الفصل الثاني عشر...
بعد أن أوقفها أمام المرآة، بدأ يتحدث بدون غضب يعلم أنها لن تسمع له إلا لو استخدم نبرة الهدوء:
_بصي كدا وشك إنتي حاطة روج فيه وشكلك كبير آه مخليكي زي العرسان اللي لسه متجوزين ومحليكي بس تعالي نشيل المكياج أو تعالي نشوف صور ليكي من غيره
معاكي طبعاً صور ليكي..
أومأت برأسها وهي تجيبه بنفس نبرة الهدوء الذي يتحدث بها:
_ في الموبيل..
أردف "زيدان" ليكمل حديثه ببسمة صغيرة:
_ طب هاتي الموبيل وافتحي صورة ليكي..
فعلت كما قال لها، أمسكت هاتفها وفتحته على جميع الصور الخاصة بها، نظر لها ثم قال بحب:
_شوفي بقى شكلك وإنتي في الصورة تحسي انك بريئة عارفة إن كل الحاجات دي بتعجز الوجه
أومأت برأسها وقامت بازالة كل شيء بوجهها فهو محق فيما يقول، تنهد "زيدان" بقوةٍ حيثُ أنها لم تجادله، نظرت له وقالت بتساؤل:
_ هنروح فين دلوقتي؟.
أجابها ببسمة صغيرة:
_مفاجأة بس إيه خلصي لبس؟ وجهزي كام طقم ليا وليكي...
لا تعلم ما هو سبب التغير الذي أصابه، ربما يحاول يجعلها تخسر أمام معركتهم لما لا ولكنها قالت بغضبٍ مكتوم:
_ اااه يا لئيم عاوزني أخسر وتخليني أحبك بس لا أما نشوف هنروح فين ربنا يستر
سمعها وهي تحدث نفسها بخفوض، رفع حاجبه ثم قال بتحدي:
_ المفاجأة بعيد عن الحرب اللي بنا على فكرة..
نظرت له باستغراب فصوتها كان أشبه للهمس، نظرت له بغيظ ثم قالت ببسمة صغيرة مصطنعة:
_ كنت بسأل بس يالا هطلع اللبس.
أومأ برأسه بينما هي فذهبت حتى تجهز كل شيء، كان فضولها يتغلب عليه، كانت كالطفل الصغير، حيثُ أنها كل خمس دقائق تقول:
_"زيدان" هو إحنا هنروح فين؟
كور "زيدان" يده ليقول بانفعال:
_ "نجاة" السؤال دا خامس مرة تقوليه وارد أقولك مش هقولك لو سمعت بتقولي السؤال دا هلغي السفر تمام
صمتت عن الحديث، نظرت له بحنق لتقول في سرها:
_هيزلني بقى
_سمعتك وإنتي بتكلمي نفسك مع نفسك
صرخت به بقوةٍ ما أن تحدث لتقول بغضبٍ:
_لا بتكذب إزاي سمعتني وأنا ساكتة
رد عليها بعد أن رفع حاجيبه باستفزاز ليجعلها تغضب:
_ أكيد بتشتميني في سرك أنا عارف وبعدين إنتي أعترفتي على نفسك
لم ترد عليه، أسرعت في إنها كل شيء وبالفعل انتهت من ضبط الحقائب بعد ساعة من الزمن، قامت حتى تجهز، كان "زيدان" مازال يشاهد الصور الخاصة بها بعد أن جهز نفسه وأصبح مستعد، توقف عندما وجد صورة بها شاب بجانبها ويبتسم معها، يبدو أنها كانت في غاية السعادة وهي بجانبه، شعر بنيران تقتله، صرخ باسمها بقوةٍ:
_"نجاااااة"
____________________________________
تفاجئت عندما وجدت أن هناك سيدة عجوز على بابها، نظرت لها باستغراب وقالت:
_ مين حضرتك!!
أجابتها السيدة بنبرة تعب:
_ أنا مش من هنا بس من قرية بعيدة من هنا شويتين والعربية اللي كنت راكبها وقفت قبل هنا بحوالي شوية كتير و أنا مشيت ومستعدة أكمل بس بلي ريقي بمية.
أومأت "مريم" برأسها ثم قالت بنيرة حنونة:
_ أدخلي يا حجة ارتاحي شوية وبعد كدا أمشي
وافقت السيدة، دلفت معها وجلست بأقرب مقعد قابلها،
بتلك اللحظة ذهبت "مريم" إلى المطبخ، أغمض الغريبة عيناها ولكن سرعان ما فتحتها عندما سمعت صوت تأوهت عالية، كانت ستصمت وتتجاهل هذا الصوت، ولكن شعرت بأن قلبها يرتجف من وجعه، قامت تهرول نحو هذا الصوت، فزعت عندما وجدته بتلك الحالة، وضعت يدها على رأسه لتصرخ بخوف:
_ لا لا إنت شكلك تعبان خالص..
بتلك اللحظة تقيه "أحمد" مرة ثانية هذا الشيء الاسود الغريب والمريب، صدمت السيدة و جحظت بمقلتيها، لتقول بصياح حاد:
_استغفر الله العظيم لا إله إلا الله
كانت "مريم" تبحث عنها حتى تعطي لها الماء ولكن لم تجدها، سمعت صوتها في الغرفة التي بها "أحمد"، أسرعت للداخل، نظرت لها وقالت:
_ اتفضلي يا حجة الميه..
نظرت له بجزعًا وقالت بتساؤل بعد أن تناولت منها كوب الماء:
_ تعبان من امتى يا بنتي
ردت عليها " مريم" بحزنٍ شديد:
_ من امبارح يا حجة والله وقلبي هيموت عليه.
_لا يا بتي جوزك تعبان من زمان
هذا ما قالته تلك السيدة، استغربت "مريم" من حديثها، فقالت بفضول:
_ عرفتي منين إنه جوزي؟ وهو لسه تعبانة انهاردة بس هو قالي إنه تعب أمبارح
ابتسمت السيدة وقالت بثقة:
_ نظرات الحب اللي في عيونك له تبين إن العشق دا بقاله سنين، الشبه اللي بينكوا يبين إذنكوا قرايب وعمر يا بتي ما شاب زين يعشق يعمل حاجة وحشة في حبيبته عشان اكدا هو مش هيجبك هنا وإنتي مش مرته.. هو عيحبك أوي أوي يا بوي دقات قلبه عمرك ما تلاقي زيها..
جلست على الفراش والألم يملأ وجهها، أمسكت بيدها وهي تقول بضعف:
_قدر يبقى وحش مش عارفة ليه اتغير..
أغمضت السيدة عينها وقالت بغضبٍ:
_ لا يا بتي جوزك مهواش وحش هو بيحبك لكن جوزك معمول له سحر وسحر أوي.
_________________________________________
كان "مصطفى" هذا الشاب العريض، طويل القامة، يجلس بالتراس بعيداً عن الجميع، بتلك اللحظة، وضعت "كاملة" يدها على منكبيه، نظر لها وما أن رأها قام من مكانه وقال بجمود:
_ عن إذنك يا أما.
كان سيغادر ولكنها أوقفته عند قالت بحنو:
_ الأم عمرها ما تحب حد أكتر من عيالها. الأم تعبت واستحملت عشان بس تشوف نظرات ابنها ليها عشان تسمع كلمة أمي منه أنا عمري ما عمل فرق عارف ليه يا ولدي.
استدار لها، حدق بها وهو لا يعلم ما الذي تريد أن تخبره من حديثها الغامض، رد عليها بتساؤل:
_ دا سؤال ولا مستنية أقولك ليه..؟!
أجابته بهدوء مليء بالثقة:
_ عشان الأم اللي بتربي زي الام اللي بتخلف نفس الغلاوة ويمكن يا ولدي غلاوتها أكبر.
صمت عن الحديث، تقدمت للأمام، لتمسك بيده، بدأت تكمل حديثها:
_ الفرق بين وبين "زيدان" واحد عارف هو إيه؟
ابتلع ما في حلقه، انكمش حاجبيه بغضبٍ، مازال لا يعرف ما الذي تريده، ولما تقول هكذا، رفع حاجبه اليمين وهو يقول بانفعال:
_ أنا مش عارف قصدك إيه؟ مش عارف ليه بتتكلمي كدا ليه؟ وعشان إيه..؟؟؟
_________________________________
لم يستطيع أن يتحمل حديث زوجته، قام من مكانه والغضب يملأ قلبه، دق على باب الغرفة بعنف ثم قال بانفعال:
_ مش كل الرجالة زي بعض اللي بيحب عمره ما يجرح وأنا بحبك وعمر الشيء دا ما هيكون إلا حاجة بتكمل الحياة لكن هي حاجة مش مهمة لإني لو مش بحبك كان زماني متجوز غيرك يا "نور" .
خرجت من الغرفة على الفور، لتقول بغضبٍ جامح:
_ روح أعملها يا "محمد" وطلقني بقى
أمسكها من معصمها بقوةٍ، حاولت أن تحرر يدها منه ولكنه لم يتركها، بدأ يتحدث بحب جم:
_ أنا عمري ما هعرف أعملها مسكت أيدك وريحتك ولمست شعرك مش هلاقيهم حتى ولو في واحده أحلى منك انا حبيتك إنتي وعشقتك ومفيش حد غيرك هيبقى مكانك..
كان حديثها كعلاج لتلك الحالة التي تمر بها، حدقت به بفرحة شديدة لتقول بتساؤل:
_يعني أنا لو حصل ليا حاجة مش هتتجوز عليا وتجيب لعيالي مرات أب..
أدخلها بداخل أحضانه ليحتويها ثم قال بعشق متيم:
_ إنتي الحياة ومفيش واحدة تملى حياتي غيرك.
جلس على الاريكة وجعلها تجلس بجانبه وبدأ يقول بغموض:
_ كل يوم معاكي عسل حتى لو اتخانقتي دا عندي مش مهم أهم حاجة أشوفك جنبي على طول
أغمضت "نور" عيناها بمرار، يبدو أن هناك شيءٍ تخفيه عليه، انتبهت له عندما رفع رأسها ليكمل حديثه:
_ إنتي بقى مش أقل من أي حد راح شهر عسل وعشان كدا هنروح أي مكان تشوري عليه
_______________________________________
خرجت "لين" على صوته بقلق، نظرت له ثم قالت باستفسار:
_في إيه وبتنادي كدا ليه؟!
أمسكها من معصمها بقوةٍ كاد أن يخرج أضلعها بين يده، سألها بعنف:
_ مين اللي معاكي في الصورة وبتضحكي أوي وإنتي جنبه...
انكمش حاجبها بألم واضح، ردت عليه بغضب يملأه الانهيار:
_ نفسي أعرف ليه أما بتعمل حاجة حلوة بترجع تخربها ليه دا البروفيسور بتاع مادة الايطالي بتاعي وطبعا أنا كنت بعزه جداً
انهت حديثها، لترفع سبابتها بوجه مكملة حديثها بتحذير قاتل:
_ افتكر إحنا متجوزناش عشان حب إحنا بس اتجوزنا عشان إنت عاوز تكسر تمردي ودا مش هيحصل وأنا عشان إنت هددتني والغيرة متنفش في علاقتنا فبلاش اسمعك بتقول مين ومش مين..!!!!
رد عليها ببرود حين قال:
_ البروفيسور مينفعش تتصوري معاه بالشكل دا ماشي وبعدين أنا واحد شرقي يعني من المفروض إني يا أستاذة
بحبك أو لا لازم أغير أنا بغير على بنت ديني فما بالك من اللي ربتها واللي بتكون قربتي قبل ما تكون مراتي..
غادرت من أمامه وعادت إلى المرحاض دون كلام ولكنها تذكرت شيءٍ ما فعادت تقول بصراخ:
_ إزاي عرفت تفتح الفون بعد ما قفلته
ابتسم باستفزاز ثم قال ببرود:
_ ليه مش عاوزة تعترفي إني شغال في الشرطة أنا شوفتك وإنتي بتعمليه البسي الطرحة ويالا بقى..
__________________________________________
نظرت لها "مريم" بخوف شديد، ضربت يدها على صدرها بهلع، كانت الأسئلة التي في مخلتيها كثيرة جداً، من سيفعل هكذا بها، تلعثمت عندما قالت:
_ لـ...ا لا لا استحالة مفيش كدا هو بس تعبان
هزت تلك السيدة رأسها بالنفي، أمسكتها بحنو وقالت:
_ جوزك بيرجع سواد يا بنتي و غير العلامات اللي مليانة على وشه جوزك يا بنتي معموله سحر
ابتلعت "مريم" ما في حلقها، شعرت بأنها تحتاج للعائلة، تحتاح الإحتواء، من يريد أن يفعل هكذا، ولما هذا السؤال الذي لا يريد أن يخرج من رأسها، عادت تتحدث بانهيار:
_ وليه واشمعنا هو بالذات ومين اللي عمل كدا؟!
لم ترد على سؤالها تلك السيدة ولكنها قالت بهدوء:
_ عاوزين نفسد السحر ولازم
التخلص من السحر المأكول والمشروب عن طريق استخدام السنا مكي ؟
طريقه التخلص من هذا النوع من السحر
نأخذ نصف كأس من ورق السنا وتغلى في كأسين ماء لمده عشر دقائق
وتسبيها تبرد وبعدين تنقعيها لمده عشر ساعات و تصفيها
و أقرائي آيات الرقية العادية مع آيات السحر ويشربها على الريق كامله.
دمعت عين "مريم" لتقول بلهفة:
_ وهل العلاج دا هيخليه يفوق؟؟
نظرت للأعلى مشيرة بسبابتها ومن ثم قالت:
_ هو رب العباد قادر على كل شيء يقدر ويشاء ويفعل كل ما يريد إدعي له كتير..
_ طب ورق السنا أجيبه منين..!!!
خرجت السيدة دون أن تتحدث، ذهبت من المكان، لحقت بها "مريم" وهي تصرخ بها بقوةٍ:
_ يا حجة يا حجة أنا في عرضك جوزي بيموت بالله عليكي اقفي إنتي راحة فين كلميني...
لم تلتفت لها ولو لثوانٍ واحدة، انهارت "مريم" بالأرض، ظلت تلتفت يمينًا ويسارًا فلم تجد شيء غير البيت الصغير الذي يحملها هي وزوجها، أسرعت للداخل، اقتربت من "أحمد" ثم قالت ببكاء:
_ "أحمد" قاوم يا "أحمد" أنا جنبك وهفضل جنبك
________________________________________
ردت عليه "كاملة" بحب:
_ عشان يا حبيبي تعب اللي بتربي زي تعب اللي بتولد يعني ينفع واحدة تولد ومتربيش ويبقى كدا نقول متعبتش معندهاش حنان وينفع واحدة تربي ونقول متعبتش أو محبتش أنا ربيتكوا كلكوا وشوفت "زيدان"قبلكوا بس يعلم ربنا إن الحب اللي في قلبي ليكوا نفس الحب متوزع بالتساوي...
وكأنها فتحت نيران لن تهدى، انفعل بشدة حيثُ أنه
قال بجدية:
_ متوزع بالتساوي صح الكبير هو" زيدان" الحب هو "زيدان" المهم عند الكل "زيدان" لكن الباقي ضيوف شرف عند العيلة..
نظرت له بضعف، أمسكت بيده لتقول بحنان:
_ بلاش تكون كدا كل واحد فيكوا بيقدم حاجة لعيلته
أنا بحبكم كلكوا عاوز يابني تصدق صدق مش عاوز يارب ربنا يأخدني لو ظلمتك.
أمسك "مصطفى أناملها ثم قال بتنمر:
_ متقوليش كدا يا ماما وبعدين أنا مش بكره" زيدان" بالعكس أنا بحترمه ولو حصل إيه هيفضل أخويا بس بطلب منك شوية اهتمام ليا و لا "على" ..
نعم محق تماماً وحديثه لمس قلبها بشدة فهي بالفعل وبدون قصد فعلت فرق كبير بين أولادها..
___________________________________________
نزل "زيدان" ومعه زوجته، كان جاهز للسفر، سلم على جميع العائلة ثم غادر بسيارته بعد أن حرك محركها.
لم يتجه إلى العمل فاستغربت "لين" و نظرت له وقالت بتساؤل:
_ إنت مش رايح الشغل
_ لا..
هذا ما قاله باقتضاب جعلها تنظر له بغضبٍ وتصمت عن الكلام، أغمضت مقلتيها وذهبت في ثبات عميق، نظر له و من ثم ابتسم وقال:
_ طفلة أقسم بالله كل اللي يهمها هو التعليم والنوم والأكل.
بعد مرور ثلاث ساعات وصل إلى مطار القاهرة الدولي، وضع يده برفق بسيط على كتفها ليقول بحنو:
_"نجاة" يا حبيبتي قومي وصلنا..!
وبالفعل لم تأخذ معه وقت لتستيقظ، نظرت له بصدمة لتقول:
_ إحنا هنروح شرم ولا إيه..
لم يجبها، أمسك بيدها ثم سحبها ورائه، أنهى الإجراءت المتعلقة بهم، صعد إلى الطائرة، نظر إلى وجه "لين" التي كانت خائفة بشدة، ابتسم لها وقال باستفزاز:
_اللي عملة نفسها قوية بترتعش ليه..؟!
ردت عليه بحنق:
_ عشان أول مرة أركبها
أومأ برأسه ثم وضع يده على كتفها حتى يطمئنها، همس في أذنها:
_ أكيد جعانة حابة تأكلي إيه..؟؟؟
ردت على الفور:
_ محشي!!!!
_________________________________________
يتبع...
أولاً بعتذر على تأخيري.. الفون بايظ ومش بيشحن
الناس اللي طلبت اسم البيدج الخاص
قصص وروايات بقلم /أميرة أنور
الناس اللي بتطلب الحلقات السابقة تبعتلي خاص ابعتهالها.

أنت تقرأ
أسيرة الأسد
Mistério / Suspenseوحشٍ قاتل كالأسد مفترس لا يعرف إلا القسوة الجميع بالنسبة له ولا شيء، يشعر أنه ملك العالم وانتابه شعور أن الحياة أصبحت تحت أقدامه جعلها أسيرته منذ أن أصبحت شيءٍ هام بحياته وضع لها قانونه الخاص، لا يحق لها أن تعيش فقط تستمع لحديثه حتى ولو كان سبب ف...