#الفصل_السادس
#جناح_مهيض
خمسة ايام مرت تجرفها قلقا و كمدا ،لم يشد من عضدها فيها الا ظنها الحسن بالله ، يعقبه ثقتها به ،حين افزعها بصيحة تحوطها بهجة طيور مغردة
"لقد انتصرنا جوري ،لقد مرغت انفها المعقوف ليس بالتراب ، لا ،بالقطران ،بعد اجتماعنا بممثلي الشئون القانونية للعملاء الخمس ارتدع ثلاث ،و الاخران مرغمان سيمنحوننا الشرط الجزائي "
طارت فرحة من مقعدها
"الحمد لله ،الحمد لله ،لقد استجاب الله دعواتي لك، سيسر الأولاد جدا ،و سيطالبونني بهدية "
غامت عيناه بحنان يتشبع بفقد ،لتلك البهجة الخالصة ،ذلك الصدق و الاخلاص المختلط بنبرتها ، صياحها المنطلق بمرح يخالف جديتها المصطنعة ،بعثرا البهجة و الانشراح بصدره
"شكرا لكِ جوري ،انتِ سندي و داعمي الحقيقي
اتم عبارته حين انغلقت اساريرها بحذر
"في عملي ، و هدية الأولاد عندي انا ،على الرغم من جهلي لسببها "
"ذلك لانهم وعدوني بالدعاء لك ،خاصة علي لن يتنازل فعقب كل صلاة يأتيني منوها ،لقد دعوت للعم عمار "
بلهجة اضفت عليها الحياد اجابته
"و شكرا لعرضك الكريم ،انا اعلم ما يريدون ، سأصنع لهم كعكات الدونات الملونة فهي عشقهم "
رفع يده باستسلام باتت تألفه
"لن الح اذا هنيئا لهم "
خلفها وراءه تلتقط انفاسها براحة ليعود يعيث بها الشتات
"جوري طبعا لن تنسيني من تلك الكعكات ، فهي اولا و اخيرا بسبب انتصارنا ، لذلك سأكتفي باثنتين فقط واحدة بالسكر و الأخرى بالشوكولاته"
***
تلملم طاولة الغداء بسعادة افلتت زمامها ،بعد ان شاركتها اطفالها
"و هكذا قد استحققتم الدونات عن جدارة "
صاحت عائشة بحبور
"انا سأخذ ثلاث امي ،و دمية جديد عوضا عن التي مزقتُ ذراعها "
ابتسمت بمداعبة
"الثلاث لكِ و لكن ،لن تتناوليهم دفعة واحدة ،بل على حصص ،اما بخصوص دميتكِ فثمنها سيقتص من مصروفكِ ،كي تتوقفي عن تمزيقهم عمدا "
عبست بغضب تضع اصبعها في فمها مبتعدة
"لن ادعو لعمار هذا مرة اخري "
"انا سأعد الكعكات الأن ،اثناء ذلك تنهيان واجباتكم المدرسية ، و انت انس حاول ان تشرح تلك الطلاسم الرياضية لأخيك ،فقد جف ريقي ، في شرحها ،و لم يفهم "
بحزم ترتب امورها قبل ان تترك لهم العنان
و بهدوئه الذي يوسم بالبرود قال
"انا حاولت امي ،و لكن مخ علي موصد بقفل صدئ ،صدقا لقد كدت اضربه ،و هناك بعض العلميات الحسابية اضيفت لمنهجه ، لم ادرسها "
كادت تبكي من الغيظ تسب التعليم ،و الرياضة و المناهج ،و واضعيها
"حاول مرة اخرى انس لأجلي ،حتى اجد حلا اخر "
****"
يتناغم خبزها لتلك المعجنات ،مع تضارب افكارها ،تقسمها لقطع منفصلة بترتيب يتوازى مع حلول مختلفة لمعضلتها ،تلك خطوة ودودة تتهيب ان تخطوها ،فتجر وراءها مثيلاتها ، تبتسم بحالمية ،تتناسب مع ذلك اللون الذهبي الذي اكتسبته الكعكات ،و صورته وهو يأكل من صنع يديها ،يشارك اولادها تلك اللذة العائلية الحميمة تداعب خيالها ،تنتشلهم من الإناء كما تنتشل نفسها من احلام يقظتها تهمس
"ماذا تركت للمراهقات بالله عليك ؟
زينتهم بما يليق تنثر لونا ورديا هنا ،و اخر داكن هناك ،تقف حائرة امام مسحوق السكر ،لا احد من اولادها يحبه ،فلما حضرته ،ازاحته جانبا بحزم
"ليذهب و يتناول ما يشاء ،فمحال الحلوى كما الهموم لا حصر لها "
نقشت إبتسامة، تهتف بحماسة ،و هي تحمل اليهم ما صنعت
"وقت الحلوى هيا ......
لتضيع باقي احرفها وسط صيحات الفرحة و الاياد الممتدة .
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
تهتف بسخط
"احسنتِ جويرية ،عل نفسك قد هدأت الأن و قد تأخرتِ ساعة كاملة "
خطت بتردد الي غرفة مكتبها تضع اشياءها بحذر
لا مبرر له ،لتحث خطواتها نحو غرفته
" السلام عليكم ،اسفه لتأخري سيد عمار "
رفع عينيه اليها بمرح ،سرعان ما ترك محله لتساؤل
لم يمر عبر شفتيه لهيئتها ،التي شتتت نبضات قلبه
كانت كتلميذة ضبطت بجرم ، اجبرت على القيام به ،فلا منها تستطيع التراجع ،و لا منها تجرؤ على التبرير
"لا عليكِ جوري "
اقتربت من مكتبه بضعف ، تتخلى عما تحمل
"هذا نصيبك من الكعكات ،بالهناء لك "
ثم ارتددت كسهم اخطأ راميه فارتد عليه.
قبض على اول عطاياه الثمينة منها ،يعلم ان هذا الامر سيكلفه يومان كاملان ،من الحذر و الواجهة الخشبية ،و لكن يكفي انه خطى اليها تلك الخطوة ،بل و قابلتها هي بخطوة تجاهه ، يتذوق مستمتعا ، هذه ليست معجنات ،انها نغمات سحرية، قصدت بها جذب اوتار جديدة من روحه اليها ،فهنا لمست يدها العجين ،و هنا نثرت اناملها السكر ،
و تلك القضمة تحكي عن صراعها مع ذاتها ،اما تلك الاخيرة و هي الالذ و الا شهي تهمس له انه قد انتصر و ها انا بين يديك .
"سيد عمار "
انتفض يفتح عينيه على اثر تلك الصيحة الحازمة القانطة
ينفض حبات السكر
"لا حول و لا قوة الا بالله ،ماذا هناك سيدة جوري ؟؟،هل اتاكِ خبر ضرب النيزك بالأرض؟؟ ،ام هناك حريق اشتعل بالمبني؟؟ "
ترفع حاجبها بضيق
"لا هذا، و لا ذاك ، نحن وراءنا اعمال هنا ،و انت مغمض العينان هائم في مجرة اخرى ،منذ دقيقتان اتحدث مع نفسي امامك "
"فقررت ان تصيبيني بالهلع بصراخك ، ان اشرق بكعكاتك ،تلك كانت خطتك للتخلص مني "
بمرح اشعل سخطها مجددا .
بلهجة مقتضبة
"لم تنجح الخطة على اي حال ،هل انتبهنا لأعمالنا الأن؟؟ "
متمتما بسخط لخنقها مزاحه في مهده
"صدقت لميس ،بومة ،لا اعلم لما غضبت منها!!!! "
بلهجة تقطر شر
"ماذا !!! هل تقول شيء "
باستسلامه المعتاد ،زافرا بعدم حيلة
"معاذ الله ،و هل اجرؤ !! اين هي الاعمال التي كنت على وشك اصابتي بأزمة قلبية من اجلها ؟"
قاطع رنين الهاتف استجوابه ، لتبش ملامحه
" اخيرا ،قررتِ مهاتفتي "
استمع ضاحكا
"اذا فقد غلبكِ انتِ الشوق اولا "
"انا لا استطيع الاستغناء عنك لساعة واحدة حبيبتي "
رفعت حاجبها باستنكار ابتلعته على مضض ،تعض باطن شفتيها بغضب .
رفع بصره ليصادف نيران عيناها ، لتنطق نظراته باستفهام غير مسموع ، فتغض بصرها منهزمة الى غرفتها ،تنفر من تلك البرودة التي اصابت اطرافها ،من تلك الغصة التي ضربت صدرها لا تجد لها علة .....
باترا شريان الالم و الضيق ،يستبدلهما براحة
"دينا في الطريق الي جوري ، ادخليها علي الفور "
تهمس تبرر لنفسها تلك الراحة و شعور الأمان الذي غشيها
"بالطبع ايتها الغبية ..و من يكون سواها ..انت حقا حمقاء
..انا فقط شعرت بخيبة الامل فيه ..و سائني ان يسقط من عيني .
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
"صباح الخير جويرية ،كيف حالكِ؟"
ضحكت ببشاشة تشابه بشاشة اخيها و خفة روحه
تضيف
"انتِ لم تتغيري ابدا ... لازلتِ كما انتِ اشعر انكِ اساس كل شيء هنا ،بذلك الحزم و تلك الثقة "
بابتسامة منطلقة لا يستطيع غير تلك العابثة رسمها علي شفتيها
"و انتِ كما انتِ سيدة دينا ،ظننت انه بعد زواجكِ سنري وجهك الهادئ الرزين"
قاطعتها بضحكة صاخبة
"هادئ و رزين لقد استحوذت انتِ علي الصفتان و طمعتِ بهما"
خرج يهتف واضعا يده علي صدره
"لقد كاد قلبي ان يتوقف ، ضحكات صاخبة في مكتب جوري ... لقد ظننت انه انت جوري ،و لكن الحمد لله انت بخير ...مازلت متشبثة بمكانك .و رسمة الثمانية بين حاجبيك كالوشم ،احسنت"
صرت علت أسنانها تمتد يدها ، إلى ثقالة الأوراق امامها تكاد تقذفه بها ،حين استدار ليحتوي جسد شقيقته الصغرى بين يديه ، يضمها بشوق و حنان ، لطما قلبها هي ،لتشعر بالخذلان و الفقد بل و الأدهى بالغيرة من تلك العلاقة بينهما
"هناك شيء خاطئ يحدث لي ،انا لست علي ما يرام "
تحدث نفسها بعد مغادرتهما غرفتها ،تكاد تصفع وجنتها ،لتنتشل نفسها من دوامة الاحاسيس التي تتلاعب بها .
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
"سيد عمار ،ماذا هناك ،لقد استقبلت دينا بوجه و ودعتها بآخر "
يتنهد بضيق ، لا يجد له في صدره متسع
"انه ابي .جوري ...."
"ما به السيد صالح ،منذ سافر لم نسمع عنه شيء ،و عدم الاخبار شيء جيد ..اعتقد "
مرر اصابعه على وجهه
"ليس مع ابي ،مع ابي عدم وجود اخبار تهيئة لمصيبة اخري ..."
غمغمت بقلق
"هل اوقع نفسه في مشكلة مالية جديدة ؟"
ابتسامة تشاكس ضيقه و همه صاحبت حديثه
"و يقولون لم تتمسك بجويرية!! ... مقياس فطنتك تعدى العشر جوري ..."
"و لكنها ليست مشكلة بل كارثة يتطلب حلها عشرات الالوف ... و انا كما تعلمين كل سيولتي النقدية في مشاريعنا حتى استحقاق مستخلصاتها ، و دينا لن تطلب من زوجها شيء ،حتى لو تجرأت لتخبره انا ارفض رفضا قاطعا ان يمد زوجها يد المساعدة لوالدي "
جلست ببطء تواجهه خلف مكتبه ،تشعر بضيقة يتسلل اليها ،هي تحب والده مشاكس ، مرح، خالي البال ،و للأسف عديم المسئولية ، حين تتحدث معه تعرف انه فقد بفقد زوجته كل شيء ، فلم يعد يحمل هما ،يتصرف بما يمليه عليه هواه ، حتى يلقاها كم يردد دائما .
"هل تعد ارباح اسهمي من تلك السيولة التي تتحدث عنها "
رفع بصره بتساؤل ، لتجيب على استحياء
"اعلم انك لن تضع يدا عليها ،الا بعد ان اسمح انا بذلك ،لذلك اعلن هزيمتي "
"انا لن امد يدي اليها سواء سمحت ام لا جوري ،هذا ليس مجال للأخذ و الرد "
ضمت قبضتيها بحزم ،ترميه بتلك النظرة العاتبة الممزوجة بخيبة امل و رجاء ..
ليعلن لنفسه بعدها انه انهزم و لا طائل من الجدال ، فقلبه لن يرد مسعاها ابدا
"سيد عمار انت دائما تقول اننا كفريق ندعم و نساند بعضنا صحيح ، حين حاذ مكتبنا على اول مشروع كبير و احتجت للسيولة و كانت معنا مها قبل ان تنضم لشركة زوجها ،انا اتيت بنصف ما كنت املك ، و هي بنصف ارثها ؛ لثقتنا بك ،و بإن نجاحك نجاح لنا ،و الان تلك الأسهم هي ارباح انت اصررت انها من حقي ،انا سأوافق بعد رفضي طوال سنوات ،و لكن بشرط ان تقبلها كقرض مرة اخرى ،انا لست غريبة عنك لتردني ، انت حين منحتني المال وقت جراحة انس المفاجأة ،اتذكر له العافية ، انا قبلت ،حتى مع وجود اخي انت صممت ان يظل معي ما يفيض ،و الأن جاء دورك "
صامتا ينظر اليها ،يتوسلها دون حروف ان تتحدث ،ان تردد انها ليست غريبة عنه ،انها دائما بجانبه ،انها جزء لا ينفصل من تفاصيل حياته ،كاد يردها حين اخبرته بلوم انها ليست غريبة عنه ،بانها قطعة منه ،قطعة حية بعيدة عن يده ،يستحوذ على حقه فيها غيره
"اذن لنعقد صفقه جديدة"
اعتدلت بإنصات ،تعرف مدى براعته لفرض ما يريد
"انا سأقترض منكِ ارباح الاسهم ،و هي مبلغ لا يستهان به ،مقابل تلك الشقة التي تبحثين عنها ، المال بحوزتك لن يكفي جوري لشراء ما تحلمين به ،انا سأخذ ارباحكِ و ما معك و سأمنحكِ شقة صغيرة في عمارة الزاهر ،انا شريك بها "
هامت عيناها شقة لها تمتلكها ،حلمها الكبير يلوح امام عيناها ، لقد كانت تكد و توفر حتى تصل لذلك الامان سقف باسمها يحتويها بأطفالها ،بدلا من هاجسها ان طليقها يمكنه رميها بالشارع عند اول شارة بالعصيان ، رنت بنظرها اليه ، هل تتقبل عرضه؟؟ ،تلك فرصتها الذهبية هو يجزم ان الاسهم من حقها و بالتالي ارباحها لها حسمت امرها بحزم
"انا موافقة"
أنت تقرأ
جناح مهيض "مكتملة"
Short Storyبتحكي عن مطلقة عندها 3 أولاد و على الرغم من طلقها الا ان ابو اولادها بيدخل في كل تفاصيل حياتها بحجة الاولاد حتى بعد ما اتجوز و لما قررت انها تستحق فرصة تانية للحياة متمثلة في مديرها في الشغل اللي بيحاول بشتى الطرق حمايتها و دعمها ،بيتدخل ويخلي حياته...