يراك تعصيه فيصيب قلبك بالندم ثم يلهمك الأستغفار فيغفر لك ثم يرضي عنك فيبدل سيئاتك حسنات .**************************** حلمٌ كان بعيدًا فأقترب ، شممت رائحته فعزفت دقات قلبي سيمفونية السعادة بعد ان هجرته لوقتٍ طويل ، رغم إني تذوقت حلاوته وعشت تفاصيل مستحيلة لكني لم اكتفي ، أريد ان اجرب مرة اخرى بعد .
" لقد قُبلت اوراقك وسنبدأ الإجراءات بعد اسبوعين "
قالتها لي الموظفة ، لا أصدق لقد قبلوني رغم سني ، يجب ان اخبر زوجتي سريعًا .. اين هاتفي ؟ لا لا من الأفضل ان أخبرها وجهًا لوجه ، ستسعد كثيرًا ." ماذا فعلت ؟"
قالتها الزوجة بتفتاجؤ ، تنفست بسرعة وقالت
" لماذا فعلت ذلك؟ اتريد تركِ وحيدة والرحيل بعيدًا ؟ تبًا للسفر الذي يتلبس رأسك بدون توقف .. "
قاطعها بغضب قائلًا
" ماذا تريديني ان افعل ؟! لدينا ثلاثة اطفال واحتياجاتهم لا تتوقف ، مرتبي بالكاد يكفينا والأسعار ترتفع ولا اعلم ماذا افعل .. قدمت للسفر للسعودية للعمل كمعلم لغة عربية ، سأعود بعد سنة سأكون قد جنيت أموال كثيرة "
انزلت رأسها للأسفل وسرعان ما سمع شهقاتها فضمها إليه وربت على رأسها فقالت بعدما شدت على عناقه
" انا خائفة ، ماذا إن لم تعد إلي ؟ ماذا إن أصابك مكروه وانت في بلد غريب ؟ ارجوك مصطفى لا ترحل اولادك بحاجة إليك .. انا بحاجة إليك "
همس ب: سأفكر فتركها وذهب لغرفته وفي داخل رأسه طاحونة تفكر في كل الإحتمالات .ماذا افعل ؟ يجب ان اكمل ما بدأته لكن لا يمكنني فأين الصواب ؟ ماذا إن كانت محقة ومن الأفضل ان لا اسافر لكن من جهة أخرى لا اريد ان يحتاج اطفالي شيئًا .. الظروف قاسية ورأسي تألمني ولم أجد الخيار المناسب ، إن سافرت سأجنى مال يكفينا لكن ماذا إذا حدث مكروه لهم وانا بعيد عن عائلتي ؟ ماذا افعل ؟ وماذا عن الأموال التي انفقتها من اجل اوراق قبولي ؟ يا ربي ايهما افعل الصح أم الأصح ؟ المفروض أم الواجب ؟ تبًا لحبي للسفر إنه كَالطاعون يستهلكني ببطئ مميت .
تراكمت الأسئلة داخله ولم يتحدث ، حوصر في دوامة ولم يطلب المساعدة ..
ظل صامدًا كَالجبال بدون ان يفصح عما بداخله فسقط بقوة ، توقف الأكسجين عن دخول رئتيه فشهق محاولًا التنفس متمسكًا بآخر خيوط الحياة ، هرعت زوجته إليه باكية ثم صرخت طالبةً المساعدة ، حمل الرجال جثمانه واتجهوا به للمشفى آملين ان يبقى على قيد الحياة ..
ازرقت شفتاه فأصطفت خطوط جهاز القلب ، لكن ..
كان للقدر مصير مختلف ، دخلت اخته غرفة الطوارئ بسرعة وقالت للمرضين الواقفين كالفزاعات في حقول الذرة
" اريد حقنة إدرينالين واكسجين بسرعة وجهاز إنعاش "
تحركوا منفزين ما قالته واثناء ذلك ضغطت هي على صدره لأنعاشه حتى احضروا الإدرينالين لكن سائل فحقنون به في وريده
" جاهز "
قالتها الممرضة فصعقوه بجهاز الإنعاش الكهربائي مرة ورا أخرى حتى سمعوا جهاز القلب يصدر انغام الحياة فتنفسوا براحة لكن عندما نقلوه للعناية المركزة توقف قلبه مرة اخرى ولحسن الحظ عاد مرة اخرى للحياة لكن عاجز عن التنفس بدون جهاز التنفس ." لا يوجد سبب لما حدث معك ، اعضائك سليمة تمامًا ولا يوجد اي سبب لمرضك المفاجئ لكن اظن ان السبب هو سبب نفسي "
قالها الطبيب للراقد على الفراش وزوجته الجالسة بجانبه ، ربتت على يده لعلها تخفف عنه، فهو من خاف المرض لدرجة الهوس .. هو من فعل كل العادات الصحية حتى يبتعد عن الأدوية والمستشفيات لكن للقدر كلمة اخرى فجعل ما لا يمكنه التوقف عن فعله سببًا لمرضه ، تفكيره المستمر وفي كل شيء .امضى اسبوعين في اكثر الأماكن وحشة ، بين انين المرضى وشهقات الموت وبكاء الألم والعجز ..
تحمل وتحمل فحمد ربه ، فقد مات مرتين و حصل على فرصة اخرى للحياة .خرج منها وهو يكاد لا يصدق ما حدث له ، لا يستطيع عقله ان يستوعب الأحداث رغم مرور الوقت ولو لم تكن عائلته تخبره بما حدث لظن أنه قد جُن ..
"ماذا كنت ستفعل لو حدث لك هذا وانت بعيد عني ؟"
قالتها زوجته له فأبتسم مجيبًا إياها
" الحمد لله على كل شيء "
وبعدما استعاد جزءً من صحته المسلوبة فاجأته زوجته بخبر ما كان ليتوقع حدوثه ..
دخلت المنزل راكضة تبحث عنه رغم صغر الشقة ، وما إن وقعت عيناها عليه قالت بسعادة بالغة
" لقد وجدت عملًا براتب ممتاز "
جعلها تردد ما قالته حتى يتأكد من أنه سمع ، ثم قالت له بأبتسامة
" أريت ؟ قلت لك اترك كل شيء بيد الرحمن وهو سيجلب الفرج عاجلًا أم آجلًا "
رد عليها بنفس الأبتسامة
" وكالعادة كنتِ محقة عزيزتي "****************************
القصة حقيقية وعشت تفاصيلها بنفسي لكن المغزى هو ان القدر قد يغير كل شيء في لحظة واحدة .
أنت تقرأ
كتاب عادات دفنها الزمن
Spiritualاعتاد على ذبح القرابين والعطف على المحتاجين والتبرع للعائلات وما إلى ذلك .. حج البيت الحرام اكثر من مرة ، يؤدي الصلاة في أوقاتها ، الجميع يشهد على خيراته الوفيرة .. لكن .. هل المظهر يكفي ؟ هل اصبحنا نحكم على الآخرين من لحيتهم وجلبابهم الأبيض ؟ أم...