الفصل التاسع

5K 193 7
                                    

#الفصل_التاسع
#جناح_مهيض
ايام تتساقط و احداث تتوالى عليها تصطلي بما يعتمل بصدرها ، تواسي نفسها بالسيطرة ،و لجم زمام امورها جيدا ،لكن بقرارة نفسها توقن ان علاقته بأولادها تتوطد ،انه لا يضع قدم ،بل يرسخها في حياتها ،اسمه طقس يومي يتردد بين جدران منزلها ،بل و تتسع له صدور و قلوب ابناءها ،رصيده في ازدياد ،اذا ذهبوا الى الصلاة وجدوه قد سبقهم ،مثنيا و محفزا ،و مودعا بالدعاء ،اذا قرروا اللعب شيعهم بنصائحه بل انه اصطحبهم يوما ،لمبارة كرة قدم مع اصدقاءه ،وافقت عليها بعد جدال لا طائل منه امتد ليومين مع انس و علي ،و رفع راية العصيان ،و شعارات الرفض من اجل الرفض ،و الاستبداد و فرض السيطرة ،حتى رفعت رايتها البيضاء مستسلمة ،بعد قطع دابر الامر نهائيا ،بأنها الاولى و الاخيرة .
كل هذا يؤلمها ،يرهقها ،اصبحت تحيا في دوامة من الصراع النفسي و العصبي ،توترها جلي واضح ،يتأكلها الندم ،يتردد صدى سؤال واحد يزلزل ثباتها
"هل اخطأت بشراء تلك الشقة ،و الانتقال اليها ؟"
لم تكن تعلم ،فقط لم تكن تعلم ،هكذا ردت الامر الى جهلها ،و من اين لها المعرفة انه يسكن في الشقة المجاورة ،في نفس الطابق المشئوم فقط حين وجدته وسط من استأجرتهم لنقل اثاث منزلها، امرا اياها ان تظل و عائشة بإحدى الغرف الخالية، حتى يتم الأمر، فهما جاران على اي حال، ليتم ضاحكا تتراقص عينيه بانتصار
"ان الجار دائما للجار"
و هكذا جرت الامور.....
..امي لقد قابلت العم عمار في البناية ،هل تعلمين انه يسكن نفس طابقنا؟؟
..امي لقد لاقيت العم عمار انا و انس خلال الصلاة ،لقد اصر على مرافقتنا الى المكتبة لشراء كتب انس بل و اصر على دفع ثمن ما اشتراه
...انا اسف لتأخري امي لقد تبادلت الحديث مع العم عمار حول كتاب كنت اقرأه ،و لم اعي تأخر الوقت.....
حتى اتت الطامة الاخيرة من علي حين اعلن ان العم عمار عرض عليه شرح ما يستعص عليه من تلك الاحجيات و التعويذات الرياضية ،بل و لأنس ايضا "
انتفضت بغضب
"و من اخبر السيد عمار بحاجتك الى من يدرس لك الرياضيات علي؟؟"
بهت و قد رأى معالم السخط على وجهها
"انا امي ..حين ذهبنا لمباراة كرة القدم ، اخبرته عن ضعف درجاتي ،و ان ابي دائما ما يوبخني لأجل ذلك ،فعرض علي ان يشرح ما يتعسر فهمه لي ...
تمسكت بذمام صبرها
"و بما اجبته ؟
هتف بصبيانية
"وافقت بالطبع ،و اخبرته ان ذلك سيسعدك لأنك على وشك قتلي "
انهت الموضوع بتوتر ينذر بمعركة وشيكة
"لا اخبر العم عمار، اننا شاكرين له، و اني قد تحدثت مع احد المعلمين من البناية المجاورة، قد رشحته لي احدى الجارات..
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
غافلة عن هاتان العينان المشتعلتان بحمم من لهيب، و وعيد
تتحدث برجاء يتلبسه التوتر من تلك المحادثة القدرية خارج بنايتها ،يقلقها وقفتها بطريق عام تتحدث مع غريب ،محدثة نفسها انه معلم طفلها ،بل و علي الى جانبها
"تشرفت بلقائك سيدتي
تجمدت المجاملة علي شفتيها تلاحق بحدقات مضطربة ،هجومه المباغت ،تلك الشراسة التي تحوم حول خطوط جسده
و ذلك الالتواء الكاذب لابتسامة متوعدة تبرر اقتحامه تلك الدائرة الصغيرة
"عساه خيرا ،ماذا هناك ؟؟
مسارعا بالتبرير الحماسي
"هذا معلم الرياضيات في صفي عمي ، لقد علمنا انه يسكن في تلك البناية القريبة ،و كانت امي على وشك
قطع حديث الصبي مستنبطا ان القادم لن يروق له
"اعلم سيد علي ،تطمئن علي مستواك .....او تشكوه ايهما اقرب...
قطب الصغير يطالع امه الصامتة بارتباك
"لااااا
سارع بإنهاء الامر ،بنبرة محذرة 
"عودا انتما الي المنزل ،و انا سأتحرى امرك سيد علي من معلمك
انتقل التحذير و التوبيخ المستتر من نبراته الي نظراته
حين لمس تصلبها
"الأن علي "
بنبرة مرتبكة ،استأذنت منصرفة ،تتوعده سرا بسماعه منها ما يليق به .
عدة دقائق هي ما فصلت مواجهتهما ،قد نفد صبره من  محاولاتها بتر كل حبال الود مع اولادها ،تلك القاسية المرتابة ،لا تعلم ان بكل خيط وصال اقتطعته ،استأصلت معه شريان يمد قلبه و روحه بدفء و حياة ...
"انت تتعمدين ابعاد الاولاد عني ،تريدين قطع كل ما يصلني بهم "

جناح مهيض "مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن