¤الزفاف ¤
بعد ليلة حافلة من الرقص والغناء عاد هاني لمنزله فوجد شقيقاته نائمات ووالدته تجهز وليمة العروس التي سترسلها لهاجر وتوزعها على أقارب جعفر كما جرت العادة
"أمي ..لماذا لا تزال هاجر نائمة ؟لقد أوشك الظهر أن يؤذن ..ألن تذهب لصالون التجميل؟"
التفت صابرين له وتفاجئ أن الدموع تغرق وجهها الجميل ..ودون أن تجيب سؤاله احتضنته بصمت
بادلها هاني الاحتضان قائلا:
"إن كنت أعرف أنك ستبكين هكذا يوم زفافي لما تزوجت"
فضربته على ظهره بخفة ولاتزال تحتضنه قائلة:
"ومن كان ليسمح لك بهذا؟! لكم حلمت بهذا اليوم يا هاني!! سأراك أنت وهاجر تزفان وفي نفس اليوم لقد تحقق حلمي وحلم والدك الراحل"
قبل هاني رأسها مجيبا:
"آسف لأنني تأخرت في تحقيق أمنيتك..هيا امسح دموعك يا أم العروس..والعريس"
بعد دقائق قضاها هاني في محاولة إضحاك والدته وإقناعها بالتوقف عن البكاء..اتجه لغرفة شقيقاته الصغيرات وبعد أن طرق الباب سمع صوت نادين تدعوه للدخول
لم يكن بالغرفة سوى نادين وناردين ويبدو أن فاتن قد استيقظت منذ وقت..
قال هاني ما إن دخل :"كيف حال توأمي المشاكس؟..لا يوجد فستان تودين ارتدائه من ملابس نادية يا ناردين؟وأنت يا نادية ألا تريدين الصراخ قليلا"
ضحك هاني حين لم تجبه أي واحدة منهما بل نظرتا له بحنق وقالت نادية:"لست ظريفا"
بينما علقت ناردين:"نحن لا نتشاجر يوميا لتقول هذا"
اقترب هاني وأجلس كل واحدة منهما بجواره من جهة ثم قال:"كنت أمزح فقط لا تغضبا..هل كل شئ جاهز؟"
والحمد لله أنهما لم تظلا على حنقهما طويلا فقد ارتميتا في حضنه بسعادة ثم قالت ناردين بحماس:
"سنرافق هاجر لصالون التجميل..أراهن أنك لن تعرفنا بعد أن نتجهز..سترى أربع أميرات جميلات أمامك ولن تملك إلا أن تنحني لهن "
وأضافت نادية برجاء:
"هاني أرجوك عندما أخرج من صالون التجميل أمسك بيدي وساعدني في نزول السلم ثم قبل يدي..يا إلهي!ستكون لقطة رائعة"
ذهل هاني من أفكارهما وقال:
"إن كنتما تذكران فاليوم زفافي أنا أيضا ومؤكد سألتفت لعروسي فقط..أما أنتما فلينتظر حلمكما حتى زفافكما"
ضحكت الشقيتان بعد أن خرج هاني من الغرفة وضربتا كفيهما ببعضهما فقد نجحتا في استفزازه كما تفعلان دائما
*** ****
كان هاني في غرفته يحاول النوم فعلى عكس الفتيات لا يحتاج هو لوقت طويل ليجهز..سيستحم ويحلق شعره وانتهى الأمر وعلى هذا فقد قرر أن يستريح حتى العصر قبل أن يبدأ في استقبال أصدقائه الذين أصروا أن يجلبوا الحلاق للمنزل ...لكن كالعادة كانت شقيقاته يتجهزن للذهاب لصالون التجميل ولم يستطع النوم من ضجتهن..وتفاجئ أن فاتن لم تأت لترتدي حجابها في غرفته ..يبدو أنها لا تزال غاضبة عليه
نهض هاني بعد أن هدأت الضجة وعلم أنهن غادرن المنزل ليحضر لنفسه شيئا يأكله طالما أنه لن يستطيع النوم فليتسلى بانتظار أصدقائه
دخل المطبخ فوجد فاتن منهمكة في تغليف الأواني التي ملأتها والدته بوليمة العروس ..فقال :
"وأنا الذي قلت لنفسي أن فاتن غاضبة علي لدرجة أنها ارتدت حجابها أمام مرآة أخرى حتى لا تراني..لكن يبدو أنك لم تعودي غاضبة أليس كذلك يا مدللة؟"
رفعت فاتن ورقة دون أن تلتفت ..وقرأها هاني بتسلية فقد كتبت
(لا حديث بيننا ) مع وجه غاضب
اقترب هاني منها ثم ضربها مجددا على مؤخرة عنقها وقال:
"الأفضل أن تعتادي الأمر وتحمدي الله أنني أضربك ونحن وحدنا حفاظا على برستيجك الغالي.."
ثم أدار وجهها له وقال:
"إن لم تنهي هذا الخصام الآن فسأضربك في الزفاف أمام المدعوين كلهم..ها ما رأيك؟..هيا قبليني هنا "
أشار لوجنته فقبلته فاتن بحنق خوفا من تنفيذ تهديده ..مما جعل هاني يبتسم بحنان ثم قال بعد أن قبل رأسها:
"إن خاصمتني مجددا سأسلبك دبدوبك الأحمر الذي تحبينه"
ضحكت فاتن من تهديده وقالت بمرح:"لا كل شئ إلا دبدوبي الأحمر.."
ابتسم هاني لأنه تمكن من مصالحتها أخيرا ثم قال:
"تعالي نتناول شيئا قبل أن تلحقي بشقيقاتك ..وحتى تعرفين كم أخصك بالدلال وحدك ..سأختار لك أيضا الطقم الذي سترتدينه حتى لا تحتاري..ما رأيك أن نتذوق طعام العروس دون أن يعلم أحد؟"
اتسعت عيني فاتن بشقاوة وأومأت له بتأييد ..وفتحا الصينية التي غلفتها للتو وبدأ يأكلان !!
بعد فترة كان قد قضيا على نصف صينية المعكرونة بالبشاميل ..فقررا التوقف حتى لا يفسدا الأمر أكثر من ذلك ..قال هاني وهو يريح ظهره على مقعد المطبخ:
"كنت قد نسيت طعم المعكرونة التي تعدها أمي"
قالت فاتن بندم:"هل تدرك عقوبة ما فعلناه في قانون أمي..ستتبرأ مني يا هاني"
لكن هاني طمأنها بأنهما سيخفيان الأمر ووحدها هاجر هي من ستعرف حين تفتح الصينية اليوم أو غدًا ثم سألها: "هل كلفتك أمي بإرسال الطعام لشقة هاجر أم طلبت منك تغليفه فقط؟"
قالت فاتن بتوتر وهي تنظر للصينية أمامها كأنها شبح:"قالت أنها ستعود قبل المغرب وتأخذه بنفسها لشقة هاجر"
نهض هاني وقال :"إذا سأتصل بها وأخبرها أننا سنقوم بتلك المهمة ثم أوصلك بعدها إليهم لكن كوني واثقة من نفسك ولاتظهري هذا الارتباك"
توقف هاني عن الحديث وهو ينظر إلى تلك التحفة الفنية والتي لاحظها توًا كانت كعكة من طابقين وقد لمع في كل منهما أشياء ملونة بدت كالجواهر ..وعلى وجهها وضعت الشموع
فقال بانبهار:"فاتن هل ما أراه حقيقي ؟ يا إلهي! أعطيني شوكة سريعًا.. شكلها مريب بتلك الأشياء الملونة لكن يجب أن أتذوقها رغم ذلك"
التفت فاتن بلامبالاة لأنها تعلم أنه لا طعام مكشوف في المطبخ ومؤكد لا يوجد ما يؤكل بالشوكة بين هذا الطعام الدسم الذي أعدته والدتها لكن سرعان ما اتسعت عينيها وهي تراه يشير للحناء وقد كانت والدتها قد أعدتها بهذا الشكل اللطيف للزينة فقط فهي تعلم أنهن لا يحببن وضع الحناء
فقالت بصدمة:"ابتعد يا هاني..هذه حناء! ليست للأكل!!..اطلب من أمي أن تعد لك ما تريد مادمت بهذه الشراهة لكنك لو تذوقت هذه فلن تحضر زفافك قطعا"
دفعته للخروج من المطبخ وقالت:" هيا لنتجهز لنتخلص من هذا الطعام ..لا تدخل هنا من دوني مرة أخرى ..أخاف أن تتهور "
استسلم هاني لدفعها لكنه لايزال منبهرا بشكل الكعكة حقا..ترى هل كان عليه أن يتذوقها ليتأكد بنفسه؟!
**** ****
كانت الساعة تقارب الثامنة مساء حين وصل كل من هاني وجعفر لاصطحاب هناء وهاجر من صالون التجميل ..وقد كان اختيار الفتيات قد وقع على صالون واحد وذهبن إليه معا
نزل جعفر من سيارته والتي قادها حيدر هذه المرة وقال لهاني ناظرًا للسيارة التي وقف مستندا عليها في انتظاره:"هذه هي السيارة التي أجرتها ..تبدو جيدة ..هل انتهت الفتيات من الاستعداد؟"
أجابه هاني بسخط وهو يشير لوقفته :"أجب بنفسك ..لماذا تأخرت أنت أيضا ؟ "
قال جعفر :"كنت أشتري باقة الورد التي تمسكها العروس..هل اشتريت واحدة ؟ من الجيد أنني اشتريت لك واحدة إذا"
أضاف جملته الأخيرة بعدما رأى الرد على وجه هاني..ثم تابع:"دعنا نصعد ونرى ما يحدث"
وقبل أن يصعدا كان حيدر قد نزل أيضا من السيارة ووقف الثلاثة يشاهدون بإعجاب نزول عروس تليها الأخرى حتى حيدر شعر أنه يعيد زفافه من جديد
في حين تسمر هاني عاجزا عن النطق أمام جمال هناء ..قالت هاجر لجعفر الذي قبل يدها بشغف:"توقف عن نظرات الأسود تلك"
ضحك جعفر وفتح لها باب السيارة ثم دلف بعدها وهو لا يرى حوله من انشغاله بغزالته ثم قال:"لا داعي لذكر الأسود فقد أفقدتني وقاري أمامك"
مشيرًا للفخ الذي أعدته هناء له مسبقًا والذي تفضل هاني بقصه على هاجر بالتفاصيل وهو ما وبخه عليه طويلًا فيما بعد
وكانت والدة هاني قد سبقتهم للقاعة مع نادية وناردين ..بينما غادرت سيارة جعفر تحمله مع شقيقه وزوجته وتجاوره عروسه التي صار يتأملها طوال الطريق غير عابئ بضحكات حيدر وزوجته ..أما في سيارة هاني فقد أصرت فاتن أن تقود بنفسها ولم يمانع هاني الذي جلس في الخلف منشغلا بعروسه
بينما كانت فاتن في عالم آخر مع حيدر حيث بدأ في إطلاق أصوات من السيارة اختارها خصيصا لهذا اليوم..وشاركته فاتن تلك الضجة وصارا يسيران بتمايل خلف بعضهما حتى لتتخيل أنك ترى ثعبانا زاحفا..
بعد دقائق ...كان الجميع ينظر لباب القاعة بترقب فقد بدأت الموسيقى تعلن عن وصول العروسين مع العد التنازلي ..فُتح الباب وتعالى التصفيق مع صوت الزغاريد والموسيقى
وتقدم هاني وهناء في عربة تشبه ثمرة اليقطين وتلاهما دخول جعفر وهاجر في عربة مماثلة يدفعها عاملان من الخلف
صفقت فاتن بحماس وقالت لوالدتها:"تشبه عربة سندريلا يا أمي.. انظري إليهم"
أومأت صابرين بسعادة ودمعت عينيها وهي تحمد الله أن أطال في عمرها حتى ترى هذه اللحظة
ومرت فقرات الحفل بسعادة وهدوء بعدما استقر كل عروسين في المكان المخصص لهما..
حتى تغيرت الموسيقى فجأة وبدأت الفقرة التي أعدتها هناء حيث استغلت كبر حجم القاعة واتفقت مع والد هايدي أن يقدم فقرة مع ساندى وفرقتها أمام المدعوين
وهكذا وجد جعفر وهاني نفسهما أمام ساندي من جديد!!
مال هاني على هناء وقال:"ماذا حدث يا وردتي البيضاء؟ ما كان الداعي لإحضار صديقتك اللطيفة وإتعابها في يوم كهذا؟"
التفتت هناء له وأجابت ببراءة:"حتى لا يظنني أحدهم لقمة سائغة ويعلم من هم أصدقائي"
كان الجميع متحمسًا ويتابع بشغف العرض الذي قدمته ساندي.. لكن هاني وجعفر لم يتقبلا الموقف أبدًا فهما لا يستطيعان نسيان الفخ القديم والفزع الذي شعرا به وقتها
ورغم ذلك كانت الليلة حافلة ومليئة بضجة كإطلاق ألعاب نارية ومشاهدتها تلمع في السماء ...وقد جمع الحب بين كل زوجين فحرص هاني على أن ينتقم من هناء بطريقته ومثل جعفر دور الأسد بإتقان مع هاجر
اليوم بنيت لك بين أضلعي منزلا
عسى المقام بالمقيم يليق
**** ****
#فوت
#كومنت
عرفوني رأيكم 💓
أنت تقرأ
كتفاي عرشك
Humorفي بيت ملئ بالإناث كيف تتوقع أن تكون حياتك؟😉 نوفيلا كوميدي..رومانسي..اجتماعي