دخلتُ الى السياره وكنت ابكي واشهق واحاول التهدئه من نفسي ومن اختي وابن اخي ؛ كل من في السياره كان خائفا ؛ وكانت الطريق شاحبه ذات وجهٍ بائس ؛ وشعرتُ بحاجه شديده الى امي ...
شاخت روحي واشتعلت شيبا وانا ابنة العشر سنوات ؛ لم افهم ماذا يريدون ؟!
ولم ينظرون الى اياد بهذه الطريقه على الرغم انه معهم ؟!
لم افهم ماذا لديه اياد ولِمَ اعينهم تود قتله عاجلا غير اجل !لكن تذكرتُ مقولة ابي : في نهاية كل طريق تتربع حقيقه !
الطريق في بدايتها وقلبي يخفق ويبدو ان ابن اخي جائعا وليس لدي ما اطعمه !
لم ارى كقسوة اياد ولم اراه ذليلاً مثلما رأيته اليوم ؛ لقد كان كالكلب الذي يتملق لصاحب العظمه !
اياد : كل شيء على ما يرام وسنخرج من هنا ناجين بإذن الله .
عبد الزهره : يا اياد هل كل شيء جاهز معك ؟
اياد: اكيد...اكيد... كل شيء معي ومتى ما وصلنا سأعطي السيد ما اراد!
سجاد : كم تبقى للخروج من الفلوجه ؟
اياد : حوالي ٣ ساعات لان الطريق القريبه غير آمنه فسنضطر للذهاب بطريق ابعد!
عبد الزهره : هؤلاء الاطفال ازعجني بكائهم واخشى ان يسمعه احد !
سجاد : اقتلهم؟
اياد : كلا بالطبع ؛ هؤلاء ورقه رابحه !
عبد الزهره : ضعهم بالصندوق الخلفي وحاول ان تكتم الصوت بأي وسيله !
اياد : هؤلاء مجرد اطفال يا عبد ؛ كفى !
عبد الزهره (ناظرا الى اياد بغرابه): منذ متى تخالف ما اقول ؟!
نزل سجاد من السياره وكنت ابكي واصرخ واختي وابن اخي مثلي بإنتحابهم ؛ ولم يكن لي الا ان اذكر الله صارخه بأعلى صوتي ؛ آمله بأن سيسمعني احد ... ولكن المنطقه مقطوعه ونائيه وشبه صحراويه !
قيدنا واغلق افوهانا ؛ ما عدا ابن اخي ؛ لقد اخذه اياد بيديه وتركني انا واختي في صندوق السياره الخلفي دون ان يرف له جفن او يذكر بعض اللحظات بينه وبين اهلي واخوتي ؛ خان الدين والقرابه وحق الجار الذي بيننا ؛ واغمضت عيني وبدأت اتخذ انفاس عميقه املا بالحياة والثأر لدين الله ؛ كانت الرصاصات الثلاث في جيبي دائما وكنت ارى إنني يوما ما سأنخر بهن رؤوس ثلاث من اعداء الله ؛ كنت اعلم بإني لا ازال صغيره لذلك كنت انتظر واتشلبذ بالحياة فمن استعجل الغايه فاتته ؛ ومن صبر ظفر ؛ ومن تأنى انتصر ....
هدأ روعي وبدأت بالتذكر ولكأن الصور والذكريات تعيد الى القلب ديمومة الحياة ؛ ولكأن الذاكره هي المُسعف الوحيد للحنين ؛ الحنين الذي بلغ اعلى ما قد يبلغ ؛ واحترت لمن احن ... الى امي ام ابي ام اخوتي الثلاث ... ام دنيا التي رحلت توا وصارت جثه دون وداع ... هنيئا لها ... هنيئا لها يارب وعونا لي ...
تذكرتُ حين ودعتْ امي خالي (يوسف) وقد كان يرتدي لباساً لم اكن اعرف ما هو ...!
بكت امي على صدره ؛ فَقَبَل رأسها وانشد : سلكتُ طريقي ولا لن احيد .... عزمت المسير بعزم الحديدفردت : إني لا اعيق جهادك ؛ لكن والله قلبي يعتصر لقرب فراقك .
تبسم قائلا : سنلتقي عند الله فرحين بما آتانا ربنا .
قالت : إني لن انساك ابدا .
ترقرقت عيناه وبرقت قائلا : وانا كذلك ؛ وارجو ان اكون شهيدا شافعا لاهله ؛ وقد عجلت الى ربي ليرضى وإني لن اتأخر عن دحر الامريكان وتفخيخهم واذاقتهم الويلات .
تبسمت قائله : فزتَ وربِ الكعبه !
لقد كان خبر هذا التفجير احد اولى بشائر النصر في ولاية الرمادي وقد احدث فجوه في صفوف اعداء الله ؛ ومن هذا التفجير توالت العمليات حتى جاء نصر الله وسيطرت الدوله الاسلاميه على ولاية الرمادي .
فرحت امي فرحا عظيما بالفتح ؛ واخذها اخي عمر الى الرمادي وذهبتُ انا معهم ؛ ورأيتُها تنظر الى الشوارع وتستنشق هواها ثم تتبسم قائله : هنا استشهد اخي ... من هنا رجعت روحه الى بارئِها ... هنا تناثر دمه لاعلاء راية التوحيد ...عمر :لقد كان حزامه الناسف ناسفا لعباد الصليب بمعنى الكلمه وقد تعمد بذكاءه ان يباغتهم ... تقبله الله في الفردوس ؛ نحسبه والله حسيبه.
قطع تذكري صوت النقاش الذي دار وقد سمعت من بعده صوت رصاصه؛ كان ذلك بعد مرور ما يقارب الساعتين ...
عبد الزهره : اعطني الحقيبه يا اياد !
اياد : لقد وعدني السيد بعطاء جزيل مقابل هذه الحقيبه وانا لن اخسر تعبي !
سجاد : يا اياد سنقتلك ؛ فلن ينجو منكم احد !
اياد : انا لست داعشي!
كرار: ونحن لا نقصد الدواعش فقط بل السنه اجمعين!
اياد : لقد فعلت ذلك لخدمة الوطن ولقاء هديه من سيدكم فلماذا تنقضون العهد !؟
عبد الزهره : لا عهد بيننا وبين النواصب الوهابيه !
كرار : اقتله يا سجاد ولننتهي ؛ نحن بالقرب من بغداد الان !
ثم صوت رصاصه لخائنٍ لم يفِ معه من خان لاجلهم فخانوه ؛ خائنٍ ظن إن الامر هين ولكنه عند الله عظيم ؛ خائنٍ اوقع ثلاث اطفال ضحيه بين ايدي أُناس كالمغول التتار ؛ خان الدين والارض وقُتلتْ اخته بسببه وخان جيرانه وارضه واقرباءه ؛ وخان صديقه وزوج اخته (عمر) ؛ ثم ذهب الى الجحيم بإذن الله ...
ستنتهي الطريق عما قريب وسأعلم ماذا يحدث؟! وماذا في الصندوق ! ؛ وكنت ادعو الله في كل لحظه ان يلطف بي وبأختي وابن اخي ....
يتبع ...
![](https://img.wattpad.com/cover/220474152-288-k701397.jpg)
أنت تقرأ
ما بَعْدَ القَصفْ
Randomفلوجية الاصل ؛اسمي ( حياة ) سيكون عمري ١١ عام بعد اسبوع ان شاء الله ... اروي لكم حكايتي املاً بأن تصحوا من غفلتكم. يا من نمتم كثيرا حين كانت عيني لا تغفو .. يا من ضحكتم كثيرا حين حفرت الدموع وجنتي.. اقدم لكم قصتي لعلكم لي تصغون . #قصه_حقيقيه تم تغ...