القصه العشرون

3.8K 168 23
                                    

القصه العشرون من يوميات مجنونه بقلمى ساره مجدى

كانت تجلس فوق سريرها بغرفتها تبكى بصوت مكتوم حتى لا يستمع احد اليها فمنذ ذلك اليوم الذى كتبت بيدها كلمه النهايه لحلمها وهى تبكى يوميًا حلمها الذى اصبح ذكرى ..... أغمضت عينيها تتذكر حلمها الكبير الذى حلمت به منذ دلفت الى المدرسه ان تصبح طبيبه ...... الطبيبه فله محمد الحسيني
فتحت عيونها وهى تفكر ماذا عليها ان تفعل فاخيها سيصبح أب و على كتفيه مسؤليات كبيره ذلك البيت بكل التزامته وزوجته وطفله القادم و خاصه بعد رفضه التام لعمل والدتهم بقلمى ساره مجدى
انزلت قدميها الى الارض و أخذت حجابها من فوق الكرسى ووضعته فوق خصلات شعرها وخرجت لتقف فى الشرفة تنظر الى البيوت المتراصة بجانب بعضها والشارع الضيق المليىء بالمحلات البسيطه والقهوة الشعبية ظلت عيونها تتجول على كل مكان وهى تفكر فى حل بديل هى لن تستطيع ان تدرس اى شىء بعيد عن مجال الطب وإذا لم تستطع دخول كليه الطب فمعهد التمريض هو الحل

مر أسبوعان وكانت تجلس هى و والدتها وأخيها وماسه ليقول عابد بهدوء بعد ان اخرج رزمه ماليه ومد يده بها اليها
- اتفضلى يا ست فله عايزك بقا تشترى لبس جديد وكل الى انت محتاجاه
ظلت فله تنظر الى المال باندهاش لتقول سوسن
- يا ابنى الفلوس دى كتير انا اصلا فصلتلها هدوم كتير
ليظل عابد ينظر الى اخته وقال
- الفلوس دى بتاعه فله تجيب بيها الى هى محتاجاه و كمان ليها زيهم على معاد دخول الجامعة
تجمعت الدموع فى عيون فله لتركض الى اخيها وتضمه بقوه وقالت
- ربنا ما يحرمنى منك ابدا يا ابيه
ليربت على ظهرها وهو يقول
- انت بنتى مش اختى بس ومش عايزك تعملى حاجه تانى لوحدك كل حاجه بتفكرى فيها شاركينى معاكى .... ماشى
هزت راسها بنعم وهى تبتسم ابتسامه صغيره
كانت ماسه تتابع ما يحدث وهى تدعوا الله ان يديم محبتهم وقربهم فهى حرمت من ان يكون لها اخ كعابد سند وحمايه وصديق متفهم أخذت نفس عميق وهى تنهض من جانب سوسن ودخلت الى غرفتها تسمح لعيونها ان ترتاح من تلك الدموع التى تحرق عينيها
دلف عابد الى الغرفه بعد ان طال مكوس ماسه فيها ليجدها نائمه اقترب منها حتى يطمئن عليها ليقطب جبينه وهو يجد الدموع تغرق وجهها ومن وقت لآخر تخرج منها شهقه من اثر البكاء ظل واقف يشعر بالحيره ماذا حدث لتحزن الى تلك الدرجه وكيف لم يشعر بها وقت تركتهم بالخارج بقلمى ساره مجدى
خرج من الغرفه وهو يشعر بالضيق ليجد فله جالسه على الأريكة الكبيره وبين يدها صحن كبير مليء بالبوشار جلس بجانبها بصمت لتنظر اليه وقالت
- مالك يا ابيه مضايق ليه كده ما احنى كنا كويسين من شويه وبعدين فين ماسه
نظر الى اخته الصغيره وقال بحيره
- ماسه نايمه
لتقطب جبينها اكثر وهى تقول
- وانت مضايق علشان هى نايمه
هز راسه بلا ثم اعتدل ينظر الى اخته وقال
- فله احنى من شويه كنا بنهزر وبنضحك صح ؟
لتهز راسها بنعم ليكمل
- طيب ايه فى كده يضايق ماسه ؟
- يضايق ماسه ! انا مش فاهمه حاجه
قالت باندهاش ليكمل هو باقرار
- ماسه نايمه بعد ما عيطت كتير دموعها مغرقه وشها
شعرت فله بالحيره والاندهاش وظلت صامته تفكر وبعد عده دقائق قالت
- تفتكر غارت
لينظر اليها بعدم فهم وهو يردد خلفها
- غارت .... هتغير من ايه ومن مين ؟!
- مِنِى
قالتها بإقرار لينظر اليها بعدم فهم لتكمل موضحه
- ماسه طول عمرها محرومه من احساس الأخ الكبير السند والحماية مشفتش من اخوها غير الايهانه والجحود فلما تشوفك بتعملنى بأسلوب حلو و ديما فى ظهرى وسند ليا ممكن تحس من جواها بالحصره على نفسها وتغير
ظل صامت يفكر فى كلماتها .... كلماتها منطقيه وهذا هو التفسير الوحيد
فى صباح اليوم التالى كان عابد يتابع كل نظره وحركه من ماسه كان يتعمد المزاح مع فله حتى يصل الى حقيقه الأمر وبالفعل رغم ابتسامتها لمزاحهم الا ان هناك فى عمق عينيها حزن يؤلم القلب
انتهز فرصه انها تقف فى المطبخ بمفردها ودلف اليها لتبتسم وهى تقول
- محتاج حاجه اعملهالك ؟
ظل صامت ينظر اليها بتفحص وقال
- كان عندى سؤال نفسى اسألهولك من يوم ما اتجوزنا
لتنظر اليه بقلق وقالت
- سؤال ايه ده ؟
ظل يتأملها لعده ثوان انها لم تطمئن بعد مازالت تشعر بالخوف تخشى ان تخسر حياتها معه ابتسم ابتسامه صغيره وقال
- سامح الله يرحمه كان طول عمره كده و لا لا ؟
ظهر التوتر على ملامحها ولكنها إجابته قائله
- لا هو كان كده طول عمره ابويا وامى ماتوا وهما غضبانين عليه
صمت لثواني يتابع اهتزاز شفتيها واحمرار عينيها وارتعاشه يديها فى محاوله مستميته لكى لا تبكى
قال فى محاوله منه لتغير الموضوع واخراجها من تلك الحاله
- بصراحه انا بقالى فتره بفكر فى حاجه كده وكنت عايز أقولك عليها
وقعت السكينه من يدها و بدأت دقات قلبها تعلوا ان ما كانت تخشاه سوف يحدث سوف يتخلا عنها سوف تحرم من حياتها وسط عائله تحبها
من هيئتها التى تؤلم القلب كان يود لو يمسكها بقوه ويصرخ بها قائلا
(( ماذا فعلت معك ليكون كل ذلك الخوف بداخلك بماذا بخلت عليكى فى مشاعرى وحبى ليكون لديك كل ذلك الشك والخوف ))
ولكنه قال بهدوء
- شقتك فاضيه ايه رايك نوضبها حاجه حاجه وننقل فيها انا وانت
كانت تنظر اليه ببلاهه وعدم فهم ظل صامت ينتظر ردها لتقول بلجلجه
- هو ... هو دده الى انت عايز تكلمينى فيه
ليهز راسه بنعم وقال
- ايه رايك ؟
لتقول بتشتت
- ماما سوسن مش هتزعل
ليقطب جبينه وهو يقول
- وايه الى هيزعل امى ... ده الباب قدام الباب يعنى احنى معاهم بس كمان انت من حقك يكون ليكى بيتك بس لو انت موافقه انا عندى شرط
ظهر الخوف على وجهها وقالت
- شرط .... شرط ايه
ليمسكها من ذراعيها
- انا هأجر منك الشقه ... لانى مش هقبل اسكن فى شقه مراتى
- ايوه بس
ليقول بصوت قاطع
- من غير بس لو موافقه هبدأ من بكره
لتبتسم وهى تقول
- طبعا موافقه
مرت أيام متواليه كان عابد يقوم باحضار بعض الأدوات الذى يحتاجها فى تجهيز الشقه
وكانت فله فى ذلك الوقت تتقرب اكثر لماسه وأصبحوا أصدقاء بشده وشعرت ماسه ان لها آخت حقيقية
كانت فله كلما ارادت شراء اى شىء تذهب هى وماسه
مر عام وها هى ماسه انجبت ابنتها الصغيره ومر عام على دراسه فله للتمريض وبعد فتره اختفى تماما احساسها بالخوف وشعرت حقا ان الله يعوضها عن كل ما مرت به ببيت عائله زوجها من حضن ام حنون كسوسن واخت حقيقيه كفله وصديقه مقربه كأمل وزوج وصديق وحبيب كعابد
وبداء العام الدراسى الجديد
كانت سعيده جدا بمارسه الرعايه بالمرضى وتعلم كيفيه تخفيف الالم عنهم
وفى احدى الايام كانت تقف بجانب زميلاتها والدكتور يشرح لهم شىء ما حتى يقوموا هم بفعله أيضا وحين جاء دور فله وبعد انتهائها لم يمدحها الدكتور او يصحح لها شىء بل طلب منها ان تصعد الى مكتبه بعد انتهائها من محاضراتها
كانت تشعر بالخوف والقلق لماذا يحتاجها الدكتور صفوت عبد الكريم صاحب اكبر مستشفى فى المدينة انه يحضر يوم واحد فقط يتابع أعدادهم وإذا كان هناك ما يحب قوله او شىء يريد تعليمهم إياه كاليوم ولكنها توكلت على الله وصعدت اليه طرقت الباب وهى تقول بعض الادعية وحين سمعت صوته يسمح لها بدخول
وقفت أمامه ثابته ولكنها أيضا ترتعش من الداخل ابتسم وقال لها
- اقعدى يا بنتى ... مقولتليش اسمك ايه
جلست وهى لا تستطيع تخيل ما يريده منها ولكنها إجابته قائله
- فله ... فله محمد الحسيني
ليبتسم الدكتور صفوت وقال
- اسمك حلو ... قوليلى يا فله تحبى تدربى من دلوقتى
ظهر الاندهاش على وجهها ليكمل الدكتور صفوت قائلا
- شوفى انا شريك فى مستشفى كبيره والنهارده انا شفت عندك شغف بالتمريض وبالطب شفت حد محترف فى كل خطوه بتعملى كل حركه بمهاره وحب كمان ... فا انا عايزك تتدربى معايا ايه رايك
ابتسمت وهى تقول بحزن
- كان حلمى ابقا دكتوره ... بس النصيب ... اكيد طبعا ده شرف كبير بس حضرتك هتسمحلى بس لحد بكره اعرف اخويا الكبير واخد رأيه
ليهز الدكتور صفوت راسه بنعم ثم قال
- تمام هستنى الرد الأخير بكره بس لازم تعرفى ان التدريب ده مهم جدا اولا خبره بتكتسبيها وكمان الشغل فى مستشفى زى دى فى فايده ماديه كبيره كمان
لتقف على قدميها وهى تقول
- اكيد طبعا يا دكتور انا عارفه ده كويس وشرف كبير جدا ان حضرتك اخترتنى انا من بين كل زمايلى وان شاء الله مش هضيع الفرصة دى من ايدى
ليبتسم ابتسامه صغيره مشجعه ثم قالت هى
- عن إذن حضرتك .
- اتفضلى و مستنيكى بكره
كانت عائده الى البيت وهى تشعر بالسعادة ان ما اخبرها به دكتوراها لهوًا فخر كبير لها
وقفت أمام البيت تطرقه بأنغام متناسقة وهى تغنى
- يا أصحابي يا اهلى يا جيرانى انا عايز اخدكوا فى احضانى
فتح لها عابد الباب لتقبل وجنتيه وهى تقول
- اذيك يا احلى اخ فى الدنيا كلها
ثم قبلت الصغيره التى على يديه وهى تقول
- ماسه حبيبه عمتو القمر
ليقول هو بابتسامه
- مالك يا مجنونه ايه الى حصل للظيطه دى كلها
لتجلس على الأريكة بجانب والدتها التى تضحك على حركاتها الطفولية وقبلتها بحب ثم قالت
- عندى ليكم خبر حلو اوووى
ليجلس عابد وهو يقول
- خير يارب
لتبتسم وهى تقول
- انا اصلا مش بيجى من ورايا غير كل الخير
ثم بصوت عالى قالت
- تعالى يا ماسه علشان تسمعى الى هقوله وتقوليلى رايك
نظر عابد الى اخته بسعاده حين فهم ما فعلته الان جلست ماسه بجانب عابد وقالت
- خير يا فله فى ايه ؟
لتقول الام بنفاذ صبر
- ما تقولى يا بنتى و خلصينا
ابتسمت فله وقصت عليهم كل ما حدث معها وما قاله لها الدكتور صفوت
قال عابد بابتسامه
- وهو الكلام ده فى رأى اكيد طبعا توافقي دى فرصه هايله
قالت ماسه بابتسامه مشجعه
- هتكتسبى خبره وصداقات ومعارف وكل ده هيفيدك
نظرت فله الى امها بعد ان أرسلت لماسه قبله فى الهواء
- وانت يا ست الكل رأيك ايه
لتربت الام على ظهر ابنتها وهى تقول
- هقول ايه يا بنتى بعد الى اخوكم ومرآته قالوه ربنا يوفقك و يوقفلك ديما ولاد الحلال
فى صباح اليوم التالى أبلغت فله الدكتور صفوت بالموافقة الأخيرة ليخبرها ان تذهب اليه فى المستشفى بعد إنهاء محاضراتها بقلمى ساره مجدى
وبالفعل ذهبت الى المستشفى وقفت امامها تنظر اليها باندهاش انها رائعه بتصميم مميز أخذت نفس عميق وسمت بسم الله ودلفت بقدمها اليمني وقفت فى الاستقبال تسأل عن الدكتور صفوت وحين صعدت اليه وجدت لديه مسئوله الممرضات الذى قام بالتعريف بينهم وايضا أوصاها بفله
خرجت فله من مكتب دكتور صفوت وخلفها نبيله وهى تقول
- اول مره دكتور صفوت يوصى على حد هو انت تقربيله ايه
ابتسمت فله بخجل وقالت
- ولا حاجه ... هو بس حضر لينا سكشن عملى وعجبه اسلوبى وقالى على التدريب هنا
لتضع نبيله ذراعها حول فله وهما يسيران معا لغرفه الممرضات وقالت
- يبقا على كده بقا انت شاطره بجد ومش هتتعبينى
لتقول فله بتأكيد
- انا كان نفسى ابقا دكتوره بس محصلش نصيب ومش شايفه نفسى بعمل اى حاجه تانيه غير انى أعالج الناس
لتبتسم نبيله وهى تفتح باب الغرفه وتدلف الى الداخل وخلفها فله لتجد فتاتان تعرفت عليهم احدهم اسمها حلا مخطوبه لابن عمها فادى والأخرى ليلى متزوجه ولم تنجب بعد
مر اليوم بين التعرف على زميلاتها والمكان وسياسه العمل
ومر أسبوع وها هى اكتسبت ثقه الجميع على مستوى الأطباء والمرضى والجميع اصبح يحبها
ومرت اكثر من سته اشهر وفى احدى الايام كانت حلا تبحث عن فله فى جميع أنحاء المستشفى لتجدها عند غرفه ١٢٠ ابتسمت حين وجدتها تداعب تلك الطفلة الصغيره صاحبه الثمان سنوات مريضه القلب التى اجرى لها جراحه قلب مفتوح منذ اسبوع طرقت على الباب وابتسمت فى وجه الطفلة الصغيره وقالت بعد ان أرسلت للصغيره قبله فى الهواء
- فله تعالى بسرعه محتاجينك فى اوضه العمليات
هزت فله راسها بنعم و انحنت تقبل جبين الصغيره وقالت
- هخلص شغلى وارجعلك
وخرجت من الغرفه سريعا وسارت بجوار حلا التى قالت
- الدكتور يحيى حول حاله على المستشفى وحاله خطيرة جدا و دكتور صفوت طلب انك تدخلى مع دكتور يحيى لعمليات
ركضت فله الى غرفه العمليات ومباشره الى غرفه التعقيم و ها هى الان
تقف امام الدكتور يحيى الان ويدها دائما ممدوده بالمطلوب قبل ان يطلبه وحين انتهت العملية قال الدكتور ياسر
- يلا يا فله قفلى انتى
وتحرك ليغادر غرفه العمليات ليوقفه الدكتور يحيى وهو يقول بغضب
- انت بتعمل ايه يا دكتور ياسر فله مين دى الى تقفل
لم تهتم فله لكلماته واستمرت فى عملها وقبل ان يجيب الدكتور ياسر قالت
- انا خلصت يا دكتور ياسر هنقل المريض غرفه الإفاقة
وتحركت بالسرير هى و احد الممرضين الآخرين
ليخرج يحيى وياسر من غرفه العمليات وامام غرفه الافاقه قال يحيى بعصبيه
- ازاى تسيب مجرد ممرضه هى الى تقفل يا دكتور
ليقول ياسر بهدوء
- فله مش اى ممرضه دى المفروض تكون دكتوره وبعدين دى مش اول مره وكل دكاترة المستشفى لما فله بتكون معاهم من طاقم التمريض فى العمليات بيسبوها هى تقفل وساعات كمان بياخدوا رايها فى العمليه
لتظهر علامات الرفض والامتعاض على وجه يحيى و هو يقول
- لا والله ما تعملها تمثال فى مدخل المستشفى بالمره
كانت فله تستمع الى كل تلك الكلمات وهى داخل غرفه الافاقه ليقول لها احمد الممرض الذى معها
- متزعليش هو دكتور يحيى كده مغرور اوووى وشايف نفسه على الكل
نظرت فله اليه وابتسمت ابتسامه خفيفه ثم قالت
- خلى بالك من المريض انا هخرج علشان عندى شغل كتير
وغادرت الغرفه وهى تقول لدكتور ياسر متجاهله يحيى تماما
- احمد مع المريض يا دكتور ياسر وانا هروح اشوف شغلى علشان كمان ساعه عندى عمليه مع دكتور عمر .
ليهز ياسر راسه بنعم وفى عيونه نظره اعتذار
كان يحيى يتابع ما يحدث بغضب كبير ورغبه فى سحق تلك الفله
بعد أسبوع من تلك الواقعة كانت فله تسير فى رواق المستشفى تنظر فى بعض الأوراق وفجاءة اصطدمت بأحد ما رفعت عيونها لتجد دكتور يحيى ينظر اليها بغضب أخذت نفس عميق وانحنت تحضر ما وقع منها ثم وقفت وقالت بهدوء
- أسفه جدا يا دكتور
وكادت ان تتحرك حين قال
- بسهوله كده
ظلت صامته تنظر اليه شاب طويل عريض المنكبين بعيون زرقاء حاده النظره بلحيه منمقه وبشره خمرية محببه
- مش فاهمه قصد حضرتك
قالتها بهدوء ليبتسم ابتسامه استهزاء وقال
- وجزمتى الى انت دستى عليها دى
لتخفض بصرها ارضا تنظر الى حذائه لم تجد عليه اى اثر فرفعت نظرها تنظر الى عينيه وقالت
- مش فاهمه
- نظفيه
قالها بأمر وبعينيه نظره تحدى فقالت هى بهدوء
- انا مش خدامه عند حضرتك علشان انضفلك جزمتك .... انا قولت أسفه لانى خبطت حضرتك من غير ما اقصد واكتر من كده مفيش ... عن أذنك
- هخصم من مرتبك أسبوع
قالها بتحدى لتقول هى بثقه
- ولو هتخصم الشهر كله
وغادرت بثقه غير عابئة بذلك الذى يقف الان يغلى غضبًا
توجه فورا الى مكتبه وأصدر أمرا بخصم شهر ونصف من راتبها
وحين علم الدكتور صفوت بذلك الخصم أرسل اليها لتذهب اليه وحين دلفت الى غرفه مكتبه قال باستفهام
— كارثه ايه الى عملتيها تخلى دكتور يحيى يخصم لك شهر ونص
ابتسمت بهدوء وهى تقول
- ابدا يا دكتور صفوت رفضت امسح جزمته بعد ما خبطت فيه بالغلط
ليقطب دكتور صفوت حاجبيه بعدم فهم ثم قال
- مش فاهم
قصت عليه كل ما حدث ليشعر بالغضب وقام بإستدعاء دكتور يحيى الذى حين دلف الى الغرفه ووجدها هناك جلس امام دكتور صفوت ووضع قدم فوق الأخرى بكير وقال
- خير يا دكتور حضرتك طلبتنى
ليقول دكتور صفوت بشىء من الغضب
— ايه الى انا سمعته ده جزمه ايه الى الممرضة تنضفهالك يا دكتور
نظر يحيى الى فله بغضب وقال
- البنت دى مش بتحترم حد وانا حبيت افهمها مكانها
ليضرب دكتور صفوت بيده على سطح المكتب وقال
- فله ممرضه هنا فى المستشفى وفى اقل من ست شهور اثبتت نفسها واظهرت شطاره ومهاره كبيره وهى لسه اصلا مخلصتش معهدها ... كمان اول حد يقول عنها كده حضرتك يا دكتور كل الناس من دكاترة وممرضين ومرضى والعمال كلهم بيحبوها ولو فى عند حضرتك مشكله معاها ياريت تحلها بأسلوب مهذب .. او ممكن انظم جدول العمليات وابعد فله تماما عن عملياتك
وقف يحيى ينظر اليها بغضب ثم نظر لدكتور صفوت وقال
- الى حضرتك شايفه صح اعمله عن إذنك
وكاد ان يغادر الغرفه حين سمع دكتور صفوت يقول
- انا لاغيت الخصم الى حصل لانها مش غلطانه فى حاجه
ظل يحيى واقف مكانه يشعر ان نار الغضب تتصاعد بداخله يود لو يدلف الى الداخل ويمسك تلك الفله ويلقيها خارج المستشفى هو لا يعلم لماذا يشعر بكل ذلك الكره تجاهها هى لم تفعل شىء سىء هى فقط ممرضه ممتازه بدرجه دكتوره
خرج من الغرفه واغلق الباب لتبتسم فله وهى تقول
- شكرا لحضرتك يا دكتور وارجوك ياريت حضرتك تنظم فعلا الجدول وبلاش يكون ليا اى تعامل مع دكتور يحيى
ليهز صفوت راسه بنعم ثم قال
- متقلقيش ... يلا روحى شوفى الى وراقى
مرت ثلاث أيام أخرى لم يراها مواعيدها اختلفت وأصبحت تتواجد فى المستشفى فى الأوقات عكس أوقات وجوده وإذا حدث وتصادفت المواعيد فهى تستطيع الاختباء منه
كان اليوم مرهق بشكل كبير حيث كان هناك عمليتان اليوم وواحده منهم لطفل صغير
كان ذاهب الى غرفه احد المرضى ليستوقفه شىء ماء
وقف ينظر من الزجاج الشفاف وهى تقوم ببعض التمارين الرياضية البسيطه لإحدى كبار السن لم يستطع ان يوقف ذلك الغليان بداخله انها ممرضه وطبيبه قلب وطبيبه نفسيه وايضا أستاذه فى الجراحة وعلاج طبيعى
دلف الى الغرفه بغضب وقال بعصبيه
- هو انت كمان هتفتى فى العلاج الطبيعي
لتقف دكتوره ايمان التى كانت تجلس على الأريكة الجانبية تتابع ما تقوم به فله وقالت
- خير يا دكتور يحيى فى حاجه
نظر يحيى الى ايمان وقال بتوتر
- ابدا انا كنت فاكرها شغاله من نفسها عن اذنكم
وخرج واغلق الباب خلفه وهو يشعر بالغضب يتصاعد هو لن يرتاح حتى يخرجها من المستشفى
ظلت ايمان واقفه تنظر الى الباب باندهاش وقالت
— هو ماله ده
لتقول فله باقرار
- معرفش ليه ديما بيدور ليا على غلطتات
لتقول العجوز النائمه على السرير بابتسامه كبيره على وجهها
- علشان بيحبك
لتضحك فله وايمان بصوت عالى وقالت فله
- بيحبنى أموال لو بيكرهنى كان عمل ايه كان شربنى سم فيران
مر اكثر من شهر كانت فله تحاول بكل طاقتها ان تتجنب يحيى خاصه بعد حديثها مع ماسه التى أخبرتها
-بصى يا فله حاولى على قد ما تقدرى تبعدى عنه ... ولو حسيتى انك مش قادره تشتغلى فى الجو ده بلغى الدكتور الى طلب منك تشتغلى فى المستشفى وانت ما شاء الله عليكى شاطره و الف مستشفى هتتمنى انك تشتغلى فيها
كانت تفكر فى كل ذلك حين لمحته يأتي من اول الرواق أخذت نفس عميق وأكملت سيرها
وكان هو ينظر اليها بتركيز لقد مر اكثر من شهر لم يراها ولم تقع عينيه عليها ولكن حين وجدها تمر بجانبه دون ان تهتم بوجوده دون ان تنظر اليه ولو بنظره خاطفه شعر بالنار تتصاعد من جديد بداخله
تحرك خلفها ليجدها تتوجه الى الاستقبال امسك يدها وقال بعصبيه
- انا نفسى افهم انت شايفه نفسك على ايه ؟
لتنظر اليه باندهاش واستفهام وقالت بهدوء
- انا مش شايفه نفسى يا دكتور وبعدين انا عملت ايه علشان حضرتك تقولى كده
كانت نظراته غاضبه بشده وقال
- انا الدكتور يحيى نوح واحده زيك تتجاهلنى انت ولا حاجه
كان جميع من فى المستشفى يشاهد ما يحدث بتعجب وعدم فهم وكانت هى الان تشعر بغضب كبير لأول مره لا تستطيع السيطره عليه وقالت بصوت عالى
- انت واحد مغرور ... وفى مهنه الطب مينفعش الغرور .... انت اشهر دكتور جراحه القلب وانا كمان كان نفسى ابقا دكتوره جراحه قلب انا جبت فى الثانوية العامة ٩٩.٩ بس لظروف مقدرتش ادخل كليه الطب ولانى من جوايه مقدرش اعمل اى حاجه غير علاج الناس والتخفيف عنهم المهم دخلت تمريض
صمتت لثواني واقتربت خطوه وهى تقول
- بس انت عارف حاجه الحمد لله انى مدخلتش طب علشان انا ميشرفنيش اكون فى مجال فى امثالك .
وغادرت من أمامه وهو ظل ينظر الى مكانها يشعر بالصدمه من كلماتها بدء الجميع يتحرك ليعود الى عمله وهم ينظرون اليه نظره غاضبه.... حينها خرج هو من المستشفى وصعد الى سيارته يشعر بغضب قاتل
وهى أبدلت ملابسها وغادرت المستشفى حين علم دكتور صفوت بما حدث شعر بالضيق من تصرف دكتور يحيى ولكن قبل ان يأخذ اى اجراء وصله خبر كان كالصاعقة بقلمى ساره مجدى
وصلت الى البيت تشعر بالضعف من كثره محاولتها المستميتة الا تبكى فى الشارع وحين دخلت غرفتها اخرجت كل ما بداخلها من حزن وقهر وظلت تبكى بصوت عالى حين سمعتها ماسه دلفت اليها وقالت بقلق
- مالك يا فله فى ايه ... ايه الى حصل ؟
ظلت تبكى وتبكى حتى هدأت تماما ثم قصت عليها كل ما حدث
لتقول ماسه بهدوء
- اهدى يا فله انت اخدتى حقك منه ... كفايه ان كل المستشفى بتحبك وكمان عارفين انه مغرور واكيد كمان انتى معاكى حق ... متزعليش انتى مغلطيش
مسحت فله دموعها وهى تقول
- عندك حق .. انا أخذت حقى والموضوع خلص
ليتسم ماسه وهى تقول
- ايوه كده ... شاطره يلا بقا قومى غيرى هدومك وارتاحى شويه على ما الغدا يجهز وعابد يرجع
هزت راسها بنعم لتغادر ماسه بعد ان قبلت راسها
كانت المستشفى جميعها فى حاله فوضى فما حدث لم يكن سهلا ابدا لم يكن احد يتخيل ما حدث
فبعد وقوفه امام فله و خروجه لم يتوقع احد عودته فى تلك الحادثة الكبيره
لقد اصطدم بسياره نقل كبيره وها هو فى غرفه العمليات بين الحياه والموت
بعد مرور اكثر من ساعه خرج دكتور صفوت من غرفه العمليات و امسك هاتفه واتصل برقم ما
كانت تجلس على طاولة الطعام سارحه بعيده تمامًا عما يحدث حولها حتى علا صوت رنين هاتفها
أجابت سريعا ليقابلها صوت دكتور صفوت قائلا
- فله انت لازم تيجى المستشفى فورا
قالت بخجل
- ايوه يا دكتور بس انا مش هقدر بعد الى حصل
ليقول سريعا
- دكتور يحيى عمل حادثه و دلوقتى هو فى العمليات وقبل ما يتخضر طلب يشوفك ... فله حاله دكتور يحيى خطيره وسيئه لو سمحتى تعالى .
- حالًا يا دكتور
اغلقت الهاتف ونظرت لأخيها وقالت
- انا لازم اروح المستشفى دلوقتى
ليهز راسه بنعم وقال
- خلى بالك من نفسك
حين وصلت الى المستشفى قابلت ليلى عند الباب التى قالت حين رأتها
- شفتى الى حصل يا فله... ادعيله ان ربنا يشفيه لحسن الكل بيتكلم ان الحاله خطيرة جدا وما بين الموت او الشلل
نظرت اليها فله برعب حقيقى وركضت فى اتجاه غرفه العمليات بدأت فى تعقيم نفسها وارتداء الملابس الخاصه ودلفت الى غرفه العمليات
لم يتفاجىء احد من وجودها الجميع يعلم قلبها الكبير ومؤكد أحد اخبرها اقتربت تساعد الطبيب الذى نظر اليها وقال
- محتاجين ننقذ رجله
لتنظر الى قدمه المهشمة تماما وبدأت فى مد يدها لامساك الأدوات اكثر من ثلاث ساعات أخريات حتى انتهت العملية نظر الدكتور هادى اليها وقال
- ربنا يعدى اليومين دول على خير ومتحصلش مضاعفات ومنطرش للبتر
الم قوى اعتصر قلبها وهى تنظر لذلك النائم بأستسلام لا حول له ولا قوه بعد كل ذلك الكبر والغرور
تم نقل يحيى الى غرفه العناية المركزة وكانت فله بجواره بعد ان اتصلت على اخيها وأخبرته انها ستبيت ليلتها فى المستشفى
كانت طوال الليل تتابع مؤشراته الحيوية جلست على الكرسى الجانبي تنظر اليه وهو نائم باستسلام ولم تشعر بنفسها و هى تغفوا استيقظت صباحا على يد احد يربت على كتفها فتحت عيونها لتجدها حلا التى ابتسمت وقالت
- قومى روحى ارتاحى شويه وابقى تعالى تانى
هزت راسها بنعم ثم القت نظره على النائم باستسلام وكادت ان تغادر الغرفه حين سمعته يهمهم باسمها وقفت مكانها بصدمه ثم التفت تنظر اليه لتجده على حاله نظرت الى حلا لتجدها ابتسمت ابتسامه صغيره فغادرت فله سريعا وهى تشعر بحيره كبيره ارتاحت عده ساعات فى البيت وشرحت لاخيها حاله دكتور يحيى وانها ستتواجد كثيرا فى المستشفى
عادت الى المستشفى ومباشره الى غرفه العنايه بعد ان ابدلت ملابسها
دلفت الى الغرفه لتجد ممرضه اخرى غير حلا ابتسمت وقالت
- تقدرى تروحى دلوقتى
هزت الممرضه راسها بنعم وغادرت لتقترب منه تنظر الى كشف الملاحظات ثم الى العلامات الحيويه على الشاشه ثم تحركت لتقوم بوضع الدواء له فى المحلول المغزى
مر يومان وبدء يحيى فى استعاده وعيه وخاصه بعد مرور ال ٤٨ ساعه التى حددها الطبيب
وشعر الجميع بالراحه من ابتعاد فكره البتر
فتح عيونه ينظر حوله ليجد دكتور هادى وبجانبه ياسر وايضا دكتور صفوت وبجانبه فله الذى حين وقعت عينيه عليها ظل ينظر اليها غير مهتم بكلمات دكتور هادى و ناداها بصوت منخفض
- فله
صمت الجميع وتوجهت كل الانظار الى فله التى اخفضت نظرها ارضا بخجل
ليقول دكتور هادى
- دكتور يحيى حضرتك سامعنى
هز يحيى رأسه بنعم وقال بضعف وعيناه ثابته عليها
- ايوه سامعك
ليبتسم دكتور هادى ابتسامه صغيره وبدء فى سرد كل ما حدث له وحاله قدمه الان
نظر اليه يحيى بتقطيبه غضب وقال
- تقصد ايه .... تقصد انى اتشليت
كان الجميع ينظر اليه بحيره لا يستطيعوا الانكار او التأكيد فحالته ليست سهله ولكن ايضا بها بعض الامل
قالت فله بهدوء
- شوف يا دكتور يحيى حضرتك دكتور وعارف ان فى حالات كتير ممكن يكون مفقود فيها الامل لكن حالتك فيها امل لازم تعرف ان كان فى احتمال كبير واحنى فى غرفه العمليات اننا نوصل للبتر لكن الحمد لله ده محصلش ... فأرجوك بلاش التفكير السلبى و اسمع كويس كلام دكتور هادى وكل المستشفى هنا وجنبك .
كان ينظر اليها ونظرات عينيه الغاضبه تتحول تدريجيا حتى هدأت تماما ليكمل الدكتور هادى قائلا
- انت قدامك شهرين على ما تخف من العمليه الى عملناها وبعدها هنبدء علاج طبيعى ولو حصل تحسن ولو بنسبه ٢٪؜ هنعمل اتصالاتنا بدكتور المانى متخصص فى الحالات الى شبه حالتك
ليغمض عينيه وهو يأخذ نفس طويل ثم قال
- يعنى قدامى رحله طويله ... ماشى لما نشوف
ليقول دكتور صفوت
- لا يا يحيى مينفعش كده احنى عايزين معنويات عاليه وثقه بالله انك هترجع احسن من الاول
هز يحيى رأسه بنعم ثم نظر الى فله وقال موجه حديثه للجميع
- ممكن تسمحولى بكلمه مع فله
نظر الجميع اليها ثم ربت الدكتور صفوت على كتف يحيى وغادر ومن خلفه باقى الاطباء
نظرت اليه فله بهدوء وظلت صامته وكان هو ينظر الى سقف الغرفه لعده ثوان ثم أخذ نفس عميق وقال
- انا مش مغرور ولا متكبر ... يمكن تصرفاتى كانت تبان معاكى كده لكن فى الحقيقه
صمت لثواني وكانت هى تنظر اليه بتركيز شديد حتى اكمل قائلا
- انت بتفكريني بيها ... كانت شبهك فى كل حاجه حماسها حبها لشغلها وشغفها بيه ... اهتمامها بكل تفاصيله ... هى كمان كانت دكتوره
نظر اليها و كانت بين عينيه هناك نظره غريبه لم تستطع فله تفسيرها واكمل قائلا
- كنت بحبها جدا وكنت بشوف فيها ملاك الرحمه بجد شغفها وهى بتهتم بكل مريض لحد ما يوم قررت اقولها انى بحبها
ولما روحتلها مكتبها وقبل ما ادخل سمعتها وهى بتكلم حد فى التليفون
(( - ايوه البنت جاهزه للعمليه وانا عملتلها كل التحاليل والكليه متطابقه مع بنت الوزير
- ايوه ايوه متقلقش واهلها ناس غلابه ولا هيعرفوا اى حاجه
- خلاص تمام .. كله هييقا جاهز بكره سلام ))
شهقت فله بصوت عالى ليبتسم ابتسامه صغيره بها الكثير من السخريه واكمل قائلا
- من وقتها حسيت ان تمثال الطهر و ملاك الرحمه
اتهد ... بقيت اشوف اى حد مجتهد بيتعامل مع المرضى بحب واحتواء واحترام زيها ... لحد ما لقيت نفسى مش بشوف حد خالص بعمل شغلى ومتميز فيه و بس ... مين المريض حكايته ايه كل ده مش مهم ... مين معايا فى العمليات بيعمل شغله بصدق ولا مجرد تأديه واجب وبس كله مش مهم ... لحد ما شفتك
دلف الدكتور هادى وهو يقول
- اعتقد كفايه كلام كده يا يحيى لازم ترتاح
ثم نظر الى فله وقال
- دكتور صفوت كان عايزك
هزت راسها بنعم ونظرت الى يحيى الذى قال
- انا لسه عندى كلام كتير عايز اقوله ... هستناكى
غادرت غرفه العنايه وهى تشعر بحيره ورهبه وخوف لا تعلم بماذا تفسر كل تلك الاحاسيس التى تشعر بها الان ولكن اهم شىء انها اكتشفت وجه اخر للدكتور يحيى وجه لا يعلمه احد حتى الان غيرها بقلمى ساره مجدى
صعدت الى دكتور صفوت الذى شكرها على حضورها ووقوفها بجانب يحيى بعد كل ما حدث منه معها
عادت الى البيت تشعر بالحيره هو لم يكمل حديثه فباقى اليوم كان نائما بسب الادويه خاصه انه يأخذ مسكنات للالام قويه جدا
ظلت طوال اليوم تفكر فى كلماته الصادمه فى صباح اليوم التالى تعمدت ان لا تذهب اليه مباشره تابعت بعض الحالات الاخرى حتى حضرت اليها احدى الممرضات تخبرها انه يرفض اخذ الدواء ويريدها حالا ذهبت اليه وحين دلفت الى الغرفه لم تتكلم بل بدأت بمباشرة عملها اعطائه الدواء وكتابه الملاحظات ثم توجهت الى الباب حتى تخرج ليسمعه يقول
- لو بتعملى كده مجبوره يبقا ما تجيش تانى وانا معايا ربنا ... لكن لو عندك ولو ١٪؜ احساس انك عايزه تكونى جمبى فارجوكى خليكى معايا وجنبى
ظلت واقفه عند الباب عقلها يخبرها ان عليها المغادره وقلبها يريد البقاء والفضول يرجح كفه القلب التفتت اليه وقالت
- لو عايزنى افضل معاك حقيقى يبقا تسمع الكلام وعندى شروط لازم توافق عليها وتنفذها
ليقول بشىء من الضعف
- قولى شروطك
شعرت بالضيق من نفسها ولكنها حقا خائفه لا تعلم سبب ذلك الخوف او ترفض الاعتراف
اقتربت خطوتان وقالت
- اول شرط تكمل كلامك .
هز راسه بنعم وقال
- انا محتاج اكمل
- وتاخد ادويتك فى معادها حتى لو انا مش موجوده
ليقول باستسلام
- موافق
لتنظر ارضا وهى تقول
- و تعتذرلى
ظل ينظر اليها وهو صامت وكاد ان يقول شىء ما حين قالت هى
- مش دلوقتى ... انا عايزاك تعتذرلى وانت واقف على رجلك وانت بكامل قوتك
ابتسم ابتسامه صغيره ثم قال
- موافق
ابتسمت ابتسامه رقيقه جعلت اعاصير وبراكين تتفجر داخل قلب ذلك الرجل المغرور
جلست على الكرسى القريب منه وقالت
- انا جاهزه اسمع بقيه كلامك
اخذ نفس عميق واغمض عينيه وقال
- يوم العمليه الى كانت بالنسبه ليكى اول مره تشفيني فيها لكن انا كنت شفتك اكتر من مره شفتك وانت بتهزرى مع اصحابك وانت واقفه تمسحى دموع زميله ليكى علشان كانت متخانق مع خطيبها
لتقاطعه قائله
- وانت عرفت منين ؟
ليبتسم ابتسامه صغيره وهو يقول
- كنت واقف وراها على طول ... ممكن اكمل بقا
لتصمت وهى تهز راسها بنعم ليكمل هو قائلا
- ومره شفتك وانت قاعده جمب طفل عنده جالسه كيماوى وانت بتساعدى الكبار فى السن وضحكيهم وتأكليهم بايدك
صمت لثواني ثم قال بالم
- انت كنت بتعملى كل حاجه حلوه اوووى بس انا كنت بشوفها هى ... كنت بقول لنفسى متصدقش ما نريمان كانت كده .. ده قناع اكيد هى كمان زيها كنت بطلع فيكى كل شحنه الغضب الى جوايا الى مقدرتش اخرجها فى نريمان
صمت من جديد ثم قال بالم اكبر وضعف
- كنت لسه متخرج جديد بقا وباباها صاحب المستشفى ولما واجهتها بكلامها الى سمعته قالتلى بكل جبروت انى لو فتحت بوقى بكلمه هتمسح اسمى من كشوفات الاطباء وهدمر مستقبلى
نظر اليها وقال
- فهمتى انا كنت بعمل معاكى كده ليه .... انا بطلب منك انك تسامحيني وده مش الاعتذار ... الاعتذار الحقيقى هيبقا وانا واقف على رجلى وقدام المستشفى كلها
ظلت صامته لا تعرف ماذا عليها ان تفعل الان ماذا عليها ان تقول ابتسم هو ابتسامه خفيفه ثم قال
- انا مش مستنى اسمع منك اى تعليق على كلامى انا بس عايزك تقوليلى انك هتفضلى معايا طول فتره علاجى ..... ارجوكى
اخذت نفس عميق وهى تهز راسها بنعم وقالت
- متقلقش انا معاك
مر شهر كانت فله تعمل بكل طاقتها فى المستشفى وكانت تجلس فى غرفه يحيى تذاكر فلقد اقتربت امتحانات السنه الثانيه لها فى معهد التمريض وكان هو سعيد بذلك وحين قال لها ذلك قالت له
- اصلا انا مش عاجبنى كده بس هعمل ايه حكم القوى
مر شهر اخر اقتربت فله اكثر من يحيى علمت عنه الكثير كان لا يتوقف عن الثرثره علمت عنه انه يتيم توفت والدته ولم يتحمل والده فراقها لحق بها بعد اقل من سته اشهر وله اخ وحيد يعمل بالخارج متزوج ولديه ولدان
كانت دائما تقول له
- انت بتحكيلي كل ده ليه انا مالى؟
ليجيبها قائلا
- معرفش بس عايزك تعرفى
كانت تشعر بالقلق و الخوف من ذلك الشعور الذى بداء يذيد بداخلها .... انها سعيده وهى جالسه معه وسعيده ايضا انه يقص عليها كل ذلك وانه يريد ان يجعلها قريبه من حياته ولكن يبقا السؤال المهم لماذا يفعل ذلك هل هو فقط يريد ان يجعل فتاه مثلها مجتهده فى عملها ومخلصه بشده بجواره حتى يضمن شفاءه ام هو يكن لها بعض المشاعر ولكن اذا كان يكن لها المشاعر فهل ذلك الوضع طبيعى هو طبيب مشهور رغم صغر سنه والاف من الفتايات ذو المراكز والمناصب يتمنوه ومؤكد هو يعلم ذلك يترك كل ذلك وينظر اليها هى فله الممرضه قاطنه الحى الشعبى
فى اليوم التالى لم تذهب اليه انهت عملها فى المستشفى وعادت الى البيت لابد من الابتعاد هى لن تضع نفسها فى ذلك الموقف
وكان هو عينيه ثابته على الباب ينتظر ان يستمع لصوت طرقتها على الباب ينتظر دخولها بتلك الابتسامه التى لم يعد يطيق يومه من غيرها ولكنها لم تاتى ظل يواسي نفسه انه لا يعلم ظروفها مؤكد لم تحضر الى المستشفى اليوم مؤكد فهى وعدته ان تبقى معه
سمع طرق على الباب ورغم اختلافه عن صوت طرقات يديها على الباب الا انه ابتسم بسعاده وامل ولكنه قطب جبينه حين دلفت حلا وبدأت فى اعطائه الادويه ليقول بضيق
- هى فله ماجتش النهارده
نظرت اليه حلا وقالت بابتسامه عمليه
- جت بس كان عندها حالات كتير جدا النهارده وعمليات والشفت بتاعها خلص فروحت
شعر بالضيق لم يتحدث ولم يجيبها حين سألته ان كان يحتاج لشىء
خرجت وهو ظل ينظر الى الباب حتى غلبه النعاس
وكانت هى فى غرفتها تفكر فيما فعلت معه اليوم ولكنها شعرت بألم قوى فى قلبها جعلها حزينه طوال اليوم وعلى غير عادتها
فى صباح اليوم التالى حين وصلت الى المستشفى ذهبت اليه مباشره كان مستيقظ وتظهر عليه علامات التعب والارهاق هو لم ينم جيدا ورفض اخذ العلاج صباحا حين رأها ابتسم ولكن نظره عينيه يملئها اللوم والعتاب اقتربت منه و بدأت فى وضع الدواء فى المحلول وقالت
- انت عايز منى ايه ؟
ظل صامت ينظر اليها وقال
- مش فاهم
نظرت اليه و كتفت ذراعيها امام صدرها وقالت
- بتحكيلي عن نفسك شايفنى غير الكل ... عايزنى على طول معاك ... عايز منى ايه ؟
قل بعد ثواني
- انا اكيد مش عايز بيكى حاجه وحشه .... بس كمان كل الى عارفه دلوقتى انى محتاجك جمبى وجودك بيخلينى احس بالامان يا فله
ظلت صامته تنظر اليه وداخلها حيره كبيره ولكنها اخذت قرارها ولن تتراجع قالت بهدوء حازم
- تمام ... انا هتابع حالتك كممرضه وهعمل كل الى الدكتور هادى هيقول عليه لكن انا عندى باقى شغلى انا مش وقف ليك
شعر ان قلبه وكأن حد ينزعه من مكانه ولكن هو يفهم الان ماذا تريد هى ايضا يوجد بداخلها شىء نحوه لا تستطيع تفسيره ولذلك ترغب فى الابتعاد
اخفض نظره ينظر الى قدميه ثم قال باستسلام
- ماشى زى ما تحبى... بس طول ما انت فى المستشفى انا مش هقبل حد غيرك يدينى الدواء او يساعدنى
هزت راسها بنعم ثم قالت
- دكتور هادى هيجى دلوقتى علشان يشوفك هروح اشوف الى ورايه وهاجى معاه
هز راسه بنعم لتتحرك هى فى اتجاه الباب ليقول هو بضعف
- شكرا
نظرت اليه باستفهام ليقول
- انت قلبك طيب شكرا لوقوفك جمبى
مر شهر اخر وها هو يخضع للفحص حتى يتم تحديد العلاج الطبيعى
كانت عينيه ثابته عليها هى يريد ان يعلم مدى تقدمه من عينيها وحين رأى ابتسامتها اغمض عينيه براحه
تكلم الدكتور هادى قائلا
- شوف يا يحيى احنى ولمده شهرين هنعمل جلسات علاج طبيعى مكسفه وان شاء الله هيكون فى تقدم ووقتها هنبعت لدكتور وليم
هز يحيى راسه بنعم ان تلك الايام مريره وثقيله كم يشعر الان بالاسف والندم على كل ما فعله سابقا الان يتمنى ان يقف على قدميه من جديد حتى يستطيع ان يكون بجانبها
وكانت فله تتلاعب بها الافكار كيف لطبيب مثله وبسمعته ان يشعر بشىء ما تجاهها او يفكر فيها هو فقط يرى فيها ممرضه تعشق عملها يستغل الموقف القديم بينهم حتى يخلق لنفسه جو مثير يسليه فى حالته تلك
بدأت تتعامل ببرود تتجنبه قدر استطاعتها وكان هو يلاحظ ذلك وتظهر علامات الحزن عليه ولكنها كانت تذكر نفسها دائمآ ان ما تقوم به هو الصواب
مر الشهران والحمد لله ظهر تحسن ملحوظ على حالته وراسلت المستشفى الدكتور وليم و تم تحديد موعد لسفر يحيى حتى يقوم بالفحوصات التى ستحدد امكانيه قيامه بالعمليه الاخيره او لا
كان ينتظرها على نار يريد ان يتحدث معها لابد ان يقنعها بالسفر معه ولكنه يعلم جيدا انها سترفض كان يحاول ان يجد حل ولكن هو الان سيجرب
صوت طرقات يدها الصغيره على الباب التى يرقص قلبه طربا لها سمح لها بالدخول
وحين وقعت عينيه عليها قال
- فله لو سمحتى محتاج اتكلم معاكى
لتباشر باخراج الدواء واعطائه له والتاكد من كل شىء وهى تقول
- اتفضل قول الى انت عايزه انا سمعاك
ظل صامت ينظر اليها بضيق انها تتعمد الابتعاد عنه تتعمد البرود و الا مبالاه نظرت اليه وقالت
— حضرتك ساكت ليه انا سمعاك
ليقول بحزن وضيق
- خلاص شكرا مش عايز حاجه منك ... ولو سمحتى ابعتيلى اى ممرضه تانيه ... شكرا لتعبك معايا
كانت تنظر اليه بعدم تصديق تشعر بالضيق من كلماته ومن حالته وحين اقتربت تمد يدها بالدواء قال ببرود
- مفيش داعى تتعبى نفسك تقدرى تتفضلى و ابعتيلى اى ممرضه تانيه وياريت لو تبعتيلى دكتور صفوت
ظلت واقفه تنظر اليه بضيق ولكنها لم تتكلم وضعت الدواء جانبا وخرجت من الغرفه وكلاهما يشعر ان روحه تغادر جسده
كان الدكتور صفوت ينظر اليه باندهاش غير مصدق لما قاله الان وسأله قائلا
- انت متأكد من الى بتقوله ده يا يحيى
ليهز راسه بنعم وهو يقول
- ومكنتش متأكد من حاجه فى حياتى قد ما انا متاكد من الى قولته دلوقتى
ظل الدكتور صفوت صامتا مندهشًا ولكن ليس امامه شىء سوا مساعده يحيى فيما يريد
عادت من المستشفى تشعر بارهاق شديد فاليوم كان اخر امتحاناتها والكثير من العمليات لا تحلم بشىء سوا السرير بقلمى ساره مجدى
دلفت من الباب لتشعر ان هناك شىء غريب هدوء تام والدتها ليست فى مكانها الجديد على الاريكة و ماسه ليست بالمطبخ وماسه الصغيره لا تلعب واين اغراضها الملقاه فى كل مكان لم تخطوا خطوه واحده حين خرج عابد من صالون بيتهم المغلق دائما ولا يفتح الا فى وجود ضيوف ابتسم عابد وهو يقترب من منها وقال
- ادخلى غيرى هدومك وتعالى على الصالون
وتركها وعاد من جديد الى الصالون وهى تنظر اليه بصدمه وعدم فهم ولكنها نفذت ما قاله وحين دلفت الى الصالون كانت الصدمه
كان يجلس هناك دكتور صفوت بجانبه على كرسى مدولب يحيى
جلست على اقرب كرسى لها وهى تظهر عليها علامات الصدمه قال عابد بأبتسامه
- الدكتور يحيى طالب ايدك ... وهو شرحلنا ظروفه وربنا ان شاء يكمل شفاه على خير وكلنا مستنين رايك لان هو ده المهم
ظلت صامته ليقف دكتور صفوت وهو يقول
- خلينا نسيبهم يتكلموا مع بعض شويه علشان لو عندها حاجه حابه تسأله عنها
خرج الجميع من الغرفه ظلت صامته تنظر اليه باستفهام وعدم فهم وكان هو على وجه ابتسامه رقيقه طال صمتها ليقول هو بهدوء
- عارف انك مستغربه وعارف انك محتاره وانا مستعد اجاوب على كل اسألتك
اخفضت نظرها ارضا ثم قالت
- انت بتعمل ايه هنا ... وايه حكايه انك متقدملى دى
ابتسم ابتسامه صغيره وحرك الكرسى المدولب ليقترب منها وقال
- عارف ان فى الف فكره جت فى دماغك بس مفيش ولا فكره منهم صح
لترفع حاجبها باستنكار ليقول هو بمشاغبه
- الا لو من ضمن الافكار دى فكره انى بحبك ... وانك بقيتى اغلى حاجه فى حياتى .. وان مبقاش ينفع يومى يعدى من غيرك وانى مينفعش اسافر غير وانت معايا ... ومينفعش اعرف نتيجه العمليه الا من عنيكى
كانت تستمع اليه غير مصدقه ما يقوله غير مستوعبه لتلك المشاعر الذى يتحدث عنها قالت بشك
- انت بحبنى انا ... دكتور يحيى اشهر دكتور جراحه قلب بيحب فله الممرضه الى ساكنه فى الحى الشعبى الى
ليقاطعها وهو يقول
- بس ... بلاش كلام اهبل ملوش لزمه
صمت لثواني ثم اخذ نفس عميق و قال
- الى انت متعرفيهوش ان انا كمان كنت ساكن فى حى شعبى قبل ما اهلى يتوفوا ... والمكان الراقى الى انا ساكن فيه ده لسه ناقل فيه من ست شهور تقريبا ... كمان انت جايبه مجموع فى الثانويه العامه اكثر منى ... وانا مستعد انى اكمل معاكى مشوارك لحد ما تبقى اكبر دكتوره فى البلد كلها .... بس ارجوكى وافقى تكونى معايا وجمبى
ظلت صامته تشعر بالحيره وكان هو ينظر اليها وهو يتذكر وقت اخذ ذلك القرار هو لم يتحمل جفائها هو لم يتحمل ابتعادها عنه شعر ان قلبه يغادر مكانه ويركض خلفها ليجد نفسه يطلب من دكتور صفوت الذهاب معه الى اهل فله حتى يطلبها للزواج
قطع ذلك الصمت دخول عابد الذى قال بابتسامه صغيره مطمئنه لتلك التى تنظر اليه باستغاثه
- اعتقد كفايه كلام كده وان شاء الله يومين ونبلغك بقرارها
نظر يحيى اليها برجاء لتخفض راسها ارضا ليقول هو
- تمام يا استاذ عابد ... تمام .. انا فى انتظار قرارها
وتحرك بالكرسى ليقف امامها مباشره ثم قال
- انسه فله انا مديون ليكى باعتذار مش ناسيه و لو حتى انت موفقتيش على طلبى يجدد وعدى ليكى انى اعتذر ليكى قدام المستشفى كلها وانا واقف على رجلى وبكامل قوتى .
و غادر من امامها وخلفه عابد الذى عاد بعد عده دقائق ومعه والدته وماسه التى اقتربت لتضم فله وهى تقول
- والله وكبرتى يا فلتنا وهتتجوزى
ليقول عابد باقرار
- ده لو هى وافقت
نظرت اليه فله وقالت
- انت ايه رايك يا عابد ... وانت يا امى شايفه ايه ؟
قالت والدتها بسعاده ام
- والله والد طيب وابن حلال بس حكايه رجليه دى
ليقول عابد بهدوء ورزانه
- الموضوع ده يا امى بين ادين ربنا وان شاء الله يقوم بالسلامه ولو فله هترفضه او تقبله علشان الموضوع ده تبقا مش بنت اصول ولا تربيه ايدك وايدى
نظرت فله اليه وقالت بثقه
- موضوع رجله مش هو المشكله يا ابيه المشكله ان ... يحيى ده
وصمتت لا تعلم ماذا تقول ليقول هو
- ماله يحيى يا فله انت اكتر واحده تعرفيه وتقدرى تحكمى عليه
ظلت تنظر اليه ثم قصت عليه كل ما حدث بينها وبين يحيى من اول مره وقعت عينيها عليه حتى كلماته لها منذ قليل ليبتسم بسعاده وهو يقول
- هنتقل عليه شويه وبعدين نبلغه بموافقتنا
وبالفعل مر يومان كان هو قلق خائف ومتوتر خاصه وهى لم تحضر الى المستشفى وحين اتصل به عابد واخبره بالموافقه لم يصدق كان سعيدا يتمنى لو كان يستطيع السير ولكنه طلب من احد الممرضين ان يشترى له شوكلاته من نوع فاخر وذهب الى كل طبيب وممرض ومريض واخبره بخطبته لفله واليوم التالى حين ذهبت فله لعملها شعرت بالصدمه وسعاده كبيره تغمرها حين وجدت الجميع يعلم ويهنئها ويخبرها بما فعله يحيى امس
ذهبت اليه لكى تعطيه الدواء كان صامت تماما ينظر اليها فقط عيناه تتحرك معها فى كل مكان تذهب اليه وحين انتهت وكادت ان تغادر والغيظ يملئها قال بصدق
- انا وعدت اخوكى انى مكلمكيش لحد ما نكتب الكتاب يوم الخميس ... وانا قد كلمتى ولا يمكن اعمل اى حاجه تبعدك عنى لانى مصدقت
صمت لثواني ثم قال
- عندى كلام كتير نفسى اقوله بس هستنى يوم الخميس علشان اقوله وراسك عند قلبى وانت بين احضانى علشان لو كلامى موصلكيش احساسى قلبى يوصله
اشتعلت وجنتاها خجلا ولكنها ابتسمت بسعاده وغادرت الغرفه سريعا
وها هو يضع يده فى يد اخيها وحولهم عائلتها ومعظم اطباء المستشفى واصدقائها وبعض الممرضين وبعض الجيران
عينه لم تفارقها منذ بدء عقد القران وحين قال الشيخ
(( بارك الله لكما وبارك عليكما وجميع بينكم فى خير ))
تحرك بالكرسى سريعا ووقف امامها لتجثوا على ركبتيها امامه ليضمها بقوه وهو يقول
- انا اسف يا جماعه بس بجد انا مصدقت .
وهمس فى اذنها
- انا بحبك يا فله بحبك
لتبتعد تنظر اليه بسعاده كبيره وحب ليقول بصوت عالى
- انا بحبك يا فله بحبك
مر اسبوع و ها هم فى المطار وقف عابد امام يحيى وقال
- صحيح انت جوزها دلوقتى لكن اكيد عارف ان فله تستحق فرح وستستحق تلبس الفستان الابيض
ليقاطعه يحيى قائلا بصدق
- صدقنى انا هحميها حتى من نفسى ومن الهوا وهنرجع نعمل احلى واكبر فرح يليق بحبى ليها
وصلت الى المستشفى التى سوف يجرى بها جراحته ساعدته فى وضع ملابسه فى الخزانه واخرجت له ملابس مريحه للنوم واقتربت منه خلعت عنه قميصه والبسته التيشرت وانحنت تخلع عنه حذائه ليمسك يدها ورفعها الى فمه يقبلها وهو يقول
- ربنا يخليكى ليا يا فله تعبك ديما معايا
لتنظر له بلوم وقبل ان تتحدث باى شىء اكمل هو
- تعرفى نفسى اخف و اقف على رجلى من جديد علشان اعوضك عن كل حاجه حصلت قبل كده .... محتاج اعتذرلك قدام كل المستشفى ... محتاج اقولك بحبك وانا بكامل صحتى ... عايز اكون ماشى جنبك اول يوم ليكى فى كليه الطب واجرى عليكى اضمك يوم تخرجك
كانت الدموع تسيل من عينيها تغرق وجنتيها ليمد يده يمسح تلك الدمعات وانحنى يقبل راسها ليسمعها تقول
- انا بحبك اوووى يا يحيى ... ونسيت زعلى منك ونسيت كل الى حصل وان شاء الله تخف و تقف على رجلك وتعمل كل الى نفسك فيه
اكملت ما كانت تفعله وها هو يستعد للنوم حين دلفت احدى الممرضات شقراء فائقه الجمال بزيها الرسمى القصير وضعت فى يد يحيى المحلول المغزى وبدأت فى وضع الادويه وهى تتحدث بنعومه مفرطه جعلت فله تشتعل غضبًا ولكن قبل ان تقوم باى فعل احمق قال هو - شكرا لك ولكن يمكنك ان تخبرك زوجتى بما يجب فعله فهى ايضا ممرضه
نظرت اليها الممرضه وقالت ببرود
- حقا... ولكن هذا عملى ولن يقوم به غيرى
لينظر يحيى الى فله بماذا افعل ولكنه مد يده لها لتقترب وتضع يدها فى حضن يده ليقبلها بحب لتغادر تلك الممرضه دون ان يشعروا بها
بداء الدكتور وليم فى تحضير يحيى لاجراء الجراحه وكان التوتر والخوف يسكن قلبه وقلبها
كانت تجلس بالخارج وبين يديها كتاب الله تقرأ فيه حتى يعود اليها سالماً
مرت ساعات كثيره وهى على نفس جلستها تلك تدعوا الله ... وتقرأ فى كتابه العزيز حتى بعد مرور اكثر من ست ساعات خرج الدكتور وليم وقفت فله امامه سريعا وقالت
- طمئنني ارجوك
خلع نظارته الطبيه وفرك بين عينيه وقال
- لقد قمنا بكل ما نستطيع فعله والايام القادمه سوف تظهر نجاح العمليه من فشلها
وتركها ورحل هى تعلم ان الاجانب ذات دماء بارده ولكن ذلك البرود الذى تحدث به قاتل هو لم يطمئنها هى تريد ان تشعر بالراحه والامان والاطمئنان
اخرجت هاتفها واتصلت بوالدتها تطلب منها العون والاطمئنان وبعد عده ساعات استطاعت ان تدخل اليه اقتربت منه و جثت بجانبه على ركبتيها وامسكت يده تقبلها بحب ثم ظلت تمرر اصابعها فوق كف يده وهى تقول
- انا بحبك يا يحيى بحبك اوووى ... رغم حزنى وجرحى الكبير منك ومن الى انت عملته فيا ... قلبى حبك روحى بقا ملكك ... مش شايفه حياتى من غيرك .... ارجعلى بسرعه يا يحيى وحشتنى عنيك
لتشعر بيديه تمسك يدها لتنظر اليه سريعا لتجده على حاله مغمض العينين لتقول سريعا
- انت سامعنى يا يحيى
ليغلق يده مره اخرى على يديها لتبتسم بسعاده وهى تقبل يده من جديد وتقول
- قوم يا يحيى قوم عندى كلام كتير عايزه اقولهولك
ليغلق يده بضعف لتقول هى بهدوء
- ارتاح وانا مستنياك
ووقفت على قدميها وهى تنظر اليه بحب ثم غادرت الغرفه وبعد يومين فتح عيونه ينظر حوله يبحث عنها و حين وقعت عينيه عليها واقفه بجانب دكتور وليم ابتسم بارهاق ولكنه سعيد لرؤيتها من جديد .... ولكن كلمات الدكتور وليم جائت واضحه
- دكتور يحيى انت تعلم ان فى حالات كثيره لا يكون الشفاء كاملا ولكن ما قد نصل اليه مبشرا جدا
نظر يحيى اليه بصدمه وقال بضعف
- اتقصد اننى لن استطيع السير مره اخرى
خلع الدكتور وليم نظراته وقال موضحا
- حتى الان لا نستطيع التحديد ولكن العمليه كانت ناجحه جدا الامر يعتمد عليك فى الفتره القادمه و على العلاج الطبيعى وقوه ايراداتك
خرج الطبيب من الغرفه لتجلس فله على الكرسى بجانبه صامته لعده دقائق حتى قال هو باستسلام
- مفيش امل يا فله خلاص الموضوع خلص
لتقطب جبينها وهى تقول
- موضوع ايه الى خلص ... موضوعنا ؟
لينظر اليها بعيون لا حياه بها وقال
- هتعملى ايه مع واحد مشلول هتشتغليلو ممرضه هتفضلى طول عمرك بتسنديه بدل ما يسندك هو
لتقف وهى تقول بعصبيه
- اسكت مش عايزه اسمع منك الكلام ده ... وانت هتخف صدقنى ومش هنفقد الامل ولو فضلنا سنين ... مينفعش تستسلم يا يحيى مينفعش
ظل صامت ينظر اليها بصمت ولم يجيب مر اسبوع اخر وبداء يحيى فى التعافي من اثر الجراحه وبداء دكتور العلاج الطبيعى فى جلسات بسيطه له
دلفت فله اليه وبين يديها شىء ما لم يتبيه وضعته على الطاوله الصغيره ثم حركتها لتكون امامه ليكتشف انه حاسوب وحين نظر اليه وجد الدكتور صفوت ودكتور هادى وياسر وكل اطباء المشفى والممرضين امامه ابتسم وقال
- ايه المفاجئه الحلوه دى
ليقول دكتور صفوت بسعاده
- وحشتنا جدا يا يحيى ... شد حيلك علشان ترجعلنا بسرعه
نظر يحيى الى فله التى رفعت كتفيها مع ابتسامه مشاغبه
ليعود بنظره لدكتور صفوت وقال
- وانتم كلكم وحشتوني و وحشنى شغلى ... ادعولى كلكم
ليقول الجميع بصوت واحد
- ان شاء الله هترجع بالف سلامه ... وكلنا فى انتظارك
اغلق الاتصال لتقترب فله وتضغط ذر اخر ليجد والدتها امامه على الشاشه وحين وقع نظرها عليه قالت بحنان
- حبيبى يا ابنى طمنى عليك عامل ايه
ليبتسم بسعاده حقيقه وقال
- بخير يا امى الحمد لله طول ما انت بخير وبتدعيلى
لتقول بطيبه وحنان
- بدعيلك يا ابنى وان شاء الله ترجعلنا بالف سلامه
حين انهى حديثه مع الحجه سوسن نظر الى فله التى جلست على السرير بجانب قدمه وامسكت الحاسوب واغلقته وقالت
- شفت بقا ناس قد ايه بتدعيلك شفت ناس قد ايه مستنياك تخف وترجع بالسلامه
ابتسم وهو يهز راسه بنعم وقال
- ربنا يخليكى ليا يا فله
لتداعب اطراف اصابع قدمه باطراف اصابعها ليحرك اصابعه لتقف سريعا وهى تقول
- انت حسيت بايدى على رجلك صح
لينظر اليها بصدمه و هز راسه بنعم لتخرج من الغرفه راكضه تنادى على الطبيب
بعد مرور شهر ها هم يعودون الى ارض الوطن ولكن يحيى مازال على كرسى مدولب
كان الجميع حزين من اجله ولكن فله كانت دائما مبتسمه وسعيده بقلمى ساره مجدى
واول يوم له يعود الى العمل استقبله الجميع فى استقبال المستشفى ليفاجىء الجميع ويقف على قدميه بصعوبه ويمسك يد فله ويقول بصوت عالى
- انا متشكر ليكم كلكم وتسلموا على دعاكم ليا لكن فى الحقيقه انا مديون لفله باعتذار قدامكم كلكم يمكن انا لسه مش قادر امشى على رجلى لكن انا وعدتها بالاعتذار ده وانا واقف على رجلى زى ما غلطت فى حقها وانا بكامل صحتى .
نظر اليها بحب ثم اكمل قائلا
- انا اسف على كل الى عملته معاكى كانت تنظر اليه تستمع الى كلماته بسعاده رغم انها قد تخطت كل ما حدث ولم يعد يضايقها
كانت تبتسم لتذكرها كلمات الدكتور وليم
(( خلال سنه من الان سوف يعود الى السير على قدميه ولكن قدمه اليسرى ليست على ما يرام سوف يستخدم عصاه طبيه يتكىء عليها ))
مرت ثلاثه اشهر وها هى ترتدى الفستان الابيض حسب رغبتها فى ان تكون معه دائما و عدم اهتمامها ان كان مقعد على كرسى مدولب او واقف على قدميه
كانت رائعه الجمال وكان ينظر اليها بحب وعشق كبير ورغم صعوبه الامر عليه الا انه اراد استقبالها على قدميه ليقف دكتور ياسر بجواره حتى اذا حدث اى شىء
كانت تنظر اليه بحب كبير وسعاده واضحه فى عيونها
مر العرس بين سعاده الجميع ومرح وضحكات من الكل بسعاده
وكان هو يشعر بالقلق فاليوم مميز لا يريد ان يحزنها او ان يقلب سعادتها الى انكسار
ولكنها كانت متفهمه مراعيه لاقصى درجه وفى صباح اليوم التالى كانت نائمه وهو ينظر اليها بابتسامه واسعه يتوعدها بداخله بحياه مليئه بالسعاده يعدها بالاخلاص وبذل كل ما يستطيع لاسعادها
فتحت عيونها لتواجهها عينيه المحبه السعيده وكأنه ملك الدنيا ومن فيها
كانت هى ايضا تنظر اليه بداخلها اقسم على اسعاده وجعل حياته سعيده
بعد مرور عام
ها هى تدلف من باب كليه الطب وهو يمسك بيدها يسير بجانبها صحيح اصبح العكاز رفيقه الابدى ولكن يكفى انه اصبح يستطيع السير ونفذ وعده وساعدها على دخول كليه الطب وعاد الى عمله من جديد واصبحت حياتهم سعيده مملؤه بالحب
(( قد تفقد شىء و تظن انها نهايه الحياه ولكن فضل الله عظيم لا يأخذ منك شىء حتى اعطاك ما هو افضل ))

تمت

يوميات مجنونه.بقلم ساره مجدىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن