وكان الأسود رِداءٌ للحُب

92 15 9
                                    


< ليس لأنك لم تُحاسب فهذا يعني انكَ على صواب >

****************************
احبت مبكرًا وهي التي لم تتعلم الحُب ، فتحت أسوار قلبها وأدعت أنه المُلام ، اغرتها حروف كلامه المعسول فسقطت كَسجينة قُدر لها الهروب فأبت مدعية ان السجن مسكنها ، راودتها الشكوك فنظرت حولها لتجد صديقاتها يتسامرون عن " حبيبهم وما يجلبوه لهم " فأيقنت أنها على صواب وان حبها لحبيبها حقيقي ..
وهي التي لم تتعدى الخامسة عشر ربيعًا .

" سأقابله اليوم بعد دوام المدرسة "
قالتها فتاة بملابس مدرسية لصديقتها اثناء سيرهما معًا ، فردت الأخرى عليها
" كيف ؟ ألن يعلم اهلك يا فردوس ؟ "
اجابتها قائلة
" اخبرتهم أنه لدي درس خصوصي وهكذا لن يعلمَ يا نور"
لم يروق الحديث لنور لكنها لم تجيب عليها ، لطالما اخبرتها ان ما تفعله خطيئة لكن فردوس تجيبها دائمًا بأنها " معقدة " تلك الكلمة رغم بساطتها إلا أنها مدمرة لأقصى الحدود .

خالفت تقاليد اهلها وتجاهلت نصائح والدتها ، اصبحت ترتكب خطايا لا تُحصى بأسم الحب ..
عمياء عن الحقيقة وصماء عن الصدق وبكماء عن الحق ومشلولة عن الأفعال الطيبة لتكون في النهاية حاملة للقب " تمشي مع شاب " ، ملابسها المحتشمة تغيرت فأصبحت تظهر اكثر مما تُخفي معتقدة انها هكذا ستجعل حبيبها السري يحبها اكثر ..
وهو الذي لم يحبها يومًا .

" يا ابنتي استمعي لي قليلًا .. "
نظرت لها فردوس بأحتقار مؤلم وغادرت المنزل تاركة والدتها تبكِ وحيدة معتقدة أنها اخطأت تربية ابنتها الوحيدة .. والحقيقة ان العالم الخارجي هو من افسد تربيتها ، فردوس أرادت أن تخرج من كنف والديها وتعيش مثل اصدقائها ، فتعلمت مِن مَن لم يتربوا على الإحسان وتقاليد الأسلام فتشوهت .

" اين سنذهب يا حبيبي ؟"
قالتها وهي تمسك كف يده بدون إحراج او حتى احتشام ، وبحركة غير متوقعة أزال يدها من كف يده وقال وهو ينظر في عينيها المزينة بالكحل بشكل سيء
" لا يمكن ان نكمل معًا "
" ماذا ؟! ماذا تقصد ؟"
رد عليها ببرود
" كُفي عن التظاهر ، انتِ تعلمين أنه من المستحيل ان نكمل معًا منذ البداية "
فقالت متمسكة بحبلٍا من وهم
" لكنك .. لكنك تحبني ، قلت ذلك بنفسك "
ضحك بسخرية وقال
" انظري .. ما بيننا مجرد مُزاح ، لعب ، والآن اصبح فراغ ، وداعًا يا حلوة "
رحل وتركها وسط دوامة من الحيرة ، وهي من رسمت أحلام وردية كان هو البطل فيها .

قررت بدون تفكير وقالت أنها لا تستطيع العيش بدونه ، تمسكت ببشري لا يختلف عن أي بشري ..
اقنعت نفسها ان قلبها معه وتناست ان اغلى ما تملك هو انها لا تزال على قيد الحياة ، لا تزال هناك فرصة لإزالة خطاياها ، وضعت كل آمالها في عقدة صنعتها من حِبال قوية فأنهارت سريعًا ، عاشت وهو ترتكب الخطايا وماتت كافرة وقد نست أرحم الراحمين .
فردوس لم ولن تكون الوحيدة التي تسير في هذا الدرب ..
علموا اولادكم أولًا ان الحب لا يحدث من نظرة بين الطرفين ، علموهم ان الحب لا يتزين بالأحمر ، وان الأسود هو رِداء الحب ، علموهم عن دينهم قبل تعليمهم ان الحب هو أساس الحياة ، ذكروهم بصفات ربهم وأنه لا نافع غيره واننا من في حاجة إليه وليس هو من في حاجة إلينا
علموهم ان الحب لا يكفي ابدًا ..
علموهم حتى لا يعلموا غيرهم عادات خاطئة .
*********************************

اتمنى ان تكون الرسالة قد وصلت .

كتاب عادات دفنها الزمن حيث تعيش القصص. اكتشف الآن