٢- الخنجر

69 4 0
                                    



ساد الصمت عدة لحظات في القاعة الواسعة، وروكاي ينظر بشيءٍ من الشحوب لعيني الملك المتشككتين، وعينا العراف الساخرتين.. لقد أوقع به العراف.. فكيف حدث ذلك؟.. سمع آردوس يقطع الصمت متسائلاً بحيرة "ما معنى هذا يا مولاي؟.."

قال الملك وهو يتفحص ملامح روكاي الشاحب "الغدر.. العراف قد رأى غدراً في عيني معاونك الشاب.. أيعني هذا أنه ينوي الغدر بك، أو الأدهى، بي؟.. هل يحمل في قلبه حقداً على أسياده، أو على مملكة شيدان، ليغدر بنا؟.."

انتفض روكاي هاتفاً "هذا محالٌ يا مولاي.."

وحنى رأسه مضيفاً بانفعال "أنت وليّ نعمتي، وما كنت لأغدر بمن أكرمني ورفع قدري.. لست دنيئاً ولا كنت ابن رجلٍ دنئ.."

قال الملك بصرامة "إذن ما مغزى ما رآه العراف؟.. وأنت رأيته بالقدر ذاته ولاشك، فلمَ لمْ تبلغ آردوس بالأمر فوراً؟.."

رفع روكاي رأسه قائلاً "لأنها لم تكن رؤيا.. لقد أنكر العراف أنه رأى شيئاً، ولم يبدُ لي كاذباً وقتها.. فكيف لي أن أصدق حلماً رأيته؟.. وكيف لي أن أقلق راحة الأمير بأمرٍ تافهٍ كهذا؟.."

قال الملك بغضب "تافه؟.. وهل اتهامٌ مثل هذا تافهٌ برأيك؟.. أم أنك كنت ترجو أن يخفى هذا الأمر عني؟.. ألا أكتشف ما تخفيه في سريرتك؟.."

اتسعت عينا روكاي وهو يرى الشك واضحاً في عيني الملك.. لقد نجح العراف في تأليب الملك ضده، فكيف له أن ينفي هذه التهمة الآن؟.. تدخل آردوس في هذه اللحظة قائلاً "بالفعل، ما كنتُ لآبه لهذا الحلم لو أن روكاي قد أخبرني به.. أنا أثق بمعاوني ثقةً تامة، ولا أشك بأنه قد يخفي أي نوايا خبيثةً تجاهنا أو تجاه المملكة.. وأنت تعرفه حق المعرفة يا مولاي.. فلمَ الاستماع لمثل هذه الرؤى التي لا معنى لها؟.."

ضمّ الملك قبضتيه خلف ظهره قائلاً بصرامة "أنت تعرف أن تلك الرؤى تتحقق دائماً يا آردوس.. إنها لم تخطئ قط، فكيف لي أن أشك بها؟.."

ونظر تجاه روكاي الشاحب مضيفاً "ربما كان ذلك تحذيراً لي.. لآخذ احتياطاتي من شخصٍ يدخل قصري ويجول فيه دون أن يمنعه مانع.."

قال روكاي بإخلاص "مولاي.. أنا أقبل بأي قرارٍ تتخذه بشأني، وبشأن عملي في القصر.. لكني لا أرجو أن تحمل في نفسك شكاً تجاهي.. لن تجد من هو أكثر إخلاصاً مني في هوماي.. وأنا صادقٌ في ذلك.."

علق العراف بسماجة "لكن الرؤى لا تكذب.."

التفت إليه آرودس قائلاً بتقطيبة "من سمح لك بالتدخل في هذا الحديث؟.."

فرد العراف راحتيه قائلاً "أليست هذه هي الحقيقة؟.. أتفهم رغبتك بتبرئة معاونك الذي تعتمد عليه وتثق به.. لكن ذلك الغدر قد يكون موجهاً نحوك قبل أي شخصٍ آخر في القصر.. أتجد من الغريب أن نقلق على ولي عهد المملكة؟.."

الغدر في عينيكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن