الفصل الرابع

408 12 0
                                    


جالساً تحت الضوء الشاحب أمامه زجاجة نبيذ, له أربع سنوات لم تمس شفتيه زجاجة خمر, بعد عام من العذاب المقيم يعاني من أثر انسحاب المشروب من دمه, يشعر بالضغط الواقع عليه من الماضي يهمس لزجاجة الخمر: إن كنتِ سببا في ضياع آدميتي, فهل لو تجرعتكِ تعيديها إلي حتى أكفر عن كل ذنوبي تجاهها؟؟؟

ضرب رأسه المتضارب الأفكار بكفيه وهو يتأوه ومليون سؤال يهرول بعقله كفرس يجري بسباق للخيول بالحواجز, فمع كل قفزة ينحني اتجاه تفكيره... هل فعلا اعتدى على امرأة؟؟ وتكون إجابتها نعم, فكل الدلائل تشير لذلك فهناك ثوب ممزق بوحشية, رفع الثوب يمرغ فيه وجهه بعذاب هامساً بتضرع علّ الثوب يجيبه أو ينسج بمخيلته صورة كاملة عن تلك الليلة المقيتة, قذفه داخل صدره ومد يده ليتخلص من عذابه لليلة واحدة فقط... قبض على الزجاجة المنتصبة بتحد لقدراته وكأنها تنئاه عن موقفه الرافض جازمة أنها ستهزمه حتماً ورفعها يوجهها لفمه... شهقت جيندا خلف الستائر وهمست: لا سيماف... لا تفعلها ثانية!!

وكأنه سمع صلواتها الصامتة عاد ينزل الزجاجة أمامه ويعقد ذراعيه أمام صدره بقوة, يمسد كفيه تحت إبطيه حتى لا تخوناه وتمسكان بسبب عذابه: رباه... رباه!!

توسلاته الخافتة تتمسك بتلابيب الضعف تعتصر منه إكسير القوة التي يحتاج إليها, لم تتحرك لتقف بجواره ككل مرة, داخلها يقين أن هذه المرحلة لابد وأن يكون فيها وحده... أن يستجلب القوة من داخله فإن ضعف لن تكون معه أبداً, كفاها تضحية من أجل الجميع... تريد أن تفر من المكان للمكان... تغير الوطن بآخر وتكون هي وحدها محور اهتماماتها!!

عاد يقبض على أصابعه التي أفلتت من قيدها الإبطي, وداهمته باقتراب ملح للزجاجة, فقبض أصابعه مرات وبين كر وفر من أصابعه الملحاحة استطاع أن يجاهد همس شياطين الأرض في أوامر عقله النابضة المتحكمة بإرادته ودفع الزجاجة الكبيرة بقدمه فسقطت معلنة مصرعها...

وضع رأسه بين كفيه وأخذ ينشج بصوت مرتفع يأن بتقطع ملتاع, وجد رأسه ترتاح أسفل صدرها وكفاها تلتفان حول رأسه وصوتها المشجع يخط طريقه من جديد: عليك العودة سيماف حيث البداية... فلتسافر لأزمير وافتح شقتك التي أغلقتها منذ ذاك اليوم قد تجدها بالجوار... قد تعود حتى لتنشب أظافرها بوجهك الوسيم هذا فتشوهه ولكنك ستجدها حتماً وقتها!!

همس برجاء مكتوم: هل تعودين معي؟؟

ابتعدت خطوة للخلف وهي تضم يديها حول جسدها بتردد فاضح لمشاعرها بينما لسانها يرفض بقوة: لا لن أعود لهناك!!

سألها بتمني أن تجيبه بنعم: لماذا؟؟ ألأنه هنا!!

ابتسمت ببؤس ومالت زاوية شفتيها بسخرية: إنه هنا لعمله وليس من أجلي لذا أنا هنا من أجل عملي وسوف أغير مصيري قريبا!!

قدري أحبك [سلسلة لا تعشقي أسمراً]حيث تعيش القصص. اكتشف الآن