الجزء الثاني يوم الاثنين القادم ان شاء الله
يوميات مجنونه
(( جِنان ))- هتجوزك
كانت تنظر إليه ببلاهه و حيره و صدمه كبيرة لم تتخيلها يوماً ليكمل هو كلماته
- أنا بعت أجيب المأذون خلاص
أقتربت منه و جلست على ركبتيها أمامه و قالت
- إزاى يا سيدي البيه ؟ مينفعش أنا خدامتك ... ولادك هيقولوا أيه ؟ ده مش بعيد يدفنوني حيه
ليبتسم الرجل العجوز و قال بهدوء شديد و حنان
- أنتِ ملكيش دعوة بحاجة ... أنا هتصرف
كانت تنظر إليه ببلاهه و عدم أستيعاب و عقلها يعيد عليها كل ما حدث منذ ثلاث أشهر حين كانت تعيش مع والدتها تلك المرأه الريفيه البسيطة التي كانت تعمل فى صنع الخبز و بيعه و كانت هى تساعدها و تذهب لبيع الخبز و أيضاً إيصاله لبيوت العائلات الكبيرة تحاولان إيجاد فرصة للحياة بكرامه بعد وفاة والدها
شابه صغيرة بعيون شديدة السواد و شعر أسود كليل السماء دون قمر صغيرة الحجم من يراها لا يعطيها أكثر من خمسة عشر سنه ... كان الجميع ينظر إليها بعيون الشهوة و الطمع
الجميع يطمع فى جمالها و يعتقد أنها بسبب فقرها قد تكون لقمة سائغة لأي شخص و بأشارة منه ستكون طوع بنانه
و بعد وفاة والدتها حدث ما لم تكن تتوقعه أو ما حاولت تجاهله تطاول أحد شباب القرية عليها و فى بيتها و حين قاومته و طردته أتهمها أنها هى من دعته لمنزلها و أرادت أن تقيم معه علاقة محرمه من أجل المال
و لولا مساعدة أحد جيرانها و الذين يعلمون جيداً من هي و يعلم أخلاقها و كان شاهد على كل ما كان يحدث معها سابقًا
أخذها إلى بيت الصوالحي للخدمه فيه و لولاه لا تعلم ماذا كان سيكون مصيرها
أنتبهت من أفكارها على صوت مرسال بيه الصوالحي و هو يخبرها أن تفتح لمن يطرق الباب منذ عدة دقائق
أعتذرت و هى تقف على قدميها و غادرت الغرفة و بعد عدة ثوانِ دلف إلى الغرفة الأبن الأكبر للسيد مرسال كِنان و على وجهه إبتسامة وقوره تناسب مركزه و تلك الهيبه الذي أكتسبها و سط أهل البلده منذ أصبح هو كبير عائلة الصوالحي بسبب مرض والده و أيضاً مديراً لشركة من أكبر شركات الهندسة فى العاصمة
جلس كِنان أمام والده بعد أن قبل جبينه و يديه و توجهت جِنان إلى المطبخ تعد لهم الشاي
- خير يا حج أتصلت بيا و طلبت أنى أجيلك خير فى أيه ؟
سأل كِنان ببعض القلق ... ليعتدل الحج مرسال و نظر إلى إبنه الكبير بجدية و قال
- فى موضوع عايز أكلمك فيه و الموضوع ميستحملش التأجيل
قطب كِنان حاجبية باندهاش و هو يقول مستفهماً
- خير أيه إللى حصل قلقتني؟
دلفت جِنان فى تلك اللحظة وضعت أكواب الشاي على الطاولة التى تتوسط مجلسهم و غادرت بصمت
ليقول كِنان بابتسامة صغيرة مرحه
- أحلى حاجة فى البنت دى أنها صيلنت
لينظر مرسال إليه باندهاش ليقول كِنان موضحًا
- أقصد يعني هادية و ملهاش صوت محدش بيحس بيها
أومىء مرسال بنعم دون تعليق على كلمات إبنه ليقطب كِنان حاجبيه ببعض القلق و قال مستفهماً
- مالك يا حج هو فى حاجة و لا أيه ؟
رفع مرسال عينيه إلى ولده الكبير و بداء فى سرد كل ما حدث و ما وصل له عن طريق أحد أهل القرية و المقربين من الحج مرسال ... و رغبته القوية فى وئد كل هذا الحديث فهو يعتبرها كأبنته و لا يريد أن تتعرض لأي أذى
ظل كِنان صامت يستمع إلى حديث والده و بداخله نار تشتعل ... منذ متى و إسم عائلة الصوالحي يلاك على الألسون بتلك الطريقة و كيف تجرء هؤلاء الأوغاد على ذلك ... كيف يظنون أن هناك علاقة محرمه بين والده و خادمته
كله بسبب تلك الفتاة و لكن كما قال والده ما ذنبها تلك اليتيمه لكن حين أكمل والده كلماته وقف كِنان و قال بغضب
- أيه إللى أنت بتقوله ده يا حج مرسال أنت عايز تتجوز خدامتك يا حج يا كبير عيلة الصوالحي
قست نظرات مرسال و قال بقوة رغم سنوات عمره التى تخطت السبعون
- أنتَ بتعلي صوتك على أبوك يا كِنان و الله عال
خيم الصمت لعدة ثوانِ كان حديث العين أقوى و أعظم و مع ذلك الصمت كانت تلك المسكينة ترتجف خوفاً و قلبها ينقبض بشده و كأن هناك أحد يمسكه بقوة يعتصره
عاد كِنان يجلس مكانه من جديد و هو يقول
- يا حج إللى أنت بتقوله ده مش حل .. ده ممكن يكون فضيحه جديدة و هيأكد الكلام إللى بيتقال
ظل مرسال صامت ينظر إلى ولده بعيون قاسيه و نظرات حاده ليكمل كِنان كلماته
- طيب بص يا حج إحنا ممكن نجوزها حد من رجالتنا كلاف المواشي و لا السواق أو حتى الغفير الخصوصي بتاعك أو حتى أشوف ليها موظف من عندي فى الشركة
لوى مرسال شفتيه باستهجان و قال ببعض السخرية
- و هما الكلاف و لا الغفير و السواق مش من أهل البلد و مش ممكن يكونوا أول الناس إللى مطلعين الإشاعات يا كبير يا عاقل ... و إللى هتجيبه من شركتك هتجوزها ليه إزاى بالأمر و تضمن منين أنه هيصونها و يحافظ عليها
خيم الصمت من جديد لكن تلك المره لم يطول حيث قال مرسال بهدوء موضحاً
- أنا كل غرضي أنى أحميها من كلام الناس إللى مرحمهاش من قبل حتى موت أمها كمان البت من ساعة ما أشتغلت وهى شيلاني شيل ومش مقصره معايا فى حاجة بالعكس دى خدامه و ممرضه و مرمطون ليكم أنت و أخواتك متحملاني و بتخاف عليا أكتر من بنتي إللى من دمى و لحمي قولت أكتب عليها بالأسم أنها مراتي و قعادها معايا محدش يقدر يتكلم عليه و فى نفس الوقت أهو لما أموت أبقى آمنتها بفلوس و مكان يأويها و أنتوا تحافظوا عليها كرامه ليا على الأقل .... و أهو أبقى آمنتها بدل ما ترجع تتمرمط تاني فى البيوت و لا حد من الناس إللى متمنيين أنهم يطلوها يأذيها و يبقى كل إللى عملته راح على الأرض
لم يرد كِنان على كلمات والده مباشرة و لكنه ظل يفكر فى كلماته عقله يخبره أن هناك حل آخر فهو لا يتحمل فكرة أن يتزوج والده من تلك الفتاة و أيضاً يرفض تركها لقمة صائغه لكل من تسول له نفسه أنه قادر على أن يطولها ... أخلاقه و رجولته لن تسمح أو تقبل بهذا
أخذ نفس عميق و هو يتذكر نظراتها و دموعها وقت حضورها لبيتهم أول مره دموع خوفها و جسدها الذي يرتجف و كأنها طفله صغيرة تنام فى العراء فى أشد الأيام صقيعاً
يتذكر ألم قلبه حين وافق والده عليها و أنحنائها تقبل يديه بشكر و أمتنان و كأن بقائها داخل إطار هذا البيت حتى لو بدور خادمة هو كل ما كانت تتمنى
يتذكر أن من وقت حضورها أصبحوا جميعاً مطمئنين على والدهم بسبب إهتمامها الشديد بمواعيد طعامه و دوائه حتى أن أخته لم تعد تحضر له كثيراً كما السابق و أخيه الأصغر لم يكن يهتم بالشكل الكافي سابقاً و الأن لا يهتم من الأساس
و أيضاً يتذكر هدوئها و عيونها التى لا ترتفع فى أحد لا تهتم بشؤونهم و لا تدخل فيما يخصهم
لكن كيف يتزوج الحج مرسال الصوالحي من جِنان ... خادمته
أخذ نفس عميق و أخرجه مره واحدة بقوة ثم أراح ذراعيه فوق ساقيه و هو ينظر إلى أبيه بتفحص و قال مستفهماً
- يعني أنت يا حج عايز تتجوزها بس علشان تحميها من كلام الناس و تأمنها و لا أنت عينك منها فعلاً
- شكل عقلك خرب يا كِنان هو أنا لو كنت عايز أتجوز لغرض الجواز نفسه ما كنت عملتها من زمان ... أنا يا ولدي خلاص مش عايز حاجة من الدنيا غير أنى أما أقابل ربنا أكون مقابله و أنا مرتاح و مطمن عليكم و يكون راضي عني ... و البت دي أنا بعتبرها بنتي و لو سبتها كده ملطشه للكل و أنا أقدر أساعدها ربنا مش هيسامحني أبداً
أجاب مرسال ولده بهدوء ليقول كِنان مباشرة و دون مراوغة
- كده بقى يبقى أنا إللى هتجوزها
هل توقف قلبها عن النبض ؟ و توقفت رئتيها عن التنفس هل ما سمعته الأن صحيح ؟ كِنان مرسال الصوالحي يتزوجها هى ... جِنان إبنة مرسي البحار خادمة عائلة الصوالحي الفتاة الفقيرة اليتيمة ... و هل ستتزوجه بالفعل
السيد كِنان الذي لا تستطيع رفع عيونها به صوته فقط يجعل قدميها ترتعش و تشعر أنها ستسقط على ركبتيها أمامه
أغمضت عيونها و هى تتوسل إلى الله أن يرفض الحج مرسال كلماته و ينهره بشده
أنها تقبل أن تتزوج الحج مرسال و تصبح مجرد خادمة فى البيت الكبير لعائلة الصوالحي بعقد زواج يكفيها حنانه و قلبه الكبير
من أن تتزوج السيد كِنان أنها لا تستبعد أن يقتلها ليلاً و يلقي بجسدها فى المصرف الكبير
وضعت يديها على قلبها حين قال الحج مرسال
- هتتجوز خدامتك يا كِنان ؟
- أفضل ما الحج مرسال إللى الكل بيحترمه و بيعمله ألف حساب يتجوزها و الكل يقول الراجل الكبير عقله خرف و أتجوز عيله أصغر من عياله يا حج ... و بعدين معايا هتفضل خدامة يا حج حتى بعد الجواز
أجابه كِنان بهدوء ليقطب مرسال حاجبيه و شعر ببعض الضيق لكنه قال بشك
- و هتعلن جوازك منها ؟
رفع كِنان حاجبيه ليبتسم الحج مرسال و هو يقول بإقرار
- أتصل بأخواتك و أبعت جيب المأذون
شعر كِنان بحيره من تصرفات و كلمات والده لكنه لم يعقب
و كانت هى تشعر أن العالم أصبح باللون الأسود و لم تعد ترى أمامها
لتسقط مغشياً عليها أسفل قدمي كِنان الذي كان على وشك مغادرة الغرفة
ظل ينظر إلى جسدها الصغير المسجى أسفل قدميه لعدة ثوانِ ثم حملها و دلف بها إلى غرفتها و خرج ينادي على علوان السائق الخاص بوالده يأمره بأحضار الطبيب
أقترب مرسال من الغرفة ينظر إليها غائبه عن الوعي و هو يدرك جيداً خوفها من إبنه و يقدر ذلك بشده و لكن خطته تسير الأن كما يريد بالتحديد
رغم فقر تلك الفتاة و أنها يتيمة بلا عائله إلا أنه قد تمناها لولده من أول مره وقعت عينيه عليها
هادئه و كِنان بركان من نار ... جميله و كِنان لا يلتفت إلى النساء و يرفض الزواج و يعلم جيداً أن تلك الفتاة هى المناسبه له ...و قد نجحت خطته بالفعل و ذلك يجعله يشعر بالسعادة
وصل الطبيب و قام بفحص جِنان و بعد عدة دقائق غادر الغرفة ليقف أمام الحج مرسال و كِنان الذي يستند على الحائط و يضع يديه فى جيب بنطاله
ليقول بهدوء لكن ببعض الحيره
- هى ضعيفة شوية بس مش عارف سبب الإغماء أيه ... ممكن تكون خافت من حاجة أوى علشان كده قرر عقلها الباطن يبعدها عن مصدر الخطر ده
صمت لثوانِ تبادل فيها كِنان النظرات مع والده حتى قال الطبيب من جديد بنفس الحيره
- أنا إديتها حقنه و ان شاء الله لما تصحى هتكون كويسه أوى بس ياريت تهتموا بأكلها شوية
غادر الطبيب ليقول مرسال سريعاً
- روح يلا نفذ إللى أتفقنا عليه خلينا نكتب كتابكم و تاخدها و تسافر
رغم أنه يشعر بحيره كبيرة من موقف والده و عقله يريد أن يصرخ كيف نعقد القران و هى على تلك الحالة لكنه تجاهل كل ذلك و تحرك ينفذ ما قاله والده عله ينهى الأمر و يعود لعمله
بعد مرور أكثر من ساعتين كانت جِنان فى عالم آخر تحارب أشباح خوفها لكنها طوال الوقت تشعر و كأنها مكبله بقيود لا تراها لكن إحساسها أن تلك القيود ما هى إلا يد كِنان كان يزيد من خوفها
فى ذلك الوقت وصلت عفاف أصغر أبناء الحج مرسال و زوجها عدنان كذلك وصل براء و زوجته لارا و الجميع لا يفهم سبب ذلك الأستدعاء الغريب و السريع
أيضاً حضرت تلك الفتاة المدعوة لوچين مديرة مكتب كِنان فتاة لا يتقبلها الحج مرسال بأي شكل من الأشكال ملابسها قليله تتمايل فى سيرها و تتحدث بطريقة تثير غثيانه لكن كِنان متمسك بها لأنها تستطيع إنهاء الكثير من الأمور بسبب علاقتها الكثيرة و المتشعبه
فقد أرسل كِنان فى طلبها و أن تحضر معها فستان مناسب لجِنان و حتى تساعدها فى إرتداء ملابسها و تجهيزها لتكون لائقه بكِنان مرسال الصوالحي
فى هذا الوقت كانت تحارب جِنان جفنيها حتى تستطيع فتحهم ... فبداخلهم رغبتان قويتان واحده تريدها أن تظل فى ذلك الظلام وحيدة على أن تعود إلى ذلك الواقع المفترض فيه أنها ستتزوج من السيد كِنان
ظلت لوچين تجلس على تلك الأريكة الموجوده بغرفة جِنان تنظر إليها بشر و غضب ... هل هذة الفتاة البسيطة ستكون زوجة كِنان الصوالحي .. الرجل الذى لم يتمنى قلبها سواه هى لا تؤمن بالحب و لكن تؤمن أنه من يستحقها
وقفت و أقتربت من السرير لترفع الغطاء عن جسد جِنان و بدأت فى تفحصها بدقه من أصابع قدميها حتى خصلات شعرها التى كانت تختبىء خلف حجابها تتوعدها بأن تكون الأيام القادمة سوداء كسواد خصلاتها و دون نهاية كطوله
فتحت جِنان عيونها بتثاقل و لكن الرؤية لم تكن واضحة لها مرت عدة ثوانِ رمشت عدة مرات حتى أتضحت الرؤية و نظرت إلى تلك الفتاة الغريبة بحيره و أندهاش ثم أعتدلت جالسه تقول بصوت ضعيف
- حضرتك مين ؟
لوت لوچين فمها و قالت و نظرات الأحتقار واضحه فى عيونها
- أنا لوچين صديقة كِنان و مديرة مكتبه
شعرت جِنان بكره تلك المرأة لها و لا تعلم سبب هذا أنتبهت من أفكارها على حركة لوچين لتجدها تخرج فستان لم تتبين شكله لكن لونه الأبيض المميز خطف عيونها و أعاد لها الخوف من جديد و ذكرها بما سمعته من حديث الحج مرسال و ولده كِنان أغمضت عيونها بقوة كأنها تتمني أن تكون داخل كابوس و حين تفتح عيونها ينتهى كل شىء لكن تلك السيدة التي تحتقرها كما واضح على ملامحها وئدت أحلامها حين قالت بسخرية
- يلا يا عروسه علشان تجهزي المأذون على وصول
لم تتحرك و لم تستطع أن تحرك أى جزء من جسدها لتقترب منها لوچين و قالت ببعض الغضب
- ما تقومي و لا لازم أتحايل عليكي
أنزلت جِنان قدميها أرضاً و وقفت ليتضح أمام عيون لوچين تفاصيل جسدها الرقيق بقصر قامتها و نحافتها لتقترب منها سريعاً و بين يديها الفستان و حقيبة صغيرة بها كل ما تحتاجه و قالت
- أسيبك تلبسي و بعدين هرجع أعملك الميكب
أخذت جِنان الأغراض لتتوجه لوچين إلى الباب و قبل أن تفتحه قالت بسخرية
- هتعرفي تلبسيهم و لا
و تركت باقي حديثها معلق و غادرت الغرفة بعد أن ضحكت ضحكه ساخرة بصوت عالي
فى ذلك الوقت كان كِنان يقف فى الشرفة الكبيرة يتحدث إلى صديقة و شريكة كان يضغط بأصبعيه السبابة و الإبهام أعلى أنفه و هو يقول
- رامي بلاش ذكاء أما أرجع هفهمك كل حاجة
ليضحك رامي بصوت عالي و هى يقول
- هتتجوزي يا بيضة و أخيراً هتدخل القفص يا كِنان و هفرح فيك
- قفص أيه يا ابنى أنت ... أنت مش فاهم حاجة أقفل يا رامي و أما أرجع هبقى أشرحلك كل حاجة
أقتربت لوچين منه و وقفت أمامه و هى تقول بدلالها المعهود عليه
- طيب ممكن تفهمني أنا .... إزاى كِنان الصوالحي إللى ألف بنت تتمنى قربه يتجوز البنت دي.
قالت كلمتها الأخيرة و هى تشير إلى الغرفة بازدراء ليرفع كِنان حاجبه و قال بثبات دون أن يظهر على ملامحه أى تعابير واضحة
- هو لو أنتِ لقيتي مصاصه مفتوحه و مرميه تحت رجلك كلها تراب و الدبان بيلف حواليها هتوطي تشيليها و تكاليها
ظهر التقزز على ملامحها و هى تقول باشمئزاز
- لأ طبعاً أيه القرف ده
ليبتسم إبتسامة جانبيه و هو يقول
- يبقى إزاى بقى كِنان الصوالحي يقبل ياكل حاجة مكشوفة و الدبان عافف عليها و كلها تراب و قزاره
شعرت أن الكلمات تحمل الكثير من الإهانة و إن هذا الحديث موجه لها فمؤكد شخصية كشخصية كِنان يعلم جيداً أنها معجبه به و تحاول بكل الطرق لفت نظره
نظرت أرضاً و لم تجيب على كلماته ليكمل هو بهدوء
- إللى هتشيل إسم كِنان الصوالحي لازم تكون عارفة قيمة الأسم و تحافظ عليه بعمرها و جِنان رغم بساطتها و فقرها عارفة قيمة أسم الصوالحي كويس أوى ... فهمتي يا آنسة لوچين
قال آخر كلماته باستهزاء و بعض السخرية تجاهلته هى و أقتربت منه لتعدل من ياقة قميصه و أبتسمت بدلال مفتعل و قالت
- طيب يا باشمهندس كِنان أروح أنا بقى أجهزلك عروستك
و غادرت من أمامه يتابعها بنظراته المحتقره ... يعلم جيداً معدنها و يعلم أنها تريد إيقاعه فى شباكها و لكنها بالنسبة له كفتاة ليل تتنقل بين أحضان الرجال الشيء الوحيد الذي يجعله متمسك بها فى العمل بسبب علاقاتها و قدرتها على إنهاء أصعب الصفقات لها طرقها الخاصة صحيح هو لا يقبلها لكن أحياناً يحتاج إليها و يدعوا الله دائماً أن يعينه على التخلص منها قريباً
أخذ نفس عميق و هو يعدل ياقة قميصه و هو يفكر لقد فعل الصواب داخله إحساس يخبره بذلك رغم أنه لا يعلم السبب
فى صالة البيت الكبير كان الجميع يشعر بالصدمة من كلمات الحج مرسال لا يصدقون ما يسمعون
ليقول براء بعد أن عدل وضعية نظارته الطبيبة
- إزاى بس يا والدي كِنان يتجوز البنت دى ليه و أسم العيله
و أكملت عفاف كلمات أخيها بصوت مرتفع قليلاً
- هو حصل حاجة بينهم يا بابا و أنت عايز تصلح غلطهم لو كده يكتب عليها سكيتي و تمشي تغور من هنا لكن ليه الفضايح دى و تضيعوا هيبة و أسم العيله
لم يجيب الحج مرسال هو بالأساس لم يجد الفرصة للرد ... خاصة حين صدح صوت كِنان القوى ناهراً أخته بحده
- جِنان هتبقى مرات أخوكي و لما تتكلمي عنها أتكلمي بأدب .. و مش كِنان الصوالحي إللى يتقال عليه عمل حاجة غلط فى الحرام فاهمه يا عفاف ... كمان أسم العيله و سمعتها يهمني أنا و أبوكي أكتر منك أنتِ و أخوكي فأكيد أى حاجة هنعملها لمصلحة أسم العيله
خيم الصمت على الجميع ... و لكن الحج مرسال ترتسم على شفتيه إبتسامة صغيرة يعلم جيداً أن ولده لم يقع فى غرام جِنان لكنه رجل حقيقي و لن يسمح لأحد بالمساس بها لذلك سعى بكل طاقته أن يزوجهم هى بحاجة لعائلة كبيرة و سند ككِنان الصوالحي و هو بحاجة إلى فتاة نظيفة القلب بسيطة قليلة المتطلبات هادئة المعشر تجعل قلبه الصخرى يلين و يتفتح لتلك الحياة حتى يسعد فهو حقاً يستحق
جلس كِنان بجانب والده بعد أن طال الصمت و لم يجرىء أحد من إخوته على الحديث أو الإعتراض
فى غرفة جِنان تجلس أسفل يد لوچين الخبيره فى التجميل لكنها حين أنتهت و نظرت جِنان إلى وجهها فى المرآه شهقت بصوت عالي و أخذت بعض المناديل و بدأت فى مسح كل ما قامت به تلك الفتاة التي صرخت بها
- أنتِ بتعملي أيه يا مجنونه أنتِ يا فلاحه
لم تجيبها جِنان بشىء و أستمرت فى مسح وجهها حين دلف كِنان على صوت لوچين لينظر إلى ما يحدث بصدمه لتقف لوچين متخصره تنتظر توبيخه لتلك الفتاة الريفيه لكنه نظر إلى لوچين بغضب و قال
- أيه إللى أنا شايفه ده ؟ هو أنا قولتلك عايزها أراجوز
نظرت إليه لوچين بضيق شديد ليقول هو بأمر
- أمسحي كل إللى على وشها ده و مش عايز أشوف القرف ده عليها أنت فاهمه
أومئت لوچين بنعم .. كل ذلك و جِنان منشغله فى مسح تلك الألوان عن وجهها و دموعها تغرق وجهها و رغم أن جسدها بأكمله ينتفض خوفاً لكنها سعدت أن ما حدث لم يرضيه .. و تشعر أن قدميها لم تعد تحملانها لكنها لم تحتمل أن ترى نفسها كما وصفها كِنان ( أراجوز )
غادر كِنان الغرفة لتظفر لوچين الهواء بغضب و قالت بضيق شديد
- أقعدي خليني أشيل الميكب
و بعد أكثر من نصف ساعه عاد وجه جِنان إلى ما كان عليه و أفضل قليلاً بسبب تلك الكريمات والمرطبات التى وضعهتها لها لوچين
طرقات على الباب و بعدها دخل الحج مرسال و دون أن ينظر إلى لوچين قال
- سبيني مع مرات إبني
خرجت لوچين و هى تتوعد ذلك الرجل بينها و بين نفسها ... أنها لوچين النجار و لن تسمح لأحد أن يحطم أحلامها أو يأخذ ما تريده و وضعت عيونها عليه
وقفت جِنان سريعاً أمام الحج مرسال و قالت برجاء و توسل
- أبوس إيدك يا حج أنا مش عايزه أتجوز كِنان بيه ... و النبي يا حج أنا لو عامله مشكلة ليكم أنا همشي بس و النبي مش عايزه أتجوز كِنان بيه أنا بخاف منه أوى
إبتسم الحج مرسال بشفقة و ربت على كتفها و هو يقول
- أهدي يا بنتي ... أنا لو شايف أن جوازك من كِنان فى ضرر ليكي الله فى سماه ما كنت وافقت ولو كانت الدنيا هتولع و مش هنعرف نطفيها
أتسعت إبتسامته أكثر و هو يقول بحنان أبوي
- لكن جوازك من كِنان هو كل الخير بإذن الله ... كِنان محتاجك و أنتِ كمان محتاجاه ... محتاجه تعملي بيه عيله زى ما هو محتاج منك إنك تكوني قلبه الطيب إللى ينبض باللين و الحب و تكوني الباب الحقيقي إللى يوريله جمال الدنيا
أنحدرت دموعها ليقول هو بأمر حاني
- يلا نطلع بقى ... المأذون مستنيكي من بدري و كده شياطين كِنان هتطلع و محدش هيعرف يقف قدامه
لتغمض عيونها بقوة ... هل ما يقوله الأن من المفترض أن يطمئنها أنها تشعر بأنها تساق الأن حتى تعدم و ليس لتتزوج
جلست بجانب الحج مرسال بصمت كعادتها دائماً تنظر أرضاً بخجل و هذة أيضاً عادتها دائماً عيونها لا ترتفع أبداً عن الأرض كان ينظر إليها نظرات خاطفه من وقت لآخر رغم أنه يشعر بنار تشتعل داخل قلبه لا يفهم سببها
مرت دقائق كثيرة أو قليلة هى لا تعلم فالخوف هو ما يسيطر عليها و بشده
حين مد المأذون الأوراق أمامها حتى توقع مدت يدها المرتعشة لتمسك القلم و قلبها يكاد يتوقف و تشعر أن الهواء من حولها قد أنتهى و لا تستطيع التنفس أو الحركة
كان الصمت هو سيد الموقف
فكل الموجودين يرفضون هذه الزيجة و لا يوجد شخص سعيد إلا الحج مرسال الذي وقف و مد يده لجِنان فنظرت إليه ثم وقفت سريعاً ليقترب منها و يقبل جبينها و هو يقول بسعادة
- مبروك يا مرات إبني كده بقيتي بنتي رسمي
ثم نظر إلى كِنان و قال
- جِنان أمانة فى رقبتك يا كِنان و أنا عارف إنك قد الأمانة
قال كلمته الأخيرة بطريقة يفهمها إبنه جيداً ... والده يحذره بطريقة مستتره و هو أبداً لن يهينها يوماً و لكن ما يراه داخل عيون والده أمر مستحيل
أومىء بنعم دون أن يرد بشيء لينظر الحج مرسال إلى براء و عفاف و قال بأمر
- مش هتباركوا لمرات أخوكم و لا أيه ؟
أقتربت عفاف منها و قالت من بين أسنانها
- مبروك يا جِنان
كذلك قال عدنان لكنه لم ينطق أسمها .. فهو يعلم طبع كِنان جيداً
كذلك فعل براء و لارا ... لم تستطع أن تجيبهم بشىء فهى فى عالم آخر
مرت عدة دقائق كانت ثقيله عليها المجهول مخيف و أيضاً مع شخص ترتعب منه تخشى حتى النظر إليه كيف ستعيش معه فى مكان بعيد عن الحج مرسال ... ذلك الرجل الذي شعرت جواره بحنان الأب و الأمان
أنتفض جسدها حين وصلها صوته و هو يقول
- طيب يا حج هنمشى إحنا بقى علشان الطريق طويل
ليقول الحج مرسال بهدوء
- يلا يا جِنان روحي هاتي حاجتك من جوه
لتقف مكانها تشعر بالدونيه و الذل حين قالت لوچين بغرور
- حاجتها دي أكيد مش هتكون مناسبة أبداً لوضعها الجديد ... باشمهندس كِنان أنا هبقي أشتريلها لبس مناسب ... و لا أيه رأي حضرتك ؟
نظر كِنان إليها بغضب و رفع حاجبة وقال بهدوء يصل حد البرود
- أنا رأيِ إنك بتدخلي فى حاجات متخصكيش يا آنسه لوچين
شعرت لوچين بالأحراج و زاد هذا من النار التي تشتعل داخلها تود أن تحرق جِنان دون رحمه
و أبتسم الحج مرسال إبتسامة صغيرة لكن أيضاً تدل على السعادة و الراحة
و كانت نظرات الضيق تطل من عيون عفاف و زوجها كذلك براء و زوجته لكن لم يستطع أحدهم الحديث أو الإعتراض
ليقول كِنان بنفاذ صبر
- هتجيبي حاجتك و لا نمشي
تحركت جِنان سريعاً جمعت كل ما يخصها بالغرفة داخل تلك الحقيبة الصغيرة و خرجت من الغرفة لينادي كِنان على علوان و آمره أن يأخذ منها الحقيبة و يضعها فى صندوق سيارته و ألتفت إلى والده يقبل رأسه ... و أقتربت جِنان كذلك من الحج مرسال و أنحنت تقبل يديه بإحترام و تلك الحركة جعلت لوچين تنظر لها بإحتقار و ولوت عفاف فمها بسخرية و لكن كِنان كان يشعر بالنقيضين سعيد بأنها تحترم والده بشده و تلك الحركة تدل على كونها تراه والدها خاصة بعد أن طلبت منه أن يكون وكيلها لعقد القران و الإحساس الأخر هو السخرية من كونها لا تستطيع نسيان كونها خادمة ... و من الواضح أنها ستظل خادمة
و مباشرة صعدت لوچين إلى الكرسي الأمامي فى سيارة كِنان تاركه سيارتها و هى تقول بدلال مستفز
- أصل أنا هخاف أسوق بالليل لوحدي
و حين فتحت جِنان الباب الخلفي لتصعد إلى السيارة شاكره الله فى سرها أن تلك الفتاة جلست فى المقدمة فهى كانت لا تعلم ماذا عليها أن تفعل أو أين تجلس لكن صوته الذي يحول أقدامها إلى هُلام أوقفها قبل صعودها إلى السيارة
لتنظر إليه بعيون خائفة و جسد يرتعش خوفاً لينظر هو إلى لوچين و قال ببعض السخرية
- هو أنا كتبت كتابي عليكي أنتِ من شوية و أنا معرفش
لتنظر إليه لوچين بابتسامة سمجه و قالت
- لا يا باشمهندس ... بس أكيد حضرتك مش عايز حد من منافسينك يشوفك و هى قاعده جمبك باللبس ده
ليرتسم الشر على ملامح كِنان و هو يقول بأمر
- أنزلي الكرسي ده مكان مراتي و أكيد أنتِ مش مراتي و لا هتكوني
تجمد الموقف لعدة ثوانِ .... لوچين تشعر برغبة قوية فى صفعه و الترجل من السيارة و ضرب تلك الخادمة حتى تشفي غليلها منها و جِنان كانت تشعر بالصدمة و الأندهاش من كلماته التى لم تتوقعها يوماً أو تتخيل أن يقولها
أنتهى ذلك الصمت و التجمد حين صرخ بلوچين
- أنزلي
لتفتح باب السيارة و ترجلت منها ليقول بأمر بعد أن نظر إلى جِنان
- تعالي أقعدي هنا
لتتحرك سريعاً تنفذ آمره و جسدها ينتفض خوفاً و رعباً و عاد الصمت من جديد خاصة و إن لوچين لم تصعد إلى السيارة و ظلت تنظر إليهم بغضب لينظر هو إليها نظره خاطفه ثم ألتفت إلى الخلف و أغلق الباب و أدار محرك السيارة و أنطلق تارك لوچين تركض خلفه بصدمه ثم وقفت مكانها تتوعده و تلك الفتاة
ثم عادت إلى سيارتها و قادتها بعنف شديد
طوال الطريق كان الصمت هو سيد الموقف
هو سارح فى كل ما حدث ... و لا يستطيع تفسير ما يشعر به و لماذا أنفعل بتلك الطريقة حين شعر بإهانه لوچين المتكرره لجِنان
و كانت هي غارقة فى خوفها و ما ينتظرها من أيام مريره و صعبه
مر الوقت هى سارحه فى متابعة الطريق و عقلها يصور لها أبشع الصور و المشاهد
و هو يفكر فى كل ما حدث و كيف كان حاله حين وصل البلده و ألتقى بوالده و حاله الأن
أوقف السيارة فى مكانها المخصص أسفل تلك البنايه الشاهقه الذي يقطن بها
و دون أن ينظر إليها قال آمراً
- أنزلي
ترجلت من السيارة و توجهت مباشرة إلى صندوق السيارة تخرج حقيبتها ليقول بأمر مره أخرى
- سيبيها
تركتها مكانها و تراجعت خطوة واحده إلى الخلف لينادي هو على حارس العقار و طلب منه أن يأخذ الحقيبة
و تحرك لتسير خلفه بصمت دلفوا إلى المصعد لتشعر بالخوف يتصاعد داخلها أغلق الباب و شعرت بصعوده لتغمض عيونها بشده و دون إيراده منها أمسكت يديه بقوة بل تشبثت بها بأظافرها قلبها يتوقف خوفاً
كان ينظر إليها باندهاش لكن عيونه كانت تلتهم تفاصيل ملامحها الرقيقة ثم نظر إلى يديها الصغيرة بأصابعها الرفيعة شديدة البياض المتناقضه تماماً مع سمار بشرته
ظلت عيونه ثابته على وجهها الرقيق و ملامحها الدقيقة و هى مغمضة العين بخوف و يدها تتشبث به أكثر و أكثر
حتى توقف المصعد ظلت على حالها عدة ثوانِ كان هو أيضاً لا يريدها أن تفتح عيونها أو أن تقطع تلك اللحظات التي يشعر فيها بالتضارب و عدم الفهم و يا له من شعور لم يجربه من قبل لكن باب المصعد قد فتح و كان لابد من الخروج فلن يكون الأمر جيد إذا طلب أحد المصعد أو شاهدهم على هذا الوضع فقال بصوت خرج حاني على غير عادته
- أحنا وصلنا
فتحت عيونها تنظر إليه بخوف ثم إلى الباب المفتوح أمامها لتومىء بنعم
لكنها أنتبهت ليدها التى تمسك بيديه لتبتعد سريعاً عنه و هى تقول بصوت مرتعش
- أنا ... أنا اااااسفه و الله معرفش
رفع يديه يسكت سيل كلماتها و أشار لها أن تغادر المصعد لتخفض نظرها أرضاً و غادرت المصعد و هو خلفها لتجد حقيبتها أمام باب لونه أسود داكن يتوسطه أسد ذهبي أنيق فتح كِنان الباب ودلف ثم أشار لها بالدخول ... خطت أول خطواتها إلى داخل تلك الشقة الأنيقة بشكل مميز يخطف الأنفاس
لكنها غير مرتبة و غير نظيفة بالمره ظلت واقفه فى مكانها تنتظر أن يقول أى شىء أو يخبرها لأين تذهب
تركها كِنان على وقفتها و توجه إلى الشرفة التى تتوسط ذلك الحائط الكبير و فتحها و وقف أمامها يصل إليها صوت أنفاسه المتلاحقه و كأنه يحاول أن يهدئ من غضبه أو يحاول ترتيب أفكاره ... أو أنه يظهر لها كم هو يشعر بالأختناق فى وجودها
أستمر الأمر لعدة دقائق أو ثوانِ هى لا تعلم فهى غارقه فى أفكارها السوداء و هو يحاول أن يرتب أفكاره و يعلم كيف سيتعامل معها كل منهم غارق فى أفكاره و خوفهيتبع
![](https://img.wattpad.com/cover/185572856-288-k984852.jpg)