الحلم

189 1 0
                                    

سعير الهوى

في ذلك الوقت كان خالد يقف أمام سيارة ابنته يتآكله القلق خصوصا بعد أن عرف من الحارس بأنها غادرت الشركة مع شادي لقد تزاحمت داخل دماغة الأفكار والسينريوهات الاكثر بشاعة غير أن الأكثر تكرارا في دماغه هو أبشع الطرق لأخذ روح ذلك المسخ الذي يسما زوج ابنته، لقد أفقده قدرته على ظبط أعصابه أسرع الخطى نحوى سيارته بعد أن أعطى مجموعة من التعليمات للظباط المرافقين له، حين رن هاتفه برقم ندى يرد بلهفة: ندى هل فعل بك شيء ذلك المسخ؟ هل انت بخير؟ اين أنتي دقائق و أكون أمامك يا قلب أبوك؟
- تمهل يا أبي أنا بخير و لم يمسسني بأذى، لقد ذهبت معه بإرادتي لأحل ماهو عالق بيننا صمتت قليلا لتردف قائلة بعد أن استشعرت غضب والدها مما قالت: أبي لقد حصلت أخيرا على حريتي.
تنهد خالد وكأنه كان محروما من الأكسوجين لفترة طالة.
كان سيف يستمع لها، وهو في منتهى الغضب منها والتعجب لماذا تحميه؟ لما لا تشتك لوالدها من تصرف طليقها معها؟ كيف لها أن تكون بهذا التسامح؟ أنها مسالمة لدرجه مستفزة بالنسبة له. زفر متضتيقا منها ومن غيرته التي ان لم يتحكم فيها لتحولت لغيرة مرضية.
انتبهت ندى لسيف الذي ماينفك عن التنهد ليتبعه بزفرة وكأنه يجاهد نفسه لعدم تبريحها ضربا. لم تشعر بردت فعلها عندما إلتفت ينظر اليها. إذ انكمشت على نفسها تضع يديها أمام وجهها في وضعيت الدفاع، و تسارعت أنفاسها بشكل ملحوظ أثار ثائرة سيف، هل تراه قادرا على ضربها؟ وقبل هذا لماذا؟ ... أوقف السيارة على جنب الطريق ليدنو منها ببطئ ليقول بصوت هادئ يبثها الأمان عكس مايشعر به من غضب من نفسه ومنها ومن شادي ليهتف قائلا: ندى أزيحي يديك من على وجهك وأنظر إلي
كانت ترتجف لا تعرف لماذا؟ لما تشعر بالرعب منه؟ أنه نفس الشخص الذي سقاها أمانا؟ نفسه سيف الذي كان بطلها ومنقضها من كوابيسها طيلة السنة الماضية، هو نفسه الذي كانت تتصيد عطره بربطة عنقه التي لاتزال تحتظنها كل ليلة! عند هذه الأفكار أنزلت يداها من على وجهها لتتعلق عينيها بعيني سيف تبحث عن سيف حبيبها و تريد أن تثبت لنفسها أن نظرة الشر التي تميز بها شادي ماهي إلا خيال خيل لها، لتسقط دموعها بمجرد أن رأت بداخل عينيه لوم من تصرفها لا إرادي إتجاهه الذي يحمل إهانة له.
قال: لماذا؟ أنا لست مثله
قالت: أعتذر منك أنا أعرف أنك لست هو، و و ل ولكن نظرة الغضب بعينيك ارعبتني و رد فعلي بحكم العادة فقط
عند هذا الحد ولم يعد يتمالك نفسه ليضع يده خلف رأسها ويزرعه على صدره بقوة مبالغ فيها و كأنه ينفس على ما بختلجه من غضب، احتضنها وكان هذا الحضن حضن مزاساة لنفسه على العذاب و القسوة التي عاشتها حبيبته الندم تعتصره ليس بيده شيء يفعله لها ليمسح مامرت به طيلة السنوات السابقة يشعر بالحزن و الالم العجز.
تنهد ليقول: ماذا فعلت بك وبنفسي يا إلاهي رحماك.
قبل أعلى رأسها قائلا: لقد اقتربنا من المدينة هل أوصلك إلا بيت أهلك مباشرة أم أنه لك تخطيط آخر.
استقامت ندى في جلستها لتشتت نظرها عنه باستحياء وتقول بلجلجة واضحة: لا أريد الذهاب الى المنزل أ أ ريد الذهاب للشاطئ وتناول فطوري هناك.
صدمته، أو يمكن أنه كان بمنتهى الغبطة أنها تفضل البقاء معه حتى لدقائق أخرى، لطالما تمنى أن يجلس معها على نغس الطاولة وهاهو حلمه يتحقق، غير أنه رسم على وجهه ابتسامة لعوب قائلا: لما؟ طلبك غريب
اختنقت ندى من فرط توترها وخجلها منه، وهو لا يرحمها لنظراته المتصفحة و المدققة لها و هاهو يسأل أكثر الأسئلة احراجا لها فما عساها تقول.
لم يعتقها سيف رغم ايقانه أنها غير قادره على التنفس حتى وهذه فرصته ان أراد أن يسمع ماتمناه منها ليردف قائلا: ندى هل أنت بخير؟ هل تحتاجين لدكتور. صمت قليلا ثم حرك السيارة قائلا: سآخذك للمستشفى فقد بدأت أقلق من حالتك هذه
ليرمي نظره عليها بجنب وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة تسلية، انه يعشقها في كل حالاتها ويجننه خجلها هذا
قالت رافضة وهي تبرر موقفها، فهي لا تريد ان يظن أنها تدعي المرض لاستواذ على اهتمامه: لا لا انا لا احتاج لطبيب فقط كنت اريد تحقيق حلم أني أنهي يومي بحضنك وأبدأ يومي على وجهك صمتت فجأة وقد جحضت عينيها هل فعلا قالت هذا بصوت مرتفع؟هل سمع سيف هذه اللعنه؟ قالت بصوت خافة: غبية .
لم تستوعب ماذا حدث ولا ماذا يحدث معها فلم تلحظ متى صف سيف سيارته أمام أحد النوادي المنتشرة على شاطى البحر ولا حتى متى غادر السيارة، وهاهو يقف أمامها فاتحا باب السيارة وقد سحبها لتقف خارجها.
قال: بل عفوية لم تمتهني الحسابات وتخطيط وأنا أعشق عفويتك .
قلد كان الجو باردا وقد بدأت الشمس بارسال أول أشعتها على استحياء محاولة تبديد ضلمة الليل، ليردف بعد أن شعر بارتجافت يدها: وأنا ليتقط شفيها في قبلة هادئة بطيأة و كأنه يتذوق مشروبا ما يريد التقاط كل النكهات التي تستتر داخله وهو يمرر يده على وجهها برقة مبالغ فيها وكأنها تحفة خزف يخاف كسرها.
كانت تقف أمامه متصنمت لا تستوعب ماذا يفعل بها، يا إلاهي هل هكذا تكون القبل؟ أهذا ما يشعر به العشاق ان اجتمعو؟ لم تشعر هكذا احساس لقط كان اعصار داخلها؟ حبس أنفاسها، و جمد عقلها لتحكمها غريزة عنيفة لا تعترف بكل قواعد الأخلاق التي تربت عليها لترفع يدها تتلمس وجنته برقة أشعلت سيف لتتحول رغبته من قبلة وانتهى الى رغبته في امتلاكهاوحالا. انتفض عندما استحوذت هذه الفكرة عليه وثقلت أنفاس وتضخمت عضلاته و......
كانت حالة سيف بالنسبة لندى غير مفهومة، لما ينهج بهذه الطرقة؟ كيف له أن يتصبب عرقا في مثل هذا الصقيع؟ هل فعلت خطئ ما جعله متجهم.
كان يشد على شعر رأسه وهو يتحرك بفوضوية، لم يعد يعرف نفسه، تسيطر عايه فكرة سحبها من هنا والذهاب بها إلى شقته ليفضي إليها بكل ما يعج بداخله ليتملكها، ولما أقولها بهذه الطريقة؟ هل لأجمل أفكاري أمام نفسي، بل إنني أريد أن أشعر برجولتي مع من أعشق؟ هل تحولة لحيوان شهواني.
أخرجته ندى من صراعه الداخلي قائلة بصوت متردد:
هل أخطئت؟ لم يرد عليها سيف بحرف واحد واكتفى بمحاصرتها بنظره، اختنق صوتها وهي تفسر صمته على أساس أنه اشمئزاز منها ومن جرأتها معه وهي تعتذر: أنا أعتذر لقد اخطئت آسفة.
هل هي آن تعتذر مني؟ هل هي بريئة لهذه الدرجة؟ أم أنني خسيس لدرجة أنني زرعت بداخلها الاحساس بالذنب على شهوتي بها؟
تقدم سيف منها ليحتضنها لصدره قائلا: ماذا تفعلين بي يا فراشتي؟ انت لم تخطئي بشيء و أنا من يجب عليه الاعتذار
ابعدها عنه قليلا ليتفرس وجهها ثم شبك يده بيدها وتوجها نحوى احدى الطاولات.
في ذلك الوقت كان خالد يجلس على الأريكة محاط بمنير ومنذر وزوجته في أجواء مشحونة بالقلق ليهب منير قائلا بغل: سيف هذا سأقتله، اين أخذ ندى، وهذه الغبية كيف تسمح لها بسحبها خلفه، أليس لها أب و إخوة ليدافعوا عنها ويحمونها؟ أم إنها تستمتع بصراع أبناء العم عليها.
صدم الجميع من كلام منذر الجارح لهم قبل ندى، فكيف يقول هذا عن اخته، وعن من يعتبر سنده في الثكنه ومن أصبح صديقه الصدوق خلال السنة الماضيه اذ جمعهم العمل وكان سيف الظابط المسؤول على تدريب دفعت منير.
تلقى صفعة من والده قائلة: تمضمض قبل أن تشكك في أخلاق أختك، ثم أليس هذا هو سيف صديقك الشهم الخلوق الذي صرعتني بحديثك عنه، أوليس هو من ساعدها عندما تخلى زوجها عنها منذ سنة وصان الأمانة وجلبها لبيتنا سالمة، أم أن الخسيس طبعه في كل من حوله.
منير يشعر بالاهانة، هو لم يخطئ إذا تمكنت منه الغيرة على اخته الوحيدة، فهو يعرف أن سيف يحب ندى هذه الحقيقة التي غابت على أسرته، بالرغم من النار التي تلتهم أحشائه لمجرد فكرة أن ندى مع سيف ومع هذا لم يبح بشيء للجمع فلن يسامح نفسه اذا اختلق مشكلة لأخته بهذا الحجم فمهما كان هي لاتزال على ذمة رجل غير سيف.
كانت خالد جالسا يتابع ردات فعل ابنه ليبتسم فجأة وهو يمني نفسه أنه ما فهمه من نرفزة منير صحيح، فلن يجد احسن من سيف ليستأمنه علة ابنته الوحيدة.
في ذلك الوقت كان شادي مستلقي على ظهره شاردا في أفكاره يعيد حساباته، وترتيب حياته، ليخرج بقرار مهم وهو بحاجه الى الانعزال عن كل شيء إلى أن يتمكن من تخطي الفوضي الكارثية التي عصفت بحياته، يشعر بالاختناق لمجرد فكرة أنه لن يرى ندى بعد الآن، هذه الفكرة تفرغ حياته بشكل مفزع، تشعره بتجر حياته من كل معاني الحياة.
أخرج هاتفه وأعاد تشغيله ليتصل بأخيه ويطلب منه تسيير الشركة في غيابه معللا هذا بأنه اضطر للسفر و المكان الذي سيستقر فيه لاتوجد فيه شبكة لهذا لن يتمكن من الاتصال بع بعد الان، أقفل الخط مع أخوه لتمطر الرسائل هاتفه فتحها ليجدها كلها من خديجه. تستجديه ان يكلمها لقلقها عليه.
كان يشعر بالخسة، لقد فقد احترامه لنفسه، كيف يفعل بها ذلك وهو لم يعد يمتلك نفسه ولا قلبه، لايمكنه أن يعاشر امرأة غير ندى!!! ندى تلك هادئة الخجول الضعيفة التي دمرت جبروته وكسرت غروره وخلفته حطاما لايصلح لأي امرأة بعدها.
اتصل بها شادي اتصالا قاتلا جائرا لقلب أحبه حد العبادة، كان يضنه تخليص لضميره، وحماية لابنت خالته. شرح لها كل ما تزصل اليه، بأنه يستحيل أن يجتمعا كزوج وزوجة كونه لم يعد يمتلك شيء يقدمه لها غير المرار و الندم و آهات قلب موجوع علة ضياع حب اكتشفه مأخرا، كانت خديجة تستمع له صامتت بدون أي انفعال فقد تلقت الضرابات المتتالية الموجعة ألى أن تبلد احساسها وفقدت القدرة على اضهار اوجاعها .
انهى سيف وندى فطورهما وغادرا المكان وماهي الا دقائق حتى كان يصف سيارته أمام بيتها غافلا على منير الذي كان يقف بشرفة البيت المقابلة للشارع.
قال سيف بصوت خافت متردد: ندى لن نتقابل الا بعد انتهاء عدتك، وطلبك زوجة من والدك.
صمتت ندى تفكر في تبعيات قرار سيف، لن أراه لمدة ٣ أشهر، ٣ أشهر يريد ان يحرمني من الأمان ٣ أشهر وأعود للشوق والخوف وليال طويلة جافية تستنزف قوايا. هتفت ندى معترضه: لا سيف أرجوك لا، ألم تكتفي بسنة كاملة اختبرت فيها الشعور من الفقد والخوف ووالشوق...
*اجاب سيف قائلا: اكتفيت ب٨ نوات عذاب وغيرة التهمتني بلا رحمة، ولكن يجب أن أبتعد عنكي حاليا لمصلحتك فلا أريد ان تكرهيني
-لمصلحتي؟ كيف ومصلحتي في البقاء بقربك...التهم سيف باقي كلماتها بقبلة حملها شوق السنين كانت عنيفة بقدر الكبت الذي عان منه ليفصل قبلته بصعوبة قائلا: لهذا يجب أن تبتعدي، لن أتحمل أن تكرهيني او تكرهي نفسك بسببي لم يكمل كلامه وهو يرى منير كيف يفتح باب السيارة بعنف وهويسحبه منها موجها له اللكمات.
كان جامدا ولم يبدي ردة فعل لم يتحرك من أمامه ولم يدافع عن نفسه وهو يتلقى هذا الكم من اللكمات، وفجأة وقفت ندى بينهما تستجدي منير ان يتركه، غير أن غضبه أعماه ليوجه لها صفعة اسقطتها أرضا، حينها فقط رفع سف يده يصفع منير ليرتدى للوراء وقد اختل توازنه، ليردفها بلكمة أسقطته أرضا، ليخرج خالد ومنذر على هذا المنظر، ندى ملقات أرضا و سيف يضرب منير.
هرول الجميع باتجاههم في الوقت الذي دنى سيف من ندى يرفعها من على الأرض ويضمها الى صدره وكأنه يحميها من الحياة نفسها، وهو يوجه نظرات شرسة لمنير قائلا إياك ولمسها بأذا. برب العزة لأعلمك معنى الرجولة حتى تستوعب كيف تستنفر لأختك لا أن تستقوى عليها.
وقف خالد مصدوم من جرأة سيف، ومن استكانت ابنته بأخضان هذا الأخير، في حين تقدم منذر وسحب ندى من حضن سيف ليكز هذا الآخير على أسنانه، فهاهو التاريخ يعيد نفسه، فقد حرم من ندى بطريقة موجعة سابقا، وهاهو يجرد منها ثانية، تولد لديه الاحساس أنه خسرها للمرة الثانية.
كان في منتهى الغضب، يسكنه الهلع وهو يراها تبتعد عنه في حضن أخوها، كان يتابعها الى ان اختفت وراء السور. أرجع نظره إلى خالد الذي كان ينظر له نظرات غامضة فقال وهو ينوي مغادرة المكان: أعتذر منك سيدي ولكن منذر نسي أنه سند لأخته فضطررت لتذكيره بذلك. صمت قليلا ليقول: تأكد سيدي بأن ندى ....
قاطعه خالد قائلا: أنا أثق في إبنتي، كما أنني متأكد أنك رجل من ظهر رجل..

سعير الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن