الفصل الثالث
**********كانت كوثر هانم تجلس بجوار نادين متابعين أحد الأفلام على التلفاز عندما أعلنت الخادمة عن وصول الآنسة فريدة فنهضت كوثر بابتسامة واسعة لترحب بها بشدة: أهلا أهلا فيري حبيبتي
فريدة بابتسامة مماثلة: أهلا يا أنطي
كوثر بلوم: مش اتفقنا انك تقوليلي يا ماما ؟...انتي عارفة كويس أنه كان نفسي ربنا يرزقني ببنت بس النصيب كان آسر وبس وحاسه انه انتي تعويض ربنا ليا
فريدة متقربة: أكيد يا ماما كوثر دا شئ يشرفني
قم التفتت إلى نادين لتجز على أسنانها وهي تلقي عليها التحية: ازيك يا نادو؟ عامله ايه؟
نادين بملل: الحمدلله
قالت فريدة موجهه حديثها إلى كوثر: اومال آسر فين؟ لسه في الشركة؟
تنهدت كوثر: لا يا ستي سافر تاني
فريدة مستغربة: هو لحق يوصل عشان يسافر ؟
كوثر: ما باليد حيله الشغل الشغل من سنين وهو على كدا
فريدة بدهاء: هو محتاج واحده تبقى جانبه وتعرف تربطه في البيت وتلغي مواضيع السفر دي من دماغه خااالص
كوثر وقد فهمتها: الدور والباقي عليكي .... اتشطري انتي بس
فريده بخبث: وراه وراه لحد ما نتجوز ! هيروح مني فين؟
كوثر بسعاده: اهو كدا تعجبيني ... أنا هالاقي أحسن منك لابني فين؟
نهضت نادين مغادرة بـتأفف فقد بدأ التخطيط لتزويج والدها من تلك الافعى فريدة التي لا تطيق أيا منهما الأخرى على الرغم من أن فريدة تدعي حب نادين أمام الجميع لتنال رضاها حتى أن نادين كانت ستصدقها ولكنها اكتشفت حقيقتها بالنهاية وتدعو من الله دائما أن تكتشفها جدتها هي أيضل لتكف عن محاولة دفع والدها تجاه تلك الخبيثة...تابعت السيدتان الحديث غير عابئين بمغادرة نادين بل شعروا ببعض السعاده لتمكنهم من التحدث بحرية.
--------------------------------------------
بعد انتهاء يوم آخر اتجه كلا منهم إلى فراشه لينعم بنوم هادئ فقط العشاق من كانوا مستيقظين في ذلك الوقت....كان آسر ينام برفقة محمد في الغرفة ذات السريرين والتي علم آسر أنها تخص الجد والغرفة التي نام بها أول ليلة له في هذا المكان كانت غرفة إيلين وهي تنام بها الآن بينما جدها ينام في الدور العلوي على الأريكه بالرغم من إعتراض كلا من محمد وآسر على ذلك لكنه أصر متحججا بان ذلك أفضل حتى يتجه إلى عمله في الصباح دون أن يزعج أحدا....ظل آسر يفكر في إيلين وترتسم صورتها على سقف الغرفة أمام عينيه وهي تضحك فكم أحب ضحكتها و وجد نفسه يبتسم تلقائيا فهي الوحيدة التي استطاعت الدخول إلى عالمه وإعادة الضحكه إلى ثغره وعلى الفراش المجاور له كان محمد يرقد بنفس الحال ولا يختلف عنه كثيرا فهو كان يفكر في إسراء ورقتها وكم أعجبته بمرحها ومزاحها شعر أنه يعرفها منذ زمن ولكنه اضاعها وفجأة وجدها وكان ذهن إسراء منشغلا به كثيرا وتشاطره نفس الافكار.... وإيلين تنظر من نافذة غرفتها وعلى ثغرها إبتسامة هادئة تفكر فيما حدث منذ ثلاثة أيام...وتشرق الشمس وكلا منهم مستغرقا في أفكاره لتستعد إيلين مرتدية ملابسها لتعد الافطار لجدها قبل ذهابه إلى العمل. لحق بهم محمد و آسر ليشاركهما الإفطار.
آسر: أنا مش متعودة على القاعده كدا
الجد بهدوء: أنت تعبان ولازم ترتاح عشان ترجع لحياتك وشغلك تاني ولا ايه؟
توتر آسر ولكنه قال بهدوء: طب خليني اجي اساعدك في شغلك
الجد مندهشا: وأنت إيه اللي يعرفك في شغلى؟
آسر بفخر: أنا كنت باهتمام بالجنينة بتاعت البيت بتاعنا قبل ما انشغل بالشركة وكنت مخليها ولا الجنة
إيلين ضاحكه: ونعم التواضع بصراحه
محمد مستغربا: وانا اقول جسمك كدا ازاي يا ابن اللذينا !
الجد ضاحكا: أنت هتحسده ولا ايه؟
محمد مازحا: هي العضلات دي فيها حسد ولا هينفع
آسر بغيظ: حد قالك تبقى كسلان المهم يا جدو مصطفى موافق؟
استسلم الجد ناهضا: خلاص يا ابني اللي يريحك تعالا معايا
نهض آسر ولكنه استدار فجأة لمحمد قائلا: وانت مش جاي؟
محمد بلا مبالاه: لا يا عم ماليش في هدت الحيل دي
آسر مغيظا: بس ما تجيش تقولي عضلاتي وعضلاتك جسمي وجسمك
محمد ضاحكا: لا ما تخافش يا سيدي أنا اصلا هاقوم أتمشى في المنطقة شوية
حث الجد آسر على الاسراع فغادر مسرعا دون إضافة كلمة أخرى ليلتفت محمد بتردد إلى إيلين قائلا: هو ... هو... هو بيت الآنسه إسراء بعيد عن هنا ؟
إيلين محاولة إخفاء ضحكتها: مش أوي بس بتسأل ليه؟
توتر محمد: لا ابدا عادي... أنا هاقوم اتمشى شوية عن إذنك
لم تستطع إيلين أن ترد فقد كانت تحاول كتم ضحكاتها بقدر المستطاع حتى لا تخرج أمامه ولكن ما إن خرج حتى انفجرت ضاحكة فقد لاحظت نظرات كلا منهما للآخر بالامس ولكن لم تجد فرصه مناسبة لتحادث صديقتها: والله وشكلك وقعتي في المحظور يا سوسو انتي والكابتن
----------------------------------------
كانت كوثر تجلس مطالعة أحد الصحف عندما ظهر جاسر ليتناول كوب العصير الخاص بها ويجلس ليتناوله بتلذذ واضح فنهرته قائلة: ما تروح تجيب لنفسك! ولا تقول لحد من الخادمين يجيبهولك! لازم تشرب من كوبيتي يعني؟
جاسر مداعبا: ما عشان أجري وراكي يا عسل
كوثر متنهده: اللهم طولك ياروح! وبعدهالك يا جاسر!
جاسر ببراءة: هو أنا عملت حاجة يا عمتو؟ دا انا حتى غلبان
كوثر: اه غلبان والغلبان بقى يخلي عيلة صغيره تفضل بره البيت للساعه 2 بليل!
جاسر ببرود: مش انتي قولتيلي افسحها؟ واديني فسحتها مضايقة بقى ليه دلوقتي؟
كوثر بغيظ: انت البعيد ما بتحسش! قولتلك فسحها مش افسدها مش ضيعها
جاسر بتمعن: البنت رجعتلك صاغ سليم ليه كل دا ؟
كوثر بعصبية: عشان حضرتك هتخليها تبقى زيك ومش هنقدر عليها
جاسر بملل: خلاص ما تقوليليش فسحها تاني
كوثر: يا شيخ روح انت وفسحك دي انا لو كنت اعرف انك هتأخرها كدا ما كنتش خلتها تروح معاك من أصله
جاسر ناهضا: أنا رايح اوضتي أحسن ما يجيلي العصبي
لاحقته كلمات كوثر الاخيره وهى تقول بصوت مرتفع: دا انا اللي مرارتي هتتفقع بسببكوا !
تنهد جاسر بمجرد وصوله إلى الطابق العلوي ليتجه إلى غرفته لينام قليلا قبل أن يعاود الخروج مرة أخرى عندما سمع صوت نحيب منخفض يأتي من غرفة نادين فاتجه إليها ليجدها جالسة تحاول أن توقف نهر الدموع الذي يسري على خديها فاقترب منها قائلا بشفقه: مالك يا نادو ؟ بتعيطي ليه ؟
نادين من بين دموعها: بابا يا جاسر! بابا مش بيحبني!
جاسر مهدئا: لا ما تقوليش كدا مافيش أب مش بيحب بنته
نادين بعصبيه: بس أنا بابايا مش بيحبني
جاسر بقلق: طب اهدي بس وقوليلي اللي حصل
نادين بعصبية مع انها ازدادت: أنا باشوف صحابي وكل واحد منهم مع باباه وباباهم بيفسحهم ويقعد معاهم وساعات بيذاكرلهم بس أنا بابايا فين؟ أنا على طول صحابي بيقولولي انه عمرهم ما شافوه ونفسهم يعرفوا شكله ايه! مش باقدر أقولهم اني انا نفسي مش باشوفه!
انفجرت نادين في البكاء من جديد وجذبها جاسر إليه ليضمها بحنان مشفقا على حالها فهي يتيمة وليست بيتيمة فوالدها على قيد الحياة ولكن كعدم وجودها بالضبط وحاول أن يخفف عنها فقال بمرح: هي كل البنت بتموت في النكد والعيط كدا ليه؟ ياباااااااي عليكوا وعلى نكدوا
ضحكت نادين من لهجته: بس يا جاسر بدل ما أقول لمرام
جاسر عاقدا حاجبيه: مرام مين؟
نادين بدهشه: مرام يا ابني اللي عرفتني عليها لما خرجت معاك
جاسر متذكرا: اااه مرام ! انتي لسه فاكراها ؟ دا انا فركشت معاها خلاص
نادين بصدمه: انت لحقت اصلا تظبط معاها اما تفركش ؟
جاسر ضاحكا: اومال دا انا جاسورة على سن ورمح يا بنتي
نادين: ههههههههه دا على كدا مافيش واحدة بتعمر معاك بقى
جاسر بزهو: انا يا بنتي البنات بتترمي تحت رجلي أشكال والوان فليه افضل مع واحده بس وانا ممكن ادوق من كل صنف ولون؟
نادين وهي تقلب كفيها: ربنا يهديكي يا عمي
جاسر بفزع: عمي؟ عمي ايه بس؟ ما احنا كنا كويسين قلبتي ليه؟
نادين بسخرية: اصل المفروض انك تبقى قدوتي بس قدوة إيه بقى بعد الكلام دا
جاسر: هههههههههههه مش لما ابقى قدوة لنفسي ابقى قدوتك كفاية آسر قدوة واحدة في البيت دا ! البيت اللي فيه قدوتين يولع
نادين: هههههههههههه ماشي يا جاسورة
جاسر منصرفا: أنا هاروح أنام شوية سلام
ودعته نادين مبتسمة ولكن بمجرد أن تذكرت والدها حتى عاد الحزن ليخيم على ملامحها.
-------------------------------------
كان محمد يسير في الطريق يتأمل ما حوله فهذه المنطقة تشبه الغابات لم يرى قط منظر الريف فقط كان يسمع عنه والآن بعد أن رأه أحبه ولا يريد أن يتركه ولا يريد ترك إسراء أيضا.إسراء هل يا ترى تُفكر فيه مثلما يفكر هو فيها ؟ هل شعرت بانجذاب نحوه أم إنه شعور من طرف واحد ظل يفكر ويفكر حتى وصل إلى منزل كانت تقف أمامه فتاة تقوم بنشر الملابس المغسولة في الساحة الامامية للمنزل.التفتت فجأة حاملة السلة فارغة لتدخل فرأها ورأته فشع وجهها بابتسامة حلوة ليقابلها بالمثل .خرج والدها ليناديها فرأها تتطلع على ذلك الغريب فناداها بقوة: إسراء! واقفة بتعملي ايه عندك؟
إسراء بتوتر: ولا حاجه جايه أهو
والدها بشك: مين دا ؟
شعر محمد بتوتر الجو وسوء الظن الذي قد يخطر ببال والدها فتقدم معرفا نفسه: أنا الكابتن محمد الطيار في الطيارة اللي وقعت من كام يوم
والدها وقد ارتاح: اه اهلا يا ابني ... أنا حسني والد إسراء..أكيد شوفتها امبارح لما زارت إيلين مش كدا ؟
محمد مبتسما: تشرفنا يا أستاذ حسني...اه امبارح ولما شوفتها قولت أسلم بس مش اكتر
حسني مبتسما: طب اتفضل اشرب معانا حاجة يا ابني
محمد بتوتر: لا مافيش داعي مش عايز اعمل ازعاج
حسني بلوم: ازعاج ايه بس؟ تعالا والا هازعل منك
انصاع محمد في النهاية لرغبة والد إسراء على أمل أن يراها لفترة أطول وتعرف على والدتها أيضا و إخوتها الصغر فقد كانت إسراء أكبرهم سنا.جلس الجميع يتسامرون حتى حان موعد الغداء فأصرت عليه والدة إسراء أن يبقى فقد دخل قلبها بشدة وارتاحت له فبقى معهم وما إن اختلى محمد بوالد إسراء حتى قال فجأة بدون مقدمات: أستاذ حسني... أنا طالب ايد في الآنسة إسراء !
صدم الاب من هذه السرعة فهو يعلم أنه لم يلتقيها غير الامس فما هذا التسرع والطيش؟
محمد متابعا: أنا عارف انت بتفكر في ايه بس مش هاقولك غير انه ساعات بتقابل ناس وتفضل تكلمهم طول العمر ومع ذلك مش بتستريحلهم ولا بينزلولك من زور وناس تانيه من أول قاعدة بتحس أنك بقيت منهم وانك تعرفهم من زمان ودا كان احساسي مع الآنسة إسراء ومعاكوا فياريت ما تكسفنيش وفكر في الموضوع براحتك
ابتسم والد إسراء: وانت دخلت قلبي وقلبنا كلنا حسب ما شوفت يعني بس بردوا لازم ناخد رأي العروسة وكمان نسأل عليك
محمد مسرعا: خد وقتك يا أستاذ حسني ... عن إذنك أنا بقى لازم أمشي
حسني مودعا: مع السلامه يا ابني
وبعد انصراف محمد طلب حسني من ابنته القدوم ليخبرها بما حدث ويأخذ رأيه فهو لم ينتبه إلى انها سمعت كل حرف نطق به محمد فهي لم تكد تبتعد حتى بدأ في الحديث فلم تتمالك نفسها حتى تبقى وتسمع ما حدث وكان جاوبها أن ابتسمت ونظرت للارض من ثم ركضت إلى غرفتها مسرعة فابتسم الوالد: السكوت علامة الرضا
أنت تقرأ
كوخ في آخر المدينه
Romanceالروايه للكاتبة ساره محمد سيف مش بتاعتي المقـــــــدمه ليست السعادة بالثروة ولا بالخدم هكذا علمها جدها ، إيلين فتاة بسيطة لم تكمل تعليمها كما تمنت ولكنها رضيت بحالها ، لم تتوقع أن تكون بساطتها وعلمها سببا في الوقوف في طريق سعادتها ، فهي لم تتوقع أن...