******************************
بخطوات ثابتة تشق طريقها إليه , سوف تقف أمامه مرة أخرى ولكن تلك المرة غير سابقيها , فهى لم تعد تلك الضعيفة , فما مرت به جعلها أقوى , أصبحت لا تخشاه , لا ترهبه , لم يعد قلبها يخفق له , فقد أصبح يمقته ويمقت طلته وصوته وحتى إسمه
أرجعت خصلات شعرها الثائرة للوراء بأطراف أناملها وهى تمشى داخل جدران شركة الشامى حتى وصلت لغرفة مكتبه , فلم تجد أحداً بمكتب السكرتيرة , ووجدت باب غرفته مغلق , تقدمت بخطوات واثقة وفتحت باب غرفته دون أن تطرق عليه , كأنما إستنتجت ما يحدث بالداخل , وبالفعل كان إستنتاجها صحيح
وجدته يجلس خلف مكتبه على مقعده الوثير , وتلك الحسناء المثيرة بهيئتها وملابسها تجلس أمامه على المكتب , فى مشهد ينم عن وجود علاقة خفية بينهم
فزع ياسر وسكرتيرته عندما ظهرت شيرى فجأة أمامهم , وبدأا يحدقا بها بدهشة تحولت إلى غل عندما بدأت هى بالضحك فى سخرية وهى تقول بتهكم :
- طول عمرك رمرام يا ياسر
نظرت لها السكرتيرة بحنق وتركتهم وغادرت المكان , فى حين قال ياسر بإستهجان راداً على شيرى :
- عشان كدة عرفتك يا حياتى
تقدمت لتجلس على المقعد المقابل لمكتبه , ولازالت على إبتسامتها , ثم قالت بعد أن وضعت قدماً فوق أخرى :
- طول عمرك ذوق يا روحى
رأى بعينها نظرة لم يعهدها مسبقاً منها , فقد رأها فجأة أمامه كالشجرة الشامخة التى لا تخشى العواصف لإمتداد جذورها بأرض ثابتة
تابعت بتغنج :
- وعشان كدة حبيت أنا كمان أكون ذوق , وقلت أجى اباركلك
لم يستطع أن يخفى صدمته بروحها الجامدة , ولكنه حاول أن يبدو ثابتاً وهو يقول بسخرية :
- تباركيلى ؟ على اية بقى إن شاء الله ؟
نظرت بعينيه وهى تقول :
- أباركلك على وصولك للهدف اللى كنت بتحلم بيه , عرفت ان حسام فى السجن والجو خليلك خلاص
أشعل لفافة من التبغ فى فمه وألقى بالقداحة على المكتب أمامه بلا مبالاة , وقال بعد أن أخذ نفساً منها ونفث دخانه فى الهواء بهدوء مستفز :
- الله يبارك فيكى يا ستى
إبتسمت بجانب فمها وهى تقول :
- مش عايز تعرف أخبار بوسى اية ؟
زاغت نظراته الحائرة التى كانت تدل على شغفه لمعرفة ما سوف تقوله , ثم قال :
- ياريت تقولى اللى انتى جاية تقوليه على طول يا شيرى من غير لف ودوران
إستقامت لتسير بخطوات ثابتة حتى جلست مكان تلك الحسناء التى كانت جالسة أمامه منذ قليل , ثم قالت بدلال أجادته :
- بصراحة حالتها صعبة اوى , مش عارفة تزعل عليه ولا تفرح انها خلصت منه
ضيق ما بين عينيه وهو ينظر لها , ثم قال بتفكر :
- يعنى اية ؟ مش فاهم
وضعت يدها على صدره وهى تطرق بأصابعها على صدره قائلة :
- يعنى همه أصلا كانوا هيطلقوا , حتى لو مكنتش دخلت إنت بلعبتك عشان تفرق ما بينهم
قال بصدمة :
- يعنى همه كانوا هيطلقوا ؟
- اممم كانوا هيطلقوا , بس بصراحة صعب عليها كتير لما دخل السجن
عادت أدراجها إلى مقعدها وهى تسير بهدواة وهو يتابعها بعينيه
فقالت وهى تنظر له نظرة تعنيها جيداً :
- يعنى هى بس محتاجة حد يساعدها عشان تاخد قرار , تكمل ولا تطلق
قال بعصبية :
- تكمل ازاى ؟ دة واحد هياخد حكم تجارة مخدرات , والقضية لبساه
إبتسمت إبتسامة خبيثة لنيلها منه وهى تقول :
- انت عملت اية بالظبط ؟
زفر وهو يقول بعيون تحمل المكر والدهاء :
- لبسته فى قضية مش هياخد فيها أقل من مأبد
وضعت يدها على المكتب وهى تقول :
- دة انت جن , بس ازاى رتبتها دى ؟
لتتعالى ضحكاته وهو يقول :
- جرا اية يا شيرى ؟ عايزة تتعلمى ولا اية ؟ اهو لبستهاله وخلاص
إبتسمت وهى تقول :
- يعنى مش عايز مساعدتى فى حاجة , السمكة بتاعتك خلاص لقطت الطعم , تحب تشد السنارة لواحدك ولا عايزنى اشدها معاك ؟
نظر لها بخبث قائلاً :
- وانتى هتعملى معايا كدة ليه ؟
قالت بترفع :
- تقدر تقول حبة اتخلص من كل الناس اللى ضايقونى بالدور
أدرك ذلك التلميح الذى ترمى إليه كلماتها , تعالت ضحكاته , ثم قال وهو يحاول أن يهدئ من ضحكاته :
- الكلام دة كبير عليكى ياشيرى
- انا عارفة انك جامد يا ياسر , بس متنساش يوضع سره فى أضعف خلقه
عادت ضحكاته لتتعالى مرة أخرى , ثم إقترب منها , وعبث بخصلة من شعرها بطريقة مستفزة , وقال بنبرة متعالية :
- مفتكرش النملة تقدر تنتصر على الأسد , ولا اية ؟
أزاحت يده بعيداً عنها وهى تقول بنظرة تحدى :
- اللى تشوفه يا ياسر
وضعت نظارتها الشمسية على عيناها وهى تهم بالمغادرة , لتقول وهى تشير له مودعة :
- هشوف ميتها اية وهكلمك , سلام
رد وهو يتابعها بنظراته :
- سلام
نفض مهاتراتها من تفكيره , وإحتلت مكانها سالبت عقله , وهو يتذكر حديث شيرى عن حالها
أرجع رأسه للخلف وهو يرسم أياماً سيعيشها مع حبيبته بوسى
غادرت شيرى المكان , ركبت سيارتها وقبل أن تديرها وتنطلق فتحت حقيبتها وأخرجت هاتفها وأوقفت تشغيل المسجل وهى تبتسم بإنتصار , قائلة :
- دلوقتى هتشوف النملة هتعمل اية يا اسد
*****************************