الفصل الاول

97 4 1
                                    

‏لماذا علينا التحمل دائما؟ لماذا نحاول ان نتأقلم ونوهم انفسنا باننا بخير في المكان الخاطئ؟ لماذا لا نصرخ ونخبر الجميع باننا لسنا بخير؟ لماذا لا نخبرهم باننا نعاني؟ نعاني من كثرة الآلام المحاطة بينا..نعاني من الوحدة نعاني من تملك اليأس والاحباط والفشل بينا..نعاني من شعور اننا منبذون اننا مكرهون الا احد يرغب بينا..الا احد يريد ان يبقى معنا..نعاني من الاكتئاب والحزن..الجميع يعتقدون اننا سعداء اننا نعيش ولكنهم لا يعلمون ما نشعر به من آلام ووحدة..لا يعلمون اننا نبكي يوميًا لا يعلمون اننا لسنا بخير.
في احدى جلسات العلاج النفسي الجماعي كنت اجلس واستمع الي مأساة ومعاناة الاخرين وارى ما الذي اوصلهم الي هنا واقارنهم بنفسي.
انا اتي الي هنا منذ فترة طويلة كنت دائما اذهب الي الطبيب الخاص بي "يحيي" واقص له ما حدث وفي كل مرة كان يرى ان حالتي تسوء عن المرة السابقة حتى قرر هو ان يأتي بي الي هنا، من وجهة نظره انني اذا جئت الي هنا باستمرار سأرى انني ليست الوحيدة التي تعاني في هذا الكون.. انا اخشى العالم الخارجي بشكل كبير..اخشى الناس، الناس ما هم سوى وحوش..وحوش تجيد ايذاء وتدمير بعضها ويتفننون بذلك لا يهمهم سوى مصالحهم وغذائهم ماهم سوى حيوانات وربما الحيوانات افضل منهم..فالحيوانات تشعر وتخشى على بعضهم. اتمنى ان ابتعد عن جميع البشر واعيش وحيدة في جزيرة ما او في مكان بعيد.
اتي الي هنا واستمع الي شكاوي ومعاناة الجميع ولا اتحدث اجد في عيونهم فضولا لمعرفة ما حدث لي الناس فضوليون بالفترة يحبون ان يعرفوا كل شيء حتى و ان لم يفدهم ذلك!
مر وقت ليس طويلا وانتهت الجلسة خرج الجميع وبقيت انا كالعادة لاستمع الي الجملة التي يقولها يحيي باستمرار في كل مرة
‏-ما زلتي مصرة على عدم التحدث؟
-‏لا أرى أن هذا هو الوقت المناسب لل بوح ربما عندما اشعر بالوقت المناسب سأتحدث
-‏في كل مرة ترددين هذا الكلام واظل أنتظر ولكنك لا تفعلي شيء
-صدقني عندما اقدر ساتحدث
-سنرى
-سأذهب الان..ادهم ينتظرني بالاسفل
-ابلغيه سلامي
-سأفعل
‏نسيت أن أعرفكم ب"ادهم" مثلما نسيت أن أعرفكم بنفسي ‏أو ربما تعمدت ذلك
‏لا أعلم حسنا ادهم هو أخي الكبير طويل وزو بشرة خمرية ‏وملامح حدا نوعا ما ادهم ضابط شرطة ‏ذو الثلاثة والثلاثين من عمره ‏يكبرني بخمسة أعوام ادهم شخصية غامضة لا يتحدث كثيرا يهابه الجميع الا أنا ويحيي الذين نعلمه حقا فهو يختلف معنا عن الجميع انه الشخص الوحيد الذي اسكن به هو ويحيي
‏أما أنا فأنا "مرام" مهندسة معمارية لدي ثمانية وعشرون عاما أنا وادهم وحيدان بعد وفاة والدينا أنا لست بطويلة أو قصيرة أنا متوسطة الطول ذات بشرة  نيلية وملامح ليست حدا او هادية ملامح عادية لا يهم ذلك لدي شعر بني طويل وكثيف ربما أقوم بقصه قريبا رغم اختلافي أنا وادهم في كل شيء ‏الا انه اكثر من يفهمني ويفهم صمتي وشرودي يفهم كل حالتي من صغري وأنا وحيدة ليس لدي أصدقاء لم اكن أتحدث مع احد سوى ادهم كنت أعرف يحيى معرفة سطحية "يحيى "هو صديق ادهم المقرب لم اكن أتحدث معه سابقا يحيى طويل ذو بشرة بيضاء نسبيا لديه ملامح هادئه أجبرني ادهم أن اجلس مع يحيى ‏بعدما مررت بالازمة التي حدثت ‏بصفته طبيب نفسي يقدر على مساعدتي كنت أخشاه كثيرا ولكن بعد مدة اصبحت اثق به وأصبحت أقص له كل شيء وكل ما أشعر به أصبحت افضل أن أقص له عن ادهم لكي لا أشغل ادهم بي اكثر من ذلك يكفي عليه ما عانه معي سابقا ومشاكل عمله
‏يحيى شخص ذكي وطبيب ماهر يحاول دائما أن يقوم بمساعدتي ويقنعني بأنه هو وادهم بجانبي دائما وإنني لست وحيدة و إنني ليست الوحيدة التي تعرضت لضغوط وفي كل مرة لا اعيره اهتمام السؤال هنا هل سييأس من مساعدتي مثلما يأس الجميع مني ام ماذا؟
‏خرجت من المبنى بالطبع وجدت ادهم ينتظرني مثلما توقعت توجهت إليه وقمت بالركوب في السيارة
-ماذا فعلتي اليوم ؟
-مثل كل مرة لم افعل شيئا جديدا
-لم تتحدثين؟
-لماذا تقوم انت ويحيى بالضغط علي لاتحدث قلت لكم سابقا عندما أريد أن أتحدث سافعل -ماذا بك! ابقي هادئة نحن فقط نريدك أن تصبحي بخير
-أنا بخير هكذا
‏-آسف على سؤالي
صمت ولم أتحدث وإدهم ايضا وبدا هو بالقيادة في جو ممتليء بالتوتر شعرت بالغضب من نفسي هو يخشى علي ولم يفعل شيئا لأحدثه بهذه الطريقة سوى أنه أراد الاطمئنان عليك فتحدث لأخفف من التوتر
-اوصاني يحيى ان ابلغك سلامه
لم يعلق وظل في حالة من الصمت فقلت معتذرة
-أنا آسفة لم أقصد أن أتحدث بهذه الطريقة أنا فقط أشعر بأنني تحت ضغط كبير ولا أريدكم ان تتحملوا مشاكلي وأشغلكم بي
-هل اخبركي احد بمضايقتنا؟ لا تضعي الأوهام براسك
-‏لم تقول ولكنني أشعر بذلك
-‏لا تضع الأوهام براسك وتعيشينها انتِ توهمين نفسك بشعور إنك لست مرغوبة وان لا احد يحبك تعيشين هذا الشعور مع انه يوجد الكثير من الناس يريدون ان يعرفوكي ويقتربوا منك ولكنك وتبعديهم ولا تريدين أن تعطيهم فرصة ليتعاملوا معك وفي نهاية الأمر تقولين إنك لست مرغوبة ولا احد يريد ان يبقى معك وهذا الحديث
-لم اصل لذلك دون سبب انت تعلم جيدا ما الذي اوصلني الي ذلك
-‏اعلم ولكنني أيضا أعلم إنك ليس لديك المقاومة لتساعدي نفسيك أصبحتي لا تحبي مساعدتنا او مساعدة نفسك كانك أصبحتي تحبي هذا الوضع الذي انتِ عليه الان
-‏ادهم ارجوك توقف أنا متعبة ولا أقدر على استكمال هذا الحديث
-‏حسنا سأصمت ولكن أتمنى ان تعرفي إنني أقول لك ذلك لأنني أخشى عليك أريدك أن ترجعي مرام التي تقاوم مرام التي تساعدني وتساعد نفسها
-‏حسنا يا ادهم صدقني ساحاول
عم الصمت لفترة طويلة حتى وصلنا الي المنزل

ميتانوياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن