الفصل السادس عشر

95.4K 4.4K 300
                                    

"فرط الحب"

الفصل السادس عشر

صدح صوت رنين الهاتف فجذبه "بيجاد" في ضيق يطالع اسم المتصل في صمت وعيناه تعكس دائرة الحيرة المسيطرة على أفكاره المتشابكة بين غضب وحزن وألم، زفر في ضيق ثم أغلق الصوت دون إجابه.
قطع وصلة رثاءه للذات دخول "رشاد" صديقه قائلًا بصوته الرخيم ذو البهجة الفريدة:

-لسه مش عايز تواجه الموقف؟

رفع "بيجاد" انظاره نحو "رشاد" صديقه يتفحص ابتسامته متعجبًا من قوته الداخلية وبهجته المريبة، رمق ساقة المبتورة التي انتهت مسيرته كقائد في الجيش بسبب اصابته في مهمة عسكرية بالعريش أسفرت عن بتر قدمه اليمني.
وتساءل كيف يمكن أن يكون مملوء بهذا الكم من التفاؤل والسلام الداخلي رغم ما مر به؟

-أفهم من نظرتك دي انك بتقدرني وبتحترمني؟

قاطعه "رشاد" من جديد وهو يجاوره ويربت على ساقه فارتفع حانب وجه بيجاد متسائلًا في نبرة ساخرة :

-ده جزء من شغلك بردو انك تقرأ الافكار؟

ارتفع حاجب "رشاد" لكن ابتسامته لم تهتز وهو يؤكد له:

-لا بس احسنلك تكون تقدير واحترام مش اعجاب واستغفر الله العظيم.

ألقى "بيجاد" غرض بجواره في وجه رشاد مستنكرًا، فابتسم "رشاد" وهو يلتقطه في سهولة مستكملًا:
-ثم انا قولتلك ان شغفي علم نفس والحاجات دي بتستهويني، شاغل تفكيرك بالموضوع ليه يا بارد؟
ثم اني أقدر أقول بفخر ان ربنا ألهمني أندمج في الدراسة دي عشان يجعلني وسيلة لمساعده النفوس المحتاجة حتى لو النفوس دي عنيدة.

ارتبك "بيجاد" لتلميحاته الصريحة وأبعد انظاره نحو هاتفه يعبث به دون هدف لتتقابل قبضه رشاد بكتف صديقه يجذب انتباهه بمشاغبة قائلًا بنصف ابتسامه:

-أنت خايف ولا أيه يا كوتش؟

-أخاف من أيه، انا مش بخاف من حد في الدنيا.

-غير من نفسك طبعا.

اجابه رشاد باعتياديه وابتسامه واثقه فوقف بيجاد يخبره في نبرة معترضة:

-رشاد متندمنيش اني وافقت اجي اقعد معاك يومين، بلاش شغل الدكاترة النفسيين ده!

-بس أنا مش دكتور نفسي انا مجرد واحد بيحب صحابه وعاملهم مجتمع خاص بيهم للفضفضه وتحفيز التشافي الذاتي عند كل شخص.

عقد بيجاد ذراعيه أمام صدره يحدقه بنظرة ذات معنى فضحك رشاد رافعًا يده باستسلام معترفًا:

فرطِ الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن