الفصل 2

1K 28 2
                                    

صباح الخيير🌼

استمتعوا..💛

-------------------------------

كانت درجه الحراره في غرفة استقبال كنغزليسى الكبيرة اثنتين وعشرين درجه مئوية عندما جلس بوارو يتحدث الى السيدة ليسى قرب احدى النوافذ الكبيره ذات الاعمدة الحجرية.
كانت السيدة ليسى تطرز بالابره، ولم تكن تطرز أشكالا نافره او زهورا مزخرفة على الحرير، بل بدا انها تشغل نفسها بمهمة تطريز حواش لمناديل المائدة، وكانت تتكلم وهي تطرز بصوت رقيقى تاملي وجده بوارو رائعا: امل بان تستمتع بحفل عيد الميلاد عندنا هنا ي سيد بوارو، فهى تقتصر على العائلة: حفيدتي و حفيدي وصديقه، وبريجيت ابنة اخى، وابنة العم ديانا، وصديق قديم هو ديفيد وبلواين. حفله عائلية تماما، وهو ما اخبرتني إدوينا موكام انك تريده. حفل ميلاد تقليدية لن تجد شيئا تقليديا اكثر منها؛ فزوجي ما زال يعيش الماضي تماما، وهو يحب ان يرى كل شي كما كان عندما كان صبيا في الثانية عشر من عمره، وقد اعتاد على قضاء اجازاته هنا.
ابتسمت لنفسها واكملت: يريد كل شي كما كان؛ شجرة عيد الميلاد والاكياس المعلقة، وحساء المحار والديك الرومي.. بل يريد ديكين روميين احدهما مسلوق والاخر مشوى، وكعكة الخوخ التي يخفى فيها الخاتم ورز العازب، وكل التفاصيل الاخرى. لم تعد الامور كما كانت من قبل، ولكن زوجي يتوقع كل شي؛ كل الحلويات القديمة، حلوى اللوز والزبيب والفواكه المجففة والزنجبيل.. يا الهى! ابدو وكانني دليل للاطعمة والحلويات!
-لقد اثرت شهيتى يا سيدتي.
-اتوقع اننا سنصاب جميعا بسوء هضم مريع مساء غد، فما من احد اعتاد على اكل كل هذا في هذه الايام.
قطعت كلامها بعض الصيحات والقهقهات العالية خارج النافذة، فالقت بنظره الى الخارج وقالت: لا ادري ماذا يفعل هؤلاء في الخارج.. ربنا كانو يلعبون لعبة ما. لقد كنت اخشى دائما ان يشعر هؤلاء الفتيان بالملل في عيد الميلاد عندنا هنا، ولكن على العكس من ذلك؛ ان لابين وابنتي واصدقائهما موقفا مرتفعا تجاه العيد؛ فهم يعتقدون انه هراء وهرج مبالغ فيه وان من الافضل قضائه في فندق يمضون الوقت بالرقص والاحتفال، اما الجيل الاصغر فيجد ان عيدنا هنا ممتعا جدا.
سكتت السيدة ليسى قليلا ثم مضت تقول: وبالاضافة الى ذلك فان فتيان وفتيات المدارس هم دائما في حالة جوع، اليس كذلك؟ لا بد انهم يجوعونهم بقدر ما ياكله ثلاثة رجال اشرار.
ضحك بوارو وقال: انه لطف منك ومن زوجك سيدتي بان تسمحا لي بالانضمام الى خفلكم العائلى بهذه الطريقة.
-هذا من دواعي سرورنا بالتاكيد، وارجو ان لا تلقى بالا اذا وجدت هوراس فظا بعض الشي، فهذه طريقته ليس الا.
كان زوجها الكولونيل هوراس ليسى قد علق على حضور بوارو قائلا: لا استطيع فهم السبب الذي جعلك ترغبين في وجود اجنبي لعين يعكر علينا عيدنا. لماذا لا ياتينا في وقت اخر؟ انني لا استطيع تحمل الاجانب. حسنا، حسنا، لقد فرضته علينا إدوينا موركام. ولكن ما علاقتها هي؟ بودي لو اعرف لماذا لا تستضيفه هي في عيد الميلاد؟
واجابت السيدة ليسى في حينها: لانك تعلم جيدا ان إدوينا تذهب دوما الى حفلة آل كلاريدج.
نظر اليها زوجها نظره ثاقبة وقال: اظنك تخطتين لشئ، اليس كذالك؟
قالت وقد فتحت عينيها الزرقاوين: اخطط لشئ؟ طبعا لا! ولماذا اخطط؟
ضحك الكولونيل العجوز ضحكة عميقة مدوية وقال: انني لا استبعد ذلك؛ فعندما تبدين في غاية البراءة تكونين بصدد امر ما.
بعد ان استعرضت السيدة ليسى تلك الافكار في عقلها مضت الى القول: لقد قالت إدوينا ان بامكانك مساعدتنا. لست متاكدة كيف ستساعدنا، ولكن إدوينا قالت ان بعض اصدقائك قد وجدوك كفؤا في مشكله مثل مشكلتنا. ولكن، انت لا تعرف عن اي شئ اتكلم.
نظر اليها بوارو مشجعا. كانت في نحو السبعين من عمرها، منتصبة القامة كالرمح، لون شعرها ك بياض الثلج، ورديه الوجنتين و زرقاء العين زات انف مضحك وزقن ينم عن التصميم.
قال بوارو: اذا كان يوجد ما يمكنني عمله فساكون سعيدا بذلك. انها قضية افتتان مؤسف لفتاه شابة كما فهمت.
هزت السيده ليسى راسها بالإيجاب وقالت: نعم. ولكن يبدو من غير الطبيعي ان... ان احدثك عن ذلك؛ ففي النهاية انت غريب تماما.
اردف بوارو بتفهم: واجنبي ايضا.
قالت السيده ليسى: نعم ولكن من شان ذللك ان يسهل الامر على نحو ما. ومهما يكن بدت إدوينا مقتنعه ربما تعلم شيئا...
حسنا، لنقل: شيئا ذا فائده عن ذلك الشاب ديزموند لي ورتلى .
اقتطع بوارو لحظه من تفكيره لكي يعجب بابداع السيد جيزموند، فقد استعمل السيده موركام بسهوله ويسر لتحقيق اهدافه الخاصة، ثم عاد ليقول: ليس لهذا الشاب سمعه حسنة كما فهمت.
-بالطبع ليست سمعته حسنة، بل انها سيئة للغاية. ولكن ذلك لن يؤثر في علاقة سارة به، فمن غير المجدي ان تحذر الفتيات من الرجال سيئى السمعة، بل ان ذلك سيرغبهن بهم اكثر.
-انت محقة تماما.
تابعت السيدة ليسى: في شبابي(وكان ذلك قبل وقت طويل جدا) اعتاد اهلنا ان يحزرونا من بعض الشباب، وكنا نتمى لو نستطيع مراقصتهم او الاختلاء بهم.
ضحكت ومضت قائلة: ولذلك لم ادع هوراس يعالج الانر بطريقته.
قال بوارو: اخبريني، ما الذي يقلقك بالضبط؟
قالت السيدة ليسى: لقد قتل ابننا في الحرب ثم ماتت زوجته خلال ولادتها، فنشأت سارة بيننا وقمنا بتربيتها، ولقد حرصنا على ان تتمتع سارة دوما باكبر قدر من الحرية، ولا ادري ان كنا على صواب في ذلك.
-ذلك هو الانسب كما اعتقد، اذ لا يستطيع المرء السير بشكل يناقض روح العصر.
-هذا بالضبط ما كنت اعتقده، وبالطيع فان الفتيات يقدمن هذه الايام على مثل هذه الامور.
نظر بوارو اليها مستفهما فقالت: دعني اعبر عن ذلك بالشكل التالى: لقد عاشت سارة حياه الطبقة الدنيا، فلم تحرص على ان تظهر بالمظهر اللائق اجتماعيا، بل اثرت - عوضا عن ذلك - ان تعيش في بيت من عرفتين قرب النهر في تشيلسى وترتدى تلك الملابس المضحكة التي يلبسها شباب تلك المنطقة بجواربهم السميكة السوداء او الاخضراء الفاقعة، وراحت تمارس حياتها دون ان تغسل شعرها او تمشطه!
-ذلك طبيعي تماما، فتلك هي "الموضه" اليوم، وسيكبرون وسيتركونها.
-نعم؛ اعلم ذلك، ولست قلقة من ذلك النوع من التصرفات، ولكنها افتتنت بهذا المدعو ديزموند لى ورتلى ( زي السمعة البغيضة ) الذى يعيش على خداع الفتيات الثريات، ويبدو انهن يقعن في حبائلع بجنون. لقد اوشك على الزواج بالانسة هوب لولا ان اهلها لجاوا الى المحكمة ووضعوها تحت الوصاية، وهو ما يريد هوراس ان يفعله مع سارة لكي يحميها كما يقول، ولكنني لا اعتقد ان ذلك سيكون مجديا يا سيد بوارو؛ اذ يمكن لهما ان يهربا الى إيرلندا او الارجنتين ويتزوجا هناك عير ابهين لوصاية المحكمة. فاذا ما ولد لهما طفل فلا يملك المرء الا الاذعان للامر الواقع والموافقة على الزواج، ثم يقع الطلاق يعد عام او عامين ( كما اراه يحصل عادة ) وتاتي الفتاه الى بيتها لتتزوج بعد فترة تطول او تقصر شخصا طيبا الى درجة البله وتستقر معه. واعتقد ان المحزن في الامر هو وجود طفل يربى في ظل زوج ام لا يمكن ان يعامله معامله الاب مهما كان لطيفا. ولعل ما كنا نفعله في شبابنا افضل بكثير من هذا المصير؛ اذ كنا نعتقد ان اول فتى تقع الفتاه في حبه هو دائما فير ملائم! واتذكر انني كنت احس بعواطف قوية تجاه شاب، شاب يدعى... من الغريب انني لا اذكر اسمه الاول، ولكن من عائلة تيبيت. وقد منعه والدى من زيارتنا، ولكنني كنت ارقص معه في الحفلات التي كنا ندى اليها. وكنا نهرب لنجلس سويا، واحيانا كان اصدقائنا ينظمون رحلات فنذهب معهم. وكان المرء يستمتع كثيرا بتلك اللقاءات الممنوعة، مع اننا لم نكن نذهب بعيدا في علاقاتنا كما تفعل فتيات اليوم. وبعد فتره اختفى السيد يبيت ليظهر بعد اربع سنوات، فهل تصدق - يا سيد بوارو - اننى دهشت عندما التقيت به بعد تلك السنوات وتساءلت: ما الذي احببت فيه؟! فقد بدا لي شابا بليدا لاشكل له ولا منطق.
قال السيد بوارو بلهجة واعظه: يعتقد المرء دوما ان ايام شبابه هي اجمل الايام.
اجابت السيدة ليسى: اعلم ان كلامى ممل وما كان لى ان اضجرك، ولكنى - على ايه حال - لا اريد لسارة ان تتزوج ديزموند لى ورتلى وهي الفتاه الغالية على. لقد جمعت الصداقة بين سارة وديفيد ديلواين الموجود هنا، ولطالما احيا بعضهما البعض.
وفكرت السيدة ليسى قليلا ثم قالت: خسنا، ساعترف لم يا سيد بوارو - انني انا نفسى احببت ديزموند. طبعا لا اعنى احببته فعلا بعقلي، بل شعرت بجاذبيته وعرفت اسباب تعلق سارة به. ولكن لى من العمر والتجربة ما يجعلنى اعرف انه عديم الفائدة تماما، حتى ولو استمتعت بصحبته.
ثم اضافت بكآبة: مع انني اعتقد ان له بعض الصفات الحسنة، فقد استاذن في احضار أخته الى هنا بعد ان اجرت عمليه قائلا ان مت المحزن لها ان تقضى العيد في المستشفى. وقد تساءل ان كان في احضارها معه اي ازعاج لنا، كما تعهد بان يقوم بنفسه بايصال طعامها الى غرفتها والقيام بخدمتها، وانا اعتقد ان هذا الموقف يعتبر موقفا لطيفا منه، ما رأيك انت يا سيد بوارو؟
قال بوارو وهو غارق في التفكير: موقف يدل على مراعاة لمشاعر الاخرين، وهو ما لا ينسجم مع شخصيته.
-لا ادري، ولكن يمكن ان تكون للمرء عواطف عائلية طيبة في نفس الوقت الذي يتمنى فيه سرقة فتاه غنية. وبالمناسبة، فان سارة ستصبح غنية جدا، ليس بما سنتركه لها من اموال ( اذ ان معظم اموالنا ستؤول مع هذا البيت الى حفيدنا كولين )، ولكن والدة سارة كانت غنية جدا وسوف تؤول ثروتها الى سارة عندما تبلغ الحادية والعشرين، وهي الان في العشرين من عمرها. حسنا، انا اعتقد ان خوف ديزموند على اخته بالفعل موقف نبيل، كما انه لم يختلق لها مركزا وهميا مرموقا، فهى تعمل طابعة اختزال في لندن كما اذكر. وقد حافظ على وعده الطيب بايصال الطعام اليها في اغلب الاحيان، ولذلك فان فيه بعض النقاط الجيدة كما اعتقد.
ثم اضافتالسيدة ليسى بتصميم شديد: ولكنى
-مع ذلك - لا اريد لسارة ان تتزوجه.
قال بوارو: بعد الذي سمعته واخبرتيني به فانني اظن ان هذا الزواج سيكون كارثة.
تساءلت السيدة ليسى: هل تظن ان بمقدورك ان تساعدنا باية وسيلة؟
اجاب بوارو: نعم؛ اظن ان هذا ممكن، ولكننى لا اريد ان اعد بالكثير لان امثال ديزموند في عالمنا هذا اذكياء يا سيدتي. ولكن لا تياسى، فبوسع المرء ان يقوم بشئ ما تجاه هذا الامر. وفي كل الاحوال سابذل قصارى جهدى، ان لم يكن لشئ فامتنانا منى لتلطفكم بدعوتى لمتعة عيد الميلاد هذة.
ثم نظر حوله واضاف: لانه من السهل الحصول على عيد ميلاد جيد في هذه الايام.
ت

نهدت السيدة ليسى وانحنت امامه قائلة: هذا صحيح. ولكن اتعلم ما الذي احلم به واتوق للحصول عليه يا سيد بوارو؟
-اخبريني يا سيدتى.
-ببساطه: اتوق الى بيت صغير عصرى تسهل ادارته يبنى في الحديقة هنا بمطبخ عصرى تماما ودون منرات طويلة، بيت بسيط ومريح اسكنه.
- انها فكرة عملية جدا يا سيدتى.
-ولكنها صعبة التحقيق؛ فزوجى يعشق هذا البيت والاقامة فيه ولا يعبا ان كان غير مريح قليلا او كانت بعض النواقص، وهو يكره ( بكل معنى الكلمة ) السكن في بيت صغير عصرى في الحديقة!
-اذن فانت تضحين من اجل رغباته؟
-انا لا اعتبرها تضحية يا سيد بوارو؛ فقد تزوجت هوراس فكان جيدا معى واسعدنى طوال هذه السنين، وانا اريد ان اسعده.
قال بوارو: ستستمرين في السكن هنا اذن؟
اجابت السيدة ليسى: انه ليس سكنا مزعجا الى هذا الحد.
فاستدرك بوارو بسرعة: نعم، نعم. بل على العكس؛ انه مريح جدا، كما ان التدفئة المركزية والماء الساخن عندكم من الامور العظيمة.

--------------------------------------------------

هاد جزء من البارت 2 لانه طويل فقلت تحسون بالملل لهيك راح كمل الباقي في بارت ثانى.🤗

القاتل العاشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن