رفعت نوري جسدها بالكاد لتصل للنافذة الصغيرة في الزنزانة، ونظرت عبرها دون أن ترى ما يتجاوز حدود القصر والحدائق المحيطة به.. لكن أصداء الاحتفال خارجاً كانت تصل لسمعها بوضوح، فاستدارت لكورر الذي جلس جانباً بصمت وقالت بقلق "هذا يوم الاحتفال دون شك.. أتظنهم سيقتلون روكاي اليوم؟.. لماذا أخذوه وحيداً وتركونا هنا؟.."
قال كورر "ربما كان هذا لحسن حظنا، هذا يدل أن الملك لم يطالب بإعدامنا نحن أيضاً.."
قالت نوري "لكن هذا لا يدل أن وضعنا سيكون أفضل.. ربما لا يهتم الملك لأمرنا، وقد ينسانا بعد بضعة أيام.. فهل سنبقى حبيسين هذه الزنزانة أبد الدهر؟.."
لم يعلق كورر فهو لا يملك جواباً لهذه السؤال، فاستطردت نوري بقلقٍ أشد "أتظن أن أمي الآن مع يوري؟.. أم أنهم انتووا لها أمراً آخر؟.. كيف يبقوننا هنا دون أن يجيب أحدٌ تساؤلاتنا أو يستجيب لنا؟.."
قال كورر بشيءٍ من الضيق "كفي عن الأسئلة التي لا تنتهي يا نوري.. أنتِ توتّرين أعصابي فوق ما هي عليه.."
غمغمت نوري وهي تجلس جانباً "لكني قلقةٌ ولا أكاد أهدأ لشدة ما يجول بذهني من أفكار.."
زفر كورر صامتاً وهو يسمع أصوات الغناء والعزف الذي يصله بخفوت.. المدينة كلها تحتفل، ولن يعبأ شخصٌ لما قد يجري لروكاي هذا اليوم، أو ما قد يجري له ولابنته دون ذنب.. مضت ساعةٌ أو أكثر منذ أخذ الحرس روكاي وتركوهما في السجن، فهل قتلوه بالفعل؟.. وما الذي جرى لسيماج التي لم تعد إليهم منذ أخذها الأمير معه؟.. هل سيتحدد مصيره ومصير نوري اليوم أم أنه سيعيش وسط هذه الهواجس لأيامٍ وأسابيع تالية؟..
قاطعت نوري أفكاره وهي تجلس أمامه قائلة "أبي.. علينا أن نتصرف ولا ننتظر مصيرنا بيد هؤلاء الحرس.."
سألها "وما الذي يمكننا فعله؟.."
قالت باهتمام "فلنستغلّ احتفالات اليوم والفوضى خارجاً للهرب.. سأتظاهر بالمرض والألم، وفور أن يأتي الحرس لرؤية ما حلّ بي سنتخلص منهم ونهرب لنندسّ بين البشر خارجاً.."
قال كورر بهزء "خطةٌ لا بأس بها، لو كان الحرس يعبؤون لأمرك فعلاً.. ألا تظنين أنهم قد يتجاهلون ما يجري لك؟.. الأمير لم يطالبهم بالحفاظ على حياتنا.."
قالت باعتراض "لكن لا يجب أن نيأس قبل أن نجرب.. سأجذب انتباههم وأنت عليك الخلاص منهم.. اتفقنا؟.."
فوجئت بضربةٍ أصابت باب الزنزانة والحارس خارجاً يقول باستياء "كفي عن هذا التذمر، وإىاك والقيام بأي محاولاتٍ حمقاء.."
ثم دمدم بصوتٍ مسموع "يكفي أننا عاجزون عن حضور الاحتفالات لحراسة أمثالكم.. وفوق هذا أنا مجبرٌ على سماع تذمراتك التي لا تنتهي.."
أنت تقرأ
الغدر في عينيك
Fantasía"أرى الغدر في عينيك" أقضّت هذه الجملة مضجع روكاي وأسهدته.. ما معناها؟.. ولمَ قيلت له هو بالذات؟.. ومن القائل؟ من الذي تسلل لأحلامه ليخبره بأمرٍ لا يراه هو في نفسه؟ أكان ذلك حلماً، أم كابوساً، أم مجرد رؤيا؟