١١ سنه إلا يومين

38 1 0
                                    

الساعه ١ ونصف ظهراً

كانت المستشفى في حركه دؤوبه واصوات الناس تتداخل مع بكاء بعضهم وفرح بعضهم ؛ كانت الارواح تصعد وتنزل ؛ فذاك اوشك ان يموت فبث الله فيه عمراً وذاك فارق الحياة تاركاً خلفه كل ما يملك ، لم يخرج احد من هذه الدنيا حي !!
فلماذا الكذب والبهتان والمعاصي وقتل النفس البريئه والظلم والطغيان؟!
لماذا يَظْلِم الانسان؟
الكل سيترك كل شيء عاجلا ام آجل فَلِمَ لا تكون حياة الجميع في سبيل رب الحياة والموت ؟

وخطرت على بالي ابيات الشعر التي ذكرها عمر الفاروق رضي الله عنه:
لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الإله ويفنى المال والولد
لم تغن عن هرمزٍ يوماً خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان إذ تجري الرياح له ... والإنس والجن فيما بينها ترد
أين الملوك التي كانت نوافلها ... من كل أوبٍ إليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذبٍ ... لابد من ورده يوماً كما وردوا

ثم ....

دخل قومٌ حاملين معهم اداة تصوير ومايكرفون واحدثوا ضجه في المستشفى فسلم بعض الاطباء عليهم ويبدو إن المذيع شخص مشهور هنا !
وكان يُنادى بالسيد ابو حسين.

اتجهوا نحوي ومن عادتي ان انتبه على ادق التفاصيل من حولي ، فلاحظت إن مايكرفونهم يحمل اسم (قناة العهد) ، والمذيع يرتدي اسوار من قماش اخضر لا يحمل اي قيمه جميله او باهره ... 

ابو حسين : اهلا وسهلا بمشاهدين قناة العهد الفضائيه ، معنا اليوم احد الناجين من بطش داعش الارهابي ، طفله اسمها حياة وقد كُتبت لها حياة ،تبلغ من العمر عشر سنوات قد استخدمها التنظيم لتفريغ وحشيتهِ من ضرب وتعذيب وحتى اجبار على الزواج في هذا السن الصغير ، ثم اشرقت الشمس في حياةِ حياةَ، حيثُ استطاع السيد عبد الزهره ،  قائد في عصائب اهل الحق البطله ، بالدخول الى معقل تنظيم داعش في الفلوجه بعمليه استثنائيه وشجاعه وحصل على حقيبة معلومات استخباراتيه ذات اهميه بالغه في الوضع الراهن ونعتقد إن تحرير الفلوجه صار قريبا بفضل الله والحُسين عليه السلام ثم بفضل السيد عبد الزهره، ثم التقى بثلاث اطفال يتم تعذيبهم في المقر الداعشي بتهم واهيه ... ولم يكن للسيد إلا أن يأخذهم في مبادره انسانيه تستحق الثناء على مر التأريخ ؛ حيث تتفتت كل الطائفيه امام الموقف الانساني النبيل . والآن سنستمع الى حياة في ما حدث واوجه تسائلي الاول حول : بماذا شعرتِ حين وصلتي الى بر الامان في بغداد ؟

كنت استمع الى هذا الكاذب الذي سبق مسيلمه الكذاب بأطوار ومراحل ؛ علمتُ حينها إن حتى الكذب يتطور على مر العصور !
ودُهشت من طريقتهم في تصوير الامور وكيف يحوكوا هذا في نسج خيالهم لتشويه صورة اخوتي وجيراني ؛ وعجزتُ عن الحديث فماذا سيكون موقفي امام الله وانا أُضلُ هذا الجمع الغفير الذي يجلس مُسَلِماً عقله لقناة جاحده بالحق !
كان السكوت يعني موت فرح وابن اخي ؛ والكلام يعني موت ضميري !
ولا ادري هل سيتقبل الله مني توبه إن اضللتُ وضللت وسكتُ عن الحق ؟!
فأخترتُ أن اصمت الى الابد !!
وأَفهَمتُ المذيع بأني اريد الكلام لكن صوتي مكتوم لسبب اجهله !
نادى ابو حسين الطبيب ليفهم ما الامر ..

ما بَعْدَ القَصفْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن