خرج من الغرفة عازما على إيجاد شادي الذي اختفى منذ البارحة، ليخرج هاتفه في محاولة منه للاتصال به، ليأتيه صوته الخافت بعد اتصاله العاشر: ماذا تريد؟
- أين انت، اختفيت و زوجتك مرمية في المستشفى.
- آااااااه حنون جدا انت قالها الاستهزاء ليردف: لا تقلق نفسك فهي تعودت على المستشفيات...
صرخت به بعد نفاذ صبره: أين انت؟ لا تدفعني للجنون! ليصمت قليلا منتظرا إجابته.
-انا في فندق شيراتون.
اوك انا آت
بعد نصف ساعة كان سيف يدق على باب غرفته، فتح شادي الباب دون أن يكلف نفسه دعوت سيف بالدخول، و انصرف ليرمي بجسده على الاريكة قائلا: نعم.
كان مستفزا لأبعد الحدود، و كان سيف قد استنفذ برودة أعصابه و قد وصل حد الغليان، ليمر من أمام عيناه شريط تحرش الطبيب بندى. فهتف قائلا: انت فعلا عديم المسؤولية، أهذه هي الرجولة في نظرك؟؟؟ تترك زوجتك بمفردها...
قاطعه شادي ساخرا: و إذا؟ لن يبتلعها الوحوش فهي في ايد أمينة
وصل سيف حد الجنون ليرفعه من ياقة قميصه هاتف به: لا فقط يغتصبها طبيب، زوجتك يا محترم تعرضت للتحرش.
ثم نفظه من يده.
لم يظهر على شادي اي ردة فعل، صمت قليلا ليقول: يجب أن ارحل فهناك مشكل في الشغل و عليا التواجد بنفسي
صدم سيف من كلام ابن عمه و برودته، هل فعلا هو بارد لهذه الدرجة؟ أم غابت حقائق عنه؟ لم يعد يفهم شيء، ويريد أن يرحل و يكبد زوجته عناء السفر لمدة ساعتين بالسيارة و هي في هذه الحالة؟ هل فعلا لا يغار عليها؟ تتعرض للتحرش و كل ما يجد قوله أنه سيرحل؟؟؟
-و زوجتك هل....
قاطعه قائلا: البركة فيك، عندما يسمح لها الطبيب بالخروج سوف تأتي معك.
توقف عن التفكير تماما، و رمى بجسده على الأريكة مصدوما، كيف لشادي أن يترك زوجته مع رجل هو متيقن أنه يعشقها حد الإحتراق ببساطة و برودة اعصاب؟
ليرفع رأسه ينظر له، ليجده يهندم ملابسه بكل بساطة يستعد للمغادرة قائلا: اعتذر منك و لكن سيارة الأجرة بانتظار خارجا و لن استطيع التأخر أكثر من هذا.
لم يستطع سيف النطق بحرف واحد، لا يفهم تصرفه لا يستطيع تقبل صورة شادي الجديدة، ماذا حدث في ٨ سنوات التي غابها عنهم ليتحول تحولا جذريا هاكذا ، مر من الوقت الكثير و هو على جلسته تائها وسط أفكاره و لم يخرجه إلى الواقع سوى صوت عاملة النظافة بعد مناداتها له للمرة الثالثة: سيدي هل أنت بخير؟
نظر سيف لوجه العاملة بشرود برهة ثم استقام مغادرا الغرفه، و هو يفكر، كيف له أن يتعامل مع الموقف؟ كيف له أن يبقى مع امرأة لوحدهما و هو مهووس بها؟ كيف له أن يسافرا معا لوحدهما وقد انتشر في وقت من الأوقات وسط عائلته إشاعة أنه هرب من البلد بسبب عشقه لزوجة ابن عمه؟ أنه فعلا في ورطة، هو لا يستطيع أن يتركها و هي في هذه الحالة و هذه الظروف، و حتى لو لم تكن مريضة لا يمكن أن يتركها بمفردها لا يستطيع، لم يشعر كيف وصل للمستشفى و لا كيف او منذ متى و هو يجلس أمام باب غرفتها، كل ما يعرفه أنه بحاجة أن يتأكد انها بخير، تنهد ثم استقام من مكانه متجها نحو غرفتها فتح الباب و دلف، ليجدها نائمة و كأنها طفلة صغيرة لم يقلق منامها مشاكل و لا قرف الدنيا، ابتسم و هو يرى كيف تضع يدها على خدها، ليتعال رنين هاتفها في الغرفة، تتبعه إلى أن وصل إلى حقيبة يدها، فتحها و التقط الهاتف ليرى صورة اخته، فتح الخط و كأن ما يفعله أمرا طبيعيا، طبيعي أن يفتح حقيبة امرأة لا يربطهما شيء، طبيعي أن يستقبل مكالماتها الهاتفية....
الو قالها وقد تملكه الاحساس أنه وجد الحل لما هو فيه
-سيف؟ ماذا يحدث عندك؟
-أمامك ساعتين و اجدك أمامي فندى في المستشفى و ابن عمك المبجل تركها و عاد إلى عمله.
- ماذا؟ ما بها؟ و كيف لشادي أن يرحل ببساطة هكذا؟ ماذا يحدث سيف ماذا فعلت؟
-خديجة تحركي ليس لي خلق للإجابة على أسئلتك الان؟
ثم قفل الخط.
**************
لم تتأخر خديجة لحزم حقييتها و غادرت المنزل بعد ان اقنعت والدتها بأنها مهمة عمل. و هاهي تقف أمام سرير صديقتها المقربة تمسك يدها، و ندى لا تقول شيء حتى انها لم ترفع نظرها عن الفراش، لا تريد مواجهة صديقتها فطالما كانت الأخت التي تمنتها، كانت تذرف الدموع دون توقف في صمت مطبق، هتفت خديجة قائلة: مابك ندى؟ ماذا يحدث معك؟
لم تجبها ندى، و إنما فضلة السكوت، ليرتفع صوت رنين هاتف خديجة للمرة الرابعة لتقفلة مرة أخرى دون الرد على المتصل.
إعادة خديجة سؤالها:ماذا يحدث معك يا ندى؟ لما كل هذا البكاء؟ منذ متى بيننا أسرار.
في ذلك الوقت كان سيف قد فقد صبره هي منذ فترة طويلة في الداخل و لم تطمنه فقرر الدخول بنفسه ليطمئن عليها.
لم يكن باب الغرفة مقفول جيدا، و اول ما اقترب منه يريد أن يطرقه و يدخل سمع صوت ندى الباكي قائلة: منذ أن أصبح لكي أسرار تخفيها عني يا خديجة، كان كلامها مزامنا لرنين هاتف خديجة مرة أخرى، لتبدأ ندى باكية: ردي عليه يا خديجة، ردي على زوجي يريد أن يطمئن على زوجته ردي على حبيبك يا خديجة.
بهتت خديجة من حديث ندى، و صدم سيف مما يسمعه، ليدخل الغرفه في هدوئ و برود ملكي متجها نحو اخته كانتا منكستان رأسيهما كل واحدة لسبب، الأولى خيبة و الثانية خجلا. مد سيف يده يجرد اخته من هاتفها في لحضة غفلة منها و يفتح الهاتف على السبيكر، فأتى صوت شادي الذي يحمل القلق و الخوف و الشوق: خديجة حبيبتي لما لا تردي على هاتفك؟ هل انتي بخير.؟
صدم سيف وارتجفت خديجة مخافة مما هو آت.
لم يحدث معها شيء هي فقط تكمل تمثيلية المرأة الخلوقة، الوفية لصديقتها و أخيها يا ابن عمي يا حامي شرفي في غيابي. قالها بتأني مخيف زرع داخل ندى الرعب، لتسمع صوت ارتطام فترفع نظرها صوب الصوت لتجده هاتف خديجة و قد تهشم جراء ارتطامه بالحائط.
أعادت نظرها لخديجة و سيف لتجده يقف أمامها وهو يكاد ينفجر غضبا تكاد تقسم أنها تسمع تدفق دمائه بعروقه من شدة غيضه، في حين خديجه تقف متخشبة امامه بدون حركة.
- لماذا؟ قالها سيف بصوت كاد أن يخلع قلبها من مكانه
تأكدت ندى أنه سيفتعل أغبى شيء يمكنه فعله تحاملة على نفسها لتقف محاولة الفصل بينهما و لكن كان قد سبقها بصفعت مدوية وجهها لأخته، وقفت بينهما و هي تحتضن صديقتها و هي توجه له نظرات كلها عتاب و لا يكاد يفصل بينهما شيء حتى انها تشعر بأنفاسه على وجهها.
توقف ارجوك، قالتها ندى لتسقط دمعة من عينيها اربكته، اسقطة كل حصونه، دمعة واحدة منها هزت كيانه، زادت دقات قلبه وكأنه يجري لم يتمالك نفسه لم يستطع كبح ما يحدث كان مسلوب الإرادة، بعد أن اسكت القلب منطق العقل، فمد يده يتلقف دمعتها، ليزيحها يتبعها بلمسة حانية لخدها قائلا: لا تبكي على خائن.
أفاق من تخذره على رجفة جسدها و شهقتها و هي تقول: لا يوجد خائن هنا غيري.
نظر لها بصدمة، لم يستوعب ما تقوله، لتردف قائلة: لقد احبا بعض قبل زواجه مني، و هي تحملت و سكتت من اجلي، و انا سكت جبنا مني، خوفا من كلام الناس إذا طلقت في اول شهر وزاجي،
لتعيد نظرها لخديجة التي ابتعدت عن حضن ندى مصدومة، لتكمل ندى لقد علمت بأمركما بعد فوات الاوان. بعد أن دمرت حياتي بالكامل.
لتسقط دمعة منها قائلة: هو لم يكن يوما معي، بل كان دائما لكي و معك، و كان جبني يمنعني أن اتخذ القرار، و لكن صدقيني ما فعله بي طول الثمانية سنوات لن يمنعني شيء من الابتعاد سوف ابتعد لا اريده لم أكن اريده من الاول كان يكفي أن تقولي كلمة واحدة فقط (احبه) كانت كفيلة لحمايتي و حمايتك من هذا الوجع.