🖤32🖤

270 34 99
                                    


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


بينَ الأشجارِ الكثيفةِ ركضْنا

جيني تُعانقُ أعمدةَ الإنارةِ من حينٍ إلى آخرَ بحماقةٍ أزعجتني و أجبرتني على أن أسبِقَها و أركض أمامها بلامبالات

فجأةً أصدر هاتفها رنينًا فصرختْ كالمختلّة لتؤكّدَ لي أنَّ القدوم معها إلى هنا هي جريمةٌ ارتكبتها في حقّ نفسي
"توقّف توقَّف توقّف!!"

أدرتُ رأسي ناحيتَها بعدَ أن خفَّفتُ منْ سرعَتي بعضَ الشَّيء و رغمًا عنِّي رُفِعَ حاجبي الأيمن عاليًا عندمَا لمحتُها مستلقِيةً على الأرض كالجثَّةِ تحاولُ التقاطَ أنفاسِها

اقتربتُ منها و جلستُ أمامها القرفصاءَ لاهثًا بصوتٍ خافتٍ فأنا لم أبذل ذلكَ المجهودَ لأفقدَ الوعي مثلها

بنيتها ضعيفة و جسدها صغيرٌ جدًّا...كيف هي على قيد الحياة من الأساس؟

فكّرتُ داخليًّا كثيرًا إلى أن قطعتْ هي حبل أفكاري بتحديقها في وجهي الذِّي انتبهتُ إليهِ متأخِّرًا

"ماذا؟ ما بك؟"
طرحتُ عليها ذلكَ السؤال ببرودٍ و ملامحي جامدة لا تهتزّ، إلى أن حطّمت هي ذلك في لحظة

عندما جلستْ فجأةً و دفعتني بقوّةٍ لا بأس بها متسبّبةً في افقادي لتوازني و سقوطي على ظهري

تبتسم باستمتاع، يداها لم تبتعدا عن صدري بعد دفعي، أنفاسي محبوسةٌ رغمًا عنِّي نظرًا إلى شدَّةِ قربها منِّي، و أنا على يقينٍ من أنّ طريقة تحرّك شفتيّ لأبتلع توتّري قد فضحتني

"ما هي الأشياء التِّي ترغبُ في فعلها لكن هناك ما يمنعك كاياه؟"

سألتني بعد أن ابتعدتْ عنِّي فجأةً لأزفر بعمقٍ لكن بصوتٍ خافتٍ في آنٍ واحد

سمحتُ لنفسي بالتَّفكيرِ للحظاتٍ قبلَ الردٍّ عن سؤالِها بهدوءٍ شاعرًا بفراغٍ و حفرةٍ خاويةٍ عميقةٍ بداخلي

"فقط...فقدت رغبتي بكلّ شيء"

"سأعيد السّؤال...ما هي الأشياء التِّي كنتَ تريدها قبلَ أن تفقدَ رغبتك"

هي ذكيَّةٌ و تلعبُ جيِّدًا بالحوارِ لتقلبهُ إلى صالحها، و كتعبير عن انبهاري بذلكَ أجبتها عن سؤالها

"الشّرب و الرَّقص في ملهى ليلي لأسبوعٍ كاملٍ دون مغادرته... الحصول على المركز الأوّل في مسابقات الرَّقص...ممارسة الحبّ على أرضيَّة غرفة التدريب، و إنجابُ طفلٍ صغيرٍ يشبهني كثيرًا أنا و أمُّه و تحويلُهُ إلى آلةِ رقصٍ صغيرة...ما الذّي تفعلينه؟"

"الملهى؟ كلّا
الرّقص؟ أنت بالفعل آلة رقص
الفتاة و الطفل؟ أنا موجودة"

هيَ أجابتني أثناء وضعها لعلاماتٍ أمام بعض الجمل التي كتبتها على دفترٍ صغيرٍ كان بحوزتِها، تحدّد الأمور التي يمكنني فعلها على ما يبدو، غمزتني في نهاية قولها و أنا أحاول استيعاب كلماتها فازدردتُ و حاولتُ أخذ الحوار إلى منحى آخر عبر سؤالي عن موعد عودتنا إلى المنزل

لكنّها ابتسمت بلطفٍ و ضمَّت رجليْها بذراعيْها ناقلةً بصرَها إلى السَّماءِ نابسةً بكلماتٍ تافهة

"لنشاهد الشروق معًا"

"أليس هذا رومانسيا جدًّا؟ و ما هو محلِّي من هذا؟"

أنا سخرتُ منْها لكنَّها أخرستني بجديّتها تلك

"هذا من أجلي أنا لذلك اصمت!"

بغتةً أمسكَتْ بوجنتي، تعتصِرُ وجهي لتبرز شفتيَّ بوضوح، تضحكُ بصوتٍ صاخب

أنا رفعت يداي لأبعدها عني و لكنّها جمَّدتني بقولها

"ما تمنَّيته أنا و لم أستطع فعله كان الحصول على قبلةٍ من فتى أحبّه وقت الشروق"

"أحقِّقُ لكِ امنيتكِ مقابلَ أن تدعيني و شأْني"

نطقتُ أنا بصوتٍ خافت..أمسكُ بذراعيها لأقرّبها منِّي و ألصقَها بي، بينما ألامس وجنتها اليمنى برفقٍ بشفتاي المتفرّقتين

أتصرّف كالفاجر...قلبي يخفق بقوّة و أراهن أنّه يفعل هذا لأنّه متقزّز من صاحبه..لكنّني سأتحمّل فقط لتتركيني

______________________________________

Cuz of depression × كايحيث تعيش القصص. اكتشف الآن