الفصل الخامس
أوقف مكبح السيارة أمام قسم الشرطة، لينزل ببرود ثم يفتح الباب لها وينزلها بعد أن جذبها من معصمها بشدة
جعلها تتألم بقوةٍ، صرخت به بشدة:
_ سبني بقى وسع أيدك بتوجعني أقسم بالله لو ما سبتني هشتمك قدام زمايلك وتبقى قدامهم زي البيبي الصغير
اشتد غضبه لم يعد يصبر، تحكم في انفعاله زادت في دلالها، نظر لها ثم قال بنبرة مليئة بالتهديد:
_ أقسم بالله يا "نجاة" لو ما تعدلتي لحطك في زنزانة معفنة ريحتها وحشة توسخ هدومك وإنتي عارفة إني مجنون وعاملها
صمتت حتى لا ينفذ تهديداته، فهي تعلمه جيداً، نظر له قائلاً:
_تعجبيني و إنتي بتسمعي الكلام
سحبت ذراعيها بغضب، رافعة سبابتها بوجه لتقول بتحذير:
_أنا مش مجرمة عشان تشدني بطرقتك لاحظ كدا ثانياً دخلني بطريقة كويسة لو فيك يعني ذرة بتحترم بيها المرأة
تيقن بأنها محقة تماماً، أومأ برأسه، ثم مد يده للأمام مشيرا لبناية مقر عمله قائلاً بنفاذ صبر:
_ اتفضلي حضرتك!
تقدمت حتى تدلف قبله، كان يسير خلفها ويوجهها باتجاهات مكتبه، حتى وأخيراً وصل إلى المكتب، نظر لحارسه وقال بأمر:
_ هاتلي يا بني واحد قهوة وواحد كاكاو للهانم وزود اللبن بسرعة
وقفت تحدق به، مازل يتذكر مشروبها الذي كان يعاندها به عندما يضع الحليب أكثر من الكاكاو، تنهدت بقوة ثم قالت بآسف:
_ آسفة "زيدان" باشا رفيقتك تغيرت لدرجة إني كرهت المشروب لو تحب تشربني فهاخد واحدة قهوة سادة من فضلك
أومأ العسكري برأسه ولكن صرخ به "زيدان" الذي قال:
_ مين مشغلك هي ولا أنا أظن أنا أعمل اللي قولت عليه
واتفضل أفتح الباب خليني أدخل
بالفعل نفذ العسكري ما قاله له رئيسه، دخلت "لين" وانتظرت حتى قفل الباب وبعد ذلك تحدثت بتساؤل:
_ أنا مطلبتش تشربني حاجة تمام وأما طلبت كسفتني دا أولاً ثانياً أنا هنا ليه؟؟
رد عليها باستفزاز:
_ مفيش أطفال بيشربوا قهوة وبالأخص البنوتات الشاطرين اللي زيك واللي المفروض يكونوا بيسمعوا الكلام د..
قاطعت حديثه بغضب:
_أولا أنا مش طفلة تمام ثانيا بشرب قهوة عادي ما بتفرقش أبدا البنت عن الولد
قهقه بقوة ثم قال بأمر:
_ هتشربي الكاكاو كله ماشي ومفيش قهوة تاني ولو قاطعتيني تاني هتشوفي الزنزانة
رفعت حاجبها بتحدي ثم قالت وهي تجذ على شفتيها :
_ خلص قولي عاوز إيه
أشار لها بعنف ثم رفع سبابتها بتحذير:
_ ميت مرة قولت الحركة دي عيب و برضه بتعمليها
لم تتحدث معه بل وتجاهلته تماماً، وجد أن الأوضاع أصبحت صامتة، فكسر هذا السكوت الموحش كالليل الدامس قائلاً لها بهدوء:
_ إيه اللي حصل عشان كل دا؟؟ قولتلك لو سافرتي هنقطع كل الصداقة طب ما إنتي كنتي حابة بلدك وناسك وكنتي عاوزة تكملي هنا لية بقى اللي إنتي بتعمليه وغير كل دا وصل بيكي إنك عاوزة تسافري
تأففت بقوة لترد عليه باستنكار:
_ والله حاجة ما تخصكش بس هرد عليك عشان أنا أصيلة إنت اللي قطعت الصداقة وأنا حبيت أسافر أكمل مش ورايا حاجة
_أممم
ذم بفمه هكذا هو يقلب في الأوراق التي أمامه، نظرت له وهي تقلده:
_ امم إيه كلمني عليا أنا مش تمثال جبته و بتسمعه
أشار نحو أذنه ثم قال:
_ امم بمعنى سمعك كملي!!
توقفت عن الحديث بعد أن قالت بحنق:
_ دا اللي عندي مافيش أكتر ولا أقل
وضع يده على وجنتيه ليرن جرس مكتبه حتى يأتي العسكري..
....................................................................................................
_غبي يأبني دي الأوضة بتاعتي وإنت اللي هنا
قالت جملتها ثم لوت ثغرها ببسمة السخرية، لتغمز له وهي تقول بدلال:
_وبعدين مش إنت جوزي حبيبي نور عيني خليك يا حبيبي وأنا هدلعك
اقتربت منه تعلمه درسً قاسٍ حتی لا يقترب منها إلا بليلة زوجهما، صرخ بها بقوة:
_ "مريم" ابعدي واطلعي شوفي أمك قبل ما تيجي خلصي
قهقه على شكله الطفولي، بالفعل خرجت من غرفتها وهي ترد على والدتها:
_ نعم يا ماما
تحدثت والدتها بتسأل:
_ هتأكلي ولا هتستني "نجاة"
ابتسمت لها ما أن ذكرت والدتها اسم صديقتها، ردت بسرعة:
_لا طبعا هستنى "لين" وياريت يا ماما محدش يقول لها "نجاة" عشان متزعلش
لوت والدتها ثغرها قائلةٍ بسخرية:
_ "لين" ونبي إنتوا بنات مدلعة روحي يا ختي نامي شوية عشان وشك يريح شوية
أومأت برأسها اتجهت لتعود لغرفتها ولكن استخبت وراء العمود الذي يقترب من الغرفة الخاصة بها، حيثُ وجدت زوجها يتسحب ويخرج وينظر يمنٍ ويسارًا، كتمت ضحكاتها، ثم قالت بعلو:
_ ماما في حد دخل الأوضة عندي تعالى شوفي ليكون حد غريب خايفة أدخل يا ماما
أسرع يركض ولكن لم يحالفه الحظ، جاءت زوجة خاله تقول بخوف:
_ مين هيروح عندك يعني يا نور عين..
توقفت عن الحديث عندما وجدت زوج ابنتها، نظرت له باستغراب فقال بتلعثم:
_كنت جاي أشوف بتنادي ليه هي مراتي طبعا
_ هو أنا سألتك يا بني
قالتها وهي تغمز له وتكمل حديثها:
_ وبعدين دي مراتك وي الأوضة برحتك يعني..
كتم غيظه من "مريم" ثم قال:
_لا ما يصحش لسه في داركم يا مرات خال عن إذنكم
تركهم وغادر، شعرت "مريم" بأنها جرحته لذلك قالت لوالدتها:
_ هدخل يا ماما أنام
أسرعت لغرفتها ثم أمسكت بهاتفها وبعت له رسالة محتوها الإعتذار....
....................................................................... ......................................................................
دلف العسكري وقام بالتحية بعد أن وضع الصنية التي تحمل المشروبات الذي طلبها، تحدث وهو ينظر للأرض:
_ اتفضل يا فندم تأمرني بحاجة تاني
هز رأسه ثم قال:
_ ابعت هات "عوض" عشان احقق معاه
نظرت له بتلك اللحظة بغضب ثم قامت وضربت بقوة على المكتب:
_ إنت جايبني هنا ليه عشان أشوفك وإنت بتحقق معاه مجرمينك
أشار للعسكري حتى يخرج، القى ما يريد بوجهها:
_ عاوزة اتجوزك
ظلت تلك الكلمة ترن في أذنها بقوة، صرخت رافضة:
_ لا لا إنت أكيد اتجننت واتجننت راسمي أنا لا طلعني من دامغك إية اللي فكرك بيا قولي..
رد عليه ببرود بعد أن وضع رجله على الأخرى:
_ اللي فكرني فكرني بس دا أمر وتحدد أنا هتجوزك
رفعت حاجيبها قائلةٍ باستفزاز:
_ على الأساس إني هوافق على كلامك الأهبل دا وبعدين إنت مش بتحب روح اتجوز حبيبتك أنا مش حاجة بتسد بيها فراغ قلبك
بدأ يرتشف قهوته ولم يعيرها أي انتبه، بتلك دلف العسكري ومعه "عوض" لم تستطيع أن تظل قامت من مكانها ولكن أوقفها صوت عندما قال:
_ بصي للشخص دا كويس هو دا اللي حاول تهجم عليكي في آخر أجازة ليكي وعشان كدا كنتي كارهة البلد بس جيتي عشان "مريم"
استدارت في سرعة تتفحص الشكل الذي تبغضه، نعم هو من كان يريد قتلها والتهجم عليها بسبب كلامها القاسي مع زوجته
صرخت بقوة وهي تهز برأسها:
_ هو يا "زيدان" الحيوان
صرخ "زيدان" بغضب:
خد الحيوان حبس انفرادي ولا أكل ولا شرب يدخل له
قام من مكانه ثم سحبها خلف ليقول:
_ يالا نروح
.................................................................................................................................................
طلب "سليم" من عبد القادر يدها أمام الجميع
_أنا عاوز أطلب إيد "نجاة" لابني "زيدان"
هز "عبد القادر" رأسه وهو يبتسم:
_ دا يشرفني والله إحنا بس نأخذ رأيها و...
قاطعه صوت والده الذي قال:
_أنا موافق يا ابني..
نظر لها ابنه بحد، ولكن لم يستطيع أن يتحدث معه
كان الأجواء شبه متوتر الجميع في حالة من التفكير
قام "عبد القادر" وقال ببسمة مصطنعة:
_ طب هروح أنا يا جماعة ارتاح عن إذنكوا
غادر من أمامهم وصعد إلى زوجته التي كانت تشعر بالقلق على صغيرتها
.....................................................................
كانت صامتة نعم تفكر أن ذلك لم يحصل، توعدت إلا تنفذ أوامره، سيقف بجانبها والدها، شردت في التفكير ولكن فاقت عندما قال:
_ وصلني يالا انزلي
نزلت من السيارة و ما أن دخلت حتى بدأت المباركات من الجميع، تحدثت باستغراب:
_ مبروك على إيه
رد عليها جدها بخبث:
_ جوازك من "زيدان"
تحدثت ببرود:
_ أيوا وأنا مش موافقة
رد عليها بنفس نيرة صوتها
_ بس أنا موافق يا حبيبتي مافيش رأي للبنته
صرخت به بشدة:
_ دا كان زمان أيام الزمن الجاهل
ثم صفقت بيدها بغضبٍ جامحٍ قائلةٍ:
_ لو حصل أصلا ولو حصل هيعيش أيام سوداء
إيه هو مش كان هيتجوز جاي يطلع عقدته عليه
علم جدها على وجهها بأصبعه بعد أن صفعها بشدة، كانت ستقع ولكن أمسكها "زيدان" وقال:
_ جدي ما ينفغش كدا
أسرعت تهرول لغرفتها ببكاء لتفكر في شيء ما
.................................................................... ........................................................................
مر اليوم سريعاً، ليأتي الليل، الجميع كانوا يجهزون للفرح ولكن هي فكانت حبيسة لغرفتها حاولوا جميعاً أخرجها ولكن لم تخرج، استغلت أنها بعيدة كل البعد من كل الإحتفالات التي تحدث بداخل المنزل، خرجت تتسحب من الباب الخلفي لتفر هاربة، نعم هذه هي فرصتها الوحيدة، ستتخلص من كل شيء من أجل شيءٍ واحد حلمها الذي جعلها تستهلك الكثير من الوقت. ضحت بمشاركتها للأفراح والأحزان التي تكن بعائلتها، لم تشعر بالأوقات، الشمس كانت تشرق ولم تشعر بها، الليل كان يدخل ولا تستمتع به، ظلت تفكر في كل تلك الأشياء
أبتلك السهولة تتنازل ومن أجل من، من أجل مجتمع شرقي لا يهتم غير بالعادات والتقاليد الجاهلة، عقولهم دائماً في اتمام زيجات الفتيات، يحملون قانونهم المنفرد، أي قانون قال أن الفتاة خلقت للزواج والاهتمام بأولادها وزوجها، أين حقوقها، أيذهب تعليمها من أجل ضحية لا تريدها...
تنفست بصعوبةٍ عندما خرجت من المنزل؛ ظلت تتسحب بأطراف أقدمها حتى لا يشعر بها الجيران، انهت عبورها بالكامل من الشارع الذي يتصل بمنزلهم، ظلت تتلفت يمينًا ويسارًا، ولكن في هذه اللحظة صدمة في شيءٍ، ارتعد جسدها بتلك اللحظة، عندما وضعت يديها على الجسد التي صدمت به، تعرفه كثيراً، حتى عطره يميزه، تمنت ألا يكون هو، رفعت عيناها بخوف لتجده ، من قيدها بقسوته، من دمر لها ما تتمنه، من جعلها تبغض الحياة، نظرت له بصدمةٍ ثم قالت متلعثمةٍ:
_ ااا كـ... نت ااا...
لم يعطيها فرصةٍ حتی تبرر له أو تكذب، أمسكها من معصمها بقوةٍ ثم جذبها بشدة لتسير خلفه كأسيرة تحت يد اليهود لم يكن في قلوبهم رحمةٍ ولو ليومًا واحدٍ، ظلت تصرخ بقوةٍ لعل أحداً ما يساعدها ولكن لم يقترب أحد، نظر لها بصرامةٍ قائلاً بأمر:
_ "نجاة" لو سمعت صوتك مش عارف إيه اللي هيحصلك...!
......................................................
يتبع
#كوكب_الروايات
#نجمة_الروايات
أنت تقرأ
أسيرة الأسد
Mistério / Suspenseوحشٍ قاتل كالأسد مفترس لا يعرف إلا القسوة الجميع بالنسبة له ولا شيء، يشعر أنه ملك العالم وانتابه شعور أن الحياة أصبحت تحت أقدامه جعلها أسيرته منذ أن أصبحت شيءٍ هام بحياته وضع لها قانونه الخاص، لا يحق لها أن تعيش فقط تستمع لحديثه حتى ولو كان سبب ف...