١١ سنه إلا يوم

42 1 0
                                    

الساعه ٧:٤٥ صباحاً

نمتُ نومه عميقه بسبب المهدئات ومسكنات الالم ؛ ورأيتُ امي في المنام وكانت تحتضنني بقوه ثم اختفت ؛ وكنت كظمآن في صحراءِ نجد ، يُخيل الهِ السرابُ ماء...!
قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا عنه..... فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا؟!
ثم تخيلتُ موت ابن اخي الذي لم يراهُ عمر إلا مره واحده !
حتى إنه لم يسميهِ بعد ! واعتصر فؤادي على اختي الصغيره !
هل قتلهم عبد الزهره فعلا !
هل من المعقول ان يقتل المرء رضيعا عمره ايام ؟
كيف سيكون قلب عمر إن عرف بذلك !
ثم جاءني الرد من اعماقي وخُيَّلَ الي إن عمر سيذكر قول رسول الله ﷺ : إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد.

فكيف بمن ولده قُتل على يد اعداء الله ؟!

ثم عزمت امري وارتأيتُ أن أحاول النجاة ...

د.عائشه: كيف حالك اليوم حبيبتي ؟ ؛ ما رأيك ان نتعاون لاخراجك من هذا الحزن ؛ اعلم ان العيش في ظل داعش كارثي ولكن انظري للجانب المشرق ؛ انتِ بأمان ! اخبرني الدكتور حمزه انكِ تعانين من مشكله بالتحدث بسبب الحاله النفسيه ؛ لكني اعلم انك قويه (ثم تبسمت الدكتوره قائله ) نحن بنات الدليم صبرنا على الكثير وسنصبر على الاكثر

حياة ( همستُ لها واشرت لها أن لا تكشف امر كلامي وقلت لها وكأنني غارقه وقد تمسكت بحبل النجاة) : انتِ من الانبار يا دكتوره ؟

د.عائشه(بتفاجئ بموقفي): نعم حبيبتي ؛ اصلي من الانبار لكني ولدتُ في بغداد وعشتُ هنا ، ما بك بُنيتي تحدثي؟!

اخبرتها بالامر كاملا وبصوره سريعه منذ بداية خروجي من الانبار والى هذه اللحظه ...
ثم صمتتْ الدكتوره لعدة ثواني محاوله الى ان تستوعب ما يجري!

وفي هذه الاثناء ...

دخل عبد الزهره ومعه سجاد وكرار ؛ فأرتجفت وبكيت !

عبد الزهره: صباح الخير دكتوره ، طمأنيني على حالة ابنتي حياة ؟!

د.عائشه : بخير يا سيد ؛ ولكنها تحتاج الى عمليه فوراً ؛ لقد تبين ذلك من خلال الفحوصات...

ثم اشارت الدكتوره للممرضين بتجهيز صالة العمليات ...
كانت المستشفى تعج بالمليشيات الشيعيه بسبب وجود عبد الزهره فقد كانت حاشيته تتجاوز ال ٢٠ مسلحا !
دخلتُ الى غرفة العمليات واتصلتْ الدكتوره بإبنها علي قائله له بإن يأتي للمستشفى حالاً ومعه حقيبة سفر!

غادر عبد الزهره المستشفى بعد ساعه ؛ ودخلتُ الى الحقيبه واخرجني علي من المستشفى للتخلص من خطر الكاميرات !

اخذني علي الى ديالى حيث خالته (حبيبه) وخرجت من بغداد تاركه المصير المجهول لاختي وابن اخي ؛ فلا اعلم هل هم فوق الارض ام تحتها !

واثناء الطريق سألني علي عن ما حدث فأخبرته ثم اردف يسأل عن الدوله الاسلاميه ويتعمق في اسألته عنها   :

علي : اذن هل داعش فعلا مجاهدين يا حياة ؛ اخبريني عنهم ؟

حياة : نعم ؛ كان اخوتي وجيراني من ارحم الناس ببعضهم ؛ يتقاسمون البلاء فيهون ويضمحل ويتقاسمون النِعم فتربو وتزداد وتَعِم على فقيرهم وغنيهم ؛ صغيرهم وكبيرهم .

علي: ماذا علموك هناك ؟

حياة : علموني العقيده وحفظتُ من القرآن ٣ اجزاء وحفظت بعض الاحاديث .

علي: هل لهم قبيله او جنسيه معينه ؟

حياة :  الجميع هناك واحد يا علي .

علي : اتعلمين يا حياة ؛ دعوت الله البارحه ولححتُ في دعائي حتى ابتلت لحيتي هذه ؛ رجوته أن يُبين لي الصواب ؛ فسبحانه سميع الدعاء .

حياة : الله اكبر ...

علي : بعد اسبوع سأتخرج من كلية الطب البشري ؛ ولن اخدم بعلمي الا جرحى المجاهدين ولن تحمل يدي السلاح إلا على اعداء الله ؛ وسآتي برأس عبد الزهره اليكِ ؛ هذا وعد !

حياة ( اخرجتُ الرصاصات الثلاث من جيبي وكنت عندما اشتاق لاخوتي او اذكرهم ؛ أُخرج هذه الرصاصات فأنظر اليها واتذكر مواقفهم) : ذكرتني بأخي وهو يعدني بأن يأتيني برأس قاتل ابي ؛ ربما جاء به ولم يجدني !

علي : ما قصة هذه الرصاصات ؟

حياة : هذه ذكرى من اخوتي ؛ عمر وعمار وعامر ؛ لم يبقَ لي من اثرهم إلا هذه الرصاصات !

علي : ستنتصر الدوله ؛ لان الحق دائما منصور .

حياة : نسأل الله ان يكون عاجلا غير آجل .

علي : لقد وصلنا الى بيت خالتي حبيبه ؛ سأترككِ عندها ؛ ستحبينها كثيراً وستُسعد هي بصحبتكِ .

حياة: جزاكَ الله خيراً وجزاها .

نزلتُ من السياره فأستقبلتني الخاله حبيبه :

حبيبه (محتضنه اياي وقائله): يا مرحبا واهلا بأبنتي الثالثه ؛ انتِ بطله وستزهر ايامكِ ؛ كوني واثقه بالله ...
فالغصنُ يُنبتُ غصنًا حين نَقطعه
‏والليلُ يُنجبُ صبحًا حين يَكتملُ
‏سَتمطر الأرضُ يَومًا  رغم شِحّتِها
‏ومِن بطونِ المآسي يُولَدُ الأمل

علمتُ إنها احبتني فالكلام حينما ينبع من القلب ؛ فسيصب في القلب ؛ وكأنه نهراً من حنين ...

ثم اردفتْ قائله : لابد إنكِ متعبه يا عزيزتي ؛ فالنصلي العصر ثم تتغدي وتنامي ...

لم اجب بأي كلمه غير أني قمتُ فأحتضنتها وانتحبتُ واغرقتُ كتفها بكاءً !

وانتهى هذا اليوم بقوة الله .... ولم تغب فرح عن بالي لحظه ... كيف حالكِ يا ترى!

صليتُ الوتر وكان جُلَّ دعائي للدكتوره عائشه بأن يكتب الله لها خير منزله !

فصحوت وكانت فعلاً في خير مقامٍ احسبها والله حسيبها ولا ازكي على الله احداً ...

يتبع ....

ما بَعْدَ القَصفْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن