الفصل الأول

69.6K 1.3K 26
                                    

الفصل الأول

كانت زينة فى الخامسة من عمرها عندما أنتقلت الى شقة جارتها وكان هذا شئ قد أعتادت عليه منذ أن أصبحت أمها مريضة وتقضى فى المشفى أسبوعا من كل شهر تتلقى فيه العلاج فكانت تأخذها جارتهما أم علياء لتبقى عندها وفى احدى المرات طالت أقامتها لديهم عن كل مرة وتأخرت أمها فى العودة حتى أسرت لها علياء ابنة جارتهم التى تكبرها بعامين قائلة

- هل تعرفين أن أمك لن تعود أبدا مرة أخرى ؟

سألتها زينة ببراءة

- ولماذا لن تعود ؟

- لن تعود لأنها ماتت .. لهذا كانت أمي تبكي بالأمس .

لم يستطع عقلها الصغير وقتها أستيعاب فكرة الموت وكيف أنها لن ترى أمها مرة أخرى ولأنها أعتادت على غيابها ورقادها الطويل بسبب المرض لم يبلغ بها الحزن مبلغا , وبعد أيام جاء الى بيت أم علياء رجل يدعى مختار ومعه زوجته وكانت زينة جالسة على الأرض مع علياء وشقيقيها الصغيرين داخل غرفة صغيرة كانت تستخدم كغرفة جلوس تلعب بقصاصة ورق قد صنعت منها مركبا صغيرا قالت لها أم علياء برقة وهي تمسك بيدها وتقدمها للضيفين

- هذا عمك مختار يا زينة وزوجته السيدة أمينة .. سلمي عليهما .

كانا شخصين لم تراهما زينة أبدا فى حياتها من قبل .. صافحتهم بخجل وابتسمت لهما وكافآها بأن أعطياها كيس ملئ بالحلوى أخذته وراحت تقسم ما به بينها وبين علياء وشقيقيها أمام أعين الضيفين المبتسمين وعند مغادرتهما قالت لها أم علياء والدموع فى عينيها

- أنهما أقاربك وسوف يأخذانك لتعيشي معهم .

تقبلت زينة الأمر بهدؤ وذهبت معهما .

أعجبت زينة ببيتهم فهو أفضل كثيرا واكبر من الحجرة التى كانت تسكن فيها مع أمها كما كان لديهم تلفاز ملون وشرفة تقف فيها لترى الأولاد فى الشارع وهم يلعبون وكان لديهما أبنة جميلة وحيدة تدعى نبيلة وكانت تكبرها بخمس سنوات وطلب منها مختار وزوجته أن تناديهما بأبى وأمى كما تفعل نبيلة ولأنها كانت خجولة وقليلة الكلام أخذت فترة طويلة الى أن تجرأت على منادتهما بهذين اللقبين ...

لم تفرح نبيلة بوجودها ولم تتقبل بسهولة ان تأتى فتاة لا تعرفها وتشاركها حب والديها وتشاركها فى أشياء أخرى كحجرتها وسريرها وألعابها ولذلك لم تتركها تنسى ولو لمرة واحدة أنها متبناه .

عندما كبرت زينة عرفت أن أمها كانت قد تزوجت من أحد رجال قريتها الذى يعمل فى القاهرة فى مجال البناء وأنتقلت من قريتها فى دلتا مصر وبعد عام من زواجهما سافر الى السعودية للعمل وترك زينة وأمها وحدهما وبعد أشهر قليلة من سفره أنقطعت أخباره عن زوجته وجاءتها أخبار متضاربة عنه ... فهناك من قال أنه أدين فى قضية سرقة وحبس وهناك من قال أنه تعرض لحادث وقتل وهناك من قال أنه تزوج وغير عمله ولم يعد أحد من رفاقه اللذين سافر معهم يعرف عنه شيئا فأضطرت أمها أن تخرج للعمل فقد كانت غير قادرة على العودة الى قريتها حيث زوجة والدها التى لن تقبل بعودتها بعد أن تخلصت منها بتزويجها , وبعد ثلاث سنوات من العمل الشاق أصاب أمها المرض الذى لا شفاء منه وماتت تاركة زينة وحدها وكان مختار قريب والدها الوحيد فى القاهرة وعندما ذهب لرؤيتها وقع حبها فى قلبه وقلب زوجته ولأنهما كانا يعرفان ما سيؤول اليه مصيرها ان أعطياها الى عمها شقيق والدها المعروف فى العائلة بقسوته فقد عرضا أن يأخذاها لتربى مع أبنتهما ولم يجدا منه معارضة .

ملاك يغوي الشيطان ... للكاتبة المتميزة مايسة ريانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن