الفصل السادس عشر
#جناح_مهيض
يومان تنعمت فيهما بدفء و راحة نسيت مذاقهما، لا يشغله عنها شيء ،بل يتشاغل بها عن الجميع ،لا يتركها وحيدة ابدا ،حتى حين تحدث ابناءها كان دائما بجانبها ، انامله تزيل ما تفيض به عينيها ،من دموع اشتياق ،لا تدري كيف كانت ستمر تلك الايام من دونه ،دون وجوده ،و دعمه و كلماته التي تشد من عضد روحها.
رؤية حال اولادها كان يدمي قلبيهما معا، شعر عائشة المنفوش دائما ،بقايا الطعام الملتصقة بفمها دائما لا تجد من يعنى بها ،عينا انس الذي محى بريق ذكائهما ضباب الحزن ،غيوم التعاسة التي ظللت وجه علي الضاحك ،و اخيرا تلك الصرخات الناعقة دائما لزوجة ابيهم ،متسائلة عما يفعلون و باب حجرتهم مغلق ،تتوعدهم بالويل و الثبور ان تسببوا بعطب شيء ما ،او تدمير شيء اخر..
هكذا كان حالها منذ اتفاقهم فيما بينهم ان يحمل اباهم على عاتقه مسئولياتهم ، ان يهبوا اياها فرصة عمرها التي لن تكرر ،فقط اخفوا عنها ضلوع العم بالأمر ،هو من ساند قرار انس ، قاطعا وعدا ان الامر لن يزيد عن خمسة ايام و سيتدخل هو ، ابتاع لهم هاتف ذكي زوده بشريحة متصلة بالأنترنت حتى لا يغيبوا عن عينه و والدتهم ..
"هيا حبيبتي الافطار ..."
ابتسمت بجانب فمها ،تُملّي عينيها من جمال و جلال طلته عليها
"انت مبكر سيد عمار .."
يخطو الى غرفتها ممازحا
"لقد هاتفتني علا ،بأن الكثير من الأعمال قد تراكمت منذ غيابنا ..."
رفعت حاجبيها بشر
"و من علا تلك ،و من اين ابتلينا بها..؟"
هز رأسه ضاحكا
"لا فائدة منكِ ..ماذا علي ان افعل ليثبت في رأسك ،اني لا و لم و لن ارى غيرك .."
قاطعته بصرامة ، و قد استعادت بعض من جويرية الحبيبة العبوس القاتمة
"اذن ستنتظرني هنا ،حتى اذهب الى شقتي لأرتدي ملابسي ،ثم نذهب سويا لنرى علا ...اي الأعمال المتراكمة "
اتجه الى فراشها ممزقا قراره بحفظ تلك الخطوط الواهية بينهما ،منذ لم تجد لها ملجأ سواه ،فقط عهدا متى احتاجتهما وجدتهما -ذراعيه هما مأواها ،ملجأها-....
يرتمي الى جانبها يحتضن وجهها مقبلا ذلك العبوس ما بين حاجبيها
"طالما تمنيت ذلك ....لقد اصبحت بئر امنياتي .."
تلتمس بإبهامها فمه
"ماذا تمنيت !!!ان تقبل عبوسي الدائم"
همس يفعل ابهامها بجسده ،ما تفعله رياح عاتيه على جمرات بالكاد توصف بالخابية
"لاااااا، ان امحوه بشفتي "
تحتضن عيناه بنظرات توازي ما تفعله اناملها
"لطالما تحدثت عن امنياتك سيد عمار ،و ابدا لم تسألني عما اتمنى انا "
بتساؤل لاهث بالكاد غادر رئتيه المتوثبتان
" و هل كان لديك امنيات خاصة بي؟؟.."
تلتحم انفاسهما ،تحتضن وجهه بكلتا يديها تميل اليها هامسة
"بالطبع ..."
يكاد زمام الامر يفلت من بين يديه، بعد ان تولت هي السيطرة على حواسه بما تقوم به
ليلقي لها طوق النجاة الاخير هامسا
"جويرية ..
لترده اليه، و قد طاقت روحها، و توسله جسدها لذلك الوصال ،لتقتسم المها ،و تشاركه تلك الاحاسيس التي بعثت فيها منه و اليه لتستمد من حرارة جسده دفء لروحها ، لتلقنها سخونة انفاسه على بشرتها ابجديات عشقه، و هيامه بها ، فتلتقمهما امواج متلاطمة من مشاعر طال خنقها و وأدها ،فصرخت تعلن حاجتها بشراسة ، و اشتياق ،و تدافع امواج ستمتد طويلا ، تعلو هائجة في بحثها عن شاطئ يحتضنها و قد طاب بها المآل ..
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
يعد الافطار للمرة الثانية لأجلها ، و في تلك المرة تشاركه المطبخ تواري وجهها عنه منشغلة بأي شيء سواه...لتقع عيناها التي تبحث عما تلهيها على تلك البسمة العابثة تتلاعب على ثغره ،فتتلون نظراتها بشراسة يلوكها الخجل
"توقف عن ذلك ...."
يرتفعا حاجبيه ببراءة ،تدحضها تلك الشقاوة على قسماته
"انا لم افعل شيء ، انت صاحبة الافكار الملتوية .."
تعض شفتيها بحياء وليد يلهب خجلها
"انا سأنتظرك بالخارج ، فليس لي فائدة هنا على كل حال..
يسابقها يحجب المخرج بجسده
"لا، لا اسمح لكِ برمي نفسكِ بتلك التهمة، اليس هناك امنية اخرى هنا او هناك تودين تحقيقها ؟؟.."
كطفلة بائسة ،بوغتت بحلواها المفضلة، لكن ادبها و حياءها يحثنها التمنع ،و التدلل قليلا
"عمااار..يعني....."
تعلو ضحكاته، و قد قرأ ما يتلاعب بها من اشتياق و خجل
"اقسم ان هناك امنية لكن انت عديمة رحمة ،تريدين حرماني اياها...
تعض شفتيها ،تهتز اقدامها بعدم راحة ،تتنافى مع بريق عيناها المتلهفتان
"انت سيء جدا... انت.."
يتلاعب بخصلاتها البنية ،ترسو عيناه براحة و امان على صفحة وجهها
"و انت حلوة جدااا، شهية جدااا، و امنياتك تلك سعادتي الخالصة ،نبضات عشق في رصيد حبي لكِ ..
اتسعت ابتسامة حلوة واثقة حاولت ردهها بضغط ثناياها على ثغرها
ترتفع حاجبها بتساؤل
"اذن....
رفع حاجبه عاقدا اياهم بتساؤل مشاكس
"اذن؟؟؟؟
ضيق عينيه بخبث يتسائل بجدية
"بمناسبة الامنيات ،هل تملكين بعض مسكنات آلام العظام
عقدت حاجبيها بقلق
" لما !!!!!
حملها قاطعا ايا من افكارها، متوجها بها الى غرفته
"من اجل امنية اخيرة ، سنقرأ بها الفاتحة على عظام ظهري "
يتلقى سببها الغاضب بشفتيه
،يغرقها في بحور العشق العذبة...التي للتو نجت من تلاطمها...لتعود ثورتها من جديد.
...........
"امي لقد لطمت زوجة ابي عائشة على وجهها...
اشتعلت النيران في جسدها ،تصم تلك الوحوش الغاضبة اذنيها ،تشرق نظراتها بسخط ، تتوجه الى مكتبه ،لينتفض لهيئتها حين باغتته امرة
"عمار دع ما بيدك ،نحن سنذهب لنحضر الأولاد..
ارتج عليه يطالعها بخوف قلق، يتناول مفاتيحه يؤمن على هاتفه
"ما الذي حدث ،لقد هاتفت انس صباحا ،و كل شيء كان على ما يرام"
بدموع غاضبة مقتت الضعف ،اقسمت على عدم الانصياع الا في موضع قوة
"تلك الحقيرة ،لطمت ابنتي ..
هتف مستنكرا
"ماذا ؟؟؟؟
تسابق انفاسها ،اطارات السيارة ،يتشابك تعجلها في الوصول مع تلك المسافات التي تطوى امام ناظريها ،يقبض بإحدى يديه على مقود السيارة ،و الاخرى على اناملها المرتجفة ،يواسيها بعينيه تارة، و بضم قبضته على اناملها تارة ،تتساءل للمرة العاشرة
"هل انت متأكد اننا نسير على الطريق الصحيح ؟؟..
ليطمأنها بذات النبرة المهدئة المشفقة
"وفقا للموقع الذي ارسله انس ،فقد كدنا نصل ..
ليهتف براحة بعد دقيقتان
"ها هو المنزل ..هيا..
توقفه بنظرات مستنكرة
"هيا!!!! الى اين ؟؟؟انت ستبقى هنا ،لن تدخل بيت ذلك الوضيع اصلا.."
يظلل الرفض و الحزم وجهه
"هل جننتِ!! كيف جال بخاطركِ اني سأتركك دون دعم ،تواجهين الامر بمفردك؟؟ِ"
انبلجت غيوم وجهها الساخطة ،عن وجه اشرق بثقة و امان
"انا قد نلت منك الدعم الكافي حبيبي ،ما تشاركناه اليوم منحني كل ما انا بحاجة اليه ، بث في قلبي دفء طالما افتقده ليتزود به ،علمت انك لي بلا شرط ،شاركتني حزمك و ثقتك بي ،منحتني ذلك الدعم اللا مشروط ،لقد صدق قلبك و جسدك على وعدك لي .."
يبحث عن كلمات ،بعد ان غيبته نبراتها و مشاعرها
"اي وعد ...
ترن اصداء حديث قديم في قلبها كرنين قطع ذهبيه تسر اذن مالكها
"اعلمي اني في صفك دائما جويرية ،لا اتخلى و لا اغادر ،
و قد علمت، و وعيت و ايقنت انك لست في صفي ،بل انت صفي و جيشي ،و عتادي و رايتي .."
و ازداد بريق نبراتها صلابة
"لكن تلك معركتي ،انا سأخوضها وحدي ..."
بوجه تلون بظلال من جحيم ،تحمل ابنتها بين ذراعيها ،تأمر بكريها بانتظارها بالخارج مع حقائبهم التي اعدها مسبقا.
تطالع تلك المذعورة القسمات، تتشبث بوقاحة قد تنجيها ،وببواقي غضب
من ذلك الوضع الذي فرض عليها
"فقط احمدي الله ،اني لست من تلك النوعيات التي تستخدم يديها ،او تتخذ التطاول سبيل ، لكن ذلك لمرة واحدة ،لان العيب لا يوجه لكِ ،بل لمن رمى بأولاده لمن لا تخاف الله، و لا تخشاه هو فيهم ،لكن حذاري هي مرة واحدة ،لكن ان ساقكِ سوء طالعكِ و وسوس لكِ شيطانكِ فقط برفع يديكِ على احد من أبنائي فانا لن استخدم يدي ،بل اسناني في نزع ذراعك من موضعها.."
ابتلعت ريقها الممتزج بخوف و خزي ،لا تجرؤ على نطق كلمة واحدة، يقيدها احساسها بالذنب ،فقط هي لم تتحمل ،ضغطت على نفسها و اعصابها لتتحمل الوضع ،لكن انهارت في نهاية الامر ،تلك الصغيرة بكثرة شكواها و انينها تطالب بأمها ،و ذلك الشقي الاخر الذي لا يظل في مكان واحد ساكنا الا لدقيقتين هما يستطيع التحكم فيهما بيديه التي تعبث في اي شيء ،و قدميه التي تركل ما يعيق ركضهما ، و اما كبيرهما فصمته و عيناها التي تحوطان اخوته ،تتربصان بها محذرة من اي اذى او ضر قد يصيبهما منها ،اهلكا تحكمها بنفسها ..
كل ذلك مع همها الكبير و بلاءها الاكبر ،شبيه الرجال زوجها ،لولا ان زواجها اراحها من خدمة خمسة رجال ابيها و اربعة ثيران بليت بهم ،تنظف وراء هذا ،و تطهو لذاك ،و ترتب لأخر ،لرمته على طول ذراعها
لكن وفقا لحساباتها تلك زيجة رابحة ،هو كثير التغيب بسبب عمله ،رزقت منه بطفل، فقط فراغة عينيه كانت تقلقها ،و ها قد كسرت عينيه بجانب ضلوعه حين علمت انه اقام جنازته الثالثة ،لكنه رجل لا يخلو باله من البحث عن المنغصات ،فقط كنوع من اثبات الذات ،فما ان لملمت اطراف مشكلتها الأخيرة معه ،بأن الامر كان خارج عن ارادتها فمن هاتفها ليخبرها بزواجه ،اخبر اخاها الأكبر ،و حين حاولت ردعه قام بضربها متهما اياها بعدم الكرامة ،بالطبع حتى حروف كلماتها نعتتها بالكذب ،فهي من توسلت الى اخوتها لإيذائها و ترك علامات واضحة بجسدها، حتى تنطلي حيلتها ،و تعود الحياة لهدوئها و هي بنظرة ضحية كسيرة لجبروت اخوتها مثله ،فهي لا تهوى النزاع و لا تنغيص البال،لكن هيهات مع عديم عقل مثله ،ها قد بلاها بثلاثة شياطين من اخرى ،معترفة انهم حتى و لو كانوا ملائكة ،فهم شياطين يكفيها اعبائهم ،و تمزيق حياتها الرتيبة التي تحيها بسلام مع وليدها ،تستيقظ حين يستيقظ و تنام حين يغفو ،لكن اضحى عليها الاستيقاظ باكرا لترى ما عليها تعد الافطار ،و تبحث عما يشغلهم عنها بقية اليوم ،لكن هيهات ان تنشغل الشيطانة الصغيرة ،التي تتلوى بين انحاء الشقة طوال اليوم ،و ذلك القرد الشقي الذي لا يكف عن الشجار ،و العبث بكل ما يقع تحت يداه،
هي ليست قديسة لتتحمل كل هذا ،بينما والدتهم تنعم في احضان زوجها الجديد بالنعيم ، تبدأ حياة جديد مع رجل يتضح من تلك النيران التي اشتعلت بذكر الاوز لديها ،انه لا يشوبه شائبة ، بل على ما يبدو افضل منه، بل و يحب مطلقته كونه ارتضى بها و بأطفالها، لما عليها ان تتحمل و لأجل من فهو ليس بذات القيمة التي تجعلها تتنازل و تتحمل من اجله ،لذا قررت بعزم، سوف تتخلص منهم ،حتى لو اضطرت لمواجهته ..
و ها قد نجحت خطتها حين لفحت انفاسه الساخطة الهواء، صارخا بجعجعته البغيضة
"انتِ !!!!!ماذا تفعلين هنا ؟؟ كيف تجرأتِ على دخول منزلي لسرقة اولادي"
ساخرة تلفه بنظرة مزدرية
"اولادك!!! وهل تهتم من الأصل بأولادك ؟؟
انظر الى هيئة ابنتك ،و شعرها المشعث ،الى وجهها الملطخ و ثيابها المتسخة ببقايا طعام الامس ...
صاح بشراسة
"هل اتيتِ الى بيتي لتحاسبيني ؟؟ هل قلبكِ الحنون انشغل بأولادكِ الان ،بعد ان انتهى شهر عسلكِ ؟
التفت اليه بكامل جسدها ،ترتسم الوحشية على وجهها كقط بري افاق من غفوته على من يهدد صغاره
"نعم اتيت لأحاسبك، و نعم انا دائما منشغلة بأولادي بدليل انني هنا الأن في وقت صادف وجود اباهم هنا ،و لا شهر عسلي لم يبدأ بعد ،سيبدأ بعد ان انهي حسابي معك ..."
تحركت بسرعة باغتته ،حتى انه تحاشاها خائفا ، تتقدم بصغيرتها الباكية تجاهه ،تكاد تدخلها بعينيه ،تدير وجنتها التي خلفت اصابع زوجته اثرها عليها
"انظر لوجه ابنتك سيد اشرف ،فقط اربعة ايام ،ليس اربعة اشهر ،اربعة ايام ،كانت تلك حصيلتها صفعة على وجهها ..."
اتسعت عيناه بصدمة
"و من صفعها ؟؟؟"
لوت شفتيها بسخرية تلونت بقرف
"زوجتك المصون "
التفت اليها يتشح وجهه بسعير ملتهب
"هل صفعت عائشة ؟؟"
رفعت رأسها حاسمة امرها
"نعم صفعتها اخطأت فصفعتها ،لقد حاولت جذب يد الصغير حتى كادت تفصلها عن جسده ،هل اردتني ان اصفق لها ،ام اهتف لها مشجعة .."
توجه اليها بوجه بغيض يتلوى كمد من وقاحتها امام الأخرى ،و هو من تغنى دائما بسلطته و سطوته و مهابة كلمته في بيته
"هل جننتِ؟ كيف تتحدثين معي بتلك الطريقة ؟؟"
صفقت بيديها ،يتراقص حاجبها بتلك الحركات التي تنم عن خلفية البيئة التي خرجت منها
"و كيف تريدني ان اتحدث ،ان اختم قولي بنعم صفعت ابنة سيادتكم .."
قاطعت مشاجرتهم الجانبية
"انا لا دخل لي بكيفية محادثتها لك اشرف ،انت لست امين على اولادي و لا تستطيع الحفاظ عليهم ، اولادي سيأتون معي"
هاتف بغل و قد تخلخلت نبراته المنفرة
"على جثتي ،ابنائي سيعيشون تحت ظل ابيهم ،في بيته .."
صاحت بغضب
"و اين بيته ؟؟على ما اعتقد هذا بيت المدام ،حيث تأمر و تنهي فيه ،و تصيح و تعاقب و تصفع ،انظر الي اشرف ، للمرة الأخيرة ،كوالد لأطفالي ،اتق الله فيهم ،هل يسعدك ما يسمعونه الأن عنك ،هل يسرك هيئتك امامهم الأن ،و قد كنت دائما بعيونهم صرح شامخ لا يهتز .
كل ذلك نتاج انانيتك ،و تجبرك ،فقط لأن الأمور لم تسير كما خططت لها "
دمدم من بين اسنانه بغيظ
"اذن ستطلبين الطلاق ،مقابل منحكِ الأولاد ،انا لا اقبل ان يعيش اولادي تحت ظل رجل غريب"
برقت عيناها ،ببريق حديدي ، و بلهجة مستهترة بما يلقى على سمعها من نفايات
"ابداااا، انت ليس لديك حق لتملي شروطك ،انا لن اتخلى عن حياتي التي عمادها زوجي ،من اجل خيالك المريض ، ذلك الرجل الغريب الذي تتشدق بأنك لن تسمح لأولادك ان يعيشوا تحت ظله ، لم يمسهم ابدا بسوء ،لم يرفع صوته عوضا عن يده على احدا منهم كما فعلت حرمك .."
"اذن اولادي سيظلون في بيتي "
"لقد اوضحت لك طليقتك ، ان هذا لم يعد بيتك ..
بدهشة و استنكار استدارا اليها زوجين من العيون ،احدهما تكاد تحترق غضبا و سخطا ،و الأخرى استصغارا و مذاق اخر اشبه بشماتة
"هذا بيتي انا و ابني ،و انا لن اتحمل ابناءك و اعباءهم فيه ،و في حين تحي والدتهم كعروس ،يشيب شعر رأسي انا في خدمة اولادها.."
توجه اليها رافعا كفه نحوها ،لتوقف ذراعه في الهواء صارخة
"توقف ..و الا سيكون عليك الرد امام اخوتي عن صفعك لي امام ابناءك و امهم ،و اقسم ان تفسيرك وقتها آيا كان لن ينجيك من القبر "
انهزمت ذراعه الى الارض ككرامته، لقد صفعت رجولته و وطأت بقدمها عليها امام من تباهى كثيرا برجولته ،و كلمته النافذة عليها ، لقد كسرت عيناه امامها، استحث تجبره كي يرد الصاع صاعيين ،و الصفعة اثنتيين، لكن انتشله رمق اخير من تعقل ،انها تمتلك رقبته بالفعل ،بل و مستقبله و مستقبل اولاده ،فببلاغ صغير منها سيجر من قفاه الى ما وراء القضبان ،و ستكون سبه يعاير بها أولاده ابد الظهر ، رمته الاخرى بنظرة رثاء و شفقة اخيرة، و هي تتجه بابنتها الى الخارج ترمي كلماتها الأخيرة
"نحن في انتظارك انا و زوجي في اي وقت ،لنضع الخطوط الرئيسية حول الأولاد و ما تراه مناسبا لهم "
........
ضمت صغيرها ليلتصق بساقها ، و طفلتها المذعورة المتوجسة مما جرى امام عينيها الى صدرها ،ليتلقفها صدر اخر اكثر سعة ،و اوسع براحا ،بتملك قلق و انامل تبحث عن الاطمئنان ، ضم الصغيرة اليه ،يرفع صدغها الملون يقبله بمواساة لامست قلبها الغض ،لترد القبلة اليه ،تضم شفتيها تسترجي عطفا
"لقد افتقدتك كثيرا عمي عمار "
يقبلها و قد تصدع قلبه لهيئتها ،و لولا كلمات امها ، التي رأبت صدع روحه ،بردعها لوقاحة ابيهم ،و جهرها و دفاعها عن ما تستحقه و امتلكته ،لانفطر كليا لما رأى ..لكنه كبح جماح هواه ،في ان يمزق ذلك الأناني المخبول ، رد نفسه ،يعلم جيدا ان زوجته بحاجة الى كسب تلك المعركة بمفردها ،ان تعلن انتصارها بكون الكلمة الأخيرة كانت لها ،و لها هي فقط
"و انا ايضا افتقدتك كثيرا صبارتي ،افتقدتكم جميعا ،لكن وعد مني ،لن نفترق ابدا بعد اليوم "
أنت تقرأ
جناح مهيض "مكتملة"
Short Storyبتحكي عن مطلقة عندها 3 أولاد و على الرغم من طلقها الا ان ابو اولادها بيدخل في كل تفاصيل حياتها بحجة الاولاد حتى بعد ما اتجوز و لما قررت انها تستحق فرصة تانية للحياة متمثلة في مديرها في الشغل اللي بيحاول بشتى الطرق حمايتها و دعمها ،بيتدخل ويخلي حياته...