_04_

137 14 1
                                    

..
خريج سجون 4
..

" لعله عاد إلى الطاولة"
قال هاري مهدئا أصدقاءه، ولكنهم تفاجؤوا حين وجدوا طاولتهم فارغة. بينما كان الغائب في تلك الأثناء عند مكتب المدير يستلم كتبه التي نسي المدير إعطاءها له. ليتوجه بعدما ودعه وشكره إلى دورة المياه مستأنفا انتظار الرفاق الذين كانوا وقتها يجولون المدرسة بحثا عنه إلى أن رن الجرس معلنا بداية الفترة المسائية.
التفت الأشقر إلى باب دورة المياه الذي فتح من قبل طالب طويل القامة بشعر بني قصير: أنت هو الطالب الجديد جاكسون، صحيح؟
- أجل قريب فرانس.
- أنا كريس أتمنى أن تنال الثانوية إعجابك.
وهم بالذهاب ليستوقفه جاكسون بقليل من التردد سائلا عن رفاقه ليفاجئه بتأكيده أن المكان هنا خال تماما، فعل الأرجح أنهم قد عادوا إلى صفوفهم بعدما رن جرس بداية الحصص المسائية، ثم اقترح:
- هل تريد أن نذهب سويا؟ فنحن ندرس بنفس القسم.

من ممر لآخر، استمر المدعو كريس بالسير وبجانبه جاكسون الذي ظل يراقب كل كبيرة وصغيرة في المكان حوله تماما كالطفل الضائع الذي يحاول اكتشاف محيطه.
- آمل ألا يطردنا الأستاذ أو يعاقبنا فنحن بالفعل متأخران.
- لكن أنا لم أخطئ لقد كنت مطيعا طيلة الوقت!
التفت إليه كريس، وباستنكار تساءل عن سبب هذا القول الغامض، فكان رده أكثر غرابة، إذ قال: لطالما أخبرني والدي أنني إن كنت مطيعا فلن أعاقب وسيحبني الجميع.

قهقه حينها كريس ضاحكا لقوله، وأسرع في خطواته، ليردف: لا بد من أنك شخص مرح محب للمزاح عكس قريبك المغرور ذاك.
لم يعلق جاكسون، بل فضل التزام الصمت الذي أصبح سيد الموقف طيلة طريقهما الذي انتهى بوصولهما إلى القسم.

- لقد ابتدأت الحصة منذ ربع ساعة عذركما مهما كان فهو مرفوض، غادرا!
بصرامة أردف الأستاذ ودون أن يمنحهما الفرصة للحديث أغلق باب القسم. ليلتفت كريس نحو رفيقه بابتسامة مرتبكة وقال: ألم أخبرك أنه من الممكن أن يتم طردنا؟!
- لكنني بالفعل كنت مطيعا.
تجاهل كريس قوله الغريب، وأردف: سأذهب إلى الملعب كي ألتقي ببعض الرفاق هل تود الذهاب معي أم أن لك خططا أخرى؟
وبدون تقديم أي رد اقترب المعني منه ففهم تلقائيا أنه قد وافق على مرافقته. وهكذا ذهبا سويا إلى الملعب.

حاول التركيز مع مباراة كرة السلة، ولكن الضجر قد اكتسى كل ملامحه وهو يراقب الكرة الاي تنتقل من لاعب لآخر إلى أن تدخل شباك السلة محرزة هدفا لصالح فريق من قام بتسديدها، فتتعالى حينها الهتافات السعيدة والمشجعة.
في الواقع، هو يحب هذه الرياضة حبا جما ولطالما تمنى أن يحظى يوما بفرصة تجربة لعبها. غير أن أمنيته البسيطة تلك كانت دائما صعبة المنال!
مر عليه شريط من ذكرياته القديمة، حين كان برفقة أسرته كان يمتلك أخوه الأكبر كين حينها ملعب كرة سلة بسيط في حديقة المنزل. لكنه لم يمنحه يوما فرصة مشاركته اللعب لأنه في كل مرة يكون الفريقان مكتملان. وفي المرة الوحيدة التي قرر فيها جاكسون تجربة اللعب خفية، رمى الكرى بعيدا نحو الطريق فسحقتها سيارة كانت مارة من هناك، ورغم أنه لم يتعمد ارتكاب ذلك الخطأ إلا أن والدته قد وبخته بشدة وضربه أخوه كين لإتلافه كرته العزيزة. وعندما علم والده بما حصل عاتبه لأنه لم يطع كلامه بينما يربت على رأسه:
- أخبرتك أن تحسن التصرف في غيابي وألا تتهور حتى لا تعاقب صغيري، فلماذا لم تطع كلامي؟
- لكنني لم أقصد، أردت فقط أن أجرب اللعب.
- لو أنك أخبرتني لاشتريت لك مثلها.. على أي حال، لا تقلق سأحضر لك غدا مثلها والعديد من الألعاب غيرها لذا توقف عن البكاء وابتسم فأنت رجل والرجال لا يبكون.
ابتسم وسط دموعه ليمسحها بباطن يده الصغيرة ولكن..
"ليتك فقط تعلم أن ليس هذا ما أريده يا أبي!" همس داخل نفسه متمنيا أن يتمكن يوما من الإفصاح عن ذلك، فبالفعل غرفته مليئة بشتى أنواع الألعاب وهو يمتلك الكثير والكثير من الكرات. ولكن لماذا عليه أن يظل سجين غرفته حتى عندما يلعب بيننا شقيقه حر على الدوام؟ بل وتم بناء أرجوحة خصيصا لأجله في الحديقة زيادة عن ملعب كرة السلة! في حين أن جاكسون حتى دروسه هو مجبر على تلقيها في المنزل بينما يذهب أخوه إلى المدرسة بشكل عادي!
لطالما شغلت هذه التشاؤلات ذهنه ولم يجد جوابا مقنعا لها..

خرج من حبل الذكريات على صوت فرانس: أعتقد أن هناك شرحا مفصلا عليك تقديمه لي..
بصرامة قال ليومئ المعني فيما اتجهت نظراته نحو الملعب باحثا عن كريس وباقي اللاعبين الذين اختفى أثرهم باستغراب.
- المباراة قد انتهت منذ وقت طويل وذهب الجميع نحو ديارهم..
قال فرانس مجيبا ما يجول في خاطره من تساؤلات، قبل أن يضيف ساخرا: فيم كنت أنت سارحا.
أومأ جاكسون بتفهم ليستأنف الآخر بجدية: وبالمناسبة في ماذا كنت تفكر؟ لقد ناديتك طويلا ولم تستجب بسرعة..
فرك المعني مؤخرة رأسه ببلاهة مجيبا "مجرد ذكريات"
- ولماذا اختفيت فجأة؟ لماذا تأخرت عن الصف؟
- لم اختف المدير هو من طلب رؤيتي من أجل اعطائي الكتب التي نسي اعطائي أياها صباحا وعندما عدت انتظرتكم طويلا لكن الجرس رن وأنتم لم تظهروا أبدا فالتقيت كريس وذهبنا سويا إلى الصف وطردنا الأستاذ.
- هممه حسنا، هيا بنا لنخرج فأبي سيأتي بعد قليل ليقلنا.

________________________________

- يتبع -

لعبة الحياة (ما قبل البداية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن