بدت حياتها أمامها كندف ثلجية تجمعت لتكون جبل من الثلوج العائمة اعتلته مرغمة وطوحت به الرياح على أمواج متلاطمة شكلت منحنيات عمرها الصغير فتكالبت عليها حوادث شكلت ندوب غائرة بقلبها, فقدت معها كل أحلامها الوردية... وئدتها بنهر العاصي هناك مع كل ما هو قديم, نظرت حولها الليلة هى ليلة الحب صيغت لتكون كل أنثى بقمة السعادة عندما يجثو أمامها نصفها الآخر تالياً كل اعترافاته بحبها.
صارت تدور وهى تفكر بجو فندق دانييلي الأثري بأيقوناته الجدارية وأعمدته الفريدة ودرجاته الرخامية الرائعة بألوانها ما بين الأبيض والوردي, تنهدت لهذا المناخ الجالب للحب بل الداعي للعشق طوال الحياة لبذل الروح كل الغرام, إن الحب مرسوم على أوراق الأشجار, والعشق نقش بحفاوة على الجدران حتى ريش الطيور, وحبات المطر كلها تعمل كدافع للحب والحميمية, فالليلة يتوجب عليها خدمة رواد القاعة الكبرى إنهم علية القوم ومجموعات فخمة متخمة, سوف يساعدها ما تجمعه اليوم على الاستقرار بحياتها خارج البارات والحانات القذرة - مهما كانت فخمة تبقى قذرة - تريد أن تبتعد... أن تطير من هنا, لقد تعبت من إبعاد السكارى عنها, أيديهم القذرة تتخذ طريقها لجسدها الناعم, وكم غضبت وكم صرخت ولكنها بالآخر لابد لها ان ترضخ للأمر حتى لا تصرف عن العمل إذا غضب أحدهم منها وقدم شكوى فسوف تصرف من العمل, فصار المفترض أن تتقبل تحرشاتهم بإبتسامة رضا, تأففت من الوضع المقزز وتذكرت سعادتها السخيفة حين استطاعت الفرار من الحانات السيئة عندما مات أبيها منذ عامين لتلتحق بالملهى الليلي للفندق العتيق الفخم حينما اشتراه سيماف, وقتها عرض عليها العمل وكم فرحت بالعرض المغرى, تركت بلدتها وجمعت كل ما تملك بحقيبة صغيرة وآمالها العظيمة اجتاحتها, سوف تنجح حتما!! سوف تدخر وتعود بصورة مشرفة رأسها يعلو بكل كبرياء تحدته داخلها وتحدت رفضه لها... بل التحدي الأكبر كان لذاتها... لقلبها!! كان لابد لها أن تبتعد حتى لا تتوسله الحب... تبتعد حتى تواري عارها بسذاجتها اللامتناهية معه, انتقلت للفندق الفخم داخل أحد ملاهيه تدور بين الموائد كما السابق تحمل الكؤوس وتمنح الخمور طعم الجمال حين تصبها بأناملها الرقيقة مع ابتسامة تمثل حد السحرمن ثغرها الزاهي, ولكنها ذات القذارة سخرت وقتها من ذاتها رحلت للرقي ولكن القذارة داخل كل نفس ذكورية, ليس للمكان تأثير إنما هي أشد وطأة عندما تجرى القذارة أسفل الملابس التي تتيه بالزيف,آه يا جيندا... متى تخرجين من بئر الأوحال الذي أراد أبيكِ أن تغرقي فيه منذ باع لسيماف حق بقاءك معه بزجاجة خمر؟؟ تذكرت كلمة أبيها التى دأب على تكرارها "خلقنا من الخمر وإليها نعود" همست داخلها: نعم خلق هو للخمر فقط... بل ظلت رفيقته لآخر ثانية بحياته حتى قتلته زجاجة خمر عندما تخيل وجودها عبر الطريق وعبر مترنحاً لينالها, كانت شاهدة على هرولته وهو يشير للجهة الأخري للطريق "هناك زجاجة نبيذ من الحجم الكبير هناك... انظري" نظرت للبعيد ولم تجد شيئاً, لم تجد سوى سيارة تقطع الطريق لم يمهلها الوقت لتحذيره بل لم يسعفها صوتها الذي حبس كمقيد بأصفاد صدئة, ربما لم ترد تحذيره!! داخلها استيقظ... إدراك أنها تمنت موته مرات عديدة وها هو أمامها يقطع الطريق بسرعة خاطفة, فصدمته السيارة التي نبت أمامها كشجرة شيطانية كسرتها ريح هوجاء فاجتثتها من جذورها ثم تلقي بها على جانب الطريق فجأة, لتقتلعه من فوق الأرض فتطوحه لأعلى وعاد هابطا تحت دواليب السيارة التالية المارة بالطريق... ميتة بشعة كان يستحقها, لم ينل شفقتها فدوما كان السبب في ما تعانيه, حتى إنها لم تذرف دمعة واحدة وجدتها التي هي أمه لم ينل شفقة قلبها الحاني بل رددت "أراح واستراح!!"
أنت تقرأ
قدري أحبك [سلسلة لا تعشقي أسمراً]
Romanceقدري أحبك الحلقة رقم 1 من سلسلة لا تعشقي اسمراً الملخص الحب كما قالوا أقدار.. فهل قدرها ان تهيم به حتى وان نبذها ..انكرها ..هل كتب عليها حبه كقدر لا مناص منه .. رغم ان ورقة حظ ثائرة بين اناملها صرخت بها محذرة "لا تعشقي أسمراً"فلم تنل سوى سخريتها...