الفصل الثاني عشر - اليوم المشهود

850 39 0
                                    

 دونكاستر اعتقد اني سوف اتذكر اليوم الحادي عشر من شهر سبتمبر مدى الحياة والواقع اني كلما سمعت عن عيد القديس ليجير تذكرت فورا تلك الأحداث الرهيبة المتوالية التي وقعت في ذلك اليوم لقد كنا هناك في ذلك اليوم.. في دونكاستر. المفتش كروم وجميع معاونيه و آلاف من رجال المباحث وبوارو ودونالد فريزر وفرانكلين كلارك وتورا جراي وميجان بارنارد وماري دراور وقررنا ان نوسع نطاق البحث بان نتفرق في انحاء البلدة وقد تم الإتفاق على ان يذهب كل من فرانكلين ودونالد فريزر بمفرده وان يصحب بوارو المس جراي الوحيدة بيننا التي سبق ان شاهدت القاتل وان اصحب انا ماري دراور لأن اسمها الثاني ـ كما اشار بواروـ يبدأ بالحرف "د" اذ ليس من المستبعد ان يتعمد المجرم المجهول طعن بوارو في الصميم بقتل واحد من اعوانه وقال لي بوارو ونحن نفترق:

 - اطمئن يا هاستنغز هذه المرة ان النجاح المتواصل سوف يدفع المجرم إلى الإيمان بحظه ومن ثم لن يكون شديد الحرص هذه المرة واكبر ظني انه سيرتكب بعض الأخطاء التي ستوقع به في ايدينا.

 فقلت في شيء من الإرتياب:

 - انني اعتقد ان هذا المجرم لن يفي بوعده ويرتكب جريمته الرابعة هذه المرة وهو يدرك احكام الحلقة.

 فابتسم بوارو وقال:

 - ان ذلك المجرم يعاني هذا النوع من الجنون الذي يجعله يصر كل الإصرار على تنفيذ ما وعد به مهما تكن الظروف والأحوال لأنه سيدرك تماما ان تراجعه عن تنفيذ خطته سيعني الفشل وهذا ما لا يتفق مع الدوافع التي دفعت به إلى ارتكاب هذه الجرائم.

 - اكبر الظن انه سيكون ماكرا يا بوارو اذا قرر ارتكاب هذه الجريمة الرابعة.

 - تأكد يا هاستنغز ان عجلة الحظ قد دارت.. وسوف يقع هذه المرة في ايدينا إلى اللقاء.

***

 غمغم المستر ليدبتر بخفوت وامتعاض عندما نهض الرجل الجالس بالقرب منه في دار السينما وسار في طريق الخروج وهو يتخطاه متعثرا ثم يزداد تعثرا ويسقط قبعته على المقعد الأمامي ثم ينحني ويلتقطها وينصرف كل هذا ضيع بعض لحظات ثمينة من مناظر الفيلم " ليس عصفورا" الذي كان المستر ليدبتر ينتظر مشاهدته بفارغ الصبر وتململ المستر ليدبتر في مقعده وهو يتساءل في نفسه:

- لماذا لا ينتظر هؤلاء الناس حتى نهاية الفيلم قبل ان ينصرفوا؟.

حسنا لقد انصرف ذلك الجار المتعثر الثقيل الظل وها هو ذا المستر ليدبتر يستمتع بمتابعة الفيلم حتى نهايته وتنهد في ارتياح عندما اضيئت الأنوار في الصالة.. ونهض واقفا ببطء وهو يطرف بعينيه ولم يكن من عادته ان يسرع بمغادرة دار السينما عقب انتهاء الفيلم وانما كان يجب ان يتمهل حتى يعود إلى واقع الحياة تماما.. وتلفت حوله ان الصالة لم تكن مزدحمة..كان المتفرجون فيها عددا قليلا جدا آه لاشك ان معظم الناس كانوا في تلك الساعة يتفرجون على سباق الخيل احتفالا بعيد سانت ليجير واستعد المستر ليدبتر للخروج وراء المتفرجين الذين كانوا يتسابقون إلى ابواب السينما لاحظ ان الرجل الجالس على المقعد الأمامي بالنسبة له ظل جالسا مطرق الراس وكانه مستغرق في النوم وشعر المستر ليدبتر بالسخط على مثل هذا الرجل الذي ينام في اثناء عرض فيلم رائع مثل "ليس عصفورا" وهز كتفيه وسار في طريق الباب ولما وصل اليه وراح ينتظر دوره للخروج.. ولم يدر لماذا التفت وراءه إلى حيث كان جالسا وعلى اية حال فقد راى جمعا من الناس حول ذلك الرجل الذي ظنه نائما في مقعده وتردد برهة ثم خرج...

روايات اجاثا كريستي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن