يا مساء ال🍨🍨
#الفصل_الرابع
#جناح_مهيض
تتشابك افكارها مع قطعة القماش بيدها ،تتصل في حلقات كلما غرست ابرتها ،لتنفصل بعدها تجبرها على اللحاق بها لجمع نسيجها حول تساؤل وحيد
"لماذا....لم تصوب خطأ السيد كمال في ظنه ان عمار زوجها ،لما صمتت !! ما الذي سيظنه بها بعد تغاضيها و ترك زمام الامر له؟؟؟ ...
"امي ...انا اسف "
تشاغلت عنه بما في يدها ،دون ان توليه نظرة واحدة .
لمس بكفه الغض يدها ،تتحشرج انفاسه ببكاء
"ارجوك امي ،لا تحزني ،لن اتشاجر مرة اخري ،اعدكِ بذلك "
تركت ما تخيطه جانبا ،تشمله بنظرة عتاب حان
"هل هنت عليك لتلك الدرجة علي ؟..كم مره سألتك الا تتشاجر ،ان عاقبة ذلك ستكون سيئة ،لقد كدت اموت حين تلقيت تلك المحادثة المشؤمة ،و قد تلاعبت برأسي كل الظنون السوداء "
دمعت عيناه و كسا الاحمرار اذنيه ،ترتجف نظراته بخجل
"اعلم امي ،انا اسف ،لقد تصرفت كالأطفال ،دون وضعك في الاعتبار ،كنت فقط اريد هزيمة ذلك .... التافه، و لكن انت و العم عمار على حق اذا تعاملت مثلهم فانا لا اختلف عنهم في شيء"
مسح عينيه يتوسلها بنظراته
"و لكن اقسم بأني لن افعلها ،سأكون على قدر المسئولية و النضوج ،حتي اكون مسار فخرك "
قاطعته تنظر اليه بدهشة مشوبة بالمرح
"من اين اتيت بتلك الكلمات !!!،هل تمتد يدك الى مكتبة انس من وراء ظهره ، سيعلقك من قفاك لو علم "
قاطعها ضاحكا بصبيانية خطفت قلبها تذكرها بمثيلة لها اكثر نضجا و اقل اريحية
"لا هذه كلمات العم عمار ، التي منحته عهدا عليها "
ضمته بحنان تهمس بين احضانها
"لا اراني الله فيكم مكروها حبيبي ،ارجوك علي لا تجعلني احيا ذلك الكابوس مرة أخرى ، لن اتحمل ذلك صدقا "
محاولا ان يحيطها بذراعيه الصغيرة
" لقد وعدتك امي ، و اقسمت لك ،انا رجل ناضج الأن "
قبلته على وجنتيه ،تتمتع بذلك الدفء ،حين هتف بطفوليه
"و الأن امي بما اننا اليوم في عطلة اجبارية ،و قد انخفضت حرارتي ، هل تصنعين لي الدونتس ارجووووك "
تظاهرت بالتفكير ، تجيب ضاحكه
"ستكتفي برقائق الشوكولا ،ايها الماكر ، و سنصنع الدونتس في وقت اخر ،اتفقنا "
ضرب يده بيدها ضاحكا
"اتفقنا "🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
تغيير طفيف يشوب معاملته ،تشعر به و لكن لا تستطيع التذمر منه ، لكونه لم يمنحها الفرصة ،او ما يبرر شكواها ،هو يجيد ما يفعل ،يتلاعب بحرفية لا تجيدها هي ، يراوغ بعبارات مزدوجة المعنى ،فان اخذت محملها السيء ، ستصبح خبيثة السريرة ، بل و الأسوء ان ترمي بأن ذلك ما ترجوه و تتمناه.
ازاحت خواطرها جانبا ،تتجه الى غرفته بتؤدة بعد استدعائه
"تفضل سيد عمار "
لم يرفع رأسه عن اوراقه
"كيف حال علي ؟ لم انتظر حضوركِ اليوم ،وددت لو منحته يوم اخير زيادة في الاطمئنان "
لانت قسماتها ،ترتسم ابتسامة حانية على شفتيها
" بخير حال ،لقد اصر على الذهاب الى مدرسته ،فلم اجد داعيا لغيابه يوم اخر ،شكرا لك "
"سيندم ،لا يعلم انه يفوت ما يرتجيه غيره و يتضرع لأجله "
رماها بنبرة واقعية ، تجعلك تفكر مرتين لإدراك المعنى.
اعدت اسلحتها ، تستبقها بتساؤل
"عفوا ،لم افهم "
رفع رأسه تزيل ملامحه حيرة اجاد رسمها
"الذهاب الى المدرسة سيده جوري ،معظم الصغار يبتهلون ليوم عطلة اضافي "
شعرت بصدرها كبالون فُض هواءه على غرة ،فتخبطت اركانه
"ااااه ، انت على حق ،شكرا لاهتمامك على اي حال، لنعد الى عملنا "
ابتسم، تلك الانفراجة الصبيانية التي تجعلها تغض بصرها ،تسلمها لضميرها لقمة سائغة يتلهى بها كما يحلو له
"انتِ كنز سيدة جوري "
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
لم تكن جويرية ان مر اليوم بسلام ،وكيف سيستمع ابناءها علي حسابها ،ان كان يوم عمل طبيعي
"سيدة جوري ، السيدة لميس في طريقها الينا ،بموعد استثنائي، ارجو منك اتخاذ اللازم "
ثم اضاف مازحا
"و اخذ الحيطة و الحذر ، ودمت لله و لنا "
كادت ان تضرب رأسها بسطح مكتبها و هي تستمع اليه من جهاز التحدث الداخلي ، حان وقت استخدامها كدرع واقي ، فهو يعاملها كمضرب ذباب يردع به الفراشات المتربصات به؛ كأعزب يجدنه لقطه حسب مقاييسهن ، ان كان هناك ما يبرر تمسكها بالعمل معه ،و التغاضي عن صبيانيته ،و محاولته تمويه الحدود بينهما بعض الأحيان ،فهو احترامه ،هو ابدا لم يكن عابثا ،و لا محب للهو ،سمعته كقطعة الماس لا تطالها يد ، منذ سنتان حين شاع خبر طلاقه ،بعد ان كان في طي الكتمان ، لم يسمع و يرى عنه أو منه ما يريب ،حتى اولئك المتوددات ،المواسيات ،لم يجدن الا اسلاكا شائكة ،تخدش امالهن دون كرامتهن، فيتقهقرن دون ضغائن ،و كانت هي احدى هذه الاسلاك الشائكة ،شريكة المكتب الحازمة ،التي لا يرضيها ان يشوب اعمالهم اي شائبة ،فتحضر اجتماعات العمل ، و تصبح كناقوس الخطر ،تفزعه كل عدة دقائق بأحد الأمور الهامة ،التي تترصد انتهاءه ،للاهتمام بها .
عدة دقائق تعد على اصابع اليد ،حين شاع ذلك العطر الثقيل الملازم لصاحبته الاكثر ثقلا
"اعطي خبر للسيد عمار بحضوري"
بصبر اعتادت عليه مع مثيلاتها
"سيد عمار السيدة لميس هنا "
"تفضلي سيدة لميس "
مرت بجانبها ترميها بتلك النظرة المزدرية ، تلوي شفتيها باشمئزاز من مظهرها الذي كما صرحت عدة مرات واجهة بائسة للمكتب ،الذي تمن هي عليه و توليه اعملاها.
سمعت لهجتها المتعالية تتقلب بسرور
"اوووه عمار اشتقت اليك ، لما لم تهاتفني و لو لمرة واحدة خلال سفري "
بلهجة عملية لا تخلو من لباقة فطرية
"اهلا بك سيدة لميس ، لقد طالت غيبتك تلك مرة ، و لم ارد ازعاجكِ ،فالعمل في مشروعكِ يسير على اكمل وجه "
بدلال لا يليق بذلك الكبر و الغلاظة التي تخط وجهها
"تعجبني جدا طبيعتك العملية ،ولكن نحن اصدقاء اليس كذلك! "
بابتسامة تكد تتلوى قرف على ثغره
"بالطبع سيدة لميس ، هل هناك اي ملاحظات على العمل ،لقد بلغني انكِ قمتِ بزيارة المكان منذ قليل "
قاطعهما طنين الهاتف الداخلي و صوتها يملي بعملية
"سيد عمار ،امامك عشر دقائق لاجتماع رؤساء الاقسام "
ارتد اليها ببصره منتظرا اجابتها ،مستشعرا سخطها
"لا التصميم رائع ، و قد اضحى على ارض الواقع اكثر بهاء ، انت مذهل عمار "
"نحمد الله انه نال رضاك "
بلهجة رصينة تتكرر مقاطعتها
"سيد عمار ،السيد طاهر يريد محادثتك لأمر هام ،و قد اجلت المحادثة لعدة دقائق "
هتفت تصيح بغضب
"هذه ليست سكرتيرة ،هذه بومه ناعقة ليس بمظهرها الكئيب و تلك الالوان الداكنة المنفرة ،بل بنعيقها و مقاطعتها كل بضع ثوان ، كيف تتحملها طوال اليوم بالله عليك "
تلك الخطوط القرمزية التي تقاطعت علي وجهة ، ذلك العرق المنتفخ بعنقه ، قبضته التي اشتدت حتى كادت
تبتر اوتار انامله ، انبأتها انها تخطت حدودها ،و لكن أنى لمثيلاتها ان يرتدعن
بلهجة باترة لا تنم على ما يعتمل في صدره
"هذا عملها سيدة لميس ،هي تتقاضى اجرا من اجل تلك المقاطعات ،اما مظهرها فلها ،لا يخصني ،و لا التفت اليه "
هب من مقعده بغتة ، فرمشت بأجفانها مجفلة
"انا اعتذر منكِ ،و لكن امامي بضع دقائق ،لأجري تلك المهاتفة ، كنت اتمنى ان تطول زيارتكِ ،و لكن للأسف "
بغنج و غرور
"انا الأسفة صدقني ،و لكن سأكرر الزيارة ،للاتفاق على مشروعنا القادم "
مرت بها دون ان توليها الا نظرة استصغار و احتقار ،تغادر يشيعها عطرها مخلفا نفور و ابتذال من اختارته .
"لن تبكي جويرية ، لن تبكِ ،ليست تلك الوضيعة التي تذرفين الدمع من اجلها ،قد بثت سمومها ،و سواد سريرتها و انتهى الامر "
تهمس تواسي نفسها ،تقطع السبل على تلك العبرات التي تحفر مجرى لها بين اهدابها حين آزر همسها همس اخر
"انا اسف جويرية ،انا من عرضتك لتلك الاساءة "
لم ترفع بصرها ، تنظر الى قبضتها التي ضمتها تمنع ارتجافها
"جويرية ارجوكِ ،لا تجعليني ارتكب جريمة بمظهركِ هذا ،تلك السافلة لا تستحق حتي ان يمر حديثها عبر اذنكِ "
يمرر اصابعه بحنق على عنقه
" لقد الجمني عنها ،و اخرس لساني عن منحها ما تستحق ،خوفي عليكِ ،انا كنت على وشك صفعها ، و لكن ترجيحي لأمنكِ و استقراركِ غلب غضبي "
رفعت اهدابها ببطء ،تتشح نظرتها بتساؤل صامت ،اجاب عليه
"تلك المتعجرفة عديمة الحياء ،لم تكن لتترككِ و شأنكِ ،ان هاجمتها لأجلك ، ستجعلك لعبتها ،و هاجسها سيكون تمريغ انفك بالتراب ،هؤلاء لا يخشون الله جويرية ،و من لا يخاف الله يخشى منه ،و تتجنب معادته ، لذلك اثرت سلامتك ،و لكن اقسم لك انك لن تري طلتها الكريهة مرة أخرى ،ذلك المشروع المشئوم اخر تعامل لنا معها "همت تستنكر قراره المتسرع ،حين هتف بحزم ، مرتدا الي غرفته
"لقد اتخذت قراري، و انتهى الامر ،لن تطأ قدمها هذا المكتب بعد اليوم "
بصمت كئيب مر باقي اليوم ،زفرت براحة حين ازف وقت مغادرتها ، لملمت اشيائها بتثاقل ،لتتجه الى غرفته
"حان وقت انصرافي سيد عمار ،هل تحتاج لشيء ؟"
بابتسامة ارتحلت من عينيه الي شفتيه
"لا حرمنا الله نعيقك جوري ،لقد كدت اصاب بالصمم ،من صمتك و هدوءك اليوم "
برقت عيناها ،تنظر اليه محتدة القسمات ،حين هتف
"الأن اصبحت بومة بحق ،بتلك الحدقات المتسعة التي تبرق بشرارت صفراء ملتهبة "
همت تصفعه برد يخرسه ،حين هتف باستسلام مراوغ
" اقصد انك رمز الحكمة جوري و تفتكين بكل الافات الضارة التي تحيط بنا "
همست بغل
"سيد عمار "
اشار بيده موثقا استسلامه
" انها مجرد دعابة "
لم يرف جفنها و هي توبخه بنظراتها
" لقد ارهبتني تلك الزغرة ، اذهبي جوري ،صحبتك السلامة ،انا لا اريد شيء ،و حتي لو اريد لن اطلب ،اذهب انت و سأتدبر امري"
ابتسم براحة و هي تستدير تخلفه وراءها ،لكن ليس قبل ان يلتقط اشباح تلك الابتسامة التي كانت تحاربها باستماته تلك البومة الغالية .
أنت تقرأ
جناح مهيض "مكتملة"
Short Storyبتحكي عن مطلقة عندها 3 أولاد و على الرغم من طلقها الا ان ابو اولادها بيدخل في كل تفاصيل حياتها بحجة الاولاد حتى بعد ما اتجوز و لما قررت انها تستحق فرصة تانية للحياة متمثلة في مديرها في الشغل اللي بيحاول بشتى الطرق حمايتها و دعمها ،بيتدخل ويخلي حياته...