الفصل الثالث عشر

31.4K 1.1K 22
                                    

الفصل الثالث عشر

انضم اليهم حميد في نابولى وقد استدعاها آدم الى كابينة القيادة وسلم لها جواز السفر الأسبانى وتصريح العمل الصادر من مكتب شركتهم بمدريد, لم تفاجأ عندما رأت صورتها التى تصورتها لأستخراج جواز سفرها المصرى موجودة به, اخذتهم منه وهى مطرقة الرأس ودون ان تنبس بكلمة وقال لها ادم
- ليس هناك من داعي لكي يعرف أحد بهذا غيري أنا وأنت وحميد وفراس فقط .
هزت رأسها ايجابا قالت بصوت مخنوق
- لقد عرفتم بما فعلت أليس كذلك ؟
- نعم ومنذ اليوم الأول
- لقد كنت أدافع عن نفسي .
- أعرف ونحن لا نلومك على ذلك .. ولكن أطمأني ليس هناك من قضية عليك .
رفعت رأسها اليه قائلة بلهفة وقد تهلل وجهها
- حقا ؟
ابتسم لها احدى ابتساماته النادرة وقال
- حقا .. ولكن هناك من يبحث عنك منهم .. فالهروب من هؤلاء ليس سهلا وهم لا يسمحون به حفاظا على سرية عالمهم القذر .
قالت بتعاسة فلم تستمر سعادتها الا لحظات وقد عاد الخوف اليها
- وهل أسبب لكم المتاعب بوجودي معكم ؟
- لا تقلقي من أجلنا نستطيع حماية أنفسنا وحمايتك أيضا .
قالت بأمتنان صادق
- أنت طيب جدا .. جميعكم طيبون معي .
مازحها قائلا
- ألست قاسيا ومتعجرفا ؟
أحمر وجهها حرجا ولكنها بادلته المزاح بعفوية
- أحيانا تكون كذلك .
وقف عن مقعده وغمز لها مازحا
- أرجو أن يستقر رأيك .. فأنا لا أحب التخبط فى وجهات النظر .
ثم دفعها الى الباب وهو يقول
- هيا أذهبي وجهزي حقائبك .. فأخيرا ستضعين قدميك على أرض حقيقية .

****

لم يبقوا فى نابولى سوى ليلة واحدة استقلوا بعدها الطائرة الى ميلانو وكانت اول مرة تستخدم فيها زينة جواز سفرها الأسبانى وعبرت به امام رجال الجمارك والشرطة , كانت فى البداية خائفة ومضطربة ليفتضح امرها ولكن لم يحدث شئ خاصة وأن حميد كان يرافقها أثناء عبور الجوازات يتحدث اليها بالأسبانية فتجيبه بأبتسامة أو بهزة رأس وأحيانا ببضعة كلمات كان قد علمها طريقة لفظهم وعندما أصبحت فى الطائرة تنفست الصعداء وبدأ بالها يهدأ ومخاوفها تنزاح .
ميلانو .. عاصمة الموضة والأزياء على مستوى العالم وملتقى أشهر مصممى الأزياء ومحبى التسوق .. لم تصدق زينة ما رأته فى تلك المدينة .. كل هذا الكم من المحال التجاريه الفخمة حائط لا نهاية له مليء بالواجهات الزجاجية والعلامات التجارية البراقة والأسعار التى لا تستوعبها .. بداية من الهدايا التذكارية والازياء بمختلف انواعها الى جانب الأحذية الرائعة والحقائب الى ان تصل الى الماركات والعلامات العالمية الشهيرة .. ولاحظت أن السياح فى ميلانو يهتمون بالتسوق أكثر مما يهتمون بالأماكن الأثارية والتاريخية التى تتميز بها هذه المدينة العريقة وهذا ما أكتشفته وهى بصحبة سيدات المجتمع الراقى حيث كانت تقضى وقتا مملا ومتعبا بصحبتهن .. لم تكن تشاركهم الحديث ولا يأخذون وجودها معهم بعين الأعتبار تسير خلفهم كالخادمة تحمل لهم مشترياتهم وتتحمل عجرفتهم عليها وقد آلمها هذا الوضع كثيرا ولكنها كانت مضطرة لتحمله فليس أمامها بديلا, كان ادم قد طلب منها قائلا
- سوف ترافقينهم أينما ذهبوا ولا تبتعدي عنهن حتى لا تضيعين .
ثم أعطاها أجر أسبوعين من راتبها
- وهذا جزء من راتبك فقد تحبين أن تشترى شيئا لنفسك .
ولكنها لم تجد الفرصة لصرف يورو واحد فقد كن يقضين ساعات الصبح فى مركز التجميل للتدليك والتزيين وزينه تجلس تنتظر بملل و بعد الظهر يتناولن الغداء وبعدها يذهبن للتسوق وشراء أشياء لا يحتجن اليها وينتهى الأمر بها وهى تحمل أكياس وحقائب لا شأن لها بهم وفى المساء ينضم اليهن الرجال ويخرجون للعشاء والسهر وهنا ينتهى عملها وتلتزم زينة حجرتها تتناول عشاءها وتنام باكرا بسبب الأرهاق حتى الصباح وكانت تتساءل بأستغراب .. ألا يشعران أبدا بالأرهاق ؟!!
كانت تفضل لو تخرج لمشاهدة معالم المدينة والتعرف على سكانها وثقافتهم ولكنها يجب أن تعمل مقابل الأجر الذى يدفع لها فهى ليست فى أجازة مثلهم .
وفي اليوم قبل الأخير لهم فى ميلانو كان كباقى الأيام التى سبقته مزين الشعر فى الصباح وجلسات التدليك يليها غداء سريع فى الثانية عشر ثم التسكع فى المحلات والأسواق وعندما عادوا الى الفندق سبقتهم زينه بالدخول تحمل الأكياس والأرهاق بادي على وجهها ولم ترى ادم وحميد وهما يخرجان من المصعد ويسيرون  بأتجاهها وأجفلت عندما أستوقفتها يد ادم على ذراعها وسألها بدهشة عابسا وهو يشير الى الحقائب التى تحملها بيديها وتحت أبطها
- كل هذه المشتريات لك أنت ؟
ردت بصوت مرهق رتيب
- لا ليست لى .
ثم أشارت برأسها الى الخلف حيث الجميلات يتهادين بخيلاء من وراءها
- انها لهن .
تحول العبوس على وجهه الى غضب مكبوت وتأوهت زينة .. ماذا فعلت له الان ؟!!  أخذ منها الحقائب وطلب منها أن تصعد الى حجرتها وهز لها حميد رأسه اليها آسفا .. ولكنها لم تفهم .
وفى حجرتها أخذت حماما سريعا وعندما خرجت من الحمام رن جرس الهاتف وجاءها صوت ادم
- انزلى فأنا بأنتظارك في البهو .
أغلق الهاتف دون ان يسمع ردها فوضعت السماعة وسارت الى خزانة ملابسها التى تحوى القليل جدا من الملابس وأخذت السروال الجينز الوحيد عن الرف وأرتدته مع التى شيرت البولو الخاص بعملها على المركب , نزلت الى البهو لتجد أدم ينتظرها وحده لم يكن لديها الفضول لتعرف سبب أستدعاءه لها وعندما وقفت أمامه لم تقل شيئا بل هو من قال
- هيا بنا .
أخذها الى خارج الفندق لتجد سيارة أجرة فى أنتظارهما وفتح لها الباب الخلفى  وهنا بدأ القلق يتسرب الى حواسها وهو يجلس بجوارها سألته بتوتر
- الى أين نحن ذاهبان ؟
رمقها بنظرة جانبية سريعة ثم سألها بهدؤ
- لماذا لم تخبريني عن تلك الطريقة الفظة التى يعاملونك بها ؟
نظرت اليه بدهشه وقالت
- ظننت أن هذا جزء من عملي .
تحرك بعصبية بجوارها فأنكمشت تبتعد عندما تحدث بعنف
- عملك يقتصر على القارب فقط .. هنا يوجد المئات الأشخاص القادرون على خدمتهم .
- لكنك طلبت مني أن أبقى بصحبتهم و..
  قاطعها بحده
- طلبت منك ذلك حتى لا تكوني بمفردك .. لتستمتعي بوقتك لا أن تكوني عبدة لديهن .
تمتمت بصوت منخفض
- آسفه لقد فهمتك خطأ .. لو كنت أعرف ذلك لكنت فضلت قضاء الوقت بمفردي .
- االى هذه الدرجة كانت صحبتهم سيئة .
هزت رأسها أيجابا بقوة وأخرجت كل ما كان يعتمل بداخلها وقد انطلق لسانها
- بلى .. لم يتركوا متجرا فى هذه المدينة لم يدخلوه وشراء الكثير والكثير من الملابس والحقائب والأحذية أقسم أنهم لن يجدوا وقتا لأرتدائهم كلهم .. هذا غير الأكسسوارات وأدوات الزينة والهدايا ولا أفهم سبب ذهابهم كل يوم الى صالون التجميل .. هل تعرف أنت ؟ 
ألتوت شفتاه بأبتسامة مرحة جعلتها تبتسم له بدورها لقد غيرت الأبتسامة من ملامح وجهه وجعلته وسيما أكثر وارتبكت نظراتها وهى تلتقى بنظراته الجديدة عليها وتذكرت تلك اللحظات فى غرفتها عندما ضمها بين ذراعيه بحنان .. رمشت بعينيها .
- وماذا كنت ستفعلين بوقتك غير زيارة المتاجر ؟
أعتدلت بحماس
- أرى الأحياء القديمة التى فيها الروح الحقيقية لميلانو .. أزور المتاحف والأثار التاريخية .
وكان لها ما تمنت .. وفى ساعات النهار الأخيرة زارا كل ما استطاعا من أماكن سياحية أشتهرت بها المدينة الأيطالية .. الكاتدرائية القوطيه ديومو والتى تعتبر من أكبر كاتدرائيات أوروبا وأشهرها كما أخذها لزيارة مركز التسوق القريب من الكاتدرائية وهو الأقدم فى العالم وعندما قال لها أسمه (جاليري فيتوريو إمانويلي الثانيز ) أنفجرت ضاحكة
- أسمه طويل جدا وصعب .
ولكنه كان سوقا رائعا وأعجبها أكثر من مراكز التسوق الحديثه فعراقته تعطيه هيبة ورونقا خاصا ثم ذهبا الى قلعة سفورتسى ومتحف الفنون الحديثة ومتحف بريرا وقد أستعان آدم بأحد العاملين بالمتحف ليحدثهم عن اللوحات وقد كان سعيدا بطلبه ويشعر بالفخر وهو يشرح لهم تاريخ اللوحات المعروضة وأسماء الفنانين وبأى أسلوب رسمت وماذا أراد الفنان أن يظهر من خلال لوحته وراح آدم يطرح أسئلة تقنية تنم عن ثقافة فنية .. تمنت زينة لو تصبح يوما مثله ملمة بكل هذه المعرفة .
عادا الى الفندق فى الثامنة مساءا ودعاها آدم أن تنضم اليهم فى مطعم الفندق لتناول العشاء ولكنها رفضت بأدب وتحججت بأنها متعبة ولكن من داخلها كانت تود قبول دعوته ولكنها لن تشعر بالراحة بصحبتهم خاصة مع جليلة ورفيقتاها .                                              

ملاك يغوي الشيطان ... للكاتبة المتميزة مايسة ريانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن