_10_

98 14 6
                                    

الحقيقة

.

.

.

.

.

قطعت الخط وغادرت بعد أن دسّت الهاتف بجيب سترتها لتخط طريقها نحو سيارتها المركونة جانبا ثم إلى المنزل أين استقبلها شقيقها والذي لم يخفى عنه تعكر مزاجها.

أما في الجانب الآخر من المدينة فقد وصل الأشقر أخيرا إلى المنزل طرق الباب بخفة ولعن داخله حين استقبله السيد فيليب وليس شخص آخر لكنه أخفى انزعاجه خلف قناع البرود خافضا رأسه وبخطوات ثقيلة اتجه نحو السلالم هاما بالصعود إلى غرفته غير
أن الأكبر كان له رأي آخر حين استوقفه سائلا: لقد أخبرني فرانس صباحا أنه سيذهب للتنزه مع الرفاق لماذا لم ترافقهم؟
- ربما لأني متعب.
هو لم يكن معه من الأساس ومع ذلك هو لم يكذب، فقد أدرك جيدا كيف يتلاعب بالكلام وكيف يختار الألفاظ المناسبة.
هذا ما لاحظه فيليب الذي أومأ بتفهم سامحا له بالذهاب ليواصل المعني بخطواته المتعبة صعود السالالم نحو الدور العلوي، أين تقع غرفته.

في حين التقط الأكبر صحيفته هاما بمواصلة قراءتها. لو لم تستوقفه ذاكرته برسم وجه أنثوي لامرأة قد فارقها منذ زمن طويل، ملامحها مشابهة تماما لخاصة جاكسون.

"وأنا الذي كنت محتارا كيف لذاك الفتى أن يكون مألوفا كل هذا الحد!"

ثم هز رأسه نافضا ذهنه من تلك الأفكار ليستأنف قراءة الصحيفة.. فيما كان جاكسون أثناء تلك اللحظات قد أغلق باب
حجرته ليلقي حقيبته على الأرض بإهمال قبل أن يرتمي على سريره بخمول وإعياء متأملا المكان حوله ليلاحظ أخيرا اختلاف الغرفة عن خاصته التي كان يمتلكها قديما.

لقد كانت غرفته القديمة واسعة حقا مقارنة بهذه، مليئة بمختلف الألعاب وبكل ما يشتهيه الأطفال بوجود والده العزيز لم يكن أبدا يشعر بنقص حنان أمه فدلاله وحنانه كانا يكفيانه
وربما أكثر. لقد كان بدون طلب يجلب له ما يريده ويغويه. كان عندما يذرف الدموع لأي سبب كان يأتيه والده العزيز بعدد كبير
من الهدايا والحلوى حتى يزرع بقلبه الصغير الفرحة والسرور ويجدد الابتسامة على وجهه
"جاكسون ليس ابني"
"جاكسون يكون ابنك الثاني والأصغر"
"لطاملا كانت رعايته عبء ثقيل علي"

ولكن معقول! هل يعقل أن كل ذلك الحنان لم يكن سوى مجرد كذبة؟
لم يعلم كم مضى من الدقائق أو الساعات وهو لا يزال على سريره متسطحا متأملا سقف الغرفة أو لنقل شاردا بتفكيره لدرجة عدم ملاحظته لدمعته التي شقت طريقها على
طول وجهه، لم يعده إلى الواقع سوى طرقات فرانس الذي أدار مقبض الباب وفتحه بعدما سئم من انتظار إذن الدخول..

لعبة الحياة (ما قبل البداية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن