قرارها وحسمته ..
قفزت من غيمتها الى غيمته ...
قفزت الى مصير لن يرحمها ....

علت ضحكاته القاتمة ....
ثم وبلحظة كلمع البرق ...
وجدت نفسها في واد سحيق ، امام جبل عظيم .. ازرق غامق اللون وقد شق نصفين كمثلثين متقابلين ، و وُصل بجسر مهترئ الاطراف ،
يعلو قمته ضباب اسود... وغيمة بيضاء ...
الطريق اليها وعر ، متعرج ...وضيق جدا
يكاد لا يتسع الا لشخص واحد كي يمر عليه ...

قال لها:

_"هنا تقام طقوس زفاف شعبنا ، هنا تدفن الاحلام وتطوى،
هذا هو "وادي قينقاع" والجبل الذي امامك هو "جبل النار" ... هل انت مستعدة لنبدأ ؟".

اجابته بتحدٍّ...

_نعم، انا في قمة استعدادي .

لم يملهها لحظة اخرى ...
وقت التراجع والندم قد ولى ،
فلتتحمل ما اقترفته يداها ...
تحولت يده لمقلاع مسنن الرأس حاد الاطراف ،
واخترق جسدها ... صرخة عقيمة دوت في صدى المكان ....صرخة كان مصدرها "هي"
وضحكة بشعة... كان "هو" من اطلقها....
نزع قلبها من مكانه وحمله بين يديه ...
مخلفا وراءه ثقبا اسود يسار صدرها ...
القلب ينزف بين يديه... ينبض الما...
صراخ روحها يزيده انتشاءًا ....

قال بصوت قوي مرعب :

"اشهد ياجبل النار على زواج رعد بن عفص من عيناء سليلة البشر "

ثم قال لها ، رددي ورائي نص التعويذة اللتي استدعيتني بها ،

وبصوت واحد ،
بإحساس مختلف ، نبرة الالم السحيق في صوتها
، ونبرة القوة اللامتناهية في صوته ...

رددا معاوصدى صوتهما يملؤ المكان ...

" من يتزوج واحدا منا نكون له السمع والبصر، طلباته مجابة قبل ان يرتد جفنه لعينه ،ولكن عليه تحمل تبعات اللعنة ... فمادام القلب في وادي قينقاع ، يضخ سما اسود ، ستحل عليه مباركتنا ، الى ان ياتي فارس الروح كي يقتلعه من قلب جبل النار ،
في وادي قينقاع ، ستنعكس اللعنة على من ايقظها ، وسيعذب خالدا في سابع ارض الى يوم الحساب".

بمجرد انتهائهما من نطق الكلمات ، لفهما الضباب الاسود الى ان اختنقت انفاسها ،
ثوان احستها كدهر مضى عليها ...
فتحت عيناها ... انقشع الضباب من امامها..
ووجدت نفسها على قمة الجبل فوق الغيمة البيضاء...

_باسم القائد الاعظم أُتِم زواجنا ، فليبارك ابليس قربان قلب ابنة البشر ، وليجعل اوامرها مجابة ....وليتكرم ببعض قوته على "رعد بن عفص"
كي يجعل مطالبها مطاعة .

ثم وضع القلب داخل فم جمجمة حمراء كبيرة ...
فتدفق منه سائل اسود حالك اللون ...
اخذ السائل طريقه نحو كأسين نحاسيين ...
قطرة قطرة
حتى امتلأ كل كأس الى آخره ...
امسك الكأسين بيده وقدم احدهما اليها والاخر بيده ،

_هنا صنعنا العهد ، وبكأس السم سُقينا ، على العهد سنبقى والى ان تفنى كل قطرة سمّ فينا .

ثم اشار اليها ان تشرب مافي كأسها ، وكذلك فعل هو ...

احست بنار تحرق فمهما ، نزولا الى حلقها ...مرورا بمعدتها ... وصولا الى احشائها ....
صرخة اقوى خرجت من اعماق روحها .... ثم بعد ذلك اغمي عليها ....

#يتبع
#خديجة_الشريف
#لعنة_أَيْسِل

لَعْنَةُ... أَيْسِل    بقلم خديجة الشريفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن